مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لعبة على شكل كلبٍ صغير تستهدف الحديث عن المواضيع المُحَرَّمة

باستطاعة "بوبي" تقاسم همومه sfa/ispa

تَمَّ تصميم لُعبة على شكل كلبٍ صغير يكسوه الفراء الناعم ليَحمل رسالة مُهمة إلى بيوت السويسريين في هذا الشهر: لا يَنبَغي أن يكون الحديث عن الإدمان على الكحول من المواضيع المُحَرَّمة، كما أنّ المُساعدة متوفِرة.

وستُسَلَّم هذه اللّـعبة إلى زبائن دائرة البريد خلال آخر أسبوعين من شهر نوفمبر الجاري، كجُزءٍ من حملةٍ إعلامية قام بتنظيمها المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات.

وقد اقتُـبست شخصية هذا الكلب من كتاب تمّ تأليفه لهذا المَعهد خِصيصاً، ويستهدف الأطفال ما بين عمر 5 إلى 8 أعوام.

ويُعاني الكلب بوبي من صاحبه “فريد”، الذي ينسى إطعامَه ومُلاطفته في بعض الأحيان – وهو لا يعرف سبباً لذلك. ويعتقد بوبي بأنه لابد أنه قام بخطإ ما جعل فريد يتصرّف بهذا الشكل. وقد منعه شعوره الكثير بالخجل من التحدّث بالموضوع مع كلابٍ آخرين.

فقط، حينما سمع بوبي صديقة “فيليكس” يتحدّث عن مصيرِ كلبةٍ أخرى مع سيدتها، وعندما عَلَّق بِأنَّ هذا العدد الكبير من القناني في سلّـة الحاويات لابد أن يكون دليلاً على مرض “فريد”، حتى أَدرك بوبي بأنه ليس السبب في مشاكل سيِّدِه، كما أدرك بأنَّ هناك أَملٌ لفريد من ناحية أخرى.

قوة تأثير المواضيع المُحَرَّمة

يقدّر المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات بأن هناك نحو 100،000 طفل في سويسرا يعيشون مع أولياء أمور، أحَدَهُم مُدمِنٌ على الكحول. وقال ميشيل غراف، مدير المعهد خلال مؤتمر صحفي في برن يوم الخميس 12 نوفمبر بِأنَّ تأثير هذا الإدمان يُـمكن أن يكون مُدَمِّـراً على هؤلاء الأطفال وهم لا يَفهَمون سبب تَقَـلُّـب مزاج آبائهم أو سبب إكتآبهم أو عدوانيتهم.

ويُمكن أن تتطوّر مشاكِـل الإدمان بِطُرُقٍ مختلفة. مونيكا مثلاً، نشأت مع والدٍ مُـدمنٍ على الكحول ثم تزوجت من رجل اتّـضح لها فيما بعد أنه مُـدمنٌ على الكحول أيضا، وقد روت تجربتها لـ swissinfo.ch (وهي معروفة باسمها الأول فقط، كما هو متعارف عليه في مجموعات المساعدة الذاتية) وقالت: “عندما كنت طفلة، كانت العلاقة صـعبة مع والدتي. فقد كانت تبذُل قُـصارى جُهدها لإخفاء مُشكلة إدمان والدي على الكحول. وبالنسبة لي، لم أشاهدها إلا وهي حزينة أو غاضِبة. وقد كانت مُضطرّة للقيام بأمورٍ عِدة، كان يُـفترض على والدي القيام بها، وكانت حريصة على تقديم وجه مثالي للعالم الخارجي، وكان ذلك عِـبئا حقيقيا، أدّى إلى إصابتها بالإكتئاب”.
ومن المفارقات، أن والد مونيكا كان رقيقا جداً معها دائما – “ربّـما لأنه شعُـر بالذنب.

وتقول مونيكا: “عندما كنت طفلة، كنت أشعر طوال الوقت بِأنَّ هناك شيء مُختلف في عائلتنا، ولكني لم أستطع أن أقول ماذا كان بالضبط”.

وتعترف مونيكا بِأنَّها اقترفت “نفس الخطإ” بالنهاية مع أولادها. وقالت “فقط، عندما بحثت عن مساعدة لنفسي بسبب وجود مشاكل في حياتنا الزوجية، كنت قادرة على البدء في الحديث عن هذا الأمر مع أطفالي كذلك، وأن أتحدَّث بصراحة عن الإدمان على الكحول كَمَرَض”.

وكما أظهَرَت تجربة مونيكا مع والدتها، فقد أثبتت التجارب بأنَّ التّـداول مع هذه المسألة كمواضيع محرَّمة، تزيد من الضغوط الناتجة عن العيش مع الإدمان على الكحول. وتهدف حملة الكلب بوبي إلى اختراق هذه المواضيع المُحرّمة والتحدّث عنها.

رفع مستوى الوعي

وقد تمَّ توزيع هذا الكتاب على دُور الحضانة ورياض الأطفال في جميع أنحاء سويسرا، ولكن أن يقع الكتاب في أيدي الأطفال الذين هُـم بأشد الحاجة لهذه المعلومات، يبقى مَحْضَ صُـدفة، غير أنَّ الكتاب مُصَمَّم لرفع مستوى الوعْـي لدى كل من يقرأه، وهكذا يُمكن لهؤلاء الأطفال لعب دور الكلب “فيليكس” مع الكلب بوبي.

ولهذا السبب، تمّ إطلاق الحملة الجديدة عبْـر مكاتب البريد: ويُنظر إلى الفروع المَحلية التي تُستَخدَم من قِبل مُـعظم السكان، على كونها وسيلة جيِّـدة لزيادة الوعْـي العام المُحيط بهذه المسألة ككل. ومن المُـؤَمَل أيضاً أن يساعد تفهّـم الجمهور المُـتَزايد وتقبّـله فكرة كون أحَد الوالدين يُـعاني من الإدمان على الكحول، على تسهيل عملية العلاج من هذا المرض.

مشروع رائد

وتقول إيرين أبدرهالين، من المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات، بِأنَّه قد تمّ تجاهُـل المشاكل التي يواجِـهها اطفالٌ لآباء أو أمّـهات مُدمنين على الكحول بصورة كبيرة لسنواتٍ عديدة. كما أوضَحَت بأن البرامج التي كانت تستهدفُهُم على وجه التحديد، كانت قليلة جداً.

وعلى الرغم من أن الآباء يريدون القيام بالأفضل لأطفالهم دائِما، غير أنه من الصّـعب عليهم غالِباً الاعتراف بوجود مشكلة. ويخشى الكثير منهم أن يُحرَموا من أطفالهم، لو اعترفوا بوجود مشكلة إدمان لديهم.

وليس القيام بإنشاء شبكاتِ دعم مناسبة بالمهمة السهلة، كما أنها تستغرق سنوات عديدة من العمل بعناية: فالدعم يتطلّـب التعاون بين الأخصّـائيين في المجالات المُختلفة، التي تتضمن المدارس والأطباء والمعالجين، بغية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال.

وهناك مشروع تجريبي يدعمه المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات، بالإضافة إلى مؤسسة آرغاو لمعُـونة المُدمنين، يبدأ في العام المقبل في شمال كانتون آرغاو. وسيكون بمقدور الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 8 و15 سنة الحضور إلى مجاميع النقاش، كما ستكون هناك دورات للآباء والأمهات أيضاً.

وسوف تُستخدم هذه التجربة لتَغذية مبادرات مُماثلة في كانتونات أخرى. ولا يجب أن يتوهّـم أي شخص بأنه سيتمكّـن من الوصول إلى جميع المعنيين. ويقول المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات بأنه، حتى وإن لم يُجلَب سوى 20% من الأطفال إلى المشروع، فستكون النتيجة ممتازة.

جوليا سلاتر – swissinfo.ch

المعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات، هي منظمة غير حكومية ولها جذور تعود إلى حركات “التقشّـف” في القرن التاسع عشر.

وقد أنشِئت الأمانة العامة للتقشف في عام 1902 ومقرّها في لوزان. وقد اتخذت اسمها الحالي في عام 1976.

ويقوم المعهد بِإجراء الأبحاث ودعم مختلف المبادرات الشعبية لمكافحة الكحول والإدمان على المخدرات.

كما يهدف إلى الحيلولة دون الاعتماد على الكحول والمخدرات الأخرى، ويساعد على التقليل من الآثار في أماكن تواجُـدها الفعلي، وهي تعمل مع المؤسسات العامة والخاصة وعلى المستوى الفدرالي ومستوى الكانتونات.

يجري تمويل أكثر من نصف المعهد من التبرعات الخاصة و20٪ من المشاريع البحثية التي تكلف للقيام بها. وهناك 20% أخرى تأتي من بيع المواد التعليمية والخدمات، وتأتي الإعانات الفدرالية وإعلانات الكانتونات بنسبة تقِـل قليلاً عن 10%.

وفقا للمعهد السويسري للوقاية من مشاكل المخدرات والكحول، هناك 100.000 طفل لديهم شخص واحد على الأقل من أولياء أمورهم مُدمِـن على الكحول.

بدأ البحث في المشاكل التي يواجهها هؤلاء الأطفال في المنطقة الناطقة باللغة الألمانية لأوروبا في تسعينيات القرن الماضي.

ويميل أولياء الأمور الذين يُـدمنون على الكحول بخلق حالة من انعدام الأمن في البيت، ويفتقر الأطفال إلى المبادئ التوجيهية والهيكلة التي يحتاجونها في حياتهم.

وتشير التقديرات إلى أنَّ حوالي ثلث هؤلاء الأطفال يُـعيدون نفس المشكلة في حياتهم الخاصة عند بلوغهم، ويعاني الثلث الآخر من مشاكل نفسية كالاكتئاب، أمّا الثلث الأخير، فهم قادرون على العيش حياة طبيعية.

ولا يُعرف السبب في كون بعض الأطفال يتمتعون بمرونة أكثر من غيرهم. ومع ذلك, فإنَّ الحديث عن المشكلة أو القيام بأنشطة خارج الفوضى العائلية، هي عوامل مُساعدة على الأرجح.

تم تأليف هذا الكتاب المصوَّر للمعهد السويسري للوقاية من مشاكل الكحول والمخدرات من قِبَل ماري كلود آماكَر، وهي ُمَدَرِّسة لذوي الاحتياجات الخاصة وتحمل خبرة طويلة في العمل مع المُدمنين على الكحول. ويتوفر الكتاب في سويسرا باللّـغتين، الفرنسية والألمانية.

وصدر الكتاب بغلافٍ عادي في عام 2006 وبغلافٍ مُقَوّى في عام 2007، وقد قامت جهات مانحة للمعهد بتمويل الكتاب.

تم توزيع النسخة ذات الغلاف المُـقوّى إلى أكثر من 4000 دار للحضانة ورياض الأطفال ومكتبات الأطفال في سويسرا.

ونُشِر الكتاب باللغة “الفلمنكية” في بلجيكا، وقد تم تغيير الصُـوّر لغرض تكييفها مع حملة موجودة هناك.

وقد تم نشر الكتاب باللغة الانجليزية في اسكتلندا أيضاً، حيث إستُبدِل إسم الكلب من بوبي إلى روري. وقد إستخدمه الاسكتلنديون كأساس لِمجموعة أخرى من المواد، بما في ذلك اللعَب

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية