مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حظر القنابل الانشطارية.. المسار لازال طويلا!

Keystone Archive

ركزت الحملة العالمية لمناهضة القنابل الانشطارية - بمناسبة إحياء اليوم العالمي لضحايا هذا النوع من الأسلحة - على التشهير بالدول التي لم توقع على معاهدة أوسلو والتي تواصل استخدامها، خاصة روسيا وجورجيا وإسرائيل. وإذا كان عدد الموقعين قد تجاوز 98 بلدا، فإن عدد الدول التي صادقت على المعاهدة لا يتعدى 14 لحد اليوم.

أحيت المجموعة الدولية في 11 أغسطس اليوم العالمي لتكريم ضحايا القنابل الانشطارية أو العنقودية. وانتهزت الحملة العالمية لمناهضة إنتاج واستخدام وبيع وتخزين القنابل العنقودية هذه المناسبة للترويج للمعاهدة التي تُعِدُّ لفرض حظر شامل على هذا النوع الفتاك من الأسلحة، ولتشديد الضغط على الدول التي لم تنضم لحد اليوم للمعاهدة التي لن تدخل حيز التطبيق قبل أن يصادق عليها 30 بلدا.

ولمعرفة ما آلت إليه الجهود بشأن معاهدة أسلو الهادفة إلى فرض حظر شامل على هذه الأسلحة، ومدى قوة حملات التحسيس والتوعية في المنطقة العربية، والجهود المبذولة من قبل سويسرا لدعم المعاهدة، أجرت swissinfo.ch الحوار التالي مع السيد بول فيرمولن، مدير الفرع السويسري لمنظمة “هانديكاب انترناسيونال” غير الحكومية المهتمة بضحايا الألغام في العالم.

swissinfo.ch: بصفتكم عضوا في الحملة الدولية لمناهضة القنابل الانشطارية، ما الهدف من التركيز على ثلاث دول فقط وهي روسيا وجورجيا وإسرائيل في هذا اليوم العالمي المخصص لضحايا القنابل الانشطارية؟

بول فيرمولن: لأن المعارك التي اندلعت في العام الماضي بين جورجيا وروسيا أظهرت أن الطرفيين واصلا استخدام القنابل الانشطارية، وهذا بعد أيام فقط من اجتماع دولي تم في دوبلن وتوصل إلى اعتماد معاهدة تفرض حظرا على القنابل الانشطارية. وهو الاجتماع الذي أقر بأنه على المجموعة الدولية فرض حظر شامل على إنتاج واستخدام وبيع هذه الأسلحة نظرا لما تخلفه من أضرار في أوساط السكان المدنيين.

وركزنا أيضا على لبنان وإسرائيل بسبب الصراع الذي تم بين البلدين في شهر أغسطس 2006 وتم فيه استخدام قنابل عنقودية ضد مناطق آهلة بالسكان المدنيين. وفي كل هذه الحالات، نلاحظ انتهاكا لقواعد القانون الإنساني الدولي. وهذا أمر مقلق للغاية.

هل المجموعة الدولية لم تدرك بعد مدى فداحة الأضرار التي تتسبب فيها هذه الأسلحة. وإلى أين وصلت جهود الحملة العالمية من أجل معاهدة لحظر إنتاج واستخدام وبيع هذا النوع من الأسلحة؟

بول فيرمولن: في الواقع، تتقدم إجراءات هذه المعاهدة بشكل جيد. فقد وقعت عليها إلى اليوم 98 دولة، بينما صادقت عليها بالفعل 14 دولة من ضمنها أربعة في شهر يوليو الماضي فقط. وتُبذل جهود تحسيس بشكل مكثف، وعندما ننظر إلى عدد الموقعين ندرك بأن المجموعة الدولية أدركت خطورة الوضع وأدركت ضرورة البحث عن حل دولي وشرعي لها. ما ينقصنا اليوم من أجل دخول هذه المعاهدة حيز التطبيق هو أن تصادق عليها 16 دولة لكي يكتمل نصاب 30 دولة مصادقة.

من المناطق التي جربت ويلات القنابل العنقودية أو الانشطارية بقوة هي المنطقة العربية سواء في العراق أو في الشرق الأوسط وفي أفغانستان، فهل هناك جهود للتحسيس بضرورة محاربة هذه الأسلحة بالمنطقة؟

بول فيرمولن: ما نلاحظه هو أن كل المناطق التي بها توترات، تكون فيها الدول مترددة في الانضمام للمعاهدة الهادفة للحد من استعمال بعض الأسلحة. فالدول العربية التي وقعت على معاهدة حظر الأسلحة الانشطارية لحد الآن هي لبنان وتونس والصومال وجزر القمر.

أما فيما يتعلق بحملات التحسيس، هناك جهود تقوم بها منظمات المجتمع المدني في العديد من الدول مثل البحرين والعراق والأردن والكويت وسوريا وجيبوتي ومصر والسودان. وهذا ما قد يعمل على تغيير العقليات.

لكننا نعتقد بأن التغيير في العقليات يجب أن يتم على مستوى الدول العظمى أولا. وهناك بوادر إيجابية منذ تولي الإدارة الأمريكية الجديدة السلطة بحيث أصدرت أمرا بمنع تصدير القنابل الانشطارية واستبدالها بأنواع أخرى لدى الجيش الأمريكي ابتداء من عام 2018. وهذا يظهر جليا بأن الأسلحة المستعملة للذخيرة الانشطارية، هي أسلحة تجاوزتها الأحداث، لأنها أسلحة تم تطويرها لمواجهة تهديدات الحرب الباردة التي كانت تتوقع هجوما شاملا بأرتال من العربات المدرعة ضد الدول الغربية، وهو السيناريو الذي لم يطبق على الإطلاق.

ومن هنا نرى أن هذه الذخيرة التي كان من المفروض أن تستخدم ضد آليات مدرعة أصبحت اليوم تستخدم ضد المدنيين، وهذا استخدام غير مقبول ومخالف لما تنص عليه معاهدات جنيف التي يتم الاحتفال بذكراها الستين.

من المفروض أن الدول والشعوب التي عانت من ويلات القنابل العنقودية هي الأولى بأن تسارع إلى الالتزام بحظرها. ما الذي يفسر تردد هذه الدول؟

بول فيرمولن: هناك متطلبات تفرض أن يحدث تغيير في عقلية القوات المسلحة. فالجيوش لا ترغب على الإطلاق في التخلي عن جانب من الذخيرة التي في حوزتها. كما أن الجيوش لا تعير اهتماما لمدى تأثير تلك الذخيرة على السكان المدنيين، بل تكتفي بتحليل مدى تأثيرها على أفرادها فقط.

وإذا كانت هناك استراتيجيات تسمح للقوات المسلحة بتفادي المناطق التي بها ذخيرة أو بقايا ذخيرة انشطارية، فإن السكان المدنيين ليس بإمكانهم ذلك، وهم مجبرون على العودة إلى المناطق التي أصبحت ملغمة بسبب هذا الاستعمال للقنابل الانشطارية. وكما تعلمون فإن كل بقايا هذه القنابل التي لم تنفجر تواصل حصد الضحايا حتى بعد انتهاء الصراع لعدة أعوام.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

كانت سويسرا من بين الدول التي دعمت حركة المنظمات التي طالبت بحظر شامل على استخدام الألغام المضادة للأفراد.

وفي الحملة العالمية من أجل فرض حظر على استخدام القنابل الانشطارية، يذكّر بول فيرمولن بأن التجند أتى تدريجيا “إذ قامت سويسرا في عام 2001 بتقديم اقتراح في إطار مؤتمر الحد من الأسلحة التقليدية ذات التأثير المفرط، من أجل تحرك دولي للحد من الذخيرة التي تخلف نسبا عالية من القنابل غير المنفجرة. وتم بعد ذلك فتح نقاش في سويسرا حول الذخيرة الانشطارية التي تملكها سويسرا، وبالأخص ذخيرة M85 التي تصنعها تحت براءة اختراع إسرائيلية، والتي أظهرت في حرب جنوب لبنان أنها تخلف نسبا عالية من القنابل غير المنفجرة. وهو ما أدى في نهاية النقاش داخل سويسرا الى خاتمة مفادها أن هذه الذخيرة لا تضمن الأمن الذي يدعي الجيش توفيره للبلد، وأن استخدامها في إطار أوروبي غير مناسب”.

وذكر السيد فيرمولن بأن سويسرا “لعبت أيضا دورا في المفاوضات التي أدت في دبلن إلى إبرام معاهدة حظر الذخيرة الانشطارية، بحيث أن الوفد السويسري هو الذي توسط في مفاوضات بند هام من هذه المعاهدة ألا وهو البند الخاص بالاستعمال في العمليات العسكرية المشتركة”.

وقد كانت سويسرا من بين أولى الدول التي وقعت على المعاهدة في اجتماع أوسلو، وتُعِد اليوم الإجراءات الداخلية التي تسمح لها بإقناع المؤسسات المعنية من برلمان وأحزاب بالمصادقة على المعاهدة. ويرى بول فيرمولن أن “نقاط الخلاف تتمثل في كيفية تمويل نفقات التخلص من مخزون سويسرا من هذه الذخيرة. وما هي الذخيرة البديلة التي يجب اقتناؤها”.

كما أن برلمانـيْين سويسريـيْن تقدما بـالتماس للبرلمان لمناقشة موضوع حظر المشاركة المالية السويسرية في تمويل إنتاج هذه الذخيرة في بلدان لم توقع أو تصادق على المعاهدة.

وبهذا الخصوص يقول بول فيرمولن: “إن الالتماسين يطالبان سويسرا في إطار مراجعة قوانين تصدير العتاد الحربي للخارج لكي تتلاءم مع متطلبات المعاهدة، بأن تمنع على أي شخص أو مؤسسة أية مشاركة مالية في تصنيع أسلحة محظورة بموجب هذه المعاهدة”.

وقال مدير الفرع السويسري لمنظمة “هانديكاب انترناسيونال” في الختام أنه “تحرك جيد ونتمنى أن تكون سويسرا قدوة لغيرها في هذا الإطار”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية