مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“سحب الجِـنسيات” في الأردن.. استحقاق الصِّـراع مع إسرائيل أم انعِـكاسٌ لأزمة داخلية؟

مخيم للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة الزرقاء الأردنية (صورة التقطت يوم 5 يناير 2010) Keystone

نقل تقرير المنظمة الأمريكية المستقلِّـة المعروفة هيومن رايتس ووتش حول موضوع "سحب الجنسية من مُـواطنين من أصل فلسطيني"، السِّـجالات السياسية الأردنية الداخلية، لتأخذ أبعاداً خارجية ومدىً أوسع من المرحلة السابقة.

تقرير المنظمة تناول قِـيام السلطات الأردنية بسحْـب الأرقام الوطنية من جوازات سفر لآلاف المواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني، مطالباً الحكومة الأردنية بتقديم وصف قانوني محدّد لتعليمات فكّ الارتباط مع الضفّـة الغربية، التي بمُـوجبها تمّ سحْـب الأرقام الوطنية من هؤلاء المواطنين، الذين يفقِـدون بذلك جزءً كبيراً من حقوقهم المدنية الأساسية.

وكان قد سبق نشر تقرير المنظمة، حملات إعلامية واسعة مُـتبادلة بين معارضين لإجراءات وزارة الداخلية ومؤيِّـدين لها، وآخرين يُـطالبون بإعادة النظر بالآليات المُـعتمدة لدى الحكومة، مع تحفّـظات متعدِّدة على الموضوع.

جوْهر الإشكالية: سؤال المواطنة والهُـوية

يُعدّ سؤال الهُـوية والمواطنة في الأردن، من أكثر الموضوعات حساسِـية وأهمية وخطورة وتركيباً، وذلك يعود لطبيعة القِـسمة السكانية (الديموغرافية) وتداخُـل الأردنيين من أصول أردنية (الضفة الشرقية) ومن أصول فلسطينية (الضفة الغربية).

وتعود جذور المشكلة إلى عام 1950، إذ جرت وِحدة كاملة بين الضفّـتيْـن وتوحّـدت الجنسية والحقوق والتمثيل السياسي، ما جعل من سكان الضفة الشرقية والغربية مواطنِـين متساوِين في الحقوق والواجبات، وِفقاً لدستور عام 1951، الذي جاء تكريساً للواقع السياسي آنذاك.

إلاّ أنّ بُـروز منظمة التحرير الفلسطينية في مُـنتصف الستينات ومحاولتها سحْـب البِـساط من تحتِ أقدام الملِـك (الراحل) الحسين، والتأكيد على أنّها المُـمثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، عزّز من الإنتماء الفلسطيني وخلق شروخات في الوِحدة الوليدة.

ثم جاءت حرب عام 1967، إذ تمكّـنت إسرائيل من احتلال الضفّـة الغربية وضمِّـها إليها. تلا ذلك صعود العمل الفلسطيني المسلّـح في الأردن إلى أن وقع الصِّـراع بين الجيش والدولة من جهة، والمنظمات الفلسطينية في الأردن من جهة أخرى، التي اتّـخذت طابعاً ثورياً، ما ولّـد حرباً شرِسة بين الطرفيْـن، تَـمَّ بعدها طرْد هذه المُـنظمّات من الأراضي الأردنية، لكن بعد أن عزّزت شروخ الوحدة والهُـوية المُـشتركة، باتِّـجاه ولادة هويات مُـضطربة قلِـقة في النسيج الاجتماعي وفي النظام السياسي، ممّـا دفع الدولة إلى زيادة الإعتماد على الأردنيِّـين في مؤسساتها الحسّـاسة (الأمنية والعسكرية)، لتجنُّـب ازدِواجية الولاء، كما حدَث في الأزمة مع المنظمّات الفلسطينية.

وفي مؤتمر قمة الرباط العربية عام 1974، حقّـقت منظمة التحرير الفلسطينية انتِـصاراً سياسياً، بالتأكيد على أنّها المُـمثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. هذا القرار، تكرّس أردُنياً بقرار للملِـك الراحل الحسين بن طلال في عام 1988 بفكّ الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، ما يعني عَـملياً وسياسياً، إنهاء وِحدة الضفّـتيْـن واقتصار المملكة الأردنية الهاشمية على الضفّـة الشرقية ومواطنيها.

استمرّ مسلسل الانفِـصال السياسي واتّـخذ طابعاً أكثر جِـذرية ودَيْـمومة مع توقيع منظمة التحرير على اتِّـفاقية أوسلو وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية هناك في عام 1994، ما جعل الضفة الغربية تخضع بكل المعايِـير، السياسية والإدارية، إلى سلطة مختلِـفة، في وقت وقّـع الأردن اتفاقية سلام شبيهة مع إسرائيل في وادي عربة.

جوهر إشكالية المواطنة والهُـوية يكمُـن في الحالة الإستثنائية الأردنية، إذ أنّ نصف الشعب الأردني تقريباً، يعود في أصوله إلى فلسطين – لاجئين، وقد أخذوا الجنسية الأردنية بصيغتها الكاملة، على خِـلاف ما حدث في لبنان وسوريا وغيرها من دول عربية.

فاللاّجئون الفلسطينون هُـم مواطنون أردنيون يمارسون كافة حقوقهم السياسية والدستورية، في الوقت الذي ما يزالون يمتلِـكون حقّ العودة إلى فلسطين، وِفقاً للقرارات الدولية. وفي الوقت نفسه، حدث الإنفِـصال بين الضفّـتين، الذي كان يقتضي عوْدة الفلسطيني إلى هُـويته والأردني إلى ولائِـه، لكن هذا لم يحدُث، ما جعل هنالك ازدِواجية خطِـرة بين الحقوق الأردنية والفلسطينية، وغُـموضا في فكّ هذه المفارقات والتشابكات.

البطاقات الصّفراء والخضراء تُـثير قلقاً متبادلاً!

لم تُـجْـرِِ الحكومة الأردنية أي مُـقاربات، مؤسسية – قانونية معتمدة وتوافقية، لحل تلك الإشكالية، بقدر ما اعتمدت على إبقاء هذه المساحة الحسّاسة والهشّة في المعادلة الداخلية، “ذات لونٍ رمادي”، إلى أن بدأت بالتفجّـر إثر تشديد وزارة الداخلية تطبيق ما سُـمي بتعليمات “قرار فكّ الارتباط” مع بداية عام 2000.

وِفقاً للرواية الرسمية، فإنّ ما دفع إلى هذه السياسات المتشدِّدة، هو خِـشية الحكومة الأردنية من نزوح ناعِـم من الضفة الغربية إلى الأردن جرّاء الإجراءات القَـمعِـية الإسرائيلية والظروف الصّـعبة هناك، في الوقت الذي تُـسارع فيه السلطات الإسرائيلية إلى إلغاء هُـويات الفلسطينيين وحقوقهم في بلادهم استغلالاً لغيابهم، مع إجراءات مكثّـفة تقوم بها إسرائيل لتفريغ القدس والضفة الغربية من السكان. إذن، وِفقاً لهذه الرِّواية، فإنّ السياسة الأردنية موجّـهة إلى الإسرائيليين لمنْـع تمرير مشروع إنهاء الحق الفلسطيني في الضفة الغربية.

وزارة الداخلية الأردنية، ترفض مُـصطلح “سحب الجنسية” وتُـصرّ على أن ما تقوم به هو “تصويب أوضاع” لدفع الفلسطينيين للحِـفاظ على حقوقهم السياسية والتاريخية من خلال استعادة هُـوياتهم الفلسطينية والحِـفاظ عليها ومنع أي تساهُـل منهم في هذا المجال، خوفاً من أن تصبح المشكِـلة أردنية وليست إسرائيلية.

ووِفقاً للرِّواية الرسمية أيضاً، فإنّ تعليمات قرار فكِّ الارتباط مع الضفة الغربية، تتضمّـن أن أي فلسطيني كان يعيش في الضفة الغربية قبل القرار (في عام 1988)، يُـعتبر فلسطينياً حتى لو كانت له إقامة في الأردن، وأي فلسطيني يحمِـل وثائق فلسطينية هو فلسطيني.

البطاقة الصفراء تُـعطي للأردنيين من أصل فلسطيني، مَـن يمتلكون كافة حقوقهم الكاملة، بينما الخضراء تُـعطي لِـمَـن سُـحب جواز سفره ورقمه الوطني، ويحتفظ فقط بشهادة الميلاد ودفتر العائلة، لكنه عملياً، يُـحرَم من جملة كبيرة من الحقوق.

في سِجِـلات وزارة الداخلية، فإنّ مَـن سُحبت أرقامهم الوطنية منذ عام 2004، هُـم (3017) شخصاً، بينما من ثُـبّـتت بطاقاتهم الصفراء هُـم 110 ألف شخص قاموا بتصويب أوضاعهم والحفاظ على حقوقهم في الضفة الغربية.

على الرغم من هذه التوضيحات، فإنّ التعليمات تبقى غامِـضة في التطبيق وعُـرضة لاجتهادات الموظّـفين، وتتضمّـن منطقة رمادية واسعة في موضوع يُـثير مخاوف مُـتبادلة بين الأردنيين والفلسطينيين.

فالأردنيون يخشون من التّـساهل في منح الجوازات وتثبيتها للفلسطينيين، ومن الضغوط الخارجية التي تدفَـع باتِّـجاه منح جوازات لكل من يحمِـلون جوازات مؤقّـتة في الأردن، ما يُـصيب المعادلة السكانية الداخلية بالخلَـل ويجعل الأردنيين بمثابة أقلية في دولتِـهم.

في المقابل، فإنّ الفلسطينيين يخشون أن تصبح هذه السياسة بوّابة لانتِـزاع حقوقهم الأردنية، وِفقاً لدستور عام 1951، ومِـن ثمّ تعريض مستقبل أبنائهم وحقوقهم للخطر، ما ولّـد اتجاه داخل الشارع الفلسطيني، يدعو إلى العودة عن قرار فكّ الارتباط واعتباره غير دستوري!

.. وتتحول المشكلة إلى أزمة داخلية أردنية!

هذا الاختلاف والتّـبايُـن في موقِـف الأردنيين والفلسطينيين، خلق حالة من الاستِـقطاب داخل النُّـخب وفي الشارع نفسه.. فهنالك من يؤيِّـد إجراءات وزارة الداخلية ويُـثمّنها ويضعها في سياق الصِّـراع مع إسرائيل والحفاظ على الحقوق الفلسطينية وعدم تكريس مَـقولات اليمين الإسرائيلي، بأنّ الأردن وطن بديل للفلسطينيين وحلّ مشكلة اللاجئين على حساب الأردن، الذي يحتوي على أكبر تجمّـع لهم خارج الأراضي المحتلة.

في نفس السياق، يرى د. مُـهنّـد مبيضين، المحلِّـل السياسي في صحيفة الغد الأردنية في تصريح خصّ به swissinfo.ch، أنّ هذه السياسة صائِـبة تماماً. ويقارن مبيضين بين مَـن سُـحبت بطاقاتهم الصفراء، وهُـم بضعة آلاف، لأنهم استنكَـفوا عن تصويب أوضاعهم والحفاظ على حقوقهم وتساهلوا في ذلك، وبين 2.5 مليون فلسطيني في الأردن، يحمِـلون الرقم الوطني، وأعداد كبيرة جداً صُـوِّبت أوضاعهم لأنهم حافظوا على حقوقهم في فلسطين وفوّتوا مخطّـطات تصفيتها.

ويرى مبيضين أنّ الأردن يجب أن تبقى في يديْـه أوراقٌ أساسية في الصِّـراع مع إسرائيل، ومنها ورقة اللاجئين، التي لو تساهل فيها الأردن، فسيقع هو ضحية تسوية لا تأخذ اللاجئين بعين الاعتبار، ويدفع وحده ثمن موقِـفه الإستثنائي معهم، مقارنة بدول لم تمنحهم حتى الحقوق الإنسانية الرئيسية.

في المقابل، يختلف نِـضال منصور، مدير “مركز حرية وحماية الصحفيين” مع مبيضين، إذ يضع الإشكالية ضِـمن مساقِـها الأوسع، وهو سؤال المُـواطنة وحقوق الأردنيين من أصل فلسطيني، وليس فقط تعليمات قرار فكّ الارتباط.

ويقول منصور في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “المواطنة لا تتجزّأ، ويجب أن تُـحسم بصورة نهائية وأن ينتهي اللّـغط والسِّـجال حول هذا الموضوع، إمّا أردني أو غير أردني، فهذا ليس مَـحلاًّ للمُـساومات والخلافات ولا يمكن إبقاءه مَـلفاً مفتوحاً للمستقبل واستحقاقات الحلّ النهائي للقضية الفلسطينية”.

ويضيف منصور “إلى الآن في الأردن، هذا ملف غير محسوم بالنسبة للأردنيين من أصل فلسطيني، وهو سؤال لا يقِـف حتى بعد الوصول إلى تسوية مُـفترضة مع الإسرائيليين، إذ أنه يرتبِـط بسؤال حق العودة والتعويض، خاصة أنّ ما هو مطروح، عربياً وإسرائيلياً ودولياً، وكل الدلائل والمؤشرات باتت تؤكد أنّ الحديث عن العودة هو مجرّد أمْـنيات فقط، لا حقائق يمكن أن تتحقّـق على الأرض، على الأقل للشريحة الأكبر من اللاجئين”.

وبرأي منصور، فإن هذا الالتباس لا يمكن أن يُـحلّ إلاّ بمِـسطرة دستورية وقانونية واحدة مُـنضبِـطة، ألا وهي المواطنة وتعريف المواطن هُـو من يحمِـل الجنسية الأردنية، إلاّ إذا قرّر واحد مستقبلاً في ضوء انفراجات ما في التسوية السِّـلمية، أن يتخلّى طوعِـياً عن جنسيته الأردنية.

المشكلة تكمُـن أيضاً، حسب منصور، في تعليمات قرار فكّ الارتباط نفسها. فهي غير مُـنضبطة قانونياً، بل إن قرار فكّ الارتباط لم يُـصادِق عليه البرلمان الأردني إلى حدّ الآن، على الرغم من مرور أكثر من عشرين عاماً على صدوره!

ويكمِّـل منصور مرافعته ضدّ سياسات وزارة الداخلية، بالإشارة إلى أنّ قرار فكّ الارتباط خاضِـع للتفسيرات القانونية والاجتهادات، ولا يُـمكن الإحتكام إليه قانونياً ودستورياً في موضوع يمسّ الحقوق الرئيسية للمواطنين، وهو مواطنتهم.

فضلاً عن ذلك، والكلام ما يزال لمنصور، فإنّ تطبيقات القرار، تتبايَـن وتختلِـف قوة وضعفاً، شدّة ورخاوة، بين وزير داخلية وآخر وحكومة وأخرى ومدير للجوازات العامة وآخر، وبحسب وضع المشهد الداخلي والعلاقات الخارجية.

الخيار الثالث.. التمييز بين القانوني والسياسي والإنساني

ثمّـة اتِّـجاه واسع من المثقفين والسياسيين يرفضون وضع هذا الموضوع في سياق استقطاب داخلي – ثنائي، ويرون أن التّـعامل معه ينبغي أن يكون ضِـمن معادلة داخلية تأخُـذ بالاعتبار الوضع الإستثنائي في الأردن، والتّـشابك والإنفِـصال مع الملف الفلسطيني والإشكاليات الداخلية المُـرتبطة بالهُـوية والولاء والمواطنة، والتمييز الحاسم بين السياسي والإنساني.

ضِـمن هذا الاتجاه، يقف كلٌّ من المحلِّـل السياسي فهد الخِـيطان، مدير تحرير “العرب اليوم”، والكاتب جميل النمري والكاتب ياسر أبو هلالة.

الخيطان يوافق في تصريح خاص لـ swissinfo.ch على أنّ هذا الملف يدخل ضِـمن نِـطاق ترسيم العلاقات الأردنية – الفلسطينية في شقها الداخلي والخارجي، وهو يرى أنّه “علينا التمييز بين حماية حقّ الأردنيين من أصل فلسطيني في أرضهم التاريخية والسياسية الفلسطينية، وبين الوضع القانوني القائم هنا في الأردن، والمبْـني على مُـعطيات تاريخية مُـتراكمة وملتبسة”.

على هذه القاعدة من التحليل، يؤسّس الخيطان موافقته وتأكيده على أهمية الحِـفاظ على الحق الفلسطيني، الذي يتأسّـس عليه موضوع “تصويب أوضاع الأردنيين من أصول فلسطينية”، لكن مع إعادة النظر في جُـملة من الأمور، أهمّها عدم ترْك عملية تطبيق قرار فكّ الارتباط وسحب الأرقام الوطنية لموظف واجتهاداته الفردية، إذ لابد أن تأخذ العملية بُـعداً قانونياً ومؤسسياً، وتُـشرف عليه أكثر من جهة رسمية ومدنية، منعاً للظّـلم والتجاوز.

من جهته، يقترح المحلِّـل السياسي جميل النمري التمييز بين الجانب السياسي والإنساني، بالإضافة إلى موافقته على اقتراح الخيطان السابق، إذ يرى أن تكون هنالك حقوق إنسانية ومدنية وقانونية تكفل للمواطن الأردني مِـن أصل فلسطيني هذا المجال الحيوي والحسّـاس، مع سحْـب الحقوق السياسية (الترشيح والتصويت) لمَـن تُـسحب أرقامهم الوطنية ولا يصوّبون أوضاعهم، منعاً لاختلال المعادلة الداخلية وفي مواجهة السياسات الإسرائيلية.

أخطر الملفات

بإجماع نُـخبة من السياسيين الكبار، فإنّ هذا الملف هو الأكثر سخونة وحساسية وتعقيداً في المعادلة الداخلية الأردنية، ويتطلّـب معالجة تتجاوز السِّـجالات الإعلامية والسياسية لتحقيق توافُـق وطني، على قضايا لا تقبل التأجيل ولا اللون الرمادي، مثل الهوية والمواطنة والحقوق السياسية الداخلية والحقوق الفلسطينية المتداخلة مع هذا الملف.

عمان- د. محمد أبو رمان – swissinfo.ch

عمان (رويترز) – رفض الأردن يوم الثلاثاء 2 فبراير 2010 تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش)، الذي طالب السلطات الأردنية بوقف سحب الجنسية التعسّـفي من المواطنين من أصول فلسطينية.
وقال نبيل الشريف، الناطق الرسمي باسم الحكومة لوكالة الأنباء الرسمية (بترا)، إن التقرير الذي يحمل عنوان “بلا جنسية من جديد.. الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية”، والذي أصدرته المنظمة يوم الاثنين 1 فبراير “انطوى على الكثير من المُـغالطات والادِّعاءات غير الصحيحة”. وأضاف “ما يجري هو تصويب أوضاع فرضه قرار فكّ الارتباط الذي صدر عام 1988، استجابة لمطالب الإخوة الفلسطينيين”.

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش، التي يقع مقرها في نيويورك، قالت إنه بين عامي 2004 و2008 أصبح اكثر من 2700 مواطن أردني من أصل فلسطيني ضحايا لإجراءات إدارية تعسُّـفية، اتُّـخِـذت دون تحذير مُـسبق وعلى نحو ينتهِـك قوانين الجنسية في البلاد.

ويشكِّـل الأردنيون من أصل فلسطيني الذين استقروا في البلاد بعد قيام إسرائيل عام 1948 غالبية السكان الذين يزيد عددهم عن ستة ملايين.

وكان الأردن قد مدّ سِـيادته إلى الضفة الغربية إثر أول حرب عربية إسرائيلية ومنح جميع سكانها الجنسية الأردنية، إلا أنه في عام 1988 صدر قرار فكّ الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية، وبالتالي، سحب الجنسية الأردنية من الفلسطينيين المُـقيمين في الضفة في ذلك الوقت.

وبحسب تقرير هيومان رايتس ووتش، فإن الأردنيين من أصول تعود إلى الضفة الغربية، الذين لم يكونوا يعيشون فيها في ذلك الحين، لم يتأثروا بهذا الإجراء واحتفظوا بجنسيتهم، لكن في السنوات العشر الأخيرة، قام الأردن بالسَّـحب التعسّـفي للجنسية من آلاف المواطنين من أصول فلسطينية.

وقال الشريف لوكالة الأنباء الأردنية “تنفيذ قرار فكّ الارتباط يشكل تثبيتا وتجسيدا للهوية الفلسطينية وقد أدّى إلى إعادة المواطنة لآلاف الفلسطينيين داخل الضفة الغربية المحتلة… مما يشكل إجهاضا للمحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية والتعامل معها على أنها قضية أرض بلا شعب”. وشدد الشريف على الموقف الأردني الرافض “لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على حساب الأردن”.

وكانت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومان رايتس ووتش قالت في تصريح صدر مع إطلاق التقرير يوم الاثنين “الحكومة الأردنية تقحم السياسة في الحقوق الأساسية لآلاف المواطنين”. وأضافت أن الإجراء الإداري بسحب الجنسية “يحرم أسَـراً كاملة من القدرة على عيش حياة طبيعية يتوفر فيها إحساس بالأمان”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 2 فبراير 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية