مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الجامعة السويسرية في مصر”… مؤسسة تعليمية وهمية!

مقر وزارة التعليم العالي المصرية في القاهرة. swissinfo.ch

نفت السفارة السويسرية بالقاهرة أن تكون هناك أي فروع لأية جامعة سويسرية (حكومية أو خاصة) في مصر. وفي تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch، حذّرت السفارةُ المصرييّن من أيّ إعلانات من هذا القبيل يطلقها البعضُ بهدَف الإحتِيال والإدِّعاء لكسب الأموال، مستغلاً الثقة التي يُكِنّها الشعب المصري عموما لسويسرا وللسويسرييّن.

وكانت الدكتورة سهام الشريف، أستاذة الصحة النفسية بـجامعة حلوانرابط خارجي، أعلنت عن افتتاح جامعة أطلقت عليها “الجامعة السويسرية في مصر”، من خلال صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، زاعمة أنها الفرع الثامن من فروع (Gibson Universityرابط خارجي)، الموجودة في سويسرا وأمريكا، ولها 7 فروع أخرى في باقي أنحاء دول العالم.

وقالت الشريف إنها ترحب باستقبال الطلبة للدّراسة في كليات: الصيدلة، والطب، وطب الأسنان، والعلاج الطبيعي، واللغات، والإعلام، والهندسة، والفنون التطبيقية، والحاسبات ونظم المعلومات، والإقتصاد والعلوم السياسية، والتجارة وإدارة الأعمال، وإن الْتِحاق الطلاب بالجامعة يتِم بناءً على رغبتهم، دون التقيد بمجموعهم في الثانوية العامة. وحدّدت أسعار الإلتِحاق بكليات الجامعة بدءً من 4 آلاف دولار، يتِم تسديد نصفهم عند تقديم طلبات التسجيل.

كيانٌ وهمِيّ وغير قانوني

في 23 أغسطس 2014، كشفت صفحة “هنا الجامعة” بجريدة “أخبار اليوم” النِّقاب عن عملية نصْب علَني تتم على طلاب الثانوية العامة المصرية، باسم “جامعة سويسرية جديدة في مصر”، وبعد تعدّد الشكاوى الصادرة عن عدد من المواطنين، أعلن الدكتور السيد عبد الخالق، وزير التعليم العالي، أنه أحال ملف تلك الجامعة الوهْمية إلى النيابة العامة للتّحقيق، وأنه تمّ إخطار جهاز الأمن القومي، مؤكِّدا أنه سيُرسل لجنة الضبطية القضائية لذلك المكان لتشميعه والتصدّي له، ثم أصدر قرارا وزاريا بغلْق المنشأة الوهمية التي أطلَقت على نفسها إسم الجامعة السويسرية.

بدوره أوضح الدكتور محمود فهمي، أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصةرابط خارجي، أنه لا يوجد ما يُسمّى بالجامعة السويسرية بمصر وأنها كيان وهْمي وغيْر قانوني، حيث لم يتحصل القائمون عليها على أية موافقات ولا اعتمادات رسمية، محذرا من أنه “لن يتم اعتماد أيّ شهادة تخرج” من تلك الجامعة.

وفي وقت لاحق، أرسلت وزارة التعليم العاليرابط خارجي لجنة الضبطية القضائية، برئاسة الدكتور أسامة جاد الله، مساعد الوزير، وعضوية عاطف عيسى، مدير عام الإدارة العامة للتفتيش بالوزارة، وعماد مصطفى، مدير عام الإدارة العامة للتراخيص، إلى المقر الوهْمي، الذي اتّخذته الجامعة السويسرية غير المُرخّصة، مقَـراً لمزاولة نشاطها والتدريس للطلاب بشقّة بالدور الأرضي، داخل عقار سَكَني بحي مدينة نصر.

وقد ورد في تقرير لجنة الضبطية القضائية، المُحال للنائب العام في 22 فبراير 2015، أن صاحبة الجامعة أكّدت للّجنة أنه “لا يُوجد ما يُعرف بالجامعة السويسرية، وأن المقر تابع لشركة إشراقة للتمويل العقاري والخدمات التعليمية، وأنها تقدِّم دروسا في اللغة والحاسب الآلي، ولا يوجد ما يُسمّى بالجامعة السويسرية”.

“التعليم العالي” تحذر وتحقق

إثر ذلك، وجّهت وزارة التعليم العالي تحذيراً إلى الطلّاب المصريين وأولِياء أمورهم بعدَم الإستِجابة أو الثقة في جامعة خاصة تدَّعي أنها سويسرية وتزعَم أنها حاصِلة على تراخيص من وزارة التعليم العالي بمصر، وأنها تقبل الطلّاب الحاصلين على الثانوية العامة، وتُسجِّلهم في كليات حسب رغباتهم، دون اشتِراط مجموع مُحدّد.

وقالت الوزارة على موقِعها الإلكتروني: “يُروّج البعض لوجود جامعة سويسرية في مصر، تعمل بتراخيص ومُوافقات من وزارة التعليم العالي المصرية، ومن موقع المسؤولية نُـحذِّر الطلّاب وأولياء الأمور، بأن هذا لا أساس له من الصحة على الإطلاق، ولا وجود لهذه الجامعة على أرض الواقع”؛ مطالِبة الطلاب وأولياء الأمور بتوخّي “الحذَر من النَّصب عليهم تحت أيّ مسمّى”.

إثر ذلك، أرسلت وزارة التعليم العالي خِطابا إلى الدكتور ياسر صقر، رئيس جامعة حلوان، تُطالبه بإحالة الشريف، صاحبة الجامعة السويسرية الوهمية، إلى التحقيق الفوري، إلى جانب أحد المُعيدين ويُدعى أحمد سمير، كما أرسلت خطابات رسمية للنائب العام، تُطالِبه باتِّخاذ الإجراءات القانونية ضدّ هذا الكيان الوهمي، خاصة مع استمرارها في استقبال الطلّاب وإيهامهم بأنها جامعة مُعتمَدة رسميا من التعليم العالي وأنها فرعٌ لإحدى الجامعات الدولية.

وتنفيذا لخِطاب وزير التعليم العالي؛ أكّد صقر، إحالة الشريف، القائم بأعمال رئيس قسم الصحة النفسية بكلية التربية، وسمير، المُعيد بكلية التربية، للتحقيق الفوري، نظرا لعملهم بالجامعة السويسرية الوهْمية، دون عِلم جامعة حلوان، وكلّف أستاذا بكلية الحقوق بالجامعة بالتحقيق معهما، وذلك وفقا لأحكام القانون الذي ينُص على التحقيق مع عُضو هيئة التّدريس، من خلال أستاذ بكلية الحقوق، بنفس الدرجة العِلمية للأستاذ المُحال للتحقيق.

ومن جانبها؛ نفَت كلية طبّ الفم والأسنان بـجامعة القاهرة رابط خارجيفي بيان رسمي لها، وجود أي نوْع من التعاوُن الدِّراسي مع ما يُعرف بالجامعة السويسرية بالقاهرة، وخاصة بعد صدور قرار مجلس الكلية بتاريخ 21 سبتمبر 2014، برفْض طلَب التعاوُن المُقدَّم من الجامعة السويسرية الوهْمية للتعاون العلمي.

السفارة السويسرية بمصر تنفي

وفي محاولة منها لاستطلاع رأي السفارة السويسرية بالقاهرةرابط خارجي ومعرفة موقِفها من هذا الموضوع، وجّهت swissinfo.ch بعض الأسئلة إلى المسؤولين في السفارة، التي أرسلت ردّا خاصا، جاء على النحو التالي:
في البداية؛ وردا على سؤال حول: هل كانت السفارة على عِلم بهذه الجامعة الوهمية منذ الإعلان عنها قبل عام تقريبا أم لا؟ أوضحت السفارة أنها علِمت من خلال الصحف المصرية بأن هناك محاولات احتِيالية يقوم بها البعض، للترويج لجامعة سويسرية، مُدَّعين الإعتراف بها في القاهرة.

وعن الإجراءات التي اتّخذتها السفارة السويسرية بالقاهرة، بوصفها ممثلة لبلادها في مصر، لمواجهة هذه المحاولات الإحتيالية، وهل تواصلت السفارة مع وزارة التعليم العالي بمصر لكشْف كذب وادِّعاء هذه الجامعة الوهمية؟ ردّت السفارة بأنها كانت على اتصال بالسلطات المصرية المختصّة (وزارة التعليم العالي)، لتجنّب أي انطِباع مضلِّل بأن هناك إحدى الجامعات الخاصة في مصر، ستستفيد من الزّعم بوجود موافقة رسمية سويسرية.

وردا على سؤال حول: هل شُكِّلت لجنة لتقصّي حقيقة هذه الجامعة المزعومة؟ وهل تم التواصل مع (Gibson University) في سويسرا للتأكّد من الأمر؟ قالت السفارة السويسرية بالقاهرة إنها ليس لديها أية معلومات عن جامعة بهذا الإسم، مقرّها سويسرا ومعتمدة من الدولة تخطط لفتح فرع تابع لها بمصر، حسبما ادّعت الدكتورة سهام الشريف، أستاذة الصحة النفسية بجامعة حلوان وصاحبة الجامعة السويسرية الوهمية.

ورغم تزايد إقبال المصريين على التعليم الجامعي الخاص وحرص عدد من الجامعات الدولية العريقة على افتتاح فروع لها في مصر –  على غرار الجامعة الأمريكية، والجامعة الألمانية، والجامعة الفرنسية، والجامعة البريطانية، والجامعة الروسية – نفت السفارة السويسرية بالقاهرة أن تكون هناك نِية أو اتجاه لافتتاح جامعة سويسرية بالقاهرة، مؤكِّدة أنه “لا توجد حاليا أي نِية من جانب السفارة السويسرية لتأييد أو اعتماد جامعة سويسرية بمصر”.

ثقة كبيرة بجامعات سويسرا

وفي تعليقه على الموضوع؛ أرجع الكاتب الصحفي أحمد شيخون، لجوء البعض إلى ربط إسم هذه الجامعة الوهمية بسويسرا، لِما تتّسم به الجامعات السويسرية مِن ثقة ومِصداقية كبيرة لدى المصريين؛ ونظرا لأن هناك عدد من الجامعات السويسرية ضِمن أفضل 100 جامعة على مستوى العالم في التصنيف العالمي للجامعات في الفترة ما بين 2003 إلى 2013، منها على سبيل المثال: المعهد الفدرالي التقني العالي في زيورخ، وجامعة بازل، وجامعة جنيف، وجامعة زيورخ والمعهد الفدرالي التقني العالي في لوزان.

وأوضح شيخون، المُهتَم بملف التعليم الجامعي الخاص، أن إقبال عدد كبير من المصريين على تعليم أبنائهم في الجامعات الخاصةرابط خارجي وفي المقدمة منها الجامعات الكُبرى الشهيرة، يرجع إلى رغبتهم في تحصيل أبنائهم على مستوى مرتفع من التعليم، في ضوء تراجُع مستوى التعليم الجامعي في مصر، وهو ما يكشف عنه خروج الجامعات المصرية من تصنيف أفضل 500 جامعة على مستوى العالم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية