مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صراع إماراتي قطري في الصومال.. والأمير زيد بن رعد حزينٌ وغاضب

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بالتطورات الجارية في المعركة الدائرة حول ميناء الحُديدة جنوب غرب اليمن وبصراع المصالح بين قطر والإمارات على أرض الصومال. swissinfo.ch

كانت "فرص انضمام واشنطن إلى حليفها السعودي" في معركة الحُديدة جنوب غرب اليمن و"صراع المصالح بين قطر والإمارات" على أرض الصومال ومضمون آخر خطاب للأمير زيد رعد الحُسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان المُغادر أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان المجتمعين في جنيف ضمن أبرز المواضيع التي استقطبت اهتمام الصحف السويسرية الصادرة خلال هذا الأسبوع.

في أعدادها الصادرة يوم الثلاثاء 19 يونيو 2018، تناولت الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية بإسهاب ما ورد في الخطاب الأخير الذي ألقاه زيد رعد الحُسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان في مفتتح دورته الثامنة والثلاثين الملتئمة على مدى ثلاثة أسابيع في المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف.  

في صحيفة لوتون رابط خارجي(تصدر بالفرنسية في لوزان)، ذكّـر ستيفان بوسار أن الدبلوماسي المولود لأب أردني وأم سويدية الذي تنتهي مهامه في موفى شهر أغسطس القادم قد تخلى طواعية عن لقب الأمير عشية استلامه هذا المنصب قبل أربع سنوات كي “يتمكن من ممارسة مهامه بكل استقلالية”. وأشار إلى أن الرجل “ظل وفيا لنفسه” في خطابه الأخير الذي “خلا من أي لغة خشبية ومن أي احترام جبان للقوى الكبرى”، كما حظي بمتابعة مكثفة من طرف الدبلوماسيين والنشطاء والإعلاميين الذين غصت بهم قاعة اجتماعات المجلس.

الإنتقادات الصادرة عن المفوض السامي العربي المُغادر لم تُوفّر أحدا تقريبا حيث توزعت مُؤاخذاته على الصين التي “لم تسمح للعاملين معي إلا بدخول محدود للبلد وخاصة إلى إقليم التيبت المتمتع بالحكم الذاتي وإلى إقليم سينكيانع الذي تعيش فيه أقلية الأويغور بالرغم من جهود المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتهيئة ظروف حوار فعلي” مع سلطات بكين. كما شملت القائمة كلا من روسيا وإسرائيل والهند وباكستان دون نسيان الولايات المتحدة حيث أدان زيد الحُسين السياسات المنتهجة من طرف إدارة دونالد ترامب “التي تُعاقب الأطفال على أفعال آبائهم”.

في خطابه الذي قوبل في ختامه بعاصفة من التصفيق من الحاضرين وقوفا، عبّر المفوض السامي المُغادر عن اعتزازه بالنجاح في مسألة واحدة على الأقل تتلخص في أنه “لا يجب المراوغة، أو استخدام تبريرات، أو الإلتجاء إلى تعابير ملطفة بل اعتماد مقاربة شجاعة نجدها لدى كل المدافعين عن حقوق الإنسان عبر العالم”، ذلك أنه من خلال التنديد بصوت عال بالإنتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان “سوف نتمكن من مكافحة التهديد المتنامي للنزعات القومية الشوفينية”، على حد قوله.

المفوض السامي العربي.. غاضب وحزين!

بدورها، اهتمت صحيفة “لا تريبون دو جنيفرابط خارجي” في عددها الصادر في نفس اليوم بإدانة زيد بن رعد الحُسين للسلبية السائدة وللصمت المُذنب تُجاه تصاعد النزعات القومية وتذكيره للجميع بأن “الأمم المتحدة قد تم إنشاؤها تحديدا من أجل تجنّب عودتها (أي النزعات القومية) للحياة من جديد!”. وبعد أن ذكّر بأن “حوالي 40 دولة لم تستقبل أي زيارة من طرف مقرر خاص (لحقوق الإنسان) خلال السنوات الخمس الأخيرة”، استنكر المفوض السامي لحقوق الإنسان المُغادر ما أسماه “ازدراء” و”عدم اكتراث” القيادة السورية، وأشار فيما يتعلق بميانمار إلى “وجود مؤشرات واضحة تفيد بأن هجمات منهجية محكمة التنظيم وشاملة لا زالت تستهدف السكان الروهينغا في إقليم راخين” ما يُشكل ارتكابا لـ “أعمال إبادة محتملة”.

الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في جنيف أشارت أيضا إلى أن التقييمات السلبية لأوضاع حقوق الإنسان شملت أيضا فينزويلا وبوروندي والهند وباكستان ونيكاراغوا وكوريا الشمالية وتركيا والبحرين وجنوب السودان ورواندا واندونيسيا وبنغلاديش والمكسيك والكاميرون وغيرها إلا أن الفقرة الختامية للخطاب اكتست طابعا شخصيا جدا حيث قال: “لقد كانت المسؤولية الأصعب، والتحدي الأكبر، والمنصب الأكثر مُجزيا الذي أتيح لي تولّيه على الإطلاق. لقد كان الأمر صعبا لعائلتي كما أضرّ بعلاقتي مع حكومة بلدي الأصلي، البلد الذي تشرفتُ بتمثيله دبلوماسيا على مدى سنوات عديدة. وهذا يُثير حزني. مع ذلك، فإن الثمن المدفوع متواضع بالمقارنة مع ما يدفعه العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان (…) الذين يقدمون تضحيات أكبر بكثير، والذين أعتبرهم الأبطال الحقيقيين لحركة حقوق الإنسان”.    

“صراع إماراتي – قطري” في الصومال؟

في عددها بتاريخ 19 يونيو 2018، حذرت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ رابط خارجيحذرت من أن الإمارات وقطر تقومان بتصدير صراعهما إلى الصومال وتخوضان حربا بالوكالة عبر تقديم الدعم المالي لأطراف النزاع مما قد يؤدي إلى زعزعة الإستقرار والأمن في تلك الدولة، التي تشكل مركزا استراتيجيا لخطوط الشحن العالمية وحركة النقل البحرية. وأشارت الصحيفة إلى “واقعة مصادرة السلطات الصومالية ثلاث حقائب كانت على متن طائرة قادمة من أبو ظبي رغم محاولات السفير الإماراتي إخراجها من المطار أو إعادتها إلى الطائرة دون تفتيش. لكن قوات الأمن الصومالية رفعت أسلحتها وأصرت على فتح الحقائب، لتكتشف مبلغا بقيمة عشرة ملايين فرنك”.

الصحيفة الرصينة الصادرة بالألمانية في زيورخ اعتبرت أن هذا المشهد “يُظهر حجم الصراع بين الحكومة المركزية الصومالية والإمارات العربية المتحدة، حيث “زعمت مقديشو أن هذه الأموال كانت ستستخدم لتقويض الدولة، فيما ادعت أبو ظبي أنها كانت مُخصّصة لدفع أجور الجنود الصوماليين”. وأضافت الصحيفة “منذ أكثر من عام، حاولت دولة الإمارات العربية المتحدة عزل قطر دوليًا بتهمة “تمويل الإرهاب”. ومنذ ذلك الحين أصبحت الدولتان أكثر عداوة من أي وقت مضى وتخوضان حربا بالوكالة، حيث تدعم قطر الحكومة المركزية في العاصمة مقديشو، فيما تدعم الإمارات الأقاليم وجمهورية أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الحكومة المركزية.

لكن ليس سرا أن الحكومة المركزية التي يقودها الرئيس محمد عبد الله محمد قريبة من قطر وهناك مزاعم بأن الدوحة شاركت في تمويل حملة الرئيس الإنتخابية. كما يدفع القطريون تكاليف بناء الطرق السريعة والمباني الحكومية. من جهة أخرى، تمول تركيا، حليفة دولة قطر، الحكومة المركزية بدعم الميزانية وبتشغيل ميناء ومطار مقديشو. في مقابل ذلك، تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتشغيل الميناء في جمهورية أرض الصومال (الذي يُعدّ أيضًا بوابة لإثيوبيا) وإن منعت الحكومة الصومالية شركة موانئ دبي العالمية من ممارسة أي نشاط على أراضيها”.  

نويه تسورخر تسايتونغ نوّهت أيضا إلى أن “دول الخليج تساعد في بناء قوات الأمن في الصومال، لكنها لا تنتهج نفس السياسات والأهداف، مما قد يؤدي إلى زعزعة الإستقرار والأمن في هذه الدولة التي توصف “بالفاشلة”، فقطر تدعم الجيش الصومالي، فيما توقفت الإمارات عن دعم الجيش وتدعم الآن قوة الشرطة البحرية في إقليم أرض البنط أو “بونتلاند”. وعلى الرغم من أهمية دعم القوات الإقليمية لاستقرار الدولة الفدرالية، إلا أن قوات الأمن المحلية لا تعمل مع الجيش الوطني. ومن شأن هذه السياسة تعقيد خطة سحب بعثة الإتحاد الأفريقي في الصومال “أميسوم “قريبا وتولى قوات الأمن المركزية دورها. كما أن الجيش الوطني غير مُرحّب به في الولايات الأخرى”.

الصحيفة ذكّرت أيضا بأن “الصراع بين القوى الإقليمية والقومية والعشائر والجماعات الدينية له تاريخ طويل في الصومال. ودول الخليج تقوم بتأجيج هذه الصراعات، فالعداء بين مقديشو والحكومات الإقليمية أكبر مما كان عليه منذ وقت طويل. من جهة أخرى، تحول سياسة الحكومة المركزية دون حصول الأقاليم الصومالية على المساعدة الكافية لمحاربة حركة الشباب الصومالية بشكل فعال”، لذلك فإن “المستفيد من هذا الصراع هو تنظيم القاعدة” بحسب الصحيفة التي ترى أيضا أنه لا يبدو أن أيا من دول الخليج ستفوز في الوقت الحالي في هذه المعركة الدائرة فوق أرض الصومال: “فعلى الرغم من أن قطر حليف قوي للحكومة المركزية، إلا أن الإمارات العربية المتحدة تُهيمن على الأقاليم”، لذلك فإن “العداوة القائمة بين دول الخليج ستطيل أمد الصراع الدائر هناك”.

هل تتدخل واشنطن في اليمن؟

ومن معركة الصومال إلى الحُديدة جنوب غرب اليمن، حيث أفادت نويه تسورخر تسايتونغ أيضا أن الولايات المتحدة تدعم حليفها السعودي في قتاله في الحُديدة وإن نفى البنتاغون أي مشاركة مباشرة لقواته في القتال. فقد أكدت الصحيفة أنه “ليس سرا أن واشنطن تدعم الرياض في حربها ضد ميليشيات الحوثيين لوجستيا واستخباراتيا. فعلى سبيل المثال يزود الأمريكيون الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية السعودية والإماراتية بالوقود. من ناحية أخرى، قدمت وكالات الإستخبارات الغربية معلومات هامة إلى التحالف العسكري منذ بداية حرب اليمن قبل ثلاث سنوات. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، أدريان غالاوي ، هذه الأخبار  مرة أخرى يوم الخميس 14 يونيو الجاري، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الولايات المتحدة لم تشارك مباشرة في أي عمليات قتالية ضد الحوثيين و أن العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن لا تتم إلا كجزء من القتال ضد الجماعات الإرهابية، أي تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة في شبه الجزيرة العربية”.

وفي عددها الصادر بتاريخ 15 يونيو 2018رابط خارجي، أوضحت الصحيفة أن “حقيقة أن الولايات المتحدة تلعب دورًا عسكريًا في الصراع شديد التعقيد، لا تعود إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بل إلى سلفه باراك أوباما، الذي سعى إلى استرضاء السعودية قبل ثلاث سنوات بعد الإتفاق النووي مع إيران. ففي عام 2015 قرر أوباما دعم انتشار القوات الجوية السعودية في اليمن. وفي محاولة لشراء رضى الرياض، امتنع الأمريكان عن أي انتقاد للحرب المغامرة في اليمن ووافق أوباما على بيع مليارات من الأسلحة إلى السعودية لتعزيز المحور الهش بين واشنطن والرياض – وهو نهج كان ترامب سعيدًا جدا باتباعه”.

وختمت نويه تسورخر تسايتونغ بالقول: “هناك تكهنات بأن إدارة ترامب تدرس الآن التدخل بشكل مباشر في اليمن لتغيير “ديناميكية” الحرب والهدف هو إضعاف الحوثيين المدعُومين من طهران وبالتالي الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة ككل”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية