مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا – ليبيا: الحكومة الفدرالية غاضبة لكنها لا تكشف عن استراتيجيتها

Keystone

وجــّه رئيس الكنفدرالية هانس-رودولف ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري في مؤتمر صحفي عقداه إلى جانب وزير الدفاع أولي ماورر صبيحة الخميس 22 أكتوبر الجاري انتقادات شديدة لموقف طرابلس في قضية رجلي الأعمال السويسرييـْن المحتجزين في ليبيا منذ أزيد من عام.

فبعد يومـين من انقضاء مهلة الستين يوما لتطبيع العلاقات بين برن وطرابلس، أعربت الحكومة السويسرية عن غضبها إزاء “رفض (ليببا) المنهجي” للتعاون لتسوية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

وقال السيد ميرتس: “ليس هنالك طريق آخر بالنسبة لسويسرا غير دولة القانون”، منوها إلى أن سويسرا التزمت بمبادئ دولة سيادة القانون في تعاملها مع طرابلس وأنها ستواصل تحركاتها على هذا النحو.

من جانبها، تحدثت السيدة كالمي-ري أمام وسائل الإعلام عن “اختطاف” فيما يخص رجلي الأعمال السويسرييـْن اللـّذين لا تسمح لهما طرابلس بمغادرة التراب الليبي بذريعة مخالفتهما المزعومة لقوانين الإقامة والهجرة.

لكن برن تنظر لهذا التحرك كرد انتقامي على اعتقال شرطة جنيف لنجل الزعيم الليبي، هانيبال القذافي وزوجته آلين في صيف عام 2008 بعدما رُفعت شكوى ضدهما بتهمة سوء معاملتهما لاثنين من خدمهما العرب.

وذكـّر رئيس الكنفدرالية في هذا الصدد بأن سويسرا أجرت تحقيقا في القضية، وبأنه قـَدم اعتذاره لليبيا عن حادثة اعتقال هانيبال القذافي، كما وقع اتفاقا في طرابلس لتطبيع العلاقات بين البلدين. واستطرد قائلا: “في هذا الوضع غير الواضح، مدَدت يدي لليبيين، ولم يُحرز أي تقدم منذ ذلك الحين”.

إجراءات انتقامية ضد ليبيا؟

ورغم إلحاح الصحفيين، لم يرد أعضاء الحكومة الثلاثة الذين عقدوا المؤتمر الصحفي صبيحة الخميس الكشف علنا عن تفاصيل الاستراتيجية التي تعتزم انتهاجها في ملف الأزمة مع ليبيا، كما لم يوضحوا إن كانت الحكومة ستتخذ إجراءات انتقامية ضد طرابلس.

وقد نقلت صحيفة “فانت كاتر أور” (تصدر بالفرنسية في لوزان) يوم الخميس 22 أكتوبر عن “مصادر جيدة الإطلاع” بأن برن اتخذت بعدُ بعض الإجراءات الانتقامية. وكتبت الصحيفة في هذا الشأن: “تشير عناصر عديدة إلى أن برن رفضت مؤخرا تأشيرات دخول لدبلوماسيين ليبيين رغبوا في زيارة منظمات دولية بجنيف”.

من جهتها، توقـّعت صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف) في نسختها الصادرة يوم الخميس أيضا أن يعلن كل من ميرتس وكالمي-ري في مؤتمر اليوم عن قرار فرض تقييدات على منح تأشيرات الدخول “شنغن” للمواطنين الليبيين أو فئات معينة منهم. لكن الوزيرين لم ينطقا بأي كلمة عن أي نوع من الإجراءات الانتقامية المزعومة ضد ليبيا.

وذكـّرت الصحيفة بأن التقييدات على منح تأشيرات شنغن تعني “إمكانية معارضة بلد عضو في اتفاقية شنغن لمنح التأشيرة لأشخاص معينين أو فئات أشخاص معينة بشكل يحول دون حصولها على تأشيرة صالحة للتجول في كامل فضاء شنغن، ولكن فقط في البلد الذي طلبت فيه التأشيرة (…)، وهذا يمثل في الوقت نفسه إغاظة وعرقلة تنقل الليبيين الذين يسافرون في أوروبا، وربما هي إحدى أنجع الإجراءات الانتقامية التي تتوفر عليها برن”، حسب اعتقادها.

“المشكلة في ليبيا”

ويذكر أن الحكومة الفدرالية كانت عقدت بعد ظهر أمس الأربعاء جلسة خاصة لإجراء تقييـم مُعمـّق للملف الليبي. والأرجح أنها استنتجت أن كافة الجهود التي بذلتها سويسرا لم تسمح بعودة رجلي الأعمال بسبب رفض ليبيا الوفاء بتعهداتها.

وقالت وزيرة الخارجية في هذا السياق أثناء المؤتمر الصحفي يوم الخميس: “إن المشكلة لا توجد في سويسرا بل في ليبيا”.

في المقابل، كانت المعلومة الواضحة الوحيدة التي كُشف عنها في هذا المؤتمر تتعلق بتكليف الحكومة الفدرالية وزارة الخارجية بالمتابعة العملية للملف الليبي. وألمح كل من ميرتس وكالمي-ري بأن سويسرا ستـُغير استراتيجيتها في هذا الإطار، لكنها التزما الصمت المطبق تماما عمـّا يُقصد بذلك التغيير بشكل ملموس. وقالت السيدة كالمي ري: “لا نريد أن نتحدث على الملء عن استراتيجية المجلس الفدرالي (الحكومة)”.

ويذكر أن مهلة 60 يوما لتطبيع العلاقات بين سويسرا وليبيا قد انتهت يوم الثلاثاء 20 أكتوبر، وهو التاريخ الذي تم تحديده في النقطة 7 من الاتفاق الذي وقعه رئيس الكنفدرالية هانس-رودولف ميرتس يوم 20 أغسطس الماضي في طرابلس إلى جانب رئيس الوزراء الليبي د. البغدادي علي المحمودي.

ولا يَرد تعهد بالإفراج عن رجلي الأعمال السويسرييـْن – المحتجزين حاليا في مكان مجهول بليبيا – في اتفاق 20 أغسطس، لكن برن تعتبر هذه النقطة من ضمن المسائل التي تدخل في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين.

وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الليبية كانت قد استدعت رجليْ الأعمال السويسريين قبل قرابة شهر بذريعة إخضاعهما لفحص طبي، ثم احتــُجزا بعد ذلك في مكان “آمن”. وبررت طرابلس هذا الإجراء بالتعبير عن مخاوفها من أن تلجأ سويسرا إلى تدخل عسكري لتحرير مواطنيــْها اللذين كانا مجبريْن قبل ذلك على الإقامة في السفارة السويسرية.

swissinfo.ch مع الوكالات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية