مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مستقبل الفلسطنيين بعد المصالحة والأكراد بعد خسارة كركوك و”داعش” بعد هزيمته

صحف سويسرية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بمستقبل منطقة الشرق الأوسط والسيناريوهات المتوقعة بعد التحولات الجذرية، التي شهدها الأسبوع الماضي على الصعيد الإقليمي والدولي. swissinfo.ch

ما صحة انحياز منظمة اليونسكو للقضية الفلسطينية وهل ما زالت هناك معارضة في مصر رغم “القبضة الأمنية الحديدية” وما هي دلالات توقيت هجوم مقديشو الدموي وما هو مستقبل تنظيم الدولة بعد هزيمته في الرقة والفلسطينيين بعد المصالحة والأكراد بعد أحداث كركوك ..، كلها أسئلة هيمنت على عناوين الأخبار هذه الأسبوع وسعت الصحف السويسرية إلى البحث عن إجابات لها. 

نهاية “الخلافة” لا تعني نهاية “تنظيم الدولة”

 رغم فقدانها المتتالي لعاصمتيْها في الموصل بالعراق، وفي الرقة بسوريا، ورغم انتهاء “الخلافة” المعلنة من جانب واحد، فإن الخبراء لا يتوقّعون نهاية قريبة “لتنظيم الدولة الإسلامية”، والذي برأيهم “لم ينتظر هزيمتيْه في العراق وسوريا لكي ينبعث من تحت ركام نزاعات أخرى في اليمن وليبيا وأفغانستان. يقول أرثور كازناي، باحث بمجموعة “نوريا”، ونقلا عن مقال نشرته صحيفة “لا ليبيرتي” الصادرة بفريبورغ السويسرية يوم 18 أكتوبر الجاري: “لم يحن الوقت بعد للحديث عن نهاية “داعش”، فهذا التنظيم سوف يستفيد من الثغرات الأمنية الكبيرة في العراق وسوريا، لكي يعيد بناء ذاته. ويمكن أيضا أن ينقل نشاطه إلى مناطق صحراوية هناك. أما على الصعيد الدولي، فإمكانه أن يعتمد لضمان استمراريته على عملياته في اليمن وليبيا وأفغانستان”.

 كذلك “لا يزال لهذا التنظيم الآلاف من الأنصار الذين نجوا من الموت أو الاعتقال، وهم على استعداد لشن هجمات في أوروبا وخارجها”، يضيف الباحث، كما أنه بإمكان هذا التنظيم “العمل عبر تحالفات مع القاعدة وبوكو حرام، وتنظيمات جهادية أخرى على الساحة الدولية”.

  استفتاء شمال العراق

 حول موضوع “أكراد شمال العراق” ونظرائهم في تركيا وإيران وسوريا. ومن خلال افتتاحية كانت دلالات  عنوانها مباشرة “على أكراد العراق الانتظار”، توقّف كاتب المقال بصحيفة “لوتون” عند دلالات استعادة الحكومة المركزية في بغداد لمحافظة كركوك الغنية بالنفط من هيمنة سلطة وحكومة “كردستان شمال العراق”. وبرأي الكاتب “هذا التطوّر يمثّل صفعة كبيرة إلى أكراد العراق، ومن ورائهم نظرائهم في سوريا وتركيا، ويرسل لهم برسالة مفادها: في المشهد الجديد الذي هو بصدد التشكل بعد الانتهاء من “تنظيم الدولة الإسلامية”، فإن دور الأكراد لم يأت بعد. وسيكون الأمر متروكا للقوى الإقليمية لتوزيع الأسهم”.

 ويقول صاحب المقال الصادر يوم الأربعاء 17 أكتوبر إن “المشكلة ربما تكمن في أن من نظّم استفتاء استقلال كردستان العراق كانت له حسابات. لكن ها قد تبيّن أن حساباته كانت خاطئة. وبدلا من توجيه اللوم للقوى الدولية الكبرى لعدم دعمه، اليوم على مسعود البرزاني توجيه اللوم إلى نفسه أوّلا”. ويلمّح صاحب المقال إلى أن استفتاء الاستقلال، وإن كان قد لقى الدعم من أغلبية كبيرة من المشاركين فيه فإن المطالبة بقيام دولة كردية “لا يجب أن يوظّف لإسكات الخصوم، وتمويه الميول الاستبدادية لحكومة البرزاني، ولا يجب أن تنسينا الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه المناطق التي تسيطر عليها، على الرغم من الموارد البترولية الهامة التي توفرت لها. وباختصار لا يجب أن تستخدم نتيجة الاستفتاء سلّما لكي يتحوّل مسعود البرزاني إلى الزعيم الأوحد للأمة الكردية”.

  مصالحة “الأشقاء- الأعداء”

 في عددها الصادر يوم السبت 14 أكتوبر وتحت عنوان “وراء الاتفاق الفلسطيني: إنشاء كتلة ضد طهران وحلفاؤها”. نشرت صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية مقالا تحليليا ذكّرت في بدايته  صاحبة المقال بفشل الجهود التي بذلتها وزارة الخارجية السويسرية خلال السنوات الماضية في التقريب بين “الأشقاء الأعداء، حركة فتح وحركة حماس”، لتشير لاحقا إلى أن اتفاق المصالحة الأخير الذي تمّ برعاية الجارة الكبرى، مصر، يطرح أسئلة اكثر مما يقدّم حلولا، ومن ذلك مشكلة تضخّم الجهاز الإداري للسلطة الوطنية الفلسطينية وعن المصير الذي ينتظر الموظّفين الذين انتدبتهم حركة حماس للعمل في قطاع غزة، فضلا عن مشكلات التزوّد بالكهرباء والماء الصالح للشرب والبطالة في قطاع غزّة، ومشكلة المجموعات المسلحة. لكن كل ذلك برأي لويس ليماء، كاتبة المقال “ليس الرهان الحقيقي لاتفاق المصالحة”!

 في المقابل، تذهب المحللة السويسرية إلى أنه “لا يمكن فهم اتفاق المصالحة الأخير إلا إذا نظرنا إليه في إطار الرهانات الكبرى التي تنتظر منطقة الشرق الأوسط، وإذا أخذنا في الاعتبار العناصر التالية: رفض دونالد ترامب القبول بالاتفاق النووي مع إيران، وسعي نظام عبد الفتاح السيسي للحصول على الشرعية التي لا يزال يفتقدها على الساحة الدولية، وتفكيك سلطة حماس في غزّة وبالتالي ضرب حليف قطري، والضغط على عبّاس عبر التلويح بالتعاون مع غريمه محمّد دحلان”. وتخلص المحللة إلى أن “هذا الاتفاق يأتي كمقدّمة منطقية لتطوّرات تلوح في الأفق، ومن أبرزها تشكيل حلف سنّي (مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية والسلطة الفلسطينية) مع إسرائيل والولايات المتحدة، ويبقى السؤال هل سيكون هذا كافيا للتوصّل إلى تسوية شاملة لمشكلة الشرق الأوسط؟؟

  ما حقيقة انحياز اليونسكو للفلسطينيين؟

 تناولت صحيفة “بازلر تسايتونغ” الصادرة بتاريخ 14 أكتوبر 2017 قرار انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بسبب ما وصفته “انحياز المنظمة ضد إسرائيل”.

 وأوضحت الصحيفة أن حالة التجاذبات والاستقطاب بين الدول بسبب الصراع العربي الإسرائيلي ليست بالمشهد الجديد في هذه المنظمة، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة لم تلتزم بمساهماتها المالية منذ عام 2011 بسبب الصراع العربي الإسرائيلي الحاضر بقوة في أروقة المنظمة. هذا ولم تكن هذه المرة الأولى، ففي منتصف التسعينيات قررت الولايات المتحدة، عدم دفع اشتراكات للمنظمات الدولية التي قبلت فلسطين كعضو فيها. وفي تشرين الأول / أكتوبر 2011، أصبحت فلسطين عضوا كامل العضوية في مجموعة اليونسكو بعد مناقشات محتدمة، لتفقد بعدها بعامين الولايات المتحدة حقها في التصويت في المنظمة لأنها لم تلتزم بدفع مساهماتها. ومنذ ذلك الحين كان الأميركيون مراقبين فقط في منظمة الأمم المتحدة.

 وحول صحة الاتهامات بانحياز منظمة اليونسكو ضد إسرائيل، رأت الصحيفة أن معسكر الدول العربية ومؤيديها في منظمات الأمم المتحدة أكبر من المؤيد لإسرائيل وأن مجلس حقوق الإنسان الأممي ينتقد سياسيات إسرائيل باستمرار.

 وأنهت الصحيفة بالقول، إن الباب ما يزال مفتوحا لعودة الولايات المتحدة، التي كانت أكبر مانح في منظمة اليونسكو، فترامب أغلق الباب ولم يوصده. مشيرة إلى أن هذه ليست المرة الأولي التي تنسحب فيها واشنطن من المنظمة، حيث استقالت في عهد الرئيس رونالد ريغان في عام 1984 احتجاجا على “سوء الإدارة وموقف المنظمة المناهض للولايات المتحدة أو الداعم للاتحاد السوفيتي، لتعود في عام 2002 في عهد الرئيس جورج بوش”.

 الصومال جزء من صراعات الشرق الأوسط

تناولت صحيفة “فوخن تسايتونغ” الصادرة بتاريخ 19 أكتوبر 2019، الهجوم الضخم، الذي وقع في منطقة مزدحمة في قلب العاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت 14 أكتوبر وأودى بحياة أكثر من 230 شخصا  على الأقل وإصابة  ما لا يقل عن 300 آخرين ورأت الصحيفة فيه دلالات على خضوع  الصومال للتجاذبات الإقليمية والصراعات الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع عدد هجمات الطائرات بدون طيار على الأراضي الصومالية وإلى عودة الوجود العسكري الأمريكي إلى الصومال بعد غياب 20 عاما مع تمركز وحدات عسكرية أمريكية في البلاد.

وقالت “إن هناك تكهنات بأن هذا الهجوم جاء انتقاما لقصف جوي، شاركت فيه القوات الأمريكية وأودى بحياة عشرة مدنيين صوماليين في شهر أغسطس الماضي”.

من جهة أخرى أظهرت الأزمة الخليجية ضعف الحكومة المركزية الصومالية، حيث رفض الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد الانضمام إلى معسكر مقاطعة قطر، فيما أعلنت مناطق تتمتع بالحكم الذاتي في الصومال انضمامها إلى الحلف السعودي- الإماراتي.

 وأوضحت الصحيفة أن “الصومال ذات أهمية استراتيجية من الناحية الجغرافية وهذا جعلها محط أنظار دول تسعى لتوسيع نفوذها في منطقة القرن الإفريقي، فتركيا تعزز وجودها العسكري في البلاد وتشيد مشاريع البنية التحتية، فيما تغدق السعودية عشرات الملايين لدعم الحكومة الصومالية. ورغم أن خلفيات الهجوم لم تتضح بعد، لكن من المؤكد أنه من اسوأ الهجمات الارهابية في العالم في التاريخ الحديث وأن التجاذبات الإقليمية والدولية تلقي بانعكاساته على القرن الإفريقي أكثر من أي وقت مضى”.   

 “القمع سيف مسلط على رقاب الجميع في مصر”

 كتبت مراسلة صحيفة “نويه تسرخر تسايتونغ” في العدد الصادر يوم 19 أكتوبر 2017 أن القمع في مصر وصل مستويات غير مسبوقة، لكن رغم حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، ما يزال هناك معارضون لا يمكن إرهابهم. ومن بين هؤلاء المحامي جمال عيد، الذي يحمل معه دائما حقيبة صغيرة بها قمصان وسجائر جاهزة – في حال تم اعتقاله فجأة وذلك بعدما قامت السلطات المصرية بتجميد حساب المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان ومنعه من مغادرة البلد. ويوضح جمال أنه يتلقى تهديدات من مجهولين يطلبون منه التراجع عن موقفه، لكنه يؤكد أن  “مصر ليست في حرب على الإرهاب فقط”، بل “على الديمقراطية أيضا”، منوها إلى أنه يعمل منذ 25  عاما كمحام في مجال حقوق الإنسان وأنه لم يشهد أبدا مثل هذه الظروف “.

 وأضافت الصحيفة أن عشرات الآلاف يقبعون في السجن في مصر بعد انقلاب 2013 وأنه تم حظر أكثر من 400 موقع إلكترونيا، بما في ذلك الموقع الالكتروني لشبكة حقوق الإنسان، التي أسسها جمال عيد.  وأخيرا، أطلقت قوات الأمن موجة من الاعتقالات ضد المثليين جنسيا. أما بالنسبة للمختفين قسريا، فلا توجد أرقام توثق عددهم، وتقول منظمة العفو الدولية إن هناك 1700 حالة اختفاء قسري منذ عام 2015، فيما يحذر النشطاء من أن هذه الأرقام غير دقيقة، لأن العديد من الأسر تخشى الإبلاغ عن اسم المختفي، خوفا من إثارة حفيظة السلطات والتعرض للانتقام”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية