مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في الصحف السويسرية: انقسام حول مذكّرات التوقيف بحقّ مسؤولين من إسرائيل وحماس

كريم خان طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. كما شمل طلبه إصدار أوامر اعتقال عدد من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الاثنين 20 مايو 2024.
كريم خان طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. كما شمل طلبه إصدار أوامر اعتقال عدد من قادة حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الاثنين 20 مايو 2024. Keystone

أثار إعلان المحكمة الجنائية الدولية عن سعيها لإصدار مذكّرات توقيف بحق مسؤولين من إسرائيل وحماس، العديد من ردود الفعل المتباينة في الصحف السويسرية.

رأى أندرو كلافام، أستاذ القانون الدولي بمعهد الدراسات العليا للدراسات الدولية والتنمية (Idheap)، أن هذه الخطوة تشكّل لحظة محورية، وتؤكد على وجود قوانين للحرب وآليات للمحاسبة الدولية، وأن القانون الدولي يُطبّق على الجميع دون تمييز. وأشار كلافام، في مقابلة مع صحيفة لوتون، إلى أن المحكمة الجنائية الدولية كانت محل شكوك بسبب تركيزها في الماضي على أفريقيا وروسيا، وأن هذه الخطوة ستُظهر قدرتها على العمل تحت ضغوط سياسية كبيرة من الغرب، حيث أعربت الولايات المتحدة عن رفضها للإعلان. وكان قد سبق للإدارة الأمريكية في عهد ترامب أن فرضت عقوبات على المدعية العامة السابقة فاتو بنسودا. ومع ذلك، يؤكد كلافام أن هذه الضغوط لن تغيرّ من عمل المحكمة.

وتابع الخبير أن مصداقية المحكمة الجنائية الدولية قد تعزّزت، وذلك على الرغم من التحديات والانتقادات التي قد تواجهها المحكمة من الجهات المعادية أو المتحفظة عليها.

إذا تمكنت إسرائيل من إثبات أن هناك تحقيقاً جارياً، فسيتعين على الجنائية الدولية أن تتنازل لها عن القضية بموجب مبدأ التكامل

أندرو كلافام، صحيفة لوتون

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد أعلن عن نيته إصدار مذكرات توقيف ضد ثلاثة من قادة حركة حماس، وهم إسماعيل هنية، ومحمد الضيف، ويحيى السنوار، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.  

وتشمل الاتهامات الموجهة لقادة حماس اختطاف رهائن وجرائم ضد الإنسانية، بينما يواجه نتنياهو وغالانت اتهامات باستخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين.ات، وشنّ هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين.ات.

وتطرّق كلافام إلى الجدل الدائر حول ضرورة ترك المجال لإسرائيل لإجراء تحقيقاتها الخاصة، موضحًا أن المحكمة الجنائية الدولية تتدخل عندما تفشل الدول في إجراء تحقيقات جدية، وهو ما يبدو أنه الوضع مع إسرائيل. حيث أضاف أنه ” إذا تمكنت إسرائيل من إثبات أن هناك تحقيقاً فعليًّا جارياً، فسيتعين على المحكمة الجنائية الدولية أن تتنازل لها عن القضية بموجب مبدأ التكامل… لكننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد، فالدولة العبرية لم تبد أي نية للتحقيق في جرائم حرب محتملة ضد هذين الشخصين”.

ختاماً، شّدد كلافام على الدلالة العملية لهذه الدعوة، والتي ستُعقّد الأمور بالنسبة للجهات المشاركة في توريد الأسلحة، إذا كانت تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب. وأشار الخبير إلى أن عملية إصدار مذكرات التوقيف وموافقة قضاة وقاضيات المحكمة عليها، قد تستغرق وقتاً يتراوح بين شهر وتسعة أشهر، حسب تعقيد القضية والأدلة المقدمة.

(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 21 مايو 2024، بالفرنسية)

راسوني: تدخّل المحكمة الجنائية الدولية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي غير بنّاء

من جهته، انتقد الصحفي بيتر راسوني تدخّل المحكمة الجنائية الدولية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإصدار أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين، مشيراً إلى أن تدخل المحكمة في هذا الوقت غير مناسب وسيؤدي إلى نتائج عكسية، مما يزيد من تعقيد الصراع بدلاً من حله، وفق رأيه.

وكتب راسوني في تعليق صحفيّ على موقع نويه تسرخير تسايتونغ، أن هذا التدخل يتجاهل الواقع السياسي المعقد في المنطقة. حيث ” أصبح الوضع السياسي في الصراع في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة، مربكاً بدرجة كافية بالفعل ـ الأمر الذي يثير استياء السكان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية. هناك حجج وجيهة للنظر إلى الصراع على أنه غير قابل للحل، فهو على الأقل، بلا حلّ على الرغم من عملية السلام المستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان والاهتمام الدولي الهائل…”

[الجنائية الدولية] منظمة غير معترف بها من قبل القوتين المركزيتين في هذا الصراع، إسرائيل والولايات المتحدة.

بيتر راسوني، نويه تسرخير تسايتونغ

ورأى أن المحكمة تتجاهل الأوضاع السياسية والحقائق الجغرافية، وأن إسرائيل لديها نظام قضائي يمكنه التعامل مع هذه القضايا. إذ كتب أنّ ” إسرائيل دولة دستورية ديمقراطية ولها قضاء مستقل. وقد دافع السكان الإسرائيليون.ات عن هذا الاستقلال ضد حكومتهم.نّ من خلال مظاهرات احتجاجية واسعة في السنوات الأخيرة. لكن المحكمة الجنائية الدولية تتجاهل ذلك ببساطة، وتسعى إلى التأثير على الصراع العسكري والسياسي الدائر”.  

وأكد الكاتب على حتمية فشل هذه الدعوة لعدّة أسباب، أوّلها أنّ ” المحكمة منظمة غير معترف بها من قبل القوتين المركزيتين في هذا الصراع، إسرائيل والولايات المتحدة. وهي منظمة لا تملك في حد ذاتها القدرة على تنفيذ أوامر الاعتقال الخاصة بها. “

وانتقد راسوني المحكمة ذاتها، مشكّكًا في شرعيتها. وأشار إلى أن الجنائية الدولية، التي لا تحظى بشرعية إلا من قبل أجزاء من العالم، لا تملك صلاحيات تنفيذية. وختم بالقول إن مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت وقيادات حماس، ستجذب الكثير من الاهتمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنها ستفشل في تحقيق أهدافها القانونية، لأن تسليم هؤلاء الأشخاص غير واقعي على الإطلاق. في المقابل “فإن ما ستحققه المحكمة الجنائية الدولية هو تعزيز نفوذ تلك القوى في إسرائيل التي تقف وراء النهج الصارم في غزة، فضلاً عن أعداء إسرائيل المعادين للسامية. من سيعاني جرّاء ذلك هم أهالي غزة، الذين تريد المحكمة حمايتهم.نّ”، حسبما جاء في الصحيفة.

(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 20 مايو 2024، بالألمانية)

شتاينكه: الاتهامات في محلّها وتضع إسرائيل أمام تحديات جديدة

أمّا الكاتب رونين شتاينكه، فقد رأى أن الاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من قبل المحكمة الجنائية الدولية، صحيحة وفي محلّها، مشيراً إلى أن لها دلالات عدة على مستوى العدالة الدولية، وأنها تضع إسرائيل أمام تحديات سياسية ودبلوماسية.

وقال شتاينكه في تحليله إن المحكمة الجنائية الدولية تُظهر استقلالية جديدة باتّهام نتنياهو، وهو الحليف طويل الأمد للغرب، ممّا يعكس جرأة جديدة في استخدام سلطتها القضائية. وبيّن أن الاتهام ضد نتنياهو يأتي بعد تجاهله المستمر لتحذيرات المجتمع الدولي بخصوص حماية المدنيين.ات في النزاع المسلح مع حماس، المسؤولة عن تكتيكات قتالية مروعة، ولكن ذلك لا يُعفي نتنياهو من مسؤولية قراراته الخاصة.

إذا كان هناك صدع بين إسرائيل والحلف الغربي منذ فترة، فقد تجلّت ملامحه الآن.

رونين شتاينكه، تاغيس أنتسايغر

وحول التداعيات الدولية، كتب شتاينكه أنّ نتنياهو ووزير دفاعه مهدّدان بالتعرّض للاعتقال عند السفر إلى أوروبا، وأنه، من جهة أخرى، تعتمد المحكمة الجنائية الدولية على تمويل من أوروبا، وستتابع بقلق تأثير ذلك على دعمها. وأوضح أنها ” نقطة تحوّل من جهتين: أولا، يُظهر نظام العدالة الجنائية الدولي ثقة جديدة بالنفس. فللمرة الأولى، تؤثر لائحة اتهام من لاهاي على حليف وثيق طويل الأمد للغرب السياسي؛ ولم يكن المحامون.ات هناك ليجرؤوا.ن على القيام بذلك في السنوات الأولى التي أعقبت افتتاح المحكمة الجنائية في مطلع الألفية. وثانياً: إذا كان هناك صدع بين إسرائيل والحلف الغربي منذ فترة، فقد تجلّت ملامحه الآن. ربما تكون حقيقة ابتعاد الحلفاء الغربيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، مؤخرًا عن حكومة القدس، قد زادت من شجاعتهم للتدخل في لاهاي”.

(المصدر: صحيفة تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 20 مايو 2024، بالألمانية)

فيما يلي مختارات من مقالاتنا لهذا الأسبوع:

+المؤسسات الخيرية في جنيف… إمبراطوريات بلا حسيب أو رقيب؟ (جزء1)

+ المؤسسات الخيرية في جنيف… إمبراطوريات بلا حسيب أو رقيب؟ (جزء 2)

+ الوجوه العديدة لعمالة الأطفال والطفلات في سويسرا

+ ما الذي يمكن أن تتعلّمه سويسرا من حرب تايوان على التضليل الإعلامي؟

+ من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العالمية

+ بين المدن والجبال… أين يعيش السويسريون والسويسريات؟

للمشاركة في النقاش الأسبوعي: 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: برونو كاوفمان

كيف نُكافح الأخبار الكاذبة والمعلومات المضلّلة؟

أين تواجه.ين الأخبار الكاذبة؟ ما هي الاستراتيجيات التي تتبعها وتتبعينها لمكافحة هذه الأخبار في بلد إقامتك؟

11 إعجاب
31 تعليق
عرض المناقشة

يمكنكم.ن الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديكم.ن رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.

موعدنا الجمعة 31 مايو  مع عرض صحفي جديد.

 تحرير: أمل المكّي

المزيد
newsletter teaser

المزيد

نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

اشترك.ي في النشرة الإخبارية لدينا، واحصل.ي على بريد إلكتروني كل يوم جمعة يحتوي على أخبار من الدول الناطقة بالعربية تم جمعها بواسطة وسائل الإعلام السويسرية. معلومات من منظور سويسري خصّيصًا من أجلك.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية