مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رغم الأزمة.. صناعة السيارات تستعِـد لثورة خضراء!

سيارة "أوبل أمبيرا" تعمَـل بالطاقة المستمدّة من بطارية "الليثيوم" Keystone

قد تكون مصانِـع السيارات في مأزق، إلا أن ذلك لم يمنعُـها من الكشْـف، خلال معرض جنيف للسيارات، عن بعض النّماذج الجديدة والرائعة من السيارات التي تعمل بالطاقة وتستخدم التكنولوجيا الخضراء.

ويأمل المسؤولون من خلال إنتاج أسطُـول جديد من السيارات الخضراء، فتح الأسواق من جديد وإعادة إحياء صناعة السيارات المتعثِّـرة، التي تشهَـد حاليا أسوأ فترة رُكود في المبِـيعات، لم تعرفها منذ 35 أو حتى 50 عاما.

ويبدو جلِـيا أن السّـعي نحو الحدّ من استهلاك المحروقات وتنقية الجَـو من الغازات المُـنبعثة والتركيز على تكنولوجيا جديدة، هي الصورة البارزة للمعروضات في جنيف، فالكلّ يتبَـاهى بعرْض السيارات، التي تنفث أقلّ كمية من ثاني أكسيد الكربون (CO2)، حتى أن المعرض ذاته قام بتخصيص جَـناح كامِـل للسيارات الصديقة للبيئة، ليس فقط ما يختصّ بتخفيض استهلاك المحروقات، بل أيضا ما يختصّ بتكنولوجيا الوَقود البديل، كالسيارات المهجّنة والسيارات الكهربائية.

ويظهر من بين المعروضات في جنيف، 85 سيارة هي الأحدث على مستوى أوروبا والعالم، يوجد من بينها 15 سيارة تعمَـل بالطاقة الكهربائية، أذهلت العديد من الصحفيين، الذين لم يُخفوا إعجابهم بهذا التحوّل الأخضر.

وفي لقاء مع سويس انفو، قال جون ريد، مراسل صحيفة “فاينانشال تايمز” إلى معرض السيارات: “ما فتِـئت هذه الصناعة تُـدهِـشني لبراعتها في تحقيق أكثر كفاءة على مستوى النظافة البيئية وطاقة الاحتراق مع زيادة في السرعة. وأرجو المعذرة إن علا صوتي، كما يفعل المشِّـجعون، فالحقيقة أنهم يُـنتِـجون في هذه المرحلة بالذّات سيارات في غاية من الرّوعة، على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي يمرّون بها، إلا أن هذه الأزمة شكّـلت من جانب آخر، دفعا باتِّـجاه هذا الإنجاز”.

ويأتي تسارُع الاهتمام بالسيارات الخضراء، على إثر إقرار الاتحاد الأوروبي العام الماضي لخُـطّـة تقضي بضرورة خفْـض انبعاث “الغازات المسبِّـبة للاحتباس الحراري” أو “الغازات الدَّفيئة”، التي تنفثها السيارات، وتمّ تحديد معدّل النّـفث المطلوب بـ 130 غرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر واحد تقطعه السيارة، وسيتِـم تطبيق الخطّـة باتِّـباع نهج تدريجي على مراحل مداها أربع سنوات، تبدأ في عام 2012 لتبلُـغ حدّ الالتزام الكامل في عام 2015، علما بأن متوسّـط المعدّل الأوروبي الحالي هو 158 غراما، بينما هو في سويسرا 183 غراما.

أوضحت نويل بيتيتديمونغ، المتحدثة باسم مؤسسة النّقل والبيئة: “بما أن سويسرا لديها قدرة شِـرائية أكبر من غيرها من البلدان، لذلك فإنها تشتري سيارات أكبر، الأمر الذي يتسبّـب بأضرار بيئية أكثر”.

وبموجب القرار، سيتعيّـن على مصانِـع السيارات تطوير تكنولوجيا صناعة السيارات والإذْعان التامّ للقرار، أو على الأقل المقاربة والتدرّج، حتى الوصول إلى التزام الحدّ المقرّر، وإلا ستجِـد نفسها أمام غَـرامات مالية.

الحلول القصيرة الأجل

وفي مدى قصير، فإن مُـعظم الشركات الأوروبية، التي طالما تربّـعت أمدا طويلا على عرش تكنولوجيا “الديزل”، ستجِـد نفسها تعتمِـد بشكل رئيسي على محرّكات “الديزل” النظيفة، التي هي أكثر تكلِـفة، ولكنها في النهاية أكثر كفاءة بنسبة 20٪ من محرّكات “البنزين”، ذات الحجم المُـماثل.

وهناك مصانع سيارات، انضمّ العديد منها إلى جانب الاهتمام الياباني في استكشاف المحرِّكات المهجَّـنة (أي التي تجمع بين استخدام البنزين والكهرباء).

فشركة “تويوتا”، التي تقوم في وقت لاحق من هذا العام بإصدار الجيل الثالث من سيارتها المهجّـنة “بريوس”، تُـواجه اليوم مُـنافسة من شركة “هوندا”، عبر سيارتها الجديدة “انسايت”، التي تعمَـل بنظام تهجين مُـغاير، هو أبسط وأقل تكلفة، إلا أنه أقل كفاءة من ناحية استِـهلاك الطاقة المُنتجَة من الوَقود.

ويقول فيليب رهومبرغ، المدير العام لشركة “تويوتا” في سويسرا: “في الوقت الحاضر، “تويوتا” هي الوحيدة القادِرة على إنتاج سيارة بنظام كامل التّـهجين، حيث يعمَـل المحرِّك الكهربائي “الدينامو” سويا مع محرّك البنزين في دفع حركة السيارة”.

إلا أن السيارات المهجّـنة تبدو حلاّ مؤقَّـتا أو قصير الأجل، ريثما يتمكّـن صانِـعُو السيارات من التغلّـب على مُـشكلة التكاليف الباهِـظة للبطاريات، ومن ثمَّ إنتاج السيارة الكهربائية بأسعار مُـناسبة، وربما يتِـم ذلك في غضون فترة تتراوح ما بين 10 إلى 15 سنة.

المستقبل للسيارة الكهربائية

ومع ذلك، فهناك عدد من كِـبار مصنِّـعي السيارات ممّـن أبدَوا طُـموحاتهم فِـعليا في هذا الاتِّـجاه، وهم يتسابقون أيُّـهم يكون أول من يطرَح في الأسواق، الدفعة الأولى من السيارات الكهربائية المنشودة.

في المعرض الدولي للسيارات في جنيف، قامت شركة “جنرال موتورز،، الممثلة بشركةَ “آدم أوبل” للسيارات، بعرض سيارتها “أمبيرا”، التي تعتمِـد في تزوّدها للطاقة على بطارية “ليثيوم”، وهذه العربة هي الموديل الأوروبي بالنسبة لـ “شيفروليه فولت”، والتي من المُـمكن أن تنزل الأسواق بدءً من عام 2011، هذا إن قـُدّر لـ “جنرال موتورز” أن تبقى على قيْـد الحياة.

أما بخصوص الشركات الأخرى، بما فيها “كرايسلر” و”ميتسوبيشي” و”فورد”، كشفت هي الأخرى النِّـقاب عن خُـططها بشأن تصنيع سيارات تعمل بالمحرِّك الكهربائي.

وأعلنت شركة “ميتسوبيشي” أنها توصّـلت إلى اتِّـفاق مع “بيجو – سيتروين”، تقوم الشركة بمُـوجبه ببيع سيارتها الكهربائية الجديدة “I MiEV” للعملاء الأوربيين، اعتبارا من أواخر العام القادم.

كما صرّحت شركة “نيسان” الأسبوع الماضي، أنها اتَّـفقت مع الحكومة البرتغالية بشأن مشروع إنشاء شبكة محطّـات لبطاريات “ايون الليثيوم”، باعتبار أن الشركة تهدِف إلى طرح مجموعة من السيارات الكهربائية في السوق الأوروبية والعالمية بحلول عام 2012.

أما بالنسبة لشريك “نيسان”، أي شركة “رينو”، فإنها تتطلّـع لإطلاق أربع سيارات كهربائية بين أوائل عام 2011 وأوائل عام 2012، كما أنها تعمَـل على نِـطاق أوروبا، لإقامة مشروع للبِـنية التحتية للسيارة الكهربائية، وذلك بحلول عام 2012.

تكنولوجيا رخيصة وبسيطة

تكون مصانِـع السيارات قد اعتمدت أرخَـص وأبسط تكنولوجيا، عندما تكون تكلفة سيارات “الديزل” النظيف وسيارات التّـهجين الكامل والسيارات الكهربائية، زهيدة. فإذا كانت شركة “فيات” الإيطالية قد كشفت النِّـقاب في الأسبوع الماضي في جنيف عن محرِّكين اسطوانيين جديدين “Multiair”، تقول إنهما ابتكار في الشكل والتّـصميم، يجعل من المُـمكن لهما الحدّ من استهلاك وقود المحروقات وتقليل نفث ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى أكثر من 10٪.

وإذا كانت شركة “مازدا” تقول بأنها تسعى إلى تخفيض النفث لغاز CO2 بنسبة أكبر بكثير عن المعدّل الذي حددته أوروبا أي بنسبة 30٪ بحلول عام 2015، وذلك عن طريق خفْـض وَزْن السيارة وتركيب محرِّك تعطيل يعمل ساعة توقّـف السيارة، كما أن كل من شركة “دايملر كرايسلر” و”هيونداي” و”كيا”، تخطط هي أيضا لابتكار تكنولوجيا مُـماثلة، غير أنه يبقى في نهاية المطاف أمام مصانع السيارات، تحدٍّ أبعدَ وأكبرَ من التحدِّي التكنولوجي، ألا وهو إقناع المُـستهلك بالإقدام على اشتراء السيارة الخضراء.

وفي حديث مع سويس انفو، أعرب بِـرتران بيكار، المستكشف وعالم البيئة عن ذلك قائلا: “توجد لدينا تقنيات جديدة تعمَـل بنظام تكنولوجيا التّـهجين والتكنولوجيا الكهربائية، التي تعطي نفس المردُود من الطاقة، ويُـمكنها الحدّ من استهلاك المحروقات، وهي أكثر مُـحافظة على البيئة وتوفر المال، فهذا عالِ العال”، ولكنه يستدرك قائلا: “صحيح أنه مِـن الناس مَـن يتخوّف من كل ما هو جديد، إلا أنها مشكِـلة نفسية يجب علينا التغلّـب عليها، لكنها على كلّ حال ليست مشكِـلة تكنولوجية”.

سويس انفو – سايمون برادلي – جنيف

يوم 5 مارس، قام الرئيس السويسري هانز رودولف ميرتس بافتتاح معرض جنيف الدولي للسيارات، الذي يستمرّ حتى 15 مارس، ويُـتوقَّـع أن يبلُـغ إجمالي عدد زوّاره قُـرابة الـ 700 ألف شخص.
من بين المعروضات في جنيف، 85 سيارة هي الأحدث على مستوى أوروبا والعالم، توجد من بينها 15 سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية.
حوالي 40٪ من الزوّار هم من خارج سويسرا، ويقدم العديد منهم من الدول المجاورة، كألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
بحسب المنظِّـمين، فإن المعرض يحقِّـق دخلا (مباشرا وغير مباشر)، تناهز قيمته 300 مليون فرنك سويسري (حوالي 254.3 مليون دولار).

نسبة انخفاض مبيعات السيارات خلال الفترة الممتدة ما بين شهري يناير وفبراير 2009 (بالمقارنة مع نفس الفترة من 2008):

الولايات المتحدة: 41٪ (فبراير)
أوروبا: 27٪ (يناير)
اليابان: 32٪ (فبراير)
سويسرا: 18٪ (يناير)

مُـجمل مبيعات السيارات لعام 2008 (مقارنة مع 2007)

الولايات المتحدة: 18٪
أوروبا: 8٪
اليابان: 6٪
سويسرا: +1,4٪

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية