مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جنود من وحدة القوات الخاصة لحماية السفارة السويسرية في طرابلس

يختص جنود النخبة من وحدة القوات الخاصة DRA10 بحماية الأشخاص في الخارج Keystone

مُنذ سقوط نظام القذافي، تسعى العديد من الدول للإتصال بالحكومة الليبية الجديدة. وفي هذا المجال، لا يختلف موقف سويسرا، التي افتتحت سفارتها في طرابلس مُجدداً منذ شهر أكتوبر 2011، عن بقية دول العالم.

ومن المُقرر أن تتولى نُخبة من الجنود السويسريين المُنتمين إلى وحدة القوات الخاصة المعروفة بإسم DRA10 مُهمة الحفاظ على أمن مُمثلية الكنفدرالية في العاصمة الليبية منذ منتصف شهر يناير 2012.

في الأثناء، أشار أدريان سوللينبيرغير، المُتحدث الإعلامي باسم وزارة الخارجية السويسرية إلى أنه لن يتم الإعلان عن عدد الجنود الذين سَيُـرسَلون إلى طرابلس ولا عن نوع الوحدة الخاصة التي ينتمون إليها، لأسباب أمنية.

وإلى قُـبَيل أيام قليلة من التدخل المُزمع لهذه القوات، لم يكن مَضمون قرار إرسال هذه النخبة من الجنود إلى طرابلس مَعلوماً بالضَبط، حتى بالنسبة لرؤساء لجان الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الفدرالي. وكما أخبرت شانتال غالاديه، رئيسة لجنة السياسية الأمنية في مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان) swissinfo.ch، فإن تفاصيل أمر نَشْر قوات النخبة هذه، ستوضع خلال هذه الأيام فقط.

وأضافت غالاديه في نفس السياق، بأن التهديد في طرابلس مُنخفض حالياً نوعا ما، وبأن سويسرا هي إحدى الدول القليلة التي تقوم بحراسة سفارتها. كما أن تشكيل الكَـتيبة السويسرية وفترة عملها هناك، مُتوقّـف على الحالة الأمنية القائمة هناك. وحسب رئيسة لجنة السياسية الأمنية في مجلس النواب، فإن عدد جنود النّخبة لوحدة القوات الخاصة المُزمَع إرسالهم سيكون أقل، كلما انخفض تقدير المخاطر المُحتملة.

من ناحيتها، تؤكد وزارة الخارجية السويسرية بأن الوضع في طرابلس مُستقر حالياً، ولكن الخطر يتهدد الأجانب من جهة المليشيات المسلحة.

جنود سويسريون بدلاً عن المرتزقة

بعد إعادة فتح السفارة السويسرية في طرابلس في شهر أكتوبر 2011، قامت شركة أجيس ديفانس سيرفيز (Aegis Defence Services Ltd) للخدمات الأمنية ذات الجنسية البريطانية، بمهمة حمايتها هناك.

وتوظف هذه الشركة، التي تُعتَبَر إحدى أكبر الشركات الدولية في مجال الخدمات الأمنية والعسكرية الخاصة، نحو 20 ألف جندي مُرتزق متعاقد مع الولايات المتحدة، وهي تملك مكاتب موزّعة في دول عدّة، ضمنها الولايات المتحدة والعراق وأفغانستان والبحرين وغيرها.

وقد تسببت هذه الشركة بقيام ضجّة في سويسرا في عام 2010، عندما قامت بِنَقل مكتبها الرئيسي من لندن إلى مدينة بازل شمال البلاد، حيث أثارت هذه الخطوة اعتراضات شديدة في الأوساط السياسية والعامة، باعتبارها انتهاكا للحياد السويسري، ولاسيما وأن الشركة كانت قد اتُّـهمت حينئذٍ بالمشاركة في عمليات حربية.

لهذا السبب، طالبت لجنة السياسة الأمنية التابعة لمجلس الشيوخ (الغرفة العليا من البرلمان الفدرالي) بوجوب استبدال المرتزقة العاملين في هذه الشركة بِجنود سويسريين لحماية سفارة الكنفدرالية في طرابلس. وقد امتثلت الحكومة السويسرية لهذا الطلب في شهر ديسمبر 2011، على الرغم من معارضة ساسة ينتمون إلى حزب الشعب (يمين شعبوي) بشكل أساسي، ولأسباب تتعلّق بمبدإ الحياد السياسي الذي يحرص على تجنب استخدام جنود سويسريين مُسلحين في الخارج.

وفي الشهر ذاته، أعلنت وزارة الدفاع وحماية السكان والرياضة إلى أن كلاً من وحدة القوات الخاصة DRA10 وكذلك الكتيبة الخاصة للشرطة العسكرية، مُرَشَحَتان للقيام بمهمة حماية أمن السفارة السويسرية في طرابلس.

وقد تدرّبت هذه النخبة من وحدة القوات الخاصة على القيام بمهمات التدخل في الخارج، مثل حالات حماية قوات الجيش السويسري الموجودة في بلدان أجنبية أو حماية المواطنين السويسريين الذين يواجهون أخطاراً أمنية مُتزايدة. كما يدخل ضمن مهامِّها، إنقاذ حياة المواطنين السويسريين في مناطق الحروب والأزمات والعودة بهم الى الكنفدرالية.

وقد سبق أن جرت اتصالات مع وحدة القوات الخاصة، في أعقاب قيام نظام القذافي باحتجاز رهينتين سويسريتين في طرابلس بعد فترة وجيزة من توقيف نجله هانيبال وزوجته في مدينة جنيف في يوليو 2008. وقد بحثت كل من وزارتيْ الدفاع والخارجية السويسرية في ذلك الوقت، إمكانية استخدام هذه النخبة من القوات العسكرية الخاصة، للقيام بمهمة تهريب الرهينتين السويسريتين (ماكس غولدي ورشيد حمداني) إلى خارج ليبيا، لكن تم التخلي عن الفكرة لاحقا.

شركات خاصة لحماية السفارات

تُـعتبر سفارة الكنفدرالية في العاصمة الليبية طرابلس، الممثلية السويسرية الوحيدة في الخارج التي يقوم جنود سويسريون على حمايتها. ووفقاً لوزارة الخارجية السويسرية، تتمتع جميع سفارات الكنفدرالية الأخرى بِحمايةٍ كافية. وطبقا للأعراف الدولية، فإن البلد المُضيف، هو المسؤول في المقام الأول على حماية الممثليات الأجنبية، ولكن يحق للسفارات أن تتخذ إجراءات أمنية إضافية.

وحَسب وزارة الخارجية السويسرية، فإن “ما يَقرَب من نصف السفارات السويسرية، تتمتع بحماية شركات، مُعظمها محلي على الأغلب”، وبِضمنها أيضاً السفارة السويسرية في العاصمة الأفغانية كابُـل.

وزارة الخارجية السويسرية لم تُعرب بشكلٍ دقيق عن الأسباب الكامنة خلف هذه التدابير الأمنية المختلفة مع سفاراتها. وتم الإعلان فقط عن اعتماد العديد من الدول على الشركات الأمنية الخاصة لحماية سفاراتها، وكما جاء في كتاب الوزارة: “تأخذ الشركات الأمنية الخاصة على عاتقها القيام بِمهام مُتباينة في التعقيد، السهولة (كالحراسة أثناء الليل أو خلال أيام العطل)، كما تعتمد أنشطتها على الحالة الأمنية في الدولة المَعنية (كمعدل الجرائم ووجود تهديد بوقوع اغتيالات أو لاتخاذ تدابير أمنية احتياطية)”.

عمليات في الجزائر وطهران

وحتى اليوم، لم يتدخل الجنود السويسريون سوى مرتين فقط لحماية الممثليات السويسرية في الخارج. وحسبما جاء في تأكيدٍ لوزارة الخارجية السويسرية، فإنه لم يتوجب عليهم استخدام أسلحتهم في كِـلتا الحالتين.

ففي عام 1998، قام جنود سويسريون مُحترفون بحراسة السفارة السويسرية في العاصمة الجزائرية، بعد إعادة افتتاحها. وقد استخدِم في ذلك الوقت جنود مُختصين بِحماية المواقع المحصنة، بسبب وقوع العديد من الأجانب ضحايا للجماعات الإسلامية المُسلحة.

وفي عام 2006، تم إرسال مختصّين من وحدة القوات الخاصة DRA10 مع 30 جنديا آخر لحماية السفارة السويسرية في طهران. وقد وبَّـخ البرلمان السويسري الحكومة الفدرالية لاحقاً، بسبب عدم إبلاغها له عن هذا التدخل في الوقت المناسب.

الكلمة الأخيرة للبرلمان

بموجب القانون العسكري، لا يمكن أن تتخذ الحكومة السويسرية بمفردها قرارات تخصّ عمليات تدخّل لقواتها العسكرية في الخارج. وفي حالة كهذه، يتوجب إخطار رؤساء لجان الأمن والشؤون الخارجية في غرفتي البرلمان أولا، ومن ثَمَّ البرلمان الفدرالي في وقت لاحق.

وفيما يخص السفارة السويسرية في طرابلس، تفترض وزارة الخارجية بأن هذا التدخل سيستغرق وقتاً أطول، وهو ما سيجعل الكلمة الأخيرة فيه للبرلمان. وسوف تقوم الحكومة بإبلاغ المجلس التشريعي حول هذا الموضوع خلال انعقاد دورته الربيعية المقبلة التي تلتئم في برن من 27 فبراير إلى 16 مارس 2012.

تشارك القوات المسلحة السويسرية منذ عام 1953 في مهمات لحفظ السلام خارج أراضي الكنفدرالية.

وفي الوقت الحالي، يساهم ما مجموعه 273 من النساء والرجال الذين تتراوح رُتبهم العسكرية ما بين الجندي العادي واللواء، في 17 دولة موزعة في 4 قارات، في مهمات لِدَعم عمليات السلام. وتتألف الغالبية العظمى من هؤلاء، من أفراد الميليشيات (أي أنهم متطوِّعون في الجيش وليسوا من العسكريين المُـحترفين). كما توجد بعثات لمراقبين عسكريين سويسريين غير مسلحين منذ عام 1990.

وفي الوقت الحالي يتواجد 17 ضابطاً سويسرياً في الدول و المناطق التالية:

الشرق الأوسط: 11

الكونغو:3

بوروندي: 1

جنوب السودان:2

وهم يعملون في مواقع الصراع هذه كذراع مُمتدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

واستنادا الى القرار 1244 الصادر عن الأمم المتحدة، شارك الجيش السويسري في عام 1999 في قوة متعددة لحفظ السلام في كوسوفو “K-for” أطلقت عليها تسمية “كتيبة سويس كوي”SWISSCOY. وقد تم تمديد مهمة هذه الكتيبة من قِبَل البرلمان الفدرالي حتى نهاية عام 2014.

تتألف كتيبة “سويس كوي” حالياً من 220 متطوعاً مسلحاً بما يكفي للدفاع عن النفس.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية