مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إصلاحات قانونية تدخل حيِّز التنفيذ في سويسرا مع بداية العام الجديد

بموجب القوانين الجديدة، سيبقى بالإمكان ممارسة التحقيقات السرية لمكافحة استغلال الأطفال في صور وأفلام، ذات طبيعة إباحية أو جنسية Keystone

وَسَطَ المِئات من القوانين واللوائح الجديدة التي دخلت حَيِّـز التنفيذ في سويسرا منذ غرة يناير2011، تتواجد آلية لإتخاذ تدابير صارمة ضِدّ الزيجات الصورية، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات شاملة، تهدف إلى تَبسيط الإجراءات القانونية.

وفي خطوة تؤشر إلى تحوّلٍ عن اللامركزية المُعتادة في سويسرا، سَيَحُـلُّ قانون فدرالي جديد مُـختَصّ بالإجراءات الجنائية مَحلَّ القوانين الخاصة، التي تَنفَرد بها كانتونات سويسرا الـ 26.

ونتيجة لذلك، سيتم تَعريف الجرائم الجنائية بشكلٍ أفضل وبطريقة مُوَّحدة، كما هو مُتَضَمـن في القانون الجنائي السويسري. وسيَسمح القانون الجديد بالمُلاحقة القضائية وإصدار الأحكام وِفق نفس القواعد المَعمول بها في جميع أنحاء الكنفدرالية.

وصرَّحَت وزارة العدل والشرطة السويسرية بأنَّ هذا النوع من التوافق سيُـساعد السلطات القضائية على مُعالجة القضايا القانونية داخل الكانتونات المُختلفة، كما سيُسَهِّـل التعاون الدولي. وتتوقع الوزارة كذلك حقوقاً أفضل للضحايا وحمايةً أوسع للشهود.

وفي الوقت الذي سيبقى فيه هيكل المحاكم أمرا يخُـص الكانتونات أساساً، ستكون هناك تعزيزات في مَهام مكتب النائب العام، الذي سيتوجب عليه إجراء التحقيقات الأولية وتوجيه الإتهامات، لاغياً بذلك قضاة التحقيق السابقين.

ويَحْظر القانون الفدرالي الجديد أنواعاً مُعيَّـنة من التحقيقات السرية، الأمر الذي أثار مَخاوف حول مَنع أعوان الشرطة من التظاهُـر بأنهم أطفال في غُرف الدردشة على الإنترنت، من أجل القَبض على الغلمانيين (المولعين جنسياً بالأطفال). ونتيجة لهذه الإعتراضات، تمَّ تَغيير هذه المسألة لتعود ثانية من مسؤولية الكانتونات، وهو ما يُعطى السلطات المحلية في الكانتونات بالتالي صلاحية مَنح شرطتها الإذن لِتَصَفُّـح غُرف الدردشة بشكلٍ سري.

وبِموجب تعديلٍ قانوني دخل حَيّز التنفيذ مع بداية عام 2011، يتحتَّـم على سويسرا إتخاذ موقف أكثر حزماً ضِد جرائم الحرب، كما تدخل “الجرائم ضد الإنسانية” في قانون العقوبات السويسري. وهنا، ستكون الكنفدرالية مُطالَبة بالقضاء على أشد الجرائم خطورة، حتى لو ارتُـكبت خارج أراضيها.

ومنذ حلول العام الجديد (2011)، يَسري مفعول أكبر عملية دَمجٍ للبلديات السويسرية على الإطلاق، من خلال إتحاد 25 بلدية في كانتون غلاروس (الواقع في الجهة الشرقية من وسط سويسرا)، لِتُشكل بالنتيجة ثلاث بلديات فقط هي: غلاروس، غلاروس الشمالية وغلاروس الجنوبية. وبِمساحة تبلغ نحو 430 كيلومتراً مربعاً، ستكون الأخيرة أكبر مقاطعة ناتجة من دَمج هذا العدد من البلديات في سويسرا. وهكذا، ستكون هناك 2551 بلدية في سويسرا في مطلع 2011، وهي تقِل عن مجموع البلديات السويسرية في عام 2000 بنحو 348 بلدية. ومن المُقَرَّر دمج 48 بلدية إضافية في كانتون فو خلال الربع الأول من عام 2011، لتُشَكِّل في النهاية 12 كياناً أعيد تنظيمهم.

الزيجات غير القانونية

 في نفس السياق، قامت السلطات السويسرية بتكثيف جهودها لِوَقف الزيجات الصورية (أو البيضاء)، التي تُجرى من قِبَل أشخاص يرغبون في الحصول على وثائق تمنحهم حق الإقامة في سويسرا. وكشفت الإحصاءات الأخيرة عن وجود نحو 500 زيجة غير قانونية من مجموع 3,500 عقد زواج أبرِم في عام 2008.

ومع حلول عام 2011، لن يكون بإمكان المُهاجرين غير الشَرعيين وطالبي اللجوء السياسي الذين رفضت طلباتهم، إبرام عقود زواج في سويسرا. وسيَتَحَتَّـم على الأجانب الراغبين بالزواج من إمرأة أو رجلٍ سويسري، إثبات إقامتهم القانونية في الكنفدرالية، كما سيتم إبلاغ الشرطة عن أي شخصٍ أجنبي يريد الزواج في سويسرا من غير أن يُقيم فيها بشكلٍ قانوني. ويقول المؤيدون لتطبيق هذا القانون، بأنَّ هذه الإجراءات سوف تُساعد على تَنسيق عملية الهجرة والخدمات المَدَنية بين الكانتونات المُختَلِفة.

من جانب آخر، تحمل السَّـنة الجديدة في طيّـاتها بعض الأخبار الطيبة أيضاً لغير السويسريين، إذ يُمنَح الخريجون الأجانب الذين أتَمّوا دراستهم العُليا في سويسرا، حقَّ الإقامة لمدة ستة أشهر إضافية لِتَمكينهم من العثور على وظيفة في السوق المحلية.

بين زيادات في الإنفاق…

ولن تُستَثنى محافظ نقود السويسريين من تأثير التشريعات التي يحملها العام الجديد، إذ سيتحتم على سكّان الكنفدرالية زيادة نفقاتهم على خدمات التأمين الصحي، مع إرتفاع جديد في قيمة الأقساط السنوية. وقد يؤدي ارتفاع سعر علبة السجائر بـ 20 سنتيماً، إلى اختيار بعض المدخنين الإقلاع عن هذه العادة.

كما يشهد عام 2011 زيادة في نسبة الضريبة على القيمة المُضافة، التي سترتفع من 7,6% إلى 8%، وستُحْتَسَب هذه الزيادة لِصالِح صندوق التأمين على العَجز، حسب رغبة الناخبين السويسريين في تصويت سابق.

وفي الوقت نفسه، سيحظى صندوق التأمين على البطالة بتدفّـقات مالية جديدة، من خلال ارتفاع الأقساط المدفوعة من قِبَل الموظفين وأرباب العمل من 2% إلى 2,2%. ومن جانبهم، يتحتم على العاطلين عن العمل قبول تخفيضات في مخصَّـصاتهم المالية، بِدءاً من شهر أبريل القادم.

… وإعفاءات ضريبية

من جهة أخرى، لا تخلو السنة الجديدة من بعض الأخبار السارة للآباء والأمهات، حتى ولو أنها لن تكون مَلموسة قبل احتساب ضرائب السنة الحالية في عام 2012 القادم، إذ سيتمتع هؤلاء بإعفاءٍ جديد من الرسوم الضريبية يُقَدَّر بـ 250 فرنك سويسري (264 دولار) للطفل الواحد، بالإضافة إلى إعفاءاتٍ ضريبية تصل إلى 10,000 فرنك سويسري للطفل الواحد، في حال تَمَّت رعايته من قِبَل طرفٍ ثالث، ولم يَبْلُغ عامَه الرابع عشر بَعْدُ.

ومن أجل إضافة بعض الحوافز السياسة إلى السنة الجديدة، التي ستَشهَد تنظيم انتخابات نيابية على المستوى الفدرالي، ستشمل التبرعات المالية للأحزاب السياسية والتي تَقِل عن 10,000 فرنك سويسري، بِإعفاءٍ ضريبي أيضاً.

حد أدنى لأجور عمال النظافة

يشهد عام 2011 أيضاً وضع حد أدنى لأجور عُمّال النظافة، يُقَدَّر بـ 18.20 فرنك سويسري لساعة العمل الواحدة، بشرط أن لا تقل عن 5 ساعات عملٍ في الأسبوع لنفس رب العمل. وتضع سويسرا في العادة حدوداً دُنيا للأجور ضمن عقود جماعية تختلف حسب قَطاع الشغل ويتم التفاوض حولها دوريا بين النقابات والأعراف.

ومن أجل تحفيز العَمالة، ستقوم العديد من المُبادرات بتوفير الأموال للأشخاص المُستمرّين في العمل الذين تتراوح أعمارهم بين 58 و70 عاماً. وسيكون بإمكان هؤلاء الإستفادة من التحديثات القائمة في صناديق المعاشات الاجتماعية، حيث يُمكن – على سبيل المثال – الإستمرار في دفع المساهمات المالية إلى هذه الصناديق، حتى إتمام الشخص المَعني عامَه السبعين.

كذلك، يهدف قانون جديد سيمتد العمل به حتى نهاية عام 2012 إلى تفعيل ضمانة لحماية المبلغ المودَع في الحساب المصرفي لشخصٍ ما، والذي يتراوح بين 30,000 إلى 100,000 فرنك سويسري، في حال فشل البنك أو تعرضه للإفلاس.

الحوافز الخضراء

ولم يُستثن موضوع البيئة من التشريعات المُرتبطة بعام 2011، مع صدور مَطالب جديدة لجميع محطات توليد الطاقة العاملة بالغاز لِموازنة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) في المستقبل.

في نفس السياق، سيتَحتم على شركات إنتاج الطاقة الكهربائية، دَفع المزيد من الأموال إلى الكانتونات السويسرية لاستخدامها المياه في إنتاج الطاقة، مما سيؤدّي بالنتيجة إلى ارتفاع قيمة الرسوم المفروضة على الكهرباء من 80 إلى 100 فرنك سويسري. ومن أجل حماية البيئة أيضاً، يَعمل قانون جديد على ترميم شواطئ الأنهار والبحيرات وإعادتها إلى حالة أكثر طبيعية. 

يتشكَّـل البرلمان الفدرالي السويسري، الذي يمثل السلطة التشريعية في الكنفدرالية، من مَجلس النواب، (والذي يُسمى بالغرفة السُّـفلى من البرلمان الفدرالي) ومجلس الشيوخ (أو ما يسمى بالغُرفة العُليا).

تتم مناقشة جميع التعديلات الدستورية في مَجلسي النوّاب والشيوخ قبل طرحها على التصويت الشعبي العام.

في بعض الأحيان، يكون سَنَّ تشريعاتٍ جديدة، عملية مُعَقدة كما قد يطول أمدها. وتستغرق العملية ما لا يقل عن 12 شهراً. ومن المعروف أنها  قد تستغرق 12 عاماً أو أكثر حتى.

ارتفع عدد من القوانين الجديدة بشكلٍ ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. وفي المتوسط، تَشْهَد سويسرا كل أسبوع دخول قانون جديد حَيز التنفيذ أو تَعديل قانونٍ مَعمول به.

تقوم الدولة السويسرية على مبدإ الفدرالية، والذي يعني هنا احتفاظ الكانتونات العُضوة على قدرٍ كبيرٍ من الحكم الذاتي.

كانت الفدرالية ذات أهمية مركزية في حُـكم سويسرا منذ تأسيسها كدولة حديثة في عام 1848.

وتتألَّف سويسرا اليوم من 26  كانتوناً، من بينها ستة “أنصاف – كانتون”، هي كل من (أوبفالد ونيدفالد وريف بازل وبازل المدينة وأبّـنزل الخارجية وأبّـنزل الداخلية)، كما توجد فيها أكثر من 2500 بلدية.

تحظى جميع الكانتونات السويسرية بحقوقٍ متساوية. وبالمُقارنة مع الوضع في بلدان أخرى، تتمتع هذه الكانتونات بدرجة عالية من الاستقلالية. ومن بين المجالات التي تنعَمُ فيها الكانتونات بحرية واسعة، هي الرعاية الصحية والتعليم والثقافة.

كذلك، تتمتع الكانتونات ومِثلها البلديات، بدرجةٍ عاليةٍ من المسؤولية في إدارة شؤونها الخاصة. وفي حال عدم قدرة البلديات والكانتونات على الاضطلاع بِمَهامٍ مُعينة، يَتِم رفعها إلى مُستويات إدارية أعلى مُخولة بإدارتها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية