The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الإجهاض في سويسرا: تعزيز حقوق النساء وسط انقسام سياسي

سويسرا والاجهاض
في سويسرا، يعد الإجهاض قانونيًا دون أي سبب محدد خلال الأسابيع الـ 12 الأولى من الحمل. KEYSTONE/DPA/Uwe Anspach

ابتداءً من عام 2027 ستتحمل شركات التأمين الصحي تكاليف الإجهاض في سويسرا. وقد مر هذا القانون في البرلمان من دون إثارة أي انتباه. فما هو موقف سويسرا الحالي، مقارنةً ببقية دول العالم؟  

“حزمة خفض التكاليف 2”. كان هذا عنوان حزمة الإجراءات، التي أقرّها البرلمان في مارس من عام 2025، والتي لا تحمّل شركات التأمين الصحي السويسرية مزيدًا من النفقات، بل على العكس. إلا أنّ اتخاذ قرار بشأن موضوع الإجهاض المثير للجدل، لم يتوقّعه أحد حينها. 

ولم تُشر لجنة الصحة، التي ناقشت حزمة واسعة من القوانين الجديدة، إلى أي شيء في هذا الشأن. بذلك، حسم البرلمان القضية في الربيع، دون إدراك أبعادها. وهو أمر غير مستغرب في السياسة السويسرية.  

كذلك ظل الإعلام والرأي العام في جهل بهذا الأمر، إلى أن حصلت صحفية على معلومة في هذا الصدد. وفي نهاية أغسطس كشفت صحيفة زونتاغس تسايتونغ تحميل الإجهاض القانوني بالكامل في المستقبل لقطاع التأمين الصحي، وهذا على الأرجح اعتبارًا من عام 2027.   

تغير ذو أهمية اجتماعية وسياسية بالأساس 

جدير بالذكر، أن شركات التأمين الصحي لم تكن تتحمل حتى الآن التكاليف الإجمالية للخدمات الطبية الخاصة بالحمل، سوى اعتبارًا من الأسبوع الثالث عشر من الحمل. ويُقصد بالتكاليف الإجمالية، جميع التكاليف دون أية خصومات، سواء في إطار الحد الأقصى للخدمات، أو بتحميل المريضات نسبة المشاركة الذاتية. 

والجديد هو أن الإعفاء من هذه الخصومات سوف يسري اعتبارًا من بداية الحمل. أي أنه سيشمل الإجهاض أيضًا. 

ولهذا التغير أهميته الاجتماعية، والسياسية بالأساس. فغالبًا ما تدفع الأوضاع المالية الهشة الشابات إلى اعتماد تأمين يفرض عليهن مساهمة مرتفعة في تكاليف العلاج. علمًا بأن تكاليف الإجهاض في سويسرا تتراوح بين 500 و3،000 فرنك، ما يجعلها باهظة بالمقارنة بغيرها.   

محتويات خارجية

وهكذا وجدت الشابات من ذوات الدخل المحدود أنفسهن تحت ضغوط كبيرة للاحتفاظ بالجنين، ولم يكن أمامهن سوى طلب المساعدة من مؤسسات إغاثية خاصة أو، وفق الظروف، من نظام الضمان الاجتماعي. وهو خيار يضعهن في موقف حرج في لحظة غاية في الهشاشة. 

رضا اليسار، واستياء الجناح المحافظ 

أشاد اليسار بالرمزية القوية لهذا التغيير. وقد تحدثت ماتيا ماير، الرئيسة المشاركة الحزب الديمقراطي الاجتماعي، عن “نقطة فارقة في الحركة النسوية”. إنه استحقاق مؤجل، خاصةً أن البرلمان قد قرر هذه النقلة النوعية في لمح البصر.  

أما في الدوائر المحافظة، فقد كان الاستياء عارمًا. حيث قال أندرياس غافنر، النائب عن الحزب الإنجيلي بمجلس النواب (الغرفة السفلى بالبرلمان الفدرالي) عن حزب الاتحاد الديمقراطي، في تصريحه لجريدة “زونتاغستسايتونغ”: “حينما علمت بالإجهاض المجاني، كانت الفرصة قد فاتت لتقديم طلب يلزم البرلمان بطرحه للنقاش.”  

بدوره، كتب أحد قراء جريدة “بوته دير أورشفايتس” (Bote der Urschweiz)، اليومية الناطقة بالألمانية، في رسالة له، إنّه لا يفهم “السبب الذي يفرض على كل مشترك في التأمين الصحي، المشاركة في تمويل هذه الفظائع”. 

تعتبر عمليات الإجهاض قانونية في سويسرا حتى الأسبوع الثاني عشر، والشرط الوحيد هو الاستشارة.

دخلت لائحة الموعد النهائي «هذه» حيز التنفيذ منذ عام 2002. وقبل ذلك، كان الإجهاض قانونيًا فقط إذا كان هناك مؤشر خاص، على سبيل المثال إذا كان الطفل يعاني من تشوه خطير أو كانت صحة الأم في خطر.

ومع ذلك، ابتداء من السبعينات فصاعدًا، استخدمت المحاكم أيضا الأسباب النفسية كمؤشر على الخطر. وقد مهد هذا الطريق للممارسة الليبرالية في وقت لاحق.

ونشير هنا، إلى أن الإجهاض يعد قانونيًّا في سويسرا حتى الأسبوع الثاني عشر، وهذا بشرط أن تسبقه جلسة استشارية. 

وتسري “لائحة المهلة” هذه منذ عام 2002. إذ لم يكن الإجهاض قبلها جائزًا إلا لوجود مؤشر خاص، على سبيل المثال في حالة تشوه الطفل تشوهًا بالغًا، أو إذا كان هناك تهديد لصحة الأم. لكن في سبعينات القرن العشرين، أضافت المحاكم العوامل النفسية كمؤشر خطر، ما مهد الطريق للممارسة الليبرالية اللاحقة. 

كما أظهرت تعليقات القراء والقارئات انزعاج القاعدة الليبرالية، ولا سيما من تغطية تكاليف الإجهاض حتى للنساء الميسورات المتصرّفات باستهتار. على الجانب الآخر، لم تصدر أية مداخلة من الحزب الليبرالي الراديكالي (FDP) في البرلمان. بل على العكس: فقد قالت رئيسة الجناح النسائي للحزب والنائبة بمجلس النواب، بيتينا بالمر، التي تعمل كذلك كطبيبة أطفال، في حديثها لصحيفة “زونتاغس تسايتونغ”: “إذا أيّدنا حل المهلة (الإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر)، فسيتوجب علينا أيضًأ اعتماد الإجهاض غير المخالف للقانون، في إجازة الأمومة.” 

ممارسة ليبرالية ومعدل إجهاض منخفض 

بهذه المهلة البالغة 12 أسبوعًا تبدو سويسرا متحفظةً نسبيًّا، بالمقارنة بالدول التقدمية في العالم. ويظهر هذا من خلال تأمل الوضع القانوني على مستوى العالم، الذي يتم تحديثه باستمرار، ويصدره مركز حقوق الإنجابرابط خارجي بنيويورك. 

إذ تسمح إسبانيا وفرنسا بالإجهاض حتى الأسبوع الـ 14، بينما تسمح به الدانمارك والسويد حتى الأسبوع الـ 18، أما نيوزيلاندا فتسمح به حتى الأسبوع العشرين من الحمل. 

وهذا بخلاف كندا، حيث لا تحدد القوانين الاتحادية بها أية مهلة مطلقًا. إلا أن هناك قيودًا من الناحية العملية. فالمستشفيات هناك لا تجري عمليات الإجهاض في المراحل المتقدمة من الحمل، إلا إذا كانت هناك مؤشرات صحية خاصة. 

وفي ما يخص تكاليف الإجهاض، يتولّى التأمين الصحي في أغلب الدول التقدمية، التي يتوفر فيها نظام صحي عام وواسع النطاق، تلك التكاليف بالكامل. 

على سبيل المثال في فرنسا، والدانمارك، وكندا. هذا، بينما يتوجب على المعنيات في ألمانيا والنمسا دفع التكاليف بأنفسهن. وهذا مع وجود استثناءات لذوات الدخل المنخفض. 

معدلات إجهاض مستقرة في سويسرا 

مقارنةً بالدول الأخرى، تتصدر سويسرا الدول الأقل من حيث معدلات الإجهاض. فوفقًا لإحدى الدراساترابط خارجي الدولية الكبرى حول هذا الموضوع، الشاملة لبيانات في الفترة ما بين عامي 2015 و2019، تتقاسم سويسرا مع سنغافورة المركز الأول في القائمة، وهذا بمعدل 5 حالات إجهاض لكل ألف امرأة (أنظر.ي الخريطة بالأعلى). 

وتُعزى هذه النتيجة إلى التربية الجنسية الإلزامية في المدارس، وارتفاع القدرة الشرائية في سويسرا، إضافةً إلى توفر وسائل منع الحمل. 

محتويات خارجية

وتبين أحدث الأرقام الصادرة عن المكتب الفدرالي للإحصاء أن معدلات الإجهاض ظلت مستقرة في السنوات الأخيرة، مع تراجع ملحوظ في الفئة العمرية ما بين 15 إلى 19 عامًا. 

ترجمة: هالة فرّاج

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية