مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خبراء مبادرة جنيف يُفصـِّلون مستقبل حل الدولتين

Keystone

بينما تتعثر عملية السلام الرسمية ويظل المستوطنون حجر عثرة أمام مساعي التسوية، بادرت مجموعة مستقلة من الخبراء بصياغة خطتها الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط.

وعرضت مجموعة “مبادرة جنيف”، المكونة من فلسطينيين وإسرائيليين والمدعومة من قبل سويسرا، يوم الثلاثاء 15 سبتمبر الجاري في تل أبيب تفاصيل “وَصـْفـَتـِها” لـتسوية الصراع التي جاءت في أكثر من 400 صفحة.

وتشمل القضايا التي تناولها فريق الخبراء، الذي يضم متفاوضين ومسؤولين رسميين سابقين، قضايا تشمل حقوق المياه، والترتيبات الأمنية، ومصير المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وإيجاد حل للقدس، ودور قوة متعددة الجنسيات.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، قال قائد الفريق الإسرائيلي غادي بالتيانسكي بأن توقيت خطة الدولتين لا يمكن أن يكون أفضل، لاسيـّما قبل الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك.

وأضاف بالتيانسكي: “نحن ربما نعيش لحظات تسبق استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. فالإدارة الأمريكية الجديدة تركز على كيفية حل الصراع بعد أن حاولت لعدة سنوات إدارته فقط”.

دولة جــديــدة

ويتمثل جوهر الخطة في إقامة دولة فلسطينية في ما يقرب 98% من مساحة الضفة الغربية، وفي كامل قطاع غزة ومناطق القدس التي يسكنها العرب.

الخطة التي وُضعت على مدى العامين الماضين جاءت لتعزز الخطوط العريضة الواردة في 50 صفحة لمخطط السلام الذي نُشر عام 2003 والمعروف بـ “اتفاق جنيف”.

وقد لعبت سويسرا في هذا الاتفاق دورا هاما كوسيط مالي ولوجستي، بحيث دعمته بمبلغ يصل إلى مليون فرنك سنويا (زهاء 970000 دولار أمريكي)، وفقا للمبعوث السويسري الخاص إلى الشرق الأوسط جون-دانييل روش.

وفي توضيحاته لـ swissinfo.ch، قال السيد روش إن سويسرا تساعد على نشر الخطة منذ شهر يونيو الماضي، وأن وزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري أعطت نسخة من المبادرة لنظيرتها الأمريكية هيلاري كلينتون في شهر يوليو الماضي. كما تلقت الحكومة المصرية أيضا نفس النسخة.

ويشاطر روش تفاؤل بالتيانسكي إزاء هذه البادرة التي وصفها بـ “أكثر خطط التسوية تفصيلا وشمولا صيغت لحد الآن. فهي تقدم حلولا ملموسة وعملية للغاية لجميع القضايا الرئيسية، مثل الحدود والأمن والقدس واللاجئين”.

وأكد متحدث باسم الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز لـ swissinfo.ch بأن اجتماعا قد عـُقد مع ممثلي مبادرة جنيف، ولكنه لم يـُعلق على مضمون الوثيقة. كما لم يصدر أي تعليق حتى الآن من جانب السلطة الفلسطينية.

حــذر وتساؤلات

هذا الصمت من طرف الجانبين يدعو إلى الحذر من وجهة نظر الخبير في شؤون الشرق الأوسط ريكاردو بوكو، الأستاذ في معهد جنيف العالي للدراسات الدولية والتنمية.

وقال في مقابلة مع swissinfo.ch: “أسئلتي هي التالية: من هم الشركاء في إسرائيل وفلسطين الذين سيستأنفون محادثات السلام؟ هل سيتم إشراك قيادة حماس في هذه المحادثات أم ستقتصر على فتح فقط؟ من يدعم هذه الخطة في الحكومة الإسرائيلية؟”.

كما يشك الخبير بوكو فيما إذا كانت المبادرة ستتمكن من كسب التأييد من الجانب الفلسطيني بما أنها تفتقر – في شكلها الحالي – إلى خطة مـُفصلة لحل مشكلة اللاجئين. وقال أيضا إن تنفيذ الخطة سيكون مكلفا للغاية.

في المقابل، نوه بوكو إلى أن نهج الخطة القائم على مبدأ المشاركة هو أمر في غاية الأهمية، بما أن هذه هي المرة الأولى التي يعتزم فيها مبادرون باتفاقية سلام الأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الإسرائيليين والفلسطينيين العاديين.

وقد عـُرضت المقترحات علنا قبل نهاية جولة أخرى من المحادثات بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية بخصوص تجميد الاستيطان في الضفة الغربية. ولم تصدر إشارة على التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

“عاصمتان”

وأضاف الخبير بوكو أن الحصول على التزام من طرف الإسرائيليين سيكون أمرا حاسما بالنسبة للأمريكيين إذا ما أرادت إدارة أوباما أن تكون شريكا ذا مصداقية بالنسبة للفلسطينيين.

وإذا ما استُأنفت محادثات السلام، فإن المشاركين في مبادرة جنيف يعتقدون بأن المواد التي هي بحوزتهم سوف توفر دليلا موثوقا به بشأن كيفية معالجة المشاكل.

ويقول قائد الفريق الإسرائيلي لمبادرة جنيف، غادي بالتيانسكي، بأن مضمون تلك المواد “تظهر كيف ستتم الاستجابة للاحتيجات الأمنية لإسرائيل [و] المصالح الحيوية للدولة الفلسطينية. كما تظهر الدور الدقيق للمجتمع الدولي”.

ويأمل مهندسو نموذج السلام هذا أن تُوفر رؤيتهم التفصيلية للمستقبل، واستكمال الخرائط والجداول والرسوم البيانية، الوقت للمفاوضين الرسميين وتساعدهم في مهمتهم الصعبة.

كلير أودي وديل بيكتل – swissinfo.ch

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

عناصر رئيسية في مخطط سلام مبادرة جنيف الذي جاء في 424 صفحة:

تدعو الخطة إلى إجلاء الثلث من المستوطنين الإسرائيليين الـ 300000 في الضفة الغربية. لكنها تقول أيضا إن المناطق القريبة من القدس والتي تضم كتلا استيطانية كبرى ينبغي أن تُلــحق بإسرائيل، وأن يتسلم الفلسطينيون الأراضي المتاخمة لقطاع غزة وتلك الواقعة على طول الحدود الجنوبية الغربية بين إسرائيل والضفة الغربية.

السيادة على مدينة القدس القديمة سيتم تقسيمها بين فلسطين وإسرائيل وسيعمل الجانبان على إعادة توزيع المياه المشتركة.

سيتم ربط قطاع غزة والضفة الغربية بممر بري سيكون تحت السيادة الإسرائيلية، لكنه سيخضع لسيطرة كاملة من قبل الفلسطينيين.

تنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بدون جيش، لكن بقوات أمن قوية.

ستُجلب قوة دولية في فلسطين لمساعدة الجانبين على تنفيذ الاتفاق.

ستتمركز قوة دولية أخرى في منطقة المسجد الأقصى الحساسة (جبل الهيكل) في قلب مدينة القدس القديمة.

لم تستكمل بعد خطة مفصلة لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم، والتي تعتبر إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل في المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية.

يقيم نحو 300 ألف اسرائيلي في أكثر من مئة مستوطنة أقامتها إسرائيل في الضفة الغربية، كما يقيم 200 ألف آخرون في القدس العربية الشرقية، وهي أراض يقطنها نحو 2.5 مليون فلسطيني ويسعى الفلسطينيون لاقامة دولتهم المستقلة عليها. وضمت اسرائيل القدس الشرقية في خطوة لم يعترف بها دوليا.

يطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباسبتجميد بناء المستوطنات قبل استئناف محادثات السلام المتوقفة منذ ديسمبر كانون الاول. ويستشهد عباس بخطة “خارطة الطريق” التي جرى التوصل اليها عام 2003 برعاية أمريكية والتي تدعو لوقف بناء المستوطنات كما تدعو الفلسطينيين الى كبح الهجمات الصاروخية التي يشنها نشطاء فلسطينيون على اسرائيل.

يقول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انه لن يبني مستوطنات جديدة، ولكنه يريد توسيع بعض المستوطنات القائمة بالفعل لاستيعاب ما يصفه “بالنمو الطبيعي” للسكان. ونتنياهو رئيس وزراء يميني تولى السلطة في مارس اذار ويدعمه ائتلاف من أحزاب مؤيدة للاستيطان تريد من اسرائيل الاحتفاظ بأجزاء كبيرة في الضفة الغربية في أي اتفاق سلام يجرى التوصل اليه.

ترى محكمة العدل الدولية أنه تماشيا مع القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقات جنيف، فان المستوطنات غير مشروعة وهو حكم ترفضه اسرائيل. وتعتبر الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي المستوطنات عقبة أمام السلام وتحثان على وقف بنائها.

(نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 سبتمبر 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية