مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التمييز ضد العمال الاجانب يثير انشغال النقابات السويسرية

swissinfo.ch

توصلت دراسة أصدرها اتحاد النقابات السويسرية إلى أن العمال الأجانب يعانون من التمييز خلال البحث عن عمل، ويحصلون على أجور متدنية مقارنة بنظرائهم السويسريين، ويعدون أول المستهدفين من عمليات التسريح خلال الأزمات الاقتصادية.

ولمواجهة هذا الوضع، حثت النقابات الحكومة الفدرالية على اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة لحماية حقوق الأجانب في ميدان العمل.

وتشير الدراسة التي كشف عن حصيلتها في ندوة صحفية عقدها مسؤولون نقابيون في برن يوم الخميس 16 يوليو 2009 إلى أن “العامل الأجنبي معرّض للطرد من العمل بنسبة ثلاثة أضعاف نظيره السويسري، وأن أجر الأجنبي ينقص بما يزيد عن 1000 فرنك عن أجر نظيره السويسري، وهذا بحسب معطيات المكتب الفدرالي للهجرة”.

وتؤكّد فاني ألّيفا، نائبة رئيس اتحاد النقابات السويسرية، أن ما كشفت عنه هذه الدراسة “حقيقة كنا نعرفها من قبل، غير أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد فاقمت من هذه الظاهرة”.

كما تشدّد الأمينة العامة للمركزية النقابية السويسرية السيدة دوريس بيانكي على ان “هذا التمييز يجعل من الصعب على الشبان الأجانب، أو الشبان السويسريين المنحدرين من أصول أجنبية العثور على مكان لقضاء فترة تدريبية”.

وتؤكد دراسات أكاديمية واجتماعية عديدة صدرت في السنوات الأخيرة أشرف عليها معهد دراسات الهجرة ومقره نوشاتيل أن هذه المشكلة تمس كل الذين لهم أصول أجنبية، عبر أجيال متتالية، وبالتالي حتى الذين يحملون جوازات سفر سويسرية يعانون من التمييز، ويكفي أن يكون إسم المرشّح يُوحي بأصول تركية أو عربية أو بلقانية حتى يقع ضحية لهذه الممارسات التمييز.

وتبيّن إحصاءات كُشف عنها في شهر أبريل الماضي أنه “مقابل 72% من الشبان السويسريين الذين عثروا على فرص للتدريب في الشركات السويسرية، لا تتجاوز تلك النسبة 42% عندما يتعلق الأمر بالشبان الأجانب”.

الإجراءات المطلوب اتخاذها

تغيير هذا الوضع بحسب اتحاد النقابات السويسرية يتطلب تدخّل على مستويين: من جهة التوجّه إلى أرباب العمل، ودعوتهم إلى التعاون من أجل الحد من هذه الظاهرة، وذلك من خلال تضمين عقود العمل الجماعية نصوصا واضحة تحظر أي تمييز ضد الاجانب سواء على مستوى الإنتداب أو الأجور أو التسريح. ومن جهة أخرى، التوجه إلى الحكومة وإلى البرلمان، ودعوتهما إلى إصدار تشريعات حاسمة تجرّم أي نوع من أنواع التمييز ضد العمال الأجانب.

وتقول فانيا الّيفا، نائبة رئيس اتحاد النقابات السويسرية: “في غياب قوانين تفرض المساواة في الحصول على فرص العمل، وفي الأجور.. بين السويسريين والأجانب المقيمين في البلاد، مثلما هو الأمر في بلدان الإتحاد الاوروبي، سيترك الامر لاختيار ارباب العمل، ولا نعتقد أن ذلك سيغيّر من الواقع شيئا”.

وتقر المسؤولة النقابية بالمصاعب التي تعترض هذه الخطوة، حيث يتذكّر الجميع أن النقابات السويسرية قد عارضت بقوة سنة 2006، القوانين الجديدة في مجال الهجرة واللجوء، لكن جهودها باءت بالفشل، لذلك تتوقف آمال السيدة دوريس بيانكي، الأمينة العامة للمركزية النقابية السويسرية هذه المرة عند “المطالبة بقوانين تضمن احترام مبدأ المساواة بصفة عامة بين العمال السويسريين والعمال الأجانب، وتسمح لضحايا التمييز باسترداد حقوقهم عندما يحصل أي تجاوز”.

هذه الخطوة لا تهدف حسبما يبدو إلى جرّ أرباب العمل للمثول أمام المحاكم، فقد صدرت دراسات كثيرة من قبل حول ظاهرة معاداة الاجانب وممارسة التمييز ضدهم، لكنها قوبلت إما بعدم مبالاة من القطاع الخاص أو بتنديد واستنكار محتشم من الدوائر الحكومية. ولعل أقصى ما يمكن ان تحققه مبادرة مثل هذه هو التوعية بالمصاعب التي تواجهها نسبة لا تقل عن 25% من اليد العاملة في سويسرا، فقانون المساواة في الأجور بين المرأة والرجل الذي صدر منذ عدة أعوام، لم يضع حدا للتمييز ضد المرأة لكنه دق ناقوس الخطر.

ويبقى الأمل قائما لدى النقابيين في أن ينكب البرلمان الفدرالي في دورته القادمة على دراسة هذه المسألة والحسم في معالجتها.

عبد الحفيظ العبدلي – برن – swissinfo.ch

أكثر من 70% من العمال الأجانب في سويسرا قادمون من بلدان الاتحاد الأوروبي، ومن المجال الإقتصادي الأوروبي ومن بلدان الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر.

ما يزيد عن 30% من الذين قدموا إلى سويسرا في السنوات العشر الأخيرة يشغلون اليوم وظائف في مجال صنع القرار أو يقومون بأنشطة فكرية وعلمية.

94% من العمال القادمين من بلدان شمال أوروبا وغربها الذين جاؤوا إلى سويسرا بين يونيو 2005 ويونيو 2007، يحملون شهادات علمية رفيعة المستوى.

وتنخفض هذه النسبة إلى حدود 48 % بالنسبة للمهاجرين القادمين من جنوب أوروبا وغرب منطقة البلقان.

28% فقط من البرتغاليين العاملين في سويسرا، تلقوا تكوينا إضافيا بعد نهاية فترة التعليم الإجباري.

سنة 2007، تم احصاء مليون أجنبي يعملون في سويسرا، بما يمثّل 25% من اليد العاملة السويسرية، ويشغل هؤلاء أزيد من ربع ساعات العمل في البلاد، كما يدفعون مثل غيرهم الضرائب، ويموّلون صناديق التضامن والحيطة الإجتماعية. وتبين الإحصاءات أن ربع تمويل صندوق الشيخوخة والتأمين على الحياة يأتي من المهاجرين.

ولايكتفي هؤلاء بضخ الاموال الطائلة للحفاظ على نظام التكافل الإجتماعي في مجتمع آئل إلى الهرمية والشيخوخة (في عام 2006، بلغ عدد الذين تجاوزت أعمارهم 65 سنة في سويسرا، 1.6 مليون نسمة). بل هم ايضا ضمانة استمرار النمو الإقتصادي في البلاد، إذ أن حوالي 45% من الأنشطة الاقتصادية في البلاد، يقوم بها أجانب، وتبلغ نسبة اليد العاملة الأجنبية في القطاع الصناعي لوحده 32%.

وسواء انطلقنا من وجهة نظر اجتماعية أو اقتصادية صرفة لا يمكن لسويسرا أن تحافظ على الرخاء الذي ينعم به سكانها من دون الإعتماد على سواعد العمال الأجانب. وهذا ما تبيّنه الارقام بوضوح: فبين سنة 1950 و2000، هاجر إلى سويسرا 5 مليون شخص من أجل العمل، بعضهم استقر في البلاد، وبعضهم عاد إلى بلده الأصلي. و33% من السويسريين من أصول أجنبية أو أحد والديهم على الأقل من أصل أجنبي. كما أن 40% ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، هم مهاجرون.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية