مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا.. تزايد حالات العنف المنزلي يدعو إلى الحذر والإنتباه

نساء إسبانيات صبغن ارجلهن بألوان حمراء قانية ترمز للدم خلال تظاهرة ضد العنف المنزل بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء بمدينة سيفيّ الإسبانية يوم 25 نوفمبر 2007. Keystone

العنف المنزلي ظاهرة شائعة في سويسرا، وأسبابها معقدة، وهناك ضرورة ملحة لمضاعفة الجهد من أجل مكافحة هذه الظاهرة، هذا ما يوصي به الخبراء في المجال.

وتدعو دراسة موسعة وشاملة حول أسباب هذه الظاهرة وسبل محاربتها إلى تعزيز التعاون بين المكاتب الحكومية المعنية، وتوسيع البحث العلمي في الموضوع، وكذلك اتخاذ مبادرات سياسية بهذا الشأن.

وعلى الرغم من عدم توفرّ معلومات دقيقة حول هذه الظاهرة، فإن إستطلاعات الرأي تشير إلى ان ما بين 10 إلى 20% من النساء في سويسرا تعرضن إلى عنف بدني.

وأكدت باتريسيا شولتس، المسؤولة بالمكتب الفدرالي للمساواة بين الجنسيْن، خلال ندوة صحفية عقدت يوم الخميس 14 مايو 2009 في برن أن “العنف المنزلي ظاهرة واسعة الانتشار في البلاد”.

ومن المستبعد الحصول على معطيات دقيقة وموثوقة حول حجم هذه الظاهرة على الأقل قبل حلول السنة القادمة، ونشر أقسام الشرطة في الكانتونات لإحصاءاتها، لكن الخبراء على يقين بان عدد حالات العنف قد شهد تزايدا كبيرا.

ولا يقتصر العنف المنزلي على فئة بعينها أو طبقة اجتماعية محددة، وإن بينت الحالات المعلن عنها أنها تمس أكثر الأشخاص ذوي الدخل المحدود أو الذين يعيشون في أوضاع اجتماعية صعبة.

وبالنسبة لماريان شار موزير، الخبيرة في علم النفس، والتي أشرفت على هذه الدراسة: “لا يمكن تفسير هذه الظاهرة اعتمادا على سبب واحد، بل هناك جملة من العوامل تقف وراءها”.

النتائج والإستخلاصات

تحذّر هذه الخبيرة من اللجوء إلى الإستخلاصات المتسرعة “وإذا كانت الإحصاءات تشير إلى انتشار أوسع لظاهرة العنف في صفوف الأجانب، وفي إطار الزيجات المختلطة، فإنه من الخطأ اعتبار عامل الجنسية عنصرا حاسما بالنسبة لهذه الظاهرة”.

وتضيف شار موضحة بانه من الصعب جدا تحديد الأسباب العميقة لهذا النوع من الإعتداءات. وبالنسبة إليها: “يبدو أن العنف المنزلي له علاقة بالظرف العبة التي مر بها البعض زمن الطفولة، وبالفترات الإنتقالية في العلاقات الزوجية، كفترة الحمل أو الانفصال، وحالات العزلة الإجتماعية التي تعاني منها بعض العائلات”. لكن هذه العوامل ليست عوامل حاسمة في النهاية.

وتشير هذه السيدة إلى أن الإدمان على الكحول، والبطالة من العوامل التي تستخدم في بعض الأحيان لتبرير ضرب وتعنيف الأزواج.

الشرطة والأطباء

المقررون الذين أشرفوا على انجاز الدراسة أشاروا كذلك إلى التقدم الذي أحرز خلال السنوات العشر الأخيرة خاصة على مستوى تشديد المعايير القانونية وتدريب الأجهزة الأمنية.

وينبغي التنويه بالجهود الكبيرة التي بذلتها قوات الشرطة من أجل تعلم الطرق الأسلم والأنسب للتعامل مع حالات العنف المنزلي، على الرغم من أن الدراسة نفسها تشير إلى وجود تفاوت في الخبرة والمهنية في مجالات أخرى بين المناطق المختلفة من البلاد.

وتشدد السيدة شولتس على أهمية الدور الذي يقوم به الأطباء، وتقول: “بإمكان الأطباء لعب دور مهم في مرحلة الوقاية، وأثناء الاستعراض المبكر لحالات العنف”. كما تدعو هذه الأخيرة إلى نشر الوعي بمخاطر العنف المنزلي بين صفوف القضاة في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين.

من جهتها، أعربت السيدة شار عن دهشتها لكثرة المكاتب الإستشارية المنتشرة عبر المناطق من ناحية، وقلة التنسيق فيما بينها من ناحية أخرى. وتأمل هذه الأخيرة في أن “تساعد هذه الدراسة الأطراف المعنية في جميع الكانتونات وتدفعهم للتعاون وتبادل الخبرات”.

الوقاية

وتظل شار مقتنعة بضرورة بذل المزيد من الجهود، خاصة في مجال التحسيس والوقاية في المدارس مثلا. وتدعو السلطات بإلحاح إلى الحفاظ على دعمها للطرفين على السواء، الضحايا ومرتكبي المخالفات، كما تدعو إلى إنجاز مزيدا من البحوث حول هذا الموضوع وتقول: “نحتاج كذلك إلى دراسة لعنف النساء ضد الرجال، وأيضا السلوكات العنيفة بين المثليين”.

وتقر شار موزير بأن العنف المنزلي لم يعد من المحرمات كما كان قبل عشر سنوات، وقد ساعد على تحقيق هذه النقلة اعتبار هذا السلوك مخالفة جنائية منذ سنة 2003.

وبفضل تعديلات قانونية أجريت سنة 2007، أصبح بإمكان القضاة متابعة مرتكب الجرم، بغض النظر عما إذا قدّمت الضحية شكاية أم لا.

وختمت شار بالقول: “ليس من السهل على ضحية العنف المنزلي الإقدام على التقدم بشكوى، وإن كان الأمر قد أصبح أيسر من قبل”.

أورس غيسر- swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية عبد الحفيظ العبدلي)

يعتبر الشخص ضحية العنف المنزلي عندما تتعرض أو يتعرض سلامته (أو سلامتها) البدنية والجنسية والعقلية للإعتداء من طرف أحد الافراد من داخل الفضاء الأسري، أو على يد شريك حياة حاليا أو سابقا.

ويعتبر عنفا منزليا العنف أو التهديد بالعنف، وكذلك تكرار الإهانة والتوبيخ أو المضايقة.

وفقا لتوقعات رسمية، تبلغ نسبة النساء ضحايا العنف المنزلي في سويسرا واللاتي يتعرضن إلى إعتداءات جنسية او بدنية اكثر من 20%، وأكثر من 40% من السويسريات يتعرضن إلى انتهاكات معنوية.

وتشير الإحصائات أيضا إلى أن العنف الأسري قد أودى بحياة 22 إمرأة وأربعة رجال بين سنة 2001 و2004.

ومنذ سنة 2003 بات العنف المنزلي يعتبر جرما يتعرض صاحبه للمتابعة القضائية حتى لو لم يقدم الضحية شكوى بهذا الأمر.

وينص قانون مدني دخل حيز النفاذ سنة 2007 على إنزال عقوبات بمرتكب العنف المنزلي تتضمن تقييد حريته. وتبذل سويسرا جهودا على المستويين الوطني والكانتوني من أجل محاربة هذه الظاهرة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية