مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رياض المالكي: “موضوع فلسطين لم يُسحب من مؤتمر العنصرية”!

تتواصل أشغال مؤتمر دوربان الاستعراضي في قصر الأمم بجنيف إلى يوم الجمعة 24 أبريل 2009 Reuters

قوبل سحب موضوع الشرق الأوسط من مشروع قرار المؤتمر الاستعراضي لمناهضة العنصرية في جنيف بانتقادات شتى من قبل أوساط إعلامية عربية وممثلي المجتمع المدني العربي، واعتـُبـر تفريطا. لكن وزير الخارجية الفلسطيني، الدكتور رياض المالكي، شدد في لقاء مع سويس انفو على أن القضية الفلسطينية لم تغب عن فعاليات المؤتمر، مؤكدا أن الأمر يتعلق بـ "استراتيجية فلسطينية جديدة".

إذا كان طرح موضوع الشرق الأوسط في مشروع قرار إعلان المؤتمر الإستعراضي لمناهضة العنصرية في جنيف قد أسال حبرا كثيرا وأثار جدلا كبيرا في المفاوضات التحضيرية لأعمـاله، وبرر مقاطعة دول مثل إسرائيل وكندا، وفيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا، فإن إقدام الوفد الفلسطيني على سحب الموضوع أثار، من جهته، انتقادات حادة من قبل وسائل إعلام عربية ومنظمات المجتمع المدني العربية، بل حتى عدم رضا بعض الأوساط الدبلوماسية العربية.

وفي تصريحات لسويس انفو، رد وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي على انتقادات تغييب الموضوع الفلسطيني من المؤتمر الإستعراضي بالقول “أعتقد أن فلسطين موجودة في فعاليات المؤتمر وقد ذكرت من قبل الجميع. ومن يقول إن الموضوع الفلسطيني غير موجود في مؤتمر دوربان، فهذا كلام لا أساس له من الصحة”.

ويستطرد الدكتور المالكي قائلا: “إذا كان نجاح المؤتمر (يُقدر) بعدد المرات التي يـُذكر فيها اسم فلسطين في المؤتمر، (فيجب التذكير) أن هذه قضية أصبحت من الماضي، لأن الظروف اختلفت واللغة اختلفت ونظرتنا للعمل اختلفت أيضا، لأن تكرار الإسم في حد ذاته لا يعني النجاح بقدر ما هي مضامين القرارات التي يتم مناقشتها”.

التذكير بقرارات دوربان 2001 كافٍ

ويشاطر وزير الخارجية الفلسطيني رأي أولائك الذين يرون أن التذكير في الفقرة الأولى من ديباجة البيان النهائي للمؤتمر الاستعراضي لمناهضة العنصرية في جنيف بـ”التمسك بإعلان دوربان وبرنامج العمل…” كاف للإشارة إلى طرح الموضوع الفلسطيني ضمن فعاليات مؤتمر مناهضة العنصرية.

ويقول الدكتور رياض المالكي في هذا السياق: “نحن نعتقد أننا حققنا ما تم تحقيقه في عام 2001 من حيث إعادة التأكيد عليه من جديد. وهذا هو الحد الأدنى الذي نقبل به”.

ونشير هنا إلى أن عبارة “هذا هو الحد الأدنى الذي نقبل به” في كلام الوزير الفلسطيني تلمح إلى مناورات بعض الدول الغربية التي ذهب بها اندفاعها للدفاع عن إسرائيل إلى حد محاولة شطب أو تغيير محتوى الإشارة إلى قرارات المؤتمر الأول الذي يتم إستعراض نتائج تطبيقه اليوم. ولو تم بالفعل قبول هذه المحاولة لكان ذلك بمثابة سابقة يتم فيها استعراض نتائج مؤتمر لا يتم الاعتراف بقراراته.

لكن تأكيد البيان الختامي لمؤتمر جنيف على التمسك بإعلان دوربان لعام 2001 وببرنامج العمل يعني التمسك بكل البنود التي تم إقرارها آنذاك، بما في ذلك الفقرات التي تشير إلى موضوع الشرق الأوسط.

إستراتيجية جديدة للدبلوماسية الفلسطينية

وإذا كان سحب النقاط التي تشير إلى موضوع الشرق الأوسط في مشروع الإعلان النهائي للمؤتمر الإستعراضي لمناهضة العنصرية في جنيف، قد فاجأ بعض الوفود الداعمة للقضية الفلسطينية عندما تكاثر الجدل، وعندما لوحت العديد من الدول بالانسحاب من المؤتمر، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل أثناء المؤتمر الأول في عام 2001، فإن وزير الخارجية الفلسطيني أكد في حديثه لسويس إنفو “أن ذلك راجع لانتهاج استراتيجة جديدة”.

وقال الدكتور المالكي موضحا هذه النقطة: “أستطيع أن أقول أنها استراتيجية فلسطينية جديدة حققت اعترافا على أعلى المستويات ويجب أن نبني عليها”. وأضاف في معرض تفسيره لهذه الإستراتيجية: “نحن كفلسطين، انتهجنا نهجا مختلفا هذه المرة، نهجا مختلفا يحاول أن يلعب دور المُجمّع ونقطة إلتقاء ما بين كل المجموعات الإقليمية المختلفة. وقد أقر الجميع اليوم بأهمية الدور الذي لعبته فلسطين، وبالتالي لولا ذلك لما وصل المؤتمر إلى ما وصل إليه هذه اللحظة. وقد سمعت من كل الوفود إقرارا بالدور الذي لعبته فلسطين، وهذا حتى من المفوضة السامية لحقوق الإنسان. وهذا شيء نعتز به”، قبل أن يُثني على “ما قام به الوفد الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف”.

“نرحب بالدعم، ونرفض المزايدة”

لكن هذا لم يمنع العديد من الوفود العربية وغير العربية من التطرق للموضوع الفلسطيني في تدخلاتها أمام المؤتمر الإستعراضي، ولو أن الأنظار توجهت كلية إلى ما جاء في خطاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والذي كان سببا في انسحاب ممثلي بلدان الاتحاد الأوروبي عند وصفه لإسرائيل “بالحكومة العنصرية بأتم معنى الكلمة”.

بهذا الخصوص، قال الوزير الفلسطيني “أعتقد أنه أصبح واضحا بالنسبة لهذه الدول أن القضية الفلسطينية يجب أن تطرح من قبل ممثلي الشعب الفلسطيني. هم الأولى بطرحها. وبالتالي لا نريد أن يزاود علينا أحد في القضية الفلسطينية ويكون أكثر ملكية من الملك. أعتقد أن الذي يحدد مصلحة فلسطين، هي القيادة الفلسطينية، وبالتالي أن كل من يرغب في دعم فلسطين (يجب) أن يدعم التوجه الفلسطيني الرسمي في هذه المحافل”.

واختتم الوزير الفلسطيني تصريحه بالقول: “نحن نتطلع إلى تعاون وثيق مع كل هذه الدول التي تدعمنا تقليديا، ونأمل في أن تدعم الجهد الذي يبذل فلسطينيا الآن من أجل عملية اقتحام جديدة لمناطق نفوذ لم تكن لنا سابقا، حتى نقول أننا بدأنا فعلا في توسيع رقعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية. وهذا ليس نجاحا فلسطينيا فقط، بل نجاحا لكل تلك الدول التي تحمل القضية الفلسطينية في قلبها وعقلها وتعتبرها جزءا من برنامجها الوطني. وأعتقد أنه لن يكون هناك أي اختلاف مع هذه الدول إذا ما اقتنعت بصحة هذه الاستراتيجية الفلسطينية الجديدة”.

التحيز لطرف فلسطيني على حساب الآخر

وعن الطريقة التي طرح بها الرئيس الإيراني الموضوع والضجة التي أثيرت حول تدخله، فضل الوزير الفلسطيني للخارجية الاكتفاء بالقول “نحن لا نريد أن نعلق على هذا الموضوع لأنه أخذ ما يستحق من تعليق إن لم يكن أكثر. نحن نقدر ما قامت به إيران في الإشارة إلى القضية الفلسطينية وفي تبنيها للقضية الفلسطينية”.

لكن الوزير إنتقد الموقف الإيراني وإتهم تحيزه لجهة فلسطينية على حساب جهة أخرى، في إشارة إلى التحيز لحماس على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، إذ قال: “ولكن في نفس الوقت، كنا نتأمل من القيادة الإيرانية أن تكون أيضا منصفة في التعامل مع القضية الفلسطينية، ولا تتبنى موقفا على حساب موقف آخر داخل الصف الفلسطيني لأنه منذ فترة طويلة وهي تتعامل مع طرف على حساب طرف آخر. وهذا ما أضعف قدرة إيران على المساهمة حقيقة، ليس فقط فيما يتعلق بإنهاء الخلافات الداخلية الفلسطينية وإنما في التدخل على أي مستوى”.

وفي الختام، وجـه وزير الخارجية الفلسطيني نداء للقيادة الإيرانية بقوله “أعتقد أنه من الضرورة بمكان أن تعي إيران أنه من الأفضل لها أن تنسق مع الموقف الرسمي الفلسطيني إن هي أرادت فعلا أن تدعم الموقف الفلسطيني والقضية الفلسطينية بكل جوانبها”.

محمد شريف – سويس انفو – جنيف

عبد الباري عطوان، صحيفة القدس العربي، لندن، 22 أبريل 2009:

“الرئيس الايراني لم يأت بأي جديد، وأعاد التذكير بحقائق جوهرية، تناساها العالم، والقادة العرب على وجه الخصوص، عندما قال بالحرف الواحد ‘بعد الحرب العالمية الثانية لجأوا إلى الاعتداءات العسكرية لكي يجعلوا أمة بأكملها بلا مأوى تحت ذريعة المعاناة اليهودية.. وأرسلوا بمهاجرين من أوروبا والولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم من اجل اقامة حكومة عنصرية تماماً في فلسطين المحتلة، بل اكثر النظم قمعاً وعنصرية في العصر الحديث’.ما هو الخطأ في هذا الكلام.. أليست هذه هي الحقيقة، فلماذا ينسحب ممثلو ثلاث وعشرين دولة من قاعة الاجتماع احتجاجاً.. ألم تُدن الامم المتحدة عندما كانت منظمة دولية محترمة، وقبل ان تتحول الى ادارة من ادارات وزارة الخارجية الامريكية، ألم تدن الصهيونية التي اسست دولة اسرائيل كحركة عنصرية؟” (…)

“نشعر بالقهر من هذه الازدواجية والمواقف النفاقية المخجلة للدول الغربية (…) فعندما تتكاتف الحكومات الأوروبية جميعا على مقاطعة حكومة نمساوية تضم العنصري المتطرف يورغ هايدر، وتفتح ذراعيها مؤيدة ومساندة لحكومة اسرائيلية تضم من هو اسوأ منه عنصرية مثل افيغدور ليبرمان زعيم حزب ‘اسرائيل بيتنا’، وتفرش له السجاد الاحمر كوزير خارجية، فماذا يمكن ان نقول او نضيف؟”. (…)

“نشعر بالحزن والإحباط لأن الوفود العربية الرسمية المشاركة في مؤتمر جنيف مارست دورا ‘تخريبيا’ لمصلحة إسرائيل، عندما خضعت للابتزاز الأمريكي الإسرائيلي، وأزالت جميع الفقرات التي تبناها مؤتمر ديربان الأول، والتي أشارت إلى إسرائيل بالاسم كدولة عنصرية، من مشروع البيان الختامي”.

جهاد الخازن، صحيفة دار الحياة، لندن، 22 أبريل 2009:

“في مقابل ست دول وبضع جزر، هنالك العالم كله، وهنالك ألوف منظمات المجتمع المدني من الشرق والغرب تدين إسرائيل ومعها منظمات ولجان في الأمم المتحدة نفسها. في أهمية ما سبق أن ألوف اليهود حول العالم، وفي إسرائيل نفسها، يدينون إسرائيل. وقد رأينا بعد الهجمة الهمجية على قطاع غزة رسائل في الصحف كتبها أبرز اليهود حول العالم، ومقالات في مختلف وسائل الميديا، بما فيها بعض الصحافة الإسرائيلية مثل جريدة “هاآريتز”، كما سجلنا اشتداد دعوات مقاطعة إسرائيل، أيضا بقيادة يهود من أساتذة جامعيين وناشطين حول العالم. هؤلاء يهود يجب أي يُذكروا ويُشكروا، فموقفهم ضد إسرائيل أكثر وقعا من مقاطعة كنائس مسيحة في أميركا وأوروبا، لأنهم من أهل إسرائيل، إلا أنهم يقدمون إنسانيتهم على عدوانيتها. (…)

(…) كل ما فعل الرئيس الإٍيراني هو أنه حكى، فهو لم يقتل اليهود كما فعلت ألمانيا النازية وحلفاؤها، ولم يقتل نساء وأطفالا فلسطينيين كما فعلت دولة الناجين من النازية والمتحدرين منهم وتفعل كل يوم. وإنما اختلف مع الرئيس الإيراني في أكثر الأمور، إلا أنه لم يخطئ وهو يقول إن إسرائيل دولة عنصرية، فهي كذلك وأكثر”.

عبد الرحمن الراشد، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، 22 أبريل 2009:

“فإسرائيل تجد في التهديدات الكلامية بمحوها من الخارطة واستهدافها بالقنبلة النووية الموعودة والصواريخ البالستية ذريعة لكسب التعاطف والأموال والتهرب من المطلب الدولي بالوفاء بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين. أما إيران، فهي مسرورة بالتصفيق وتزهو بالإعجاب في العالمي العربي والإسلامي اللذين يجدان في كل مُتحدّ لإسرائيل بطلا دون تفكير في حقيقة البطولة”.

قاسم حسين، صحيفة الوسط البحرينية، المنامة، 21 و 22 أبريل:

“الضمير الأوروبي لا يستيقظ على مظاهر القتل اليومي في فلسطين منذ ستين عاما، ولكنه ثار وجن جنونه ولم يتحمل سماع كلمة للرئيس الإيراني لم تستغرق نصف ساعة، ذكرهم بأنهم أساس البلاء والدمار في الشرق الأوسط”.

“أراد الغرب “المتحضر: من البداية إفشال مؤتمر الأمم المتحدة عن العنصرية، كل ذلك من أجل منع انتقاد “إسرائيل”، بحجـة الخوف من استغلاله للتعبير عن معاداة السامية. ومن المفارقة أن المنسحبين كلهم من الجنس الآري، الذي ينتمي إليه الإيراني أحمدي نجاد!”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية