مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زيت الزيتون اللبناني.. أصالة وجودة

تعتبر ماركة " "Zejdمن أنواع زيت الزيتون اللبناني البِـكر الممتاز swissinfo.ch

اشتَـهرت عدة مناطِـق في الشرق الأوسط بذهَـبها الأسْـود، لكن المناطق الغربية المُـحاذية للبحر الأبيض المتوسط، تشتهر بذهَـب أصفر لذيذ الطعم، إنه زيت الزيتون ذو المذاق الشهي، وخاصة حين يتناوله المرء مع شيء من الخُـبز اللبناني الشهير.

على الجانب الآخر من وادي الشعار في منحدرات جبل لبنان، تمتدّ سلاسل صخرية وتُـرابية على طول أفق نظر الناظر، وتسطَـع شمس ما بعد الظهيرة فتتلألأ متخلِّـلة ثنايا غابات الزيتون التي تعود مِـلكيتها ليوسف فارس وعائلته.

وجدير بالذكر، أن الأراضي اللبنانية هي عِـبارة عن شريط ضيِّـق من المساحات الممتدّة في المنطقة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط والأراضي السورية، وأطلقوا عليها فيما مضى اسم سويسرا الشرق الأوسط، وقد أصبحت منذ سنوات عدّة محط أنظار سويسرا، التي وقّـعت معها اتِّـفاقية للتجارة الحرّة، وتقوم بمساعدة مُـزارعيها أمثال فارس في تحقيق الجَـودة ووضع علامة “منتجات عضوية” (بمعنى أنها خالية من الكيماويات) على زجاجات الإنتاج من زيت الزيتون.

يُـعتبر فارس من بين الفلاّحين القلائل في لبنان الذين يقومون بإنتاج زيت الزيتون العُـضوي، كما أن تجارته في نمُـو وتحسّـن، إلا أن محصوله يفتقِـد لبعض الإحتياجات الأساسية، مثل المُـبيدات الحشرية والبُـذور المعدّلة وراثيا، فضلا عن تأمين التواصل مع المناطق الحضرية.

تعاقبت خمسة أجيال على غابات الزّيتون التي تمتلكها عائلة فارس، كان هو آخرهم، حيث آلت إليه المِـلكية منذ عقد من الزمان، وبعد ذلك بخمس سنوات، حصل أن قرّرت مجموعة صغيرة من الفلاّحين اللبنانيين التحوّل إلى إنتاج زيت الزيتون العُـضوي. لكن فارس لم يكن في السنة الأولى من بينهم، ثُـم ما لبِـث أن التَـحق برَكبِـهم مع بواكير عام 2005، هكذا صرّح بنفسه لـ swissinfo.ch، وأضاف قائلا: “وفي عام 2008، نتج لديْـنا أوّل محصول من الزيتون العُـضوي المُـعتمد، ونقوم حاليا بتوسيع المزرعة”.

والواقِـع، أن حسابات فارس تتّـجه نحو زيادة مساحة مزرعة الزيتون العضوي الخاصة به من 5 هكتارات إلى 20 هكتارا. وتقوم شركة “LibanCert” بمسْـح حُـقول فارس من أجْـل ضمان مُـوافقتها للمواصفات والمعايير الأوروبية والأمريكية للزراعة العضوية.

اتفاقية تجارة حرّة، وزيت عالي الجَـودة

ومن جانبه، أوضح هانز بيتر إيغل، رئيس قسم تشجيع التجارة في إدارة التعاون الاقتصادي في كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية قائلا: “هدفنا هو توقيع اتفاقيات تجارة حرّة مع الدول الشريكة، لاسيما تلك التي بحاجة إلى دعْـم في بعض المجالات التجارية، وبدورنا نقدّم لهم الدّعم للإستفادة من الفُـرص التي تهيِّـؤها اتفاقية التجارة الحرّة”.

وجدير بالذكر، أنه بالرّغم من أن الزيت العُـضوي الذي ينتجه فارس ويحمل العلامة التجارية “Zejd”، لا يُسوّق بشكل كبير في لبنان ويكاد يكون غير معروف في السوق المحلية، إلا أنه يجِـد إقبالا في السوق العالمية ويُـباع فيها بأسعار عالية.

وقد تطرّق فارس لهذا الموضوع، بينما كان يتجوّل بين أشجاره، فقال: “من حيث المبدإ، قد يزيد السِّـعر بنسبة تتراوح ما بين 25 و30٪ في المتوسط، وذلك بحسب السّـوق والجُـهد المبذول، وقد يختلف الحال، إلا أن هذا هو الحدّ الأقصى”.

وتابع: “الزّبون دوْما موجود، سواء أكان الموسم جيدا أم سيئا، وما دام الزبون موجودا، فإنه يُـلزمك أن تجني الزيتون، لكن، إذا كان المحصول جيِّـدا، فإن الأسعار تنخفض، وإذا كان المحصول سيِّـئا، فإنه يتعذّر علينا تحصيل الثّـمر، ولكنه يبقى ممكنا”.

ومن جهة أخرى، قام مفتِّـشو اتحاد جمعيات الزراعة العضوية السويسرية “Bio Suisse” بزيارة فارس إثْـر تحوّله إلى الزراعة العضوية، بهدف التحقّـق من المعايير. ومع أن فارس كان فيما مضى ينتج زيتا لذيذا، إلا أن محاولاته السابقة في دخول السوق السويسرية لم تحظَ بالنجاح.

عندما توجهت swissinfo.ch لزيارة فارس في مزرعته، رافقناه في مشواره، وهو يشق الطريق السريع خارج بيروت بسيارته الصغيرة، لقد كان ذاهبا كي يحصل على 30 لترا من دبس الرمان ليُـضيفه إلى الخليط، ويجب أن يكون هذا الدبس هو الآخر عُـضويا.

وفيما يخصّ تنقية وغسْـل الزيتون وعَـصره، فإن هذه العملية برمّـتها تستغرق أقلّ من يوم وتتِـم تحت منزل أسْـرة فارس، ثم تجري تعبِـئة المنتج النهائي من زيت الزيتون في زُجاجات صغيرة تُـوضع في صناديق وترص على الأرض جانبا، أو ربّـما تعبّـأ في صفائح معدنية ترصّ هي الأخرى في غرفة مُـجاورة لمعدّات الإنتاج.

ويتمتع الزيت المنتج بدرجة من الكثافة واللزوجة المناسبة جدا، وله مَـذاق متميِّـز بأصالته ولذته، ويختلف كامل الإختلاف عن زيت الزيتون البكر الموجود في مُـعظم محلات “السوبر ماركت” الكبيرة، وقد حصل على العديد من الجوائز الوطنية اللبنانية.

العمل معا

يتعرض صِـغار مُـنتجي زيت الزيتون في لبنان إلى مشكلة رئيسية، تكمُـن في القُـدرة على توحيد الجهود وتنظيم أنفسهم، مما يسهِّـل عليهم بيع منتجاتهم في الخارج، وللأسف، لا يزال هنالك عدد ولو قليل من المنتجين ممّـن ينأوْن بأنفسهم عن العمل المنظّـم، الأمر الذي يُـعيق الجهود ويجعل المهمّـة أكثر صعوبة.

وفي معرض تعليقه على آخر زيارة قام بها إلى لبنان قال إيغلر: “لقد كان من الصّـعب فِـعلا لَمّ شمل هؤلاء الناس وتحفيزهم على العمل المنظم كي تتشكّـل لديهم الرُّؤية الواضحة في تحقيق تطلُّـعاتهم”.

أما فارس، فإنه حقّـق عام 2009 حجْـم مبيعات بلغت قيمتها 350 ألف دولار (376 ألف فرنك)، وهو يطمح لكي يصِـل هذا العام إلى مستوى 500 ألف دولار.

وفي هذا الصدد، تقول تيريز صفير، إحدى المفتشات في “LibanCert”: “السوق آخذة في التوسّـع”، وتستدرِك: “لكن، المشكلة تكمُـن في أن المنتجين الذين قاموا بالتحوّل إلى الزراعة العضوية، لديهم نقص في الدِّراية التِّـقنية والفنية، كما أنهم يفتقِـرون إلى مساعدة من قِـبل الحكومة، في حال ما حدث تراجُع في المحصول،

وضيف تيريز “المشكلة تكمُـن في المنتجين لتحويل العضوية لأن لديْـها نقص الدِّراية التقنية والإفتِـقار إلى مساعدة الحكومة، في حال حدوث نقص في المحصول. وهناك أيضا العديد من المنتجين ممّـن يقدمون إليها مُـبدين رغبتهم في التحوّل إلى الزراعة العُـضوية، ولكنهم سُـرعان ما يتراجعون لِـعدَم قُـدرتهم على تحقيق الكفاءة المطلوبة”.

كما أن “LibanCert”، هي شركة صغيرة شأنها شأن جميع الهيئات التي تدعَـمها سويسرا، وتضطلع بمهمة المُـعاينة وإصدار شهادات المُـصادقة، وقد قامت، بناءً على رغبة مجموعة من مزارعي المنتجات العضوية في لبنان، الذين أعربوا عام 2004 عن حاجتهم إلى شهادات اعتماد، وهي تُـدار من قِـبل القطاع الخاص، ورغم أن طاقمَـها لا يزيد عن ثلاثة موظفين، إلا أنها استطاعت الحُـصول على اعتراف الوكالة الدولية لشهادات العضوية.

وتعمل “LibanCert” بدعم من كتابة الدولة السويسرية للشؤون الاقتصادية، وبالتعاون مع مركز الأبحاث السويسري للزراعة العضوية، الذي يُـعتبر رائدا في مجال منْـح الشهادات المعتَـمدة عالميا في مجال الزراعة، سواء داخل سويسرا أو خارجها.

وتتلقى “LibanCert” مَـعونة سنوية مِـقدارها 1.45 مليون فرنك سويسري، ويأمل إيغلر أن يكون هذا المبلغ كافيا حتى نهاية العام، ولكنه لا يستبعِـد توسيع المشروع، ويؤكد قائلا: “هدفنا هو مساعدتهم في تحقيق الاستدامة الذاتية”.

جوستين هين – منطقة عكار – لبنان – swissinfo.ch

عرفت دُول حوض البحر المتوسط شجرة الزيتون واستخرجت منها الزيت، منذ أكثر من 6 ألاف سنة.
بحسب المجلس الدولي لزيت الزيتون، بلغ إجمالي الإنتاج العالمي من زيت الزيتون بكافة أصنافه في الموسم الزراعي 2006-2007 (2,77 طن متري).

تنتج أربعة دول أوروبية، هي إيطاليا والبرتغال وإسبانيا واليونان، أكثر من 93٪ من الإنتاج العالمي.

تأتي إسبانيا في طليعة الدول الأوروبية ودول العالم في إنتاج زيت الزيتون بكافة أصنافه، حيث تنتج ما نسبته 35٪ من إجمالي الإنتاج العالمي، وتوجد فيها 300 مليون شجرة زيتون.

تحتلّ إيطاليا المركز الأول عالميا في استهلاك زيت الزيتون، فهي تستهلك ما نسبته 30٪ من الاستهلاك العالمي، وتلِـيها إسبانيا ثم اليونان.

تُـعتبر دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها إيطاليا، أولى دول العالم تصديرا لزيت الزيتون، تليها تونس وتركيا.

الدول الأوروبية هي الأولى من بين دول العالم استيرادا لزيت الزيتون، تليها الولايات المتحدة الأمريكية ثم أستراليا والبرازيل..

يختلِـف تصنيف الزيت من دولة إلى أخرى، حسب نوع التُّـربة ونوع الزيتون المُـستخدم في عمليات العصر، بالإضافة إلى التّـقنيات الخاصة بعصر الزيتون. وقد قسّـم “المجلس الدولي لزيت الزيتون” هذه السلعة، بالاعتماد أساسا على درجة الحُـموضة، إذ كلَّـما انخفضت هذه النسبة، كلما زادت الجودة.

ومن أشهر أنواع الزيتون:

1. زيت الزيتون البِـكر الممتاز (Extra Virgin Olive Oil): يُـشترط أن لا تتجاوز نسبة الحموضة فيه عن 1٪ أو 0.8 غرام من كل 100 غرام.

2. زيت الزيتون البِـكر العادي (Ordinary Virgin Olive Oil): وتتراوح نسبة الحموضة فيه بين 1٪ كأقصى حدّ، مع التمتّـع بمذاق ورائحة جيِّـدين، وهذا هو زيت الزيتون البكر الجيِّـد (Fine Virgin Olive Oil) أو 3٪ كأقصى حدٍّ، وهذا هو زيت الزيتون البِـكر شِـبه الجيد (Semi-fine Olive Oil).

3. زيت الزيتون المصفّـى (Refined olive oil): يتِـم إنتاجه من زيت الزيتون البِـكر بعد تصفيته، شريطة أن لا تؤثِّـر هذه العملية على تغيير في الخصائص الغليسيرينية ولا تتجاوز نسبة الحموضة فيه عن 3٪.

4. زيت الزيتون (Olive oil): وهو مَـزيج بين زيت الزيتون البِـكر وزيت الزيتون المصفّـى، بشرط أن لا تتجاوز نسبة الحموضة فيه 1,5٪.

ماركة “Zejd”، هي من أنواع زيت الزيتون البِـكر الممتاز.

تبدأ أولى مراحِـل إنتاج زيت الزيتون بحصاد الزيتون في موسم القطاف في شهر أكتوبر من كل عام، ثم يتم تنظيف الزيتون وغسله، بعد التأكد من خلوه من الشوائب والحصى والأوراق والأتربة وغيرها. ثم يتم هرس ثمار الزيتون، دون إزالة البذرة حتى يتكون معجون، يتِـم بعد ذلك فصل ما يحويه من مكوِّنات صلبة، ثم يُـفصل الزيت عن الماء بواسطة أجهزة الطّـرد المركزي، ثم ينقّـى ويصفّـى وتتم تعبئته في زجاجات.

لضمان الجودة العالية، يجب عصْـر الزيتون على البارد في مدّة أقصاها 24 ساعة بعد القطاف، والاعتبار، إنما هو للعصرة الأولى أو البِـكر.

يوجد في زيت الزيتون تلاعُـب كبير وغشّ على أوسع نطاق.

يجدر التذكير أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت في شهر أغسطس 2007، مقالا أفاد أنه تم العثور على زيت مغشوش تسرّب إلى زجاجات زيت الزيتون التي تحمل أسماء كِـبار الموزّعين، مثل نستلي “Nestlé” ويونيليفر “Unilever” وبيرتولي ” Bertolli” وأوليفيتشي فازانيزي “OleificiFasanesi”.

وربما يلجأ أصحاب الذِّمم الخربة إلى التِّـقنيات المتعدِّدة ما بين البسيطة وأكثر من المعقّـدة، من أجل الغشّ في زيت الزيتون. فقد تُـستخدم زيوت عبّـاد الشمس أو البُـندق، وتعامل معاملة خاصة تضفي عليها لون ورائحة ومذاق زيت الزيتون.

ويُذكّـر فارس أيضا بأنه قد يكون من السّـهل جدا تزوير الورقة التي تحمل اسم المنتَج وماركته، باعتبار كثرة الأيادي التي تتعاقب عليه – من سماسرة وتجّـار وموزّعين وباعة ومخازن – قبل أن يصل إلى المستهلِـك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية