مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الدول الأوروبية تصوِّت لأول مرة لدعم كل القرارات الفلسطينية!

سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف أيلين شاميرلاين دوناهوي Keystone

بعد التزام دول الاتحاد الأوروبي بموقف، إما معارض او ممتنع عن التصويت لصالح قرارات مجلس حقوق الإنسان المتعلقة بالانتهاكات الإسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة، شهدت دورة هذا العام تحولا لصالح التصويت لدعم تلك القرارات، وهو ما يترك الولايات المتحدة المعارض الوحيد في أغلب الأحيان.

شهدت الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان، التي انتهت يوم الجمعة 22 مارس الجاري، تحولا في موقف دول الاتحاد الأوروبي، بحيث صوّتت مُجتمعةً لصالح القرارات الخمسة، المتعلقة بأوضاع الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

هذه القرارات تتعلق  بـ: متابعة تقرير بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق بشأن النزاع في غزة – المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وفي الجولان السوري المحتل – حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره – حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية – متابعة تقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق، من أجل التحقيق فيما يترتَّب على المستوطنات الإسرائيلية من تداعِياتٍ بالنسبة إلى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني، في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وقد صوتت كل دول الاتحاد الأوروبي العضوة في مجلس حقوق الإنسان لأول مرة لصالح تلك القرارات الخمسة، بعد أن صوتت ضدها او امتنعت عن التصويت، بدعوى أنها قرارات غير متوازنة أو لا تراعي الانتهاكات المُـرتكبة من قبَـل الجانب الفلسطيني.

 تحوّل تُـمليه الظروف

إذا كان الوفد الفلسطيني ومعه المجموعات الإقليمية الداعمة، قد التزما نوعا من المرونة وأدخلا بعض التعديلات المخفّفة من حدّة مشاريع القرارات لجلب أكبر دعم لتلك القرارات، فإن السفير الفلسطيني السيد إبراهيم خريشي يرى أن هذا التحول، هو نتيجة تغيير الموقف الأوروبي: “هذا التحول يأتي في سياق التحوّلات التي يعرفها موقف الاتحاد الأوروبي ونتيجة للعنهجية التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية، وهذا يسير بالاتجاه الصحيح ومؤشر على أن المجتمع الدولي بدأ يتفهَّـم أكثر حقوق الشعب الفلسطيني وبدأ يمشي باتجاه وضع عقوبات على المنتجات الإسرائيلية، هذا ما حصل في كثير من دول الاتحاد الأوروبي. وإذا ما استمرت إسرائيل في نهجها، فعليهم أن يتَّـخذوا خطُـوات أكثر من ذلك، باتجاه فرض عقوبات على إسرائيل، كما تم ذلك في جنوب إفريقيا إبان التمييز العنصري، وهو يأتي في هذا السياق. وأعتقد أنها رسالة مهمّة جدا لإسرائيل أن ترى ماذا حصل في مجلس حقوق الإنسان من خلال هذا الإجماع على القرارات الخمس”.

أهم ما جاء تقرير غولدسون:

         التأكيد من جديد على التنفيذ الكامل والفوري للتوصيات الواردة في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة.

         دعوة سويسرا بوصفها راعية لاتفاقيات جنيف، للاستمرار في الجهود الرامية للدعوة لتنظيم مؤتمر جديد للدول الأعضاء في اتفاقيات جنيف، للنظر في تطبيق المعاهدة الرابعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

التصويت : نعم: 42 صوتا – لا: 1 (الولايات المتحدة)- امتناع: 4 أصوات (سويسرا- إيثيوبيا – كينيا – تشيكيا)

الموقف الأمريكي المعارض.. مُـستمر

في أحد تعليقاتها على تصويت مجلس حقوق الإنسان لصالح القرارات المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي بعض الأحيان بأغلبية 46 صوتا مقابل صوت الولايات المتحدة وحدها المعارض، اعتبرت السفيرة الأمريكية أن ذلك بـ “مثابة تضييع للوقت وتبديد للموارد”، موضِّـحة بأن “الولايات المتحدة تُـبدي قلقا عميقا لكون هذا المجلس يركز بشكل غير متوازن وغير متكافئ، بالتشديد كبير على إسرائيل، ولإكثاره من خلق الآليات المستهدفة لإسرائيل”.

وبخصوص موضوع المستوطنات، قالت السفيرة الأمريكية “إننا ما زلنا ملتزمون بتحقيق سلام فعلي ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو الهدف الذي يتطلب من الطرفين، اتخاذ خطوات صغيرة كل مرة. إن موقف الولايات المتحدة من المستوطنات واضح ولم يتغيَّـر. إننا لا نقبل شرعية الاستمرار في النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وأن الاحتفاظ بالوضع الحالي، لا يمكن أن يستمر بالنسبة للطرفيْـن”.

وطالبت بالتصويت ضد القرار المتعلق بالمستوطنات بقولها “إننا نعارض مشروع القرار المتعلق بالمستوطنات، لأننا نعتقد بأنه قد يأتي بنتائج عكسية وقد يُعرقل الجهود الدولية الهادِفة لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين من جديد إلى طاولة المفاوضات”.

في تعقيبه على الموقف الأمريكي قال السفير الفلسطيني في حديث لسويس إنفو”طبعا نحن نعلم جميعا أن أمريكا صوتت  بلا للخمس قرارات . وهذا هو الموقف التقليدي للولايات المتحدة الأمريكية الذي لا يساعد في عملية السلام بل يضر بإسرائيل لأن بعض القيادات المتهورة في إسرائيل تعتقد أن هذا التضامن الأعمى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مؤشر بأن يذهبوا أكثر في مخالفاتهم وانتهاكاتهم للقانون الدولي وللإجماع الدولي”.

وعن قول السفيرة الأمريكية بأن هذه القرارات تعرقل حظوظ العودة الى طاولة مفاوضات السلام، قال السفير الفلسطيني”. نحن لا نرى اصلا عملية سلام . ونحن مقتنعون وقد تحدثنا معهم حول هذا الأمر. عندما يتحدث الرئيس أوباما في الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة و يقول أن حق تقرير المصير  ليس قيمة أمريكية فحسب، وإنما هي قيمة عالمية: هذا كلام جميل. لكن لماذا لا تعكس ذلك من خلال توثيقه في قرارات تابعة للمنظومة الدولية . سواء كان في الجمعية العامة، أو في مجلس الأمن، أو في مجلس حقوق الإنسان. الكلام جميل لكن  الفعل لا زال بعيدا كل البعد عن الواقع لأن ما نريده هو فعلا على الأرض وليس كلاما معسولا. شبعنا من هذا الكلام على مدار أكثر من ستين عاما من معاناة شعبنا الفلسطيني”.

وعن كيفية نية الجانب الفلسطيني في استثمار هذا التحول في الموقف الأوربي من القرارات الفلسطينية في مجلس حقوق الإنسان وفي محافل دولية أخرى يقول السفير الفلسطيني” نعتقد بأنه يجب أن ينعكس ذلك بشكل أو بآخر على تعاطي الحكومة الإسرائيلية مع المستجدات القادمة. وآمل في  أن تكون هناك فرصة أخرى، وقد تكون أخيرة، لعملية سلام في ضمن فترة زمنية محددة وعلى اسس واضحة  وبدون استيطان، وإلا سنستخدم كل ما لدينا من وسائل ومن خلال الدعم الدولي في كل المحطات الدولية ، وفي كل هيئات الأمم والمنظمات  المختلفة”.

أهم ما جاء فيه:

         يُـدين الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة ببناء وحدات سكنية جديدة للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وحول القدس الشرقية المحتلة… ويدعو دولة إسرائيل الى إلغاء قراراتها حالا، لأن من شأنها أن تقوِّض الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى تسوية نهائية متوافقة مع الرعية الدولية…

         مطالبة إسرائيل باتخاذ تدابير جدية، بما في ذلك مصادرة الأسلحة التي في حوزة المستوطنين.

         مطالبة إسرائيل بالتقيد بالفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في عام 2004 (بخصوص الجدار).

التصويت: نعم : 44 – لا: 1 (الولايات المتحدة)- امتناع: 2 (كينيا-إثيوبيا).

موقف سويسري ثابت، ولكن …

سويسرا تميّزت هذه المرة بكونها صوّتت لصالح أربع قرارات فلسطينية، ولكنها امتنعت عن التصويت بخصوص قرار “متابعة تقرير بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة” أو ما عُـرف بـ “تقرير غولدستون”.

ويرى الجانب السويسري أنه بقي محتفظا بموقفه التقليدي من هذا القرار، وهو الامتناع. بينما عبَّـر الجانب الفلسطيني عن الاندِهاش، إذ قال السفير إبراهيم خريشي “لقد كان غريبا على سويسرا التي كانت تطالب قبل أيام بأن تذهب في الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، على اعتبار أنها بلد وديع لاتفاقيات جنيف، وبلد غير منحاز. كنا نتفهم موقف سويسرا السابق لما امتنعت، أما الآن وبعد التغيير في الموقف الأوروبي وبعد التغيير الكبير والجوهري على مشروع القرار، كان على سويسرا أن تخطو خطوة إيجابية. نحن نستغرب لهذا الموقف، لأننا تعوّدنا على أن تكون سويسرا دوْما في طليعة الدول التي تعمل من أجل تحقيق العدالة، وبصفتها دولة غير منحازة والبلد الوديع لاتفاقيات جنيف”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية