مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بان كي مون سيواصل مهامه لدورة ثانية.. بسبب غياب مُرشحين ومنافسين!

في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2011، تصل الدورة الأولى للأمين العام للأمم المتحدة إلى نهايتها. Keystone

في بداية يونيو، أعلن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنه مستعد لمواصلة مهامة لدورة ثانية. ومن المنتظر أن تؤيد الجمعية العامة للمنتظم الأممي استمراره في منصبه مساء الثلاثاء 21 يونيو نتيجة "لغياب منافسين" مثلما يشرح ألكسندر فوترافير، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "ويبستر" في جنيف.

ويذكـّـر فوترافير، الذي يشغل أيضا منصب رئيس تحرير “المجلة العسكرية السويسرية”، أن الغرض الأصلي من قيام منظمة الأمم المتحدة يتمثل في الحيلولة دون اندلاع حرب عالمية جديدة وهو ما يعني – حسب تقييمه – أنها أنجزت المهمة الموكولة إليها، لكنه يضيف أن “التحدي الحقيقي سيتمثل في مواصلة القيام بهذه الوظيفة مع الإستجابة لبقية الإنتظارات التي تتصاعد بوتيرة أسرع من الميزانيات والآليات والوسائل القانونية”.

swissinfo.ch: يبدو أن إعادة انتخاب بان كي مون ستكون مسألة شكلية. هل قام فعلا بمهامة على أفضل وجه؟

ألكسندر فوترافير: لا بد من النظر إلى الخيارات المتاحة. ففي الواقع، لسنا مـتأكدين أصلا من العثور في آسيا على شخصية أخرى قادرة على الحصول على توافق في مجلس الأمن وتعويضه على الفور، في الوقت الذي تعيش فيه منظمة الأمم المتحدة لحظة حاسمة.

إنها لحظة حاسمة وخصوصا فيما يتعلق بالملفات التي لا زالت عالقة وهي: نزع السلاح وعدم الإنتشار (النووي) وحقوق الإنسان ولكن بالخصوص حل النزاعات وخاصة في ليبيا والأزمة الحالية في سوريا.

توجد سلسلة من القواعد التي تؤطر هذا الإنتخاب. إذ يجب بالخصوص أن يتعلق الأمر بشخصية من بلد آسيوي صغير ما يؤدي إلى استبعاد الفاعلين الكبار في المنطقة. لذلك فإن إعادة انتخاب بان كي مون يتأتى من صعوبة العثور على شخصية يُمكنها تعويضه بأسرع ما يكون.

على مدى السنوات الخمس الماضية، ما هي النجاحات الرئيسية التي حققها ابن كوريا؟

ألكسندر فوترافير: المسألة مثار خلاف كبير. وإذا ما توجّـب العثور على نقطة إيجابية، فسأقول بداية إنه الإنفتاح والشفافية أكثر من الحوار الذي كان أكثر ملاءمة لسلفه. لقد أطلق بان كي مون سلسلة من المحاضرات من طرف UNITAR في جنيف. وهو أمر يستحق التسجيل لأن جميع الأمناء العامين لم ينطلقوا مثله في شرح لمهمتهم ورؤيتهم. بطبيعة الحال، يمكن للمرء أن يُناقش الأسلوب لكن لا مفر من الإشارة إلى الجهد (المبذول).

نقطة إيجابية أخرى في هذه الفترة، تتمثل في أن المجموعة الدولية – وربما بقدر أكبر من الأمم المتحدة – قد خرجت من مرحلة من الجمود والشلل. ومن المؤكد جدا أن هذا حدث نتيجة لتزامن عاملين. أولهما الضعف الشديد للأمانة العامة (للأمم المتحدة) وهو ما تمت الإشارة إليه في العديد من المناسبات وثانيهما، الرؤية المشتركة بين بان كي مون والأعضاء الخمس الدائمي العضوية (في مجلس الأمن) ومع الرئاسة الأمريكية بوجه خاص.

ففيما يتعلق بالأزمة القائمة في ليبيا والأوضاع في العديد من بلدان شمال افريقيا والشرق الأوسط، لم تعد الأمم المتحدة المكان الذي تدور فيه النقاشات حقا، أو التي تصدر فيها دوريا التهديدات باستخدام حق النقض، أو التي يمكن أن تحدث فيها تجاذبات. فالتأثير المتنامي للبلدان الأعضاء في مجموعة “بريك” BRIC (البرازيل وروسيا والهند والصين) وعدم القيام بإصلاح مجلس الأمن أدى إلى أن عددا متزايدا من القرارات يُتخذ في إطار مجموعة الثمانية أو العشرين، التي لا تتوفر على أي تكليف أو مشروعية دولية للقيام بذلك. واليوم، تقبل منظمة الأمم المتحدة وتُصادق بل تضفي الشرعية على تحرك أقوياء العالم. وهي رؤية مغايرة جدا لتلك التي كان يحملها كوفي أنان.

إذن أصبحت الأمم المتحدة مجرد غرفة تسجيل…

ألكسندر فوترافير: الأمم المتحدة لا تتماهى مع الأمانة العامة. فالمنظمات والوكالات والبرامج (التابعة للمنظمة الأممية) لها حياتها الخاصة، كما شهدت في السنوات الأخيرة تحسنا ملحوظا لكيفية عملها باتجاه مزيد من النجاعة والإنسجام. من الجهة الأخرى، تقلصت مكانة الأمين العام إلى أدنى تعبيراتها.

هل يرتبط هذا التطور بشخصية بان كي مون نفسه؟

ألكسندر فوترافير: تلعب الشخصية دورا، وبلد الأصل أيضا. لا يمكن أن نغفل تماما أن التجارب النووية التي كانت تجري حينها في كوريا الشمالبية قد يسّرت انتخاب بان كي مون بشكل كبير. لذلك فإن بعض المسائل المطروحة على جدول الأعمال والإشتراك في الرؤى  مع الولايات المتحدة ليست مثيرة للإستغراب بالمرة.

ما هي أهم الخيبات التي مُني بها بان كي مون؟

ألكسندر فوترافير: عندما ينخرط المرء، مثلما كان الحال بالنسبة لكوفي أنان، على جبهات عديدة وفي عدة أزمات معقدة، مثل أهداف الألفية بالخصوص، فإنه يُواجه بعض المخاطر. ونظرا لأن بان كي مون لم يقدم أبدا وعودا وردية فبالإمكان أن نعتبر أنه أنجز المهمة التي حددها لنفسه.

لقد كان (إقليم) دارفور هدفه الأول. ومع أنه يمكن مناقشة صحة الأسس التي استندت إليها القرارات، إلا أنه – وعلى عكس الشلل المسجل قبل خمسة عشر عاما في رواندا أو في البلقان – لا يمكن توجيه اللوم إلى المجموعة الدولية وإلى الأمم المتحدة بعدم التحرك.

فيما يتعلق بمسألة عدم الإنتشار النووي، تظل الحصيلة ملتبسة جدا رغم أنه تم التوقيع على اتفاقية “ستارت” جديدة. لقد كان تشجيع الأمين العام إيجابيا بهذا المعنى، كما أجرى مفاوضات حول إمكانية تعزيز مشمولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإنشاء وكالة نووية في كازاخستان. وبالمقارنة مع السنوات العشر أو الخمسة عشر من الجمود في مجال نزع السلاح وعدم الإنتشار النووي، فقد أعيد وضع العملية على السكة على الأقل.

حسب بعض الأصوات، فإن الأمم المتحدة قد تكون بصدد التوجه – مع بان كي مون – إلى “اللافائدة”. هل هذا حقيقي؟

ألكسندر فوترافير: هذا ليس بجديد مقارنة بالوصف الذي أطلقه عليها الجنرال ديغول. فالأمم المتحدة لديها الإيجابيات الهائلة والمساوئ الضخمة لمهمة بالغة الأهمية. ففي مرحلة البدايات، عندما كان عدد أعضائها لا يزيد عن الأربعين، كانت الأمم المتحدة ناديا يمكن التفاوض فيه بين أناس ينتمون إلى نفس العالم.

منذ الستينات، ظلت الأمم المتحدة – في آن معا – مجلس أمن يهيمن عليه نادي القوى النووية وجمعية عمومية متركبة في معظمها من بلدان سائرة في طريق النمو . يُضاف إليها عائلة من المنظمات كانت تتعرض لانتقادات شديدة في التسعينات من طرف المنظمات غير الحكومية باسم حقوق الإنسان وحق التدخل.

اليوم، تراجعت كثيرا حدة هذه الإنتقادات. ومن المحتمل جدا أن التعاون القائم بين الدول والأمم المتحدة وبين المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة يعيش اليوم أفضل حالاته على الإطلاق.

ولد الكوري بان كي مون في عام 1944 وتحصل على شهادة الماجستير من جامعة هارفارد، وشغل منصب وزير سابق للشؤون الخارجية وللتجارة في بلاده، كما كان موظفا ساميا شديد الإنخراط فيما يتعلق بالعلاقات بين الكوريتين. وقد انتخب قبل خمسة أعوام ثامن أمين عام لمنظمة الأمم المتحدة التي تضم حاليا في عضويتها 192 دولة. 

باستثناء تريغفي لي، أول أمين عام للمنتظم الأممي وبطرس بطرس غالي في التسعينات، استمر جميع الأمناء العامين للأمم المتحدة لفترتين بخمسة أعوام في هذا المنصب الذي لا يمنحه ميثاق الأمم المتحدة سوى قدر ضئيل من السلطات الفعلية. 

يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارات حول المسائل المرتبطة بالسلم والأمن الدوليين أما الموارد المالية (تقدر الميزانية بحوالي 10 مليار دولار) فهي مرتبطة بخيارات الجمعية العامة. 

يُشرف الأمين العام على 30000 موظف يعملون في الأمم المتحدة، ويشغل أيضا منصب القائد العام لأزيد من 115000 عسكري ومدني ينخرطون في عمليات حفظ السلام في شتى أنحاء العالم.

التغييرات المناخية

التصدي للأزمة المالية ومكافحة الفقر

الصحة على مستوى العالم

الأمن والسلم الدوليين   

حقوق النساء

مسؤولية توفير الحماية

إصلاح الأمم المتحدة

(نقله من الفرنسية وعالجه: كمال الضيف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية