مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شراكة بين لوزان ونواكشوط لتزويد سكان العاصمة الموريتانية بالماء الشروب

عملية توزيع المياه على السكان في حي الميناء الفقير جنوب العاصمة المويتانية swissinfo.ch

"تحسين نفاذ سكان العاصمة الموريتانية نواكشوط إلى المياه الصالحة للشرب"، ذلك هو الهدف الأساسي من وراء إقامة مشروع تنموي تموله بلدية "لوزان" السويسرية، لصالح مجموعة نواكشوط الحضرية (بلدية نواكشوط)، بتكلفة مالية تبلغ 250 ألف يورو.

ويتوقع أن تستفيد من هذا المشروع معظم الأحياء الفقيرة في مدينة نواكشوط التي يقطنها زهاء مليون نسمة، وتواجه نقصا حادا في مياه الشرب بسبب عجز سلطاتها المحلية عن مواكبة النمو الديمغرامي المتسارع للمدينة، وعوائق التخلف الأخرى العديدة التي تعاني منها موريتانيا بشكل عام.

المهندس “دمبا ولد صمبا” المسؤول عن المشروع في بلدية نواكشوط، قال إن الإرهاصات الأولى لميلاد هذا المشروع بدأت في مدينة اسطمبول بتركيا خلال ملتقى دولي نظم حول المياه قبل سنة ونيف.

ففي ذلك المؤتمر سعت بلدية نواكشوط لتعبئة بعض الممولين من أجل مساعدتها في حل مشكلة مياه الشرب في معظم أحياء المدينة، وكان من ضمن الممولين الذين اهتموا بدعوة بلدية نواكشوط، مؤسسة “أو سرفيس دي لوزان” (أو مصلحة المياه التابعة لمدينة لوزان) السويسرية التي أوفدت بعثة إلى موريتانيا بعد انتهاء مؤتمر اسطنبول، بغية دراسة وضعية توزيع المياه في نواكشوط، ومدى استفادة المواطنين منها، والسبل الكفيلة بتحسين نفاذ المواطنين إلى المياه الصالحة للشرب، وقامت البعثة بزيارات اطلاع ميدانية لمختلف أحياء مدينة نواكشوط، وأعدت دراسة لمشروع يزود نسبة كبيرة من سكان العاصمة نواكشوط بالمياه الصالحة للشرب.

عوائق تؤدي إلى تمديد آجال التنفيذ

ويمضي المهندس “ولد صمبا” إلى القول إن المشروع تطور لاحقا بعد توقيع اتفاقية بين بلديتي “لوزان” السويسرية، و”نواكشوط” الموريتانية، كما أعربت عدة بلديات سويسرية أخرى عن استعدادها لدعم المشروع الهادف إلى تحسين فرص حصول السكان على المياه الصالحة للشرب، وتعزيز المهارات في مجال إدارة المياه معربا عن تفاؤله بتحقيق المشروع “لأهداف تفوق تلك التي أقيم من أجلها أصلا”.

وتبلغ كلفة المشروع حسب ما هو مخطط له 250 ألف يورو، وقد تم الاتفاق على أن ينجز في فترة زمنية لا تتجاوز 15 شهرا، بدأت في أكتوبر 2009، على أن تنتهي في شهر ديسمبر 2010، غير أن ظروفا استجدت أدت إلى تأخر في الأشغال، وهو ما دفع القائمين على المشروع إلى تمديد فترة إنجازه إلى غاية شهر مارس ـ آذار عام 2011.

ويتحدث منسق المشروع عن الأهداف المرجوة منه، قائلا: “إن بلدية نواكشوط وبلدية لوزان تسعيان عبر تنفيذ هذا المشروع إلى تحسين فرص حصول سكان مدينة نواكشوط على المياه الصالحة للشرب، وتعزيز المهارات في مجال إدارة المياه بالنسبة لبلدية العاصمة المركزية، وبلديات مقاطعاتها البالغ عددها تسع بلديات”، كما يسعى المشروع إلى “إعداد دراسة حول المعوقات التي تحول دون حصول جزء كبير من السكان على المياه الصالحة للشرب”، فضلا عن تزويد ما يربُـو على 17 ألف شخص بالمياه الصالحة للشرب.

وتضع الدراسة التي أعدت لتنفيذ المشروع جملة من الآليات لتحقيق تلك الأهداف تقوم على إعداد نقاط توزيع لمياه الشرب في أحياء مختلفة من مدينة نواكشوط، سيتم تزويدها بصهاريج لنقل المياه، وتركيب وإنشاء حنفيات عمومية لصالح سكان الأحياء الفقيرة يتم بواسطتها تزويدهم بالمياه، وترميم وإصلاح الحنفيات القديمة المتهالكة في المدينة.

أما الأحياء التي يستهدفها المشروع داخل مدينة نواكشوط فهي الأحياء الأكثر فقرا وكثافة سكانية، ويتعلق الأمر بأحياء “الرياض” و”الميناء” و”السبخة” و”عرفات” في جنوب العاصمة، وحي “دار النعيم” في شمالها.

ما تحقق من المشروع

وخلال حديثه مع swissinfo.ch يدخل المهندس دمبا ولد صمبا منسق المشروع في التفاصيل الجزئية للمشروع والخطوات التي قطعت حتى الآن في سبيل إكمال تنفيذه قائلا “إنه تم حتى الآن في إطار تنفيذ المشروع الذي تموله بلدية لوزان السويسرية، تركيب أزيد من 1500 متر من شبكة المياه في حي “الرياض” جنوب مدينة نواكشوط ستزود حوالي 9000 أسرة بالمياه، وقد تقرر لاحقا أن تضاف إليها 300 متر أخرى في حي جديد يعرف باسم “حي الترحيل” (وهو عبارة عن قطع أرضية استصلحتها الحكومة ورحلت إليها سكان بعض أحياء الصفيح العشوائية في أطراف مدينة نواكشوط خلال الأشهر الماضية)، كما تم حتى الآن تركيب وإنشاء ثلاث حنفيات عمومية في نفس الحي (حي الترحيل)، وجهزت عدة نقاط في أمكان مختلفة من العاصمة نواكشوط سيتم تزويدها بالمياه الصالحة للشرب بواسطة صهريجين تابعين للمشروع، خصوصا في وسط العاصمة الذي يعاني من نقص حاد في مياه الشرب، وكذلك تزويد بعض المساجد بالمياه، كما أقيمت نقاط توزيع أخرى للمياه في حي (دار النعيم)”.

ويشمل المشروع كذلك إعداد دراسة حول المشاكل التشريعية والتنظيمية للمياه في مدينة نواكشوط بسبب تداخل الصلاحيات بين مختلف الهيئات المشرفة على قطاع المياه في العاصمة الموريتانية، وقد تم بالفعل إنجاز هذه الدراسة وباتت جاهزة للإستغلال والتنفيذ.

تفاؤل بمستقبل التعاون

ويقول “ولد صمبا” إن المشروع سيؤدي إلى نتيجة هامة للغاية تمس بشكل جذري حياة سكان الأحياء الفقيرة، حيث سيتم توزيع المياه عليهم بشكل مجاني، بينما سيتم دفع تعويضات تحفيزية لمسيّرين محليين لبعض نقاط المياه، من طرف السكان المستفيدين من تلك الخدمات، وذلك بقيمة رمزية لا تتجاوز دولارا واحدا مقابل ما يتراوح بين 550 و600 لتر من المياه، فضلا عن القيام بحملة تحسيسية حول تطبيق تلك الأسعار الرمزية والتحذير من المضاربات التي قد يقدم عليها بعض المسيرين لنقاط المياه، خصوصا في المواسم التي ترتفع فيها درجات الحرارة، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بالنظافة وترشيد استهلاك المياه.

وخلص المهندس دمب ولد صمبا إلى القول إن المشروع الذي تموله بلدية “لوزان” السويسرية هو “جزء مكمل لمشروع سابق ممول من طرف الإتحاد الأوروبي”، مضيفا أنه “من المتوقع أن تمول بلدية “لوزان” وبلديات سويسرية أخرى مشاريع مماثلة في موريتانيا” خلال الفترة القادمة.

في مارس 2009، شارك ممثلون عن مدينة لوزان في أشغال المنتدى العالمي الخامس حول المياه الذي انعقد في اسطنبول وأعربوا عن استعدادهم لتحسين الوصول إلى الماء في بلدان أجنبية من خلال شراكة مع إحدى مدن الجنوب.

في هذه التظاهرة حدث أول اتصال بين السيد Burnier المسؤول عن مصلحة المياه (Eau service) التابعة لبلدية لوزان وبين السيد ديمبا من المجموعة الحضرية (بلدية) لمدينة نواكشوط.

في يوليو 2009، تحولت المسؤولة عن مشروع التضامن الدولي في مصلحة المياه في مهمة إلى العاصمة الموريتانية وسمحت زيارات ميدانية وجلسات عمل عقدت مع المسؤولين الموريتانيين بتحديد الأنشطة التي يتعين القيام بها في نواكشوط من أجل تحسين وصول المياه الشروب إلى السكان الفقراء.

تبعا لذلك، تأسست شراكة بين بلديتي لوزان ونواكشوط ترمي إلى تعزيز قدرات الهياكل المحلية في مجال إدارة وتمويل تجهيزات الماء الشروب كما تم الإتفاق على أن يقدم الخبراء التابعون لمصلحة المياه في مدينة لوزان دعمهم في إطار المشروع.

أعربت 7 بلديات سويسرية أخرى (من بينها فريبورغ ومارتيني ولوتري) عن رغبتها التضامنية وانخرطت في المشروع الذي تشرف على تسييره مدينة لوزان. وقد تعهدت البلديات أيضا باستخلاص سنتيم واحد عن كل متر مكعب يباع فيها وتخصيصه لتمويل المشروع ما يزيد من فعالية التدخل ويقلص من التكاليف المنجرة عنه.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية