The Swiss voice in the world since 1935

ما الذي يمكن فعله حيال انتشار خطاب الكراهية على الإنترنت؟ 

تعليقات الكراهية
Vera Leysinger / SWI swissinfo.ch

ينتشر خطاب الكراهية على شبكات التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع تخفيف شركتي ميتا وإكس (تويتر سابقا) لسياسات الرقابة التي تتبعانها. ولمواجهة هذه الظاهرة، يعمل المتطوعون والمتطوعات على التنظُّم والرد على الكراهية على الإنترنت، عبر الترويج لخطابات مضادة. 

وتوضح آن سيلين ماشيت بوصفها مديرة مؤسسة المساواة بين الجنسين في جنيف ( Fondation pour l’égalité de genre à Genève) كيف أن “الأشخاص الذين ينشرون خطاب الكراهية منظمون بشكل جيد للغاية”. إذ يتواصل هؤلاء  بعضهم مع بعض، ويوحدون جهودهم. 

وتعبّر آن سيلين ماشيت، عن قلقها الشديد إزاء انتشار هذه الظاهرة، خاصةً أن طريقة تنشئة النساء منذ الطفولة تجعلهن أكثر تحفظًا من الرجال، ولا يسعين إلى شغل مساحة كبيرة من النقاش. ويزداد هذا التأثير في الإنترنت، مع انتشار الخطاب المعادي للمرأة والتحرش بها. 

آن سيلين
آن سيلين ماشيت، مديرة مؤسسة المساواة بين الجنسين في جنيف Rebecca Bowring

ويهدد حجم الكراهية الذي تتعرض له النساء السياسيات، والصحفيات، وصانعات المحتوى على الإنترنت بشكل مباشر، وجميع النساء اللاتي يواجهن هذه الكراهية بشكل غير مباشر، الأنظمة الديمقراطية. ومن أسباب هذه الظاهرة، أن النساء، اللاتي يشكلن نصف عدد السكان، لم يعدن يشاركن في المناقشات السياسية على الإنترنت. وتتأسف آن سيلين ماشيت قائلةً: ”أُجبرت بعض النساء اللاتي كشفن عن هويتهنّ، في نهاية المطاف، على الانسحاب من الساحة العامة”. 

ما هو خطاب الكراهية؟ 

يتخذ خطاب الكراهية صورا متعددة؛ فقد يكون إهانة، أو تشويه سمعة شخص ما بسبب انتمائه إلى فئة اجتماعية محددة. وقد أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة سوتومو (Sotomo) عام 2022رابط خارجي، اعتبار 86% من سكان سويسرا العنف الرقمي منتشرا جدًا أو منتشرا إلى حد ما.  

لكن تتجاوز المشكلة حدود سويسرا إلى العالم أجمع. ويشكّل خطاب الكراهية بالنسبة لمفوضية مكافحة العنصرية التابعة لمجلس أوروبارابط خارجي، (Council of Europe) “تهديدا خطيرا لتماسك المجتمع الديمقراطي”. كما يمكن لهذا الخطاب، وفقا لنفس اللجنة، أن يؤجج العنف الجسدي والصراعات. 

وفي دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( Unesco) رابط خارجيشملت 16 دولة عام 2023، قال 67% من المشاركات والمشاركين إنهم كثيرًا ما يواجهون خطاب الكراهية، مع وجود اختلافات بين البلدان. فتقلّ النسبة في الدول الغربية مثل بلجيكا، والنمسا، والولايات المتحدة، مقارنة ببلدان أخرى مثل إندونيسيا، وبنغلاديش، والهند. 

وأظهرت هذه الدراسة أن المثليات والمثليين، ومزدوجي الميول الجنسية والمزدوجات، والمتحولين جنسيا والمتحوّلات، والأقليات العرقية، والمهاجرين والمهاجرات، والنساء، هم من يتأثّر بشكل خاص بخطاب الكراهية في جميع هذه البلدان. 

المزيد

تخفيف سياسات المراقبة والتحقق والقانون الجنائي 

أصبحت بعض المقاربات الواضحة لمكافحة الكراهية على الإنترنت قديمة وغير مجدية. فقد تسبب استخدام خوارزميات لرصد خطاب الكراهية على الشبكات الاجتماعية مثلا، في فضيحة في الولايات المتحدة. وحاليا، تخفّف المنصات الرئيسية، وعلى رأسها إكس ( X) وميتا (Meta)، سياسات المراقبة والتحقق من صحة محتوى المنشورات. 

صوفي أشيرمان
صوفي أشيرمان، مؤسسة مشروع ”أوقفوا خطاب الكراهية“ السويسري Yoshiko Kusano

ومع ذلك، يعاقب القانون على بعض خطابات الكراهية، مثلما في حال التشهير، أو بموجب قانون الخدمات الرقمية في دول الاتحاد الأوروبي. 

لكن تقتنع صوفي أشيرمان، مؤسسة مشروع ”أوقفوا خطاب الكراهية“ السويسريرابط خارجي، ( Stop Hate Speech) بأن القانون الجنائي وحده لن يكون كافيًا للقضاء على مشكلة الانتشار الهائل لمثل هذا الخطاب في الفضاء الرقمي. 

وقد تم التوصل بالفعل، إلى استنتاج مماثل في الدراسة الأولى، التي أجرتها منظمة ”أوقفوا خطاب الكراهية“ والمعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخ (EPFZ)رابط خارجي“ عام 2021. ورغم أنّ ” الزيادة في خطاب الكراهية على الإنترنت قد ترافق مع تزايد الجهود الهادفة للحد منه“، فيمكن أن يضيّق ”الإشراف على المحتوى من قبل الحكومات وشبكات التواصل الاجتماعي“ أيضًا على البيانات القيّمة، بل قد يشارك في ”نشر خطاب الكراهية بدلًا من الحد منه“.

ونتيجة لذلك، تشير الدراسة إلى أنّ ”المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني تتجه بشكل متزايد إلى الخطاب المضاد، كاستراتيجية لمواجهة خطاب الكراهية“. 

استراتيجية الخطاب المضاد 

وقبل عدة أشهر من إطلاق حملتها على الإنترنت احتفالا باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، وضعت مؤسسة المساواة بين الجنسيْن التي ترأسها آن سيلين ماشيت، استراتيجية لمكافحة خطاب الكراهية، وكان في مقدّمة أولويّاتها ”جعل شبكات التواصل الاجتماعي آمنة مرة أخرى للنساء، والأقليات الجنسية“. 

وللقيام بذلك، تلقت المؤسسة الدعم من مشروع ”أوقفوا خطاب الكراهية“. وبموجب هذا المشروع، ”أصبح العديد من الأشخاص مستعدين للرد على خطاب الكراهية بتعليقات إيجابية“، كما توضح مديرة المؤسسة التي تشرح قائلة: ”نبلّغ عن خطاب الكراهية ونوثّقه”. 

ويمكن اتباع هذا النهج في مكافحة خطاب الكراهية على نطاق ضيق، مثلما يمكن  للشبكات ومجموعات الرسائل الواسعة النطاق أن تساعد في الرد على خطاب الكراهية بشكل منظّم، من خلال تطوير خطاب مضاد ونشره. 

المعالجة الوجدانية” و“آثارها المتناسقة  

وفي دراسة المعهد التقني الفدرالي العالي بزيورخرابط خارجي (ETH Zurich)، المشار إليها أعلاه، عاين العلماء والعالمات أكثر من ألف ملف شخصي على تويتر باللغة الإنجليزية، نشر أصحابه تغريدات تحتوي على خطاب كراهية. وقد اُستخدِم بعض هذه الملفات كأدلة للاستشهاد بها. 

وقد ردت الحسابات التي أنشأها العلماء، المتميّزة بالحيادية وعدم التحيّز السياسي، على تغريدات الحسابات الأخرى. وكانت الردود التي نشرها فريق الباحثين إما مسلية، أو مسلطة الضوء على العواقب الاجتماعية لخطاب الكراهية، أو معبرة عن التعاطف. 

وقد أظهرت التجربة أن الصور المسلية مع الحيوانات، لم يكن لها أي تأثير. كما لم يكن لتذكير المغرد بأن رسالته كانت مرئية للجميع، بما في ذلك عائلته وأصحاب العمل، أي تأثير أيضا. وفي المقابل، أظهرت الردود التي تضمنت عبارات تعاطف، فعاليتها؛ كالعبارة التالية على سبيل المثال: ”حقا، إنه لأمر مؤلم للأمريكيين من أصل أفريقي أن يروا أشخاصًا يستخدمون هذا النوع من الخطاب وهذه العبارات“. 

فقد أظهرت عبارات التعاطف جدواها؛ فأرسل أولئك الذين تلقوا ”عبارات التعاطف“ عددًا أقل من التغريدات المعادية للأجانب، ونشروا عددًا أقل من الرسائل في العموم، كما كانوا لحذف خطاب الكراهية أميل. 

30 ألف تعليق في شهر واحد 

وتتعاون الآن صوفي أشيرمان من منظمة ”أوقفوا خطاب الكراهية“، و”مؤسسة الخطاب العام“ (Public Discourse Foundation) المنبثقة عنها، مع وسائل الإعلام السويسرية الرئيسية، إذ تراقب مساحات التعليقات على الإنترنت بشكل علمي وتحلّلها. 

وذات يوم، صادفت أشيرمان حسابًا نشر 30 ألف تعليق في شهر واحد. وتتذكر هذه الواقعة قائلة: ”اعتقدنا جميعًا أن الأمر يتعلق بروبوت، لكن تأكّد في الأخير أن إنسانا يقف وراء هذا الحساب“. 

ووفقًا لمشروع ”أوقفوا خطاب الكراهية“ السويسري، تُعدّ 1% من جميع الحسابات على الإنترنات مسؤولة عن 65% من خطاب الكراهية عليها. 

وفي الواقع، يمثّل هذا الرقم علامة تبعث على الأمل لمعارضي الكراهية على الإنترنت.  وإذا كان هناك عدد قليل فقط من الأشخاص الذين يرفعون أصواتهم للتعبير عن كراهيتهم، فلا يتطلّب الأمر سوى عدد قليل لمعارضتها. 

الخطاب المضادّ غير مطلوب من الأشخاص المتضررين  

ويتضمّن عمل حملة “أوقفوا خطاب الكراهية” أيضًا، تعليم الأشخاص المستهدفين بخطاب الكراهية كيفية الحد من آثاره السلبية. ويجب ألا يكون الأشخاص الذين يردون على خطاب الكراهية  من المتضررين منه. وأمّا بالنسبة لأولئك المستهدفين والمستهدفات بشكل مباشر بخطاب الكراهية، فلا يكون العبء النفسي متناسبا. 

كاسبار
ينسق كاسبار فايمان مجموعات نقاش للمهنيين الثقافيين الذين يتصدون لخطاب الكراهية. Luzia Oppermann

وينسق كاسبار فايمان، مستلهما تجربته من حملة “أوقفوا خطاب الكراهية”، مجموعات نقاش في شمال ألمانيا، مشكلة من أشخاص يردون على خطاب الكراهية. ويشرح قائلاً: ”إذا نشر شخص ما رابطًا يحتاج إلى خطاب مضاد، فلدينا مجموعة كبيرة من الفنانين والعاملين في المجال الثقافي، تساعد في تنويع التعليقات وإثرائها”. 

ويوضح: ”أَرُدُّ على خطاب الكراهية المعادي للنساء، ولكن عندما يصبح خطابًا معاديًا للمتحولين جنسيًا، أنشره في المجموعة المناسبة، وأطلب من الآخرين الرد عليه“. 

المزيد

تحرير: مارك ليفينغستون

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية