مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جنيف تخطط لإنشاء مركز متخصص يجمع بين عِلم الأعصاب والفنون

ما الذي كان عازف البيانو الروسي إيفغيني كيسين يفكّـر فيه أثناء عزفه؟ Keystone

في مشروع فريد من نوعه، أعلنت سلطات كانتون جنيف مؤخراً عن خُططها لِتطوير حي "جونكسيون" الشعبي، الواقع وسط المدينة.

ومن المتوقّـع أن تتحوّل نقطة إلتقاء نهريْ الرّون والآرف إلى مركزٍ لتلاقي خُبراء عِلم الأعصاب مع الفنانين.

وفي يوم الخميس 10 نوفمبر، قامت حكومة كانتون جنيف بتقديم مشروعها الهادِف إلى تطوير مِـنطقة “جونكسيون”، التي تربو مساحتها على أحد عشر (11) هكتارا. وسيضم المشروع مُجَمَّعاً جديدا لبحوث عِـلم الأعصاب والفنون ومرافق تعليمية وسكنية، بالإضافة إلى منتزه واسع.

ويَحرص كانتون جنيف على توسيع مركزه الواسع المُختصّ بِعِلم الأعصاب، من خلال تشكيل 20 فرقة بَحثية تنكب على دراسة تأثير الفنون وعمليات الإبداع على الدِّماغ البشري.

وفي لقائه مع الصحافة، قال مارك مولَّر، رئيس الحكومة المحلية لكانتون جنيف: “نحن نطمح إلى إنشاء مركز بحوث، ذي مستوىً عالمي، مُشابه لـمركز “سيرن” القرن الحادي والعشرين”، في إشارة إلى المنظمة الأوروبية للبحث النووي “سيرن” CERN، التي تقع في الضواحي الشمالية الغربية لكانتون جنيف على الحدود السويسرية – الفرنسية.

وبالإضافة إلى إنشاء مُجَمَّعٍ جديدٍ للبحوث، تَعتَزم حكومة الكانتون إعادة تجميع 1400 طالب ينتمون إلى جامعة جنيف للموسيقى وجامعة جنيف للفنون والتصميم، المُنتَشرين حالياً في 14 حيا من أحياء المدينة.

وإلى جانب أماكن مُخصّـصة للعَرض ومكتبة لوسائل الإعلام وقاعة إحتفالات “عالية التكنولوجيا” تتسع لـ 1200 متفرّج، يجري التخطيط لإنشاء أماكن عامة ومُنتزه وممرات للتجوال والمَـشي على الأقدام بالقُـرب من نهريْ الرون Rhône والآرف Arve. ومن المتوقع أن تبلغ الميزانية الإجمالية لهذا المشروع المُـشترك، بين القطاعين العام والخاص، “مئات ملايين الفرنكات السويسرية”، حسب إعلان المسؤولين.

ويصف مؤلِّـفا تقرير المشروع، الذي طُـوَّرته كلٌّ من جامعة جنيف وجامعة العلوم التطبيقية لشمال غرب سويسرا بشكل مُشترك، الإمكانات التي يوفِّـرها إجتماع عِـلم الأعصاب مع الفن بأنها “هائلة”. ويمكن أن تتضمن مناطق جديدة محتمَـلة للبحوث، تطوير فهمنا حول كيفية عمل الدِّماغ أثناء العَزف أو الإستماع إلى الموسيقى أو الرقص أو التمثيل، إما بشكلٍ مُنفَرِد أو جماعي، تصميم الأدوات وتأثير الفن على العواطف والتعلم المعرفي والإدراك.

من جهته، يصف جان دومينيك فاسّالي، عميد جامعة جنيف، الفكرة بالقول: “ما هي المُتْـعة التي نَحصل عليها من الإستماع إلى الموسيقى؟ وما هي أوجُه الإختلاف في تصوّر المستمع الفطرية أو المُـكتسبة؟ بعض الفنانين يخشون بأنّنا نريد البَدء بِفَتح رؤوسهم عند قيامهم بالعزف على إحدى الآلات الموسيقية، ولكن هذه ليست الفكرة، فهي تدور حول طَرح نفس الأسئلة معاً”.

تَميز إقليمي

في السياق نفسه، يوجد تعاون وتفاعل وثيق بين جامعتيْ جنيف ولوزان ومستشفياتها الجامعية والمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان (EPFL)، مع أكثر من 150 مجموعة بحوث في علم الأعصاب.

وتضم جنيف حالياً مرافق عالية المستوى، مثل مركز العلوم العصبية في جنيف والمركز السويسري للعلوم العاطفية ومختبر الدِّماغ والسلوك (BBL)، في حين تأوي مدينة لوزان مركز التصوير الحيوي الطبي ومعهد الدماغ والعقل، التابع للمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، الذي يعمل على مشروع خاص بالدّماغ يهدف إلى مُحاكاة شاملة للدِّماغ البشري.

وكان مشروع “الدماغ الأزرق”، التابع للمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، والذي يُمثل النسخة الأولية لمشروع الدِّماغ البشري قد اقتُرِحَ بإعتباره مِـحوراً رفيع المستوى لموقع “جونكسيون” في عام 2008، ولكنه لم يَعُد يظهر في تقرير المعلومات الخاص بالمشروع الجديد.

ويقول المسؤولون في جنيف بأن مجمع “جونكسيون” ما زال مع ذلك “متوافقاً مع المعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان”، كما يبدون تفاؤلهم حِـيال إمكانية التعاوُن في مشروع الدِّماغ البشري في حال تلقِّـيه التمويل من الإتحاد الأوروبي في عام 2012. وكما يقول فاسالّي: “ما نقترحه هنا، يمكن أن يمثل جزءاً من مشروع الدِّماغ البشري، ألا وهو التفاعل بين الفنون والدماغ”.

وتحرص جنيف على الإستمرار في لعب دوْر رائِـد دوليا في مجال عِـلم الأعصاب، ولكن يتوجّب عليها توسيع المرافق القائمة وإعادة تجميع فِرق البحث العاملة في علوم الأعصاب، المعرفية والوجدانية، المُتناثرة في أنحاء المدينة. كما أنَّ مُـختبر الدماغ والسلوك، بِحاجة إلى قاعة مختبرات أكبر وأحدَث.

البحث عن مِـرآب جديد

وكما يقول مارك مولّـر: “تمتاز جونكسيون بموقع رائع – وهي على الأرجح إحدى أجمل المواقع في جنيف اليوم – ولكنها غير مُستغلة كلّية”.

وفي الوقت الحالي، يأوي طَـرَف هذه المنطقة الشعبية، الذي يمتد على مساحة تعادل 15 ملعباً لِكرة القدم، المستودع الرئيسي لحافلات المدينة، فضلاً عن العديد من الشركات الصغيرة ووُرَش عمل الفنّانين.

وقبل البدء بتنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع، يتحتّـم إيجاد حلٍّ لمسألة إيجاد مِـرآب جديد يُقتَرَح إنشاؤه قُـرب مطار المدينة. ومن المُنتظر أن يتّخذ برلمان كانتون جنيف قراراً بهذا الشأن في دورته المقبلة، تليه مُسابقة للهندسة المعمارية، سيتم تنفيذها بِتعاون وثيق مع السكان المحليين والفنانين.

وإذا سارت جميع الأمور وِفق الخطّة المرسومة، سيتم نقل الحافلات من الموقع في عام 2014 وستبدأ المساحات العامة الخضراء بالظهور في عام 2015، تتبعها المباني الجديدة والطلاب، إبتداءاً من عام 2018 فصاعداً.

مع أكثر من 1000 عضو ينتمون إلى الجمعية السويسرية لِعِلم الأعصاب، تملك سويسرا مجتمعاً مختصاً سريع النمُـو في هذا المجال.

وهناك تعاوُن وتفاعل وثيق بين الجامعات والمستشفيات الجامعية لكل من جنيف ولوزان، والمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، مع أكثر من 150 مجموعة عاملة في بحوث الأعصاب.

وتملك زيورخ أيضا مركزا مُشتَرَكاً لِعلم الأعصاب يخلق تآزراً مشتركاً بين نحو 440 عالماً مختصاً في علم الأعصاب أو 100 مجموعة بحثية في المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ وجامعة زيورخ.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية