مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسرائيل تستدعي سفيرها لدى سويسرا “للتشاور”

بعد لقائه مساء الأحد 19 أبريل 2009 مع أحمدي نجاد، قال الرئيس السويسري هانس رودولف ميرتس إن الحوار مع الرئيس الإيراني كان "ضروريا" Keystone

استدعت إسرائيل سفيرها في برن في اليوم الموالي من الاجتماع، الذي عُـقد بين الرئيس السويسري هانس رودولف ميرتس ونظيره محمود أحمدي تجاد في جنيف. وكان الرئيسان قد التقيا مساء الأحد 19 أبريل، لمناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، عشية افتتاح مؤتمر حول العنصرية، تنظمه الأمم المتحدة في المدينة الواقعة غرب سويسرا، ويُـفترض أن يُـلقي خلاله الرئيس الإيراني كلمة بعد ظهر الإثنين 20 أبريل.

صبيحة الاثنين، أمِـر السفير إيلان إيلغار بالعودة إلى بلاده لإجراء “مشاورات”. وقد اتُّـخذ هذا القرار من طرف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، طِـبقا لما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية.

وأضاف البيان، أن إسرائيل أرادت أيضا التعبير عن عدم ترحيبها بالمؤتمر حول العنصرية، الذي يشمل مشاركة أحمدي نجاد، أحد “النافين للمحرقة”.

وفي معرض التعليق على القرار، قال مصدر بوزارة الخارجية الإسرائيلية: “إن الأمر لا يتعلّـق بقطيعة (في العلاقات)، أكثر مما هو تعبير عن عدم سعادة إسرائيل بالموقِـف السويسري المتساهِـل تُـجاه إيران”.

من جهة أخرى، استُـدْعِـيت مونيكا شموتس – كيرغوز، السفيرة السويسرية لدى تل أبيب، لمناقشة الموضوع.

وفي أول ردّ فعلٍ على القرار الإسرائيلي، قال هانس رودولف ميرتس، إنه يفهم السبب الكامِـن وراء الانتقادات الموجّـهة للاجتماع، لكنه اعتبرها “غير مُـبرّرة”.

“مهرجان للكراهية”

ومن المعلوم أنه سبق لأحمدي نجاد أن ألمح إلى أن المحرقة النازية (الهولوكوست)، لم تحدُث أبدا، ودعا مرارا إلى تدمير إسرائيل، ونُـقِـل عنه يوم الأحد 19 أبريل، اتهامه لها بـ “حمل لواء مقاييس العنصرية”.

ويتزامن خطاب الرئيس الإيراني أمام مؤتمر دوربان 2 مع انطلاق المراسم السنوية ليوم استذكار الهولوكوست من طرف إسرائيل. وفي وقت سابق من يوم الاثنين، قال نتانياهو في اجتماع لأعضاء حكومته، أنه “بينما نحن نحيي الذكرى يُعقد مؤتمر مزعوم عن العنصرية في سويسرا. ضيف الشرف عنصري ينكر حدوث المحرقة ولا يخفي نواياه في محو اسرائيل من على وجه الارض”، وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي “أهنِّـئ البلدان التي قرّرت مقاطعة مهرجان الكراهية هذا”.

وكانت الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كندا وإسرائيل وإيطاليا وأستراليا ونيوزيلندا وهولندا وألمانيا، قد انسحبت من مؤتمر دوربان 2 قبل انطلاقته، معبِّـرة عن المخاوف من إمكانية تحوّله إلى منبر لانتقاد الغرب.

في المقابل، أرسلت بريطانيا دبلوماسيين، بالرغم من وجود انشغالات من احتمال تحوّل الاجتماع إلى منتدىً لنفي المحرقة أو معاداة السامية، في حين تعهّـدت فرنسا بالإنسحاب من المؤتمر، إذا ما انتهجت إيران خطّـا معاديا للسامية.

عامِـل “المفاجأة”

في سياق متّـصل، نشرت الصحافة الإسرائيلية على نطاق واسع، الانتقادات التي وجّـهها أهارون ليشنو – يار، السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في جنيف، عشية افتتاح المؤتمر للاجتماع الذي تمّ بين ميرتس وأحمدي نجاد.

وجاء في افتتاحية صحيفة جيروزاليم بوست، الصادرة يوم الاثنين 20 أبريل، أن الاجتماع أظهر كيف “يحتفي قادة سويسرا، بدون خجل، بأحمدي نجاد”، وتساءل كاتب الافتتاحية عن حياد سويسرا، عندما يتعلّـق الأمر بالاجتماع مع الرئيس الإيراني، معلِّـقا “السويسريون لهم مصالحهم”.

من جهته، قال داني أيالون، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، إن الاجتماع بين رئيسي الدولتين “قد فاجأنا”، مضيفا بأن “الواقع المتمثِّـل في مصافحة أحمدي نجاد من طرف الرئيس السويسري وآخرين، يؤدّي به إلى الاعتقاد بأنه لا يوجد سببٌ يدعوه للتراجُـع عن أسلوبه في التفكير”.

وفي مقابلة مع راديو اسرائيل وصف افيف شير أون – وهو مساعد كبير لليبرمان الاجراء الذي تم اتخاذه اليوم احتجاجا على المؤتمر – بأنه حاسم، ولكنه أشار إلى أنه لم يرق الى حد سحب السفير الاسرائيلي الى الابد وأبدى بعض التفهم لموقف سويسرا باعتبارها بلدا محايدا يستضيف مؤتمرا دوليا.

وقال شير أون الذي كان هو نفسه سفيرا لدى سويسرا “هذه هي الأسباب التي جعلت سويسرا توافق على الاجتماع” مع أحمدي نجاد، ومضى يقول “زعموا أيضا أنهم سيوضحون لاحمدي نجاد كل ما يلزم توضيحه له باعتباره مُنكرا للمحرقة ومضرا بحقوق الاسان ولكني أعتقد أن هذا ليس كافيا لصالح دولة اسرائيل ولصالح المجتمع الدولي ولذا اتخذنا هذا الاجراء”.

وقال مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي لاحقا إنه ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان قررا استدعاء السفير ايلان إيلغار من برن “لإجراء مشاورات واحتجاجا على المؤتمر المنعقد في جنيف”.

وتوترت العلاقات الثنائية بالفعل في العام الماضي عندما شكت اسرائيل لسويسرا من شراء الغاز الطبيعي من ايران. وقال مسؤولون اسرائيليون ان الصفقة أضرت بمساع تقودها الولايات المتحدة لعزل ايران بسبب برنامجها النووي.

مقاييس

وفي وقت لاحق من يوم الإثنين، صرّح رئيس الكنفدرالية للإذاعة السويسرية أن “الحوار كان ضروريا (مع إيران) وأن سويسرا لها دورٌ يتعيّـن عليها أن تلعبه ضمن ذلك الحوار”.

في المقابل، قال فيليكس غوتسفيللر (من الحزب الراديكالي)، عُـضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السويسري، في تصريحات لقناة تلفزيونية “إنه يتفهّـم الانتقاد الإسرائيلي”، ووصف المحادثات بأنها “مغشوشة”، لكنه أشار إلى أن سويسرا تتحمّـل مسؤولية رعاية المصالح الأمريكية في إيران، وتحدّث عن الأمل في إقناع البلدين بالجلوس سوية إلى طاولة المفاوضات مجددا.

من جانبه، عبّـر غيري موللر (من حزب الخُـضر)، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب السويسري عن تفهّـمه للاجتماع، وقال “يجب على سويسرا أن تُـطبِّـق نفس المقاييس على جميع البلدان”.

سويس انفو مع الوكالات

ارتبط قيام دولة إسرائيل بشكل وثيق مع سويسرا، حيث انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل في عام 1897. ومن بين 22 مؤتمرا صهيونيا، التأمت إلى حدّ الآن، عُـقد 15 منها في سويسرا.

قبل قيام دولة إسرائيل، احتفظت سويسرا بقنصلية في مدينة القدس (بترخيص من الانتداب البريطاني) ووكالة قنصلية في تل أبيب.

اعترفت سويسرا بالدولة الجديدة في عام 1949 وافتتحت قنصلية في تل أبيب، ثم تحوّلت إلى سفارة في عام 1958.

تعتبر إسرائيل من أهمّ الأسواق المستقبِـلة للصادرات السويسرية في الشرق الأوسط.

يعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى القرن السابع عشر، عندما استقرّ بعض صانعي الساعات السويسريين في بلاد فارس.

افتتحت سويسرا قنصلية في طهران في عام 1919، تحوّلت لاحقا إلى سفارة في عام 1936. وبسبب حيادها، قامت سويسرا على مدى فترات طويلة بتمثيل مصالح عدد من البلدان في إيران. ومنذ عام 1980، مثّـلت المصالح الأمريكية هناك، كما تقوم برعاية المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة.

تـُعتبر إيران من أهم الشركاء التجاريين لسويسرا في الشرق الأوسط. في عام 2005، تمّ التوقيع على اتفاقية تجارية بين البلدين، لكن لم تتمّ المصادقة عليها إلى حدّ الآن. وفي عام 2007، بلغت قيمة الصادرات السويسرية 763،4 مليون فرنك، فيما لم تتجاوز قيمة الواردات من إيران 38،6 مليون فرنك.

ينعقد مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة دوربان (أو دوربان 2) في جنيف من 20 إلى 24 أبريل 2009. وسيقوم المشاركون فيه بتقييم التقدّم المسجّـل باتّـجاه تطبيق الأهداف التي أقرّها المؤتمر العالمي ضد العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وعدم التسامح المرتبطة بها في دوربان بجنوب إفريقيا في عام 2001.

بعد نقاشات مستفيضة، اعتمد المؤتمر بالإجماع خطّـة عمل لتوفير إطار جديد يُـساعد الحكومات والمنظمات غير الحكومية وغيرها من المؤسسات، في جهودها من أجل مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وعدم التسامح المرتبطة بها.

من بين الإجراءات التي اعتُـمدت في دوربان لمكافحة العنصرية، تعزيز التربية ومكافحة الفقر وزيادة الموارد المتاحة لضحايا العنصرية وتعزيز الاحترام لدولة القانون وحقوق الإنسان، لكن المنتقدين يقولون إنه لم يُـنجز إلا القليل من هذه التوصيات منذ عام 2001.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية