مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القياسات البيومترية في العمل الإنساني: مسألة توازن دقيق

فينسينت غراف ناربيل

لا يمكن وَصف التكنولوجيا، بِحَد ذاتها، بالمُفيدة أو الضارة، فالأثر الحاسِم في النهاية يكمُن في كيفية استخدامها. وكما يقول خبيرٌ في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن توظيف المقاييس الحيوية لأغراض تحديد الهوية في العمل الإنساني هو أحد استخدامات التكنولوجيا التي يفترض أن تُثير نِقاشاً مُكثفاً حول القضايا الأخلاقية وسبل التمويل الأفضل للبحث التقني.

كثيراً ما تتجاوز الاحتياجات في مجال العمل الإنساني الموارد المُتاحة، مع وجود التزام للتأكد من حصول السكان المُتضَرِّرين على حاجتهم من المياه النظيفة والغذاء والعلاج الطبي، دون زيادة أو نقصان. لذا، فإنه من الأهمية بمكان تحديد هوية الأشخاص الذين يتلقون المساعدة والتَثَبُّت منها.

من المنطقي إذن، بل من الضروري أن تُسجّل بيانات الأشخاص في المواقع التي تعمل فيها المنظمات الإنسانية، وهذا يشمل الاسم، والعمر، والجنس. بعد هذه الخطوة، يتعيّن على هذه المنظمات إيجاد طريقة تمُكَنِّ الأشخاص لاحقاً من إثبات حقِّهم في الحصول على الخَدَمات أو السِلَع التي يطلبونها. في مُعظَم الأحيان، يتم ذلك باستخدام بطاقة ورَمز التعريف الشخصي أو كلمة مرور. لكن أصحاب هذه البطاقات قد ينسونها أو يفقدونها، مما يُعرّضها للسرقة والاستخدام من قبل شخص آخر. وفي حالات كهذه، لا تُظهِر القياسات الحيوية (وتُسَمّى البيانات أو القياسات البيومترية أيضاً) نَتائِج واعدة عندما يتعلق الأمر بزيادة الكفاءة وخَفض التكاليف فحسب، لكن أيضاً بتكافؤ الفُرَص في تسجيل المساعدات الإنسانية. [القياسات الحيوية هي نظام آلي للتعرف على الأفراد استناداً إلى سماتهم البيولوجية والسلوكية].

بَعض هذه السِمات الشخصية تكون فَريدة أكثر من غيرها. على سبيل المثال، تُستَخدَم ‘القياسات الحيوية اللينة’ (Soft biometrics) مثل الطول، والعمر، والجنس، والوزن، ولون العين والشعر للتمييز بين الأفراد، ولكن ليس لتحديد هويتهم، لأن العديد من الأشخاص لديهم نفس لون العينين مثلاً. أما السمات الحيوية الثابتة أو الأولية للشخص (Hard biometric traits)، مثل مَسح القُزحية، أو أنماط الأوردة، أوهندسة الوجه، فتُستَخدَم لتحديد فَرْد بعينه. وهذه الفئة الأخيرة هي التي تُجمَع اليوم في أنظمة التسجيل الانسانية القائمة على القياسات الحيوية.

احتل موضوع الدور الحاسم للبيانات في اللحظة الراهنة مركز الصدارة في منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات الذي عُقِدَ في العاصمة السويسرية برن من 3 إلى 6 أكتوبر الجاري، بمشاركة أكثر من 700 خبير حضوريا، وأكثر من 4 آلاف شخص من خلال منصة افتراضية من 100 دولة. وجمع المؤتمر خبراء بيانات من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى المجتمع المدني لمناقشة مدى التقدم في ثورة البيانات الجديدة التي تدعم  تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

اعتماداً على درجة الاستعجال، وما إذا كان الأمر يتعلق بمنطقة نزاع أو كارثة طبيعية، يمكن أن تلجأ المنظمات الإنسانية إلى استخدام ‘القياسات الحيوية اللينة’، مثل بصمات الأصابع إلى جانب ‘القياسات الحيوية الثابتة’ للحصول على تقييم شامل للهوية الحقيقية للأشخاص المُتَضَرِّرين. وسوف يضطلع مثل هذا التقييم الشامل بدور مهم في عملية الاختيار.

وباستثناء بعض الاستخدامات الجنائية المُحَدَّدة، حيث نحتاج للحصول على معلومات حول الحمض النووي مثلاً، تميل البيانات البيومترية إلى “التوسّع التدريجي خارج النطاق الأصلي للتطبيق”، حيث من غير الممكن تقييد مجموعة البيانات البيومترية لِغَرَض التَحَقق أو تحديد الهوية فقط، بل بالامكان استخدامها – الآن أو في المستقبل – لتحقيق غايات تتجاوز ما جُمعت من أجله في الأصل.

على سبيل المثال، تُستخدم تقنية مَسح قُزحيّة العين أو صورة شبكة الأوردة في المستشفيات لتشخيص المرضى. وفي حال قامت إحدى المنظمات الإنسانية باستخدام مَسح قزحية العين أو صور شبكة الأوردة لأغراض تحديد الهوية، فليس هناك ما يمنعها من استخدام نفس البيانات للحصول على معلومات حول الوضع الصحي للأشخاص الذين تقوم بتحديد هويتهم – على الرغم من أن هذا قد يتجاوز الغَرض الذي جَمَعَت البيانات من أجله في الأصل. وهذا لا ينطبق فقط على الاستخدام الثانوي المتعلق بالحالة الصحية؛ حيث يكشف التَعَرٌّف على الوجه عن الكثير من المعلومات حول شخص ما (مثل عِرقه، وفِئَته العُمرية، وغير ذلك).

بطبيعة الحال، يُمكن أن تكشف البيانات البيوغرافية أيضاً عن معلومات أكثر مما هو مقصود في الغرض الأصلي. وهكذا مثلا، يمكن أن تكشف الأسماء عن معلومات حول الإنتماء العِرقي. ويمكن أن يحدث ذلك أيضاُ بشكل غير مباشر، عند معالجة مجموعتين أو أكثر من البيانات معاً للاستدلال على معلومات جديدة مثل العادات الثقافية أو الانتماءات الدينية. مع ذلك، نادراً ما تكون البيانات البيوغرافية الخاصة بشخصٍ ما، كافية لإفرادِه من بين مجموعة، بينما تُعتَبَر قَزَحيتك هي هويتك، حيث من المستحيل أن تتشابه عينان تشابهاً تاماً حتى لو اشتركتا في أكثر من خاصية تقارب.

خلاصة القول هو أن استخدام البيانات البيومترية للتحقق أو تحديد الهوية يمثل مشكلة كبيرة فيما لو أردنا تقليل مخاطر الاستخدام السلبي. وهذا أيضاً ما يجعل هذه البيانات شديدة الحساسية: فعندما تكون بيانات المقاييس الحيوية الخاصة متاحة للعامة، فسوف يكون بوسع أي شخص الإستحواذ عليها وأن يسرق منك أكثر بكثير من مجرد حقك في الطعام أو الدواء؛ لأنه سيكون قادراً على معرفة الكثير عنك، مما يُمكِنه من تتبع أثرك لاحقاً. وفي إطار العمل الإنساني، ينطوي هذا الأمر على مشاكل بالغة الخطورة، لأنه قد ينتهك مبدأ عَدَم الإضرار، كما يُمكن أن يُعَرِّض الحياد (الذي يُعتبر ميزة أساسية للمنظمات الإنسانية – التحرير) للخطر في حال استخدام هذه البيانات لِنَبذِ مجموعة سكانية معينة أو ممارسة التمييز ضدها.

في هذه الحالة، يكمن الحل في إيجاد طريقة يُمكِن من خلالها الحصول على السِمات المطلوبة للقياسات الحيوية دون ترك البيانات البيومترية مُتاحة لاستخدام ثانوي لاحقا. بعبارة أخرى، يجب ألا تكون البيانات المُخَزَّنة في نُظُم تحديد الهوية متاحة بشكل يُمكن استغلاله للإستدلال على الظروف الصحية، أو الخلفية العرقية، أو غيرها من المعلومات التي يتسبب الكشف عنها في الحاق أضرار بأصحابها.

يجب ألا تكون البيانات المُخَزَّنة في نُظُم تحديد الهوية متاحة بشكل يُمكن استغلاله للإستدلال على الظروف الصحية، أو الخلفية العرقية، أو غيرها من المعلومات التي يتسبّب الكشف عنها في الحاق أضرار بأصحابها

السيناريو المثالي لحل هذه المشكلة، هو تحديد هوية الأشخاص من خلال أنظمة لا تكشف البيانات البيومترية. وبهذه الطريقة، لا يُمكن حتى التعرف على البيانات كونها بيومترية في حالة فقدانها أو تسريبها، بل ستبدو أشبه بـ “البيانات غير المرغوب فيها”. وفي حين قد يبدو هذا المفهوم معقداً بيد أنه استُخدِمَ لعدة عقود في كل نظام توثيق يستند على كلمة المرور، وذلك بفضل تكنولوجيا تُعرَف باسم عملية “هاشينغ” (بالإنجليزية Hash function). وهذه عبارة عن عملية تشفير غير قابلة للعكس، تقوم بتحويل كلمة أو جملة – أيّا كان حجمها – إلى سلسلة فريدة من الحروف والرموز ثابتة الطول – تسمح بتخزين كلمات المرور بطريقة لا تكشف عنها، لكنها تسمح بالتحقق منها لاحقاً مع ذلك.

في ظل خطر الإفراط في التبسيط، نحتاج إلى اعتماد نفس النظام للقياسات الحيوية، وهي توصية يسهل قولها أكثر من تنفيذها. فكلمات المرور يجب أن تكون متطابقة دائماً عند كتابتها؛ وفي حال كان هناك حرف واحد مختلف، فلن يتم قبولها. هذه هي الخاصية التي تسمح بتجزئة كلمة المرور أو الـ “هاشينغ”؛ فكل كلمة مرور مختلفة تولد ‘تجزئة’ أو مفتاحاً مُختلفاً تماماً، يُسمّى ‘هاش’ (أو Hash value بالإنجليزية). ولا ينجح التحقق من الكلمة إلا عندما تكون التجزئتان مُتطابقتان تماماً. بمعنى آخر، لا يتم استخدام النص الواضح لكلمة المرور مباشرة؛ ولكن التجزئات فقط.

التحدي يكمن هنا: فبالنظر إلى أن القياسات الحيوية ليست هي نفسها تماماً عند جمعها (بسبب الإضاءة، والموضع، وزاوية التصوير، والغبار، وغيرها من العوامل)، يُحظر استخدام خاصية الـ “هاشينغ”، ويتم تحديد التطابق من خلال عتبة الاحتمالات. على سبيل المثال، إذا كان القياسان البيومتران المُقارَنان مُتَماثلان بنسبة 95%، فسيتم اعتبارهما مُتطابقيْن. أما باستخدام تقنية الـتجزئة أو الـ “هاشينغ”، فسوف تكون عيِّنتا القياسات الحيوية المُجزأة مختلفة تماماً، وهو ما لن يؤدي إلى تطابق بنسبة 95% بعد الآن.

قررت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في علاقة بسياسة القياسات الحيوية الخاصة بهارابط خارجي، تقييد استخدام القياسات الحيوية عندما يتم تخزين البيانات على أداة تبقى لدى المستخدم، مثل البطاقة التعريفية. لكن ذلك يأتي على حساب الأداء الوظيفي؛ فكون اللجنة الدولية لا تحتفظ بالقياسات الحيوية في قاعدةٍ للبيانات، فإن أحداً لن يستطيع التحقق من وجود بيانات شخصٍ ما مرتين فيها. هذه الإمكانية، التي تسمى أيضاً ‘إلغاء التكرار’، مهمة جداً لتجنب حصول الشخص الخطأ على الخدمة الخاطئة أو تلقي بعض الأشخاص كميات من المساعدات تزيد عن مستحقاتهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه السياسة مدفوعة أساساً بِنَقص الحلول المُتاحة التي من شأنها حماية القياسات الحيوية في جميع حالات الاستخدام.

البحوث الرامية إلى النهوض بهذا المجال قائمة ولكنها تفتقر إلى الموارد، كما يستمر العمل لتوحيد القياسات الحيوية أيضاً. وعلى سبيل المثال، يتعيّن عليك اتباع قواعد ومعايير معينة عند القيام بالتقاط صورة لجواز سفرك، مثل عدم ارتداء نظارات شمسية، وعدم تغطية الوجه، وأن تكون عيناك في وضع معيَّن في الصورة وغير ذلك. وفي حالة القياسات الحيوية، فإن توحيد المقاييس لإتاحة إمكانية التشغيل المتداخل للنظام، وعدم التقُّيد ببائع واحد (لاستبدال ماسح ضوئي لبصمات الأصابع أو قزحية العين من قبل مزود آخر مثلاً)، أو لتحسين جودة التطورات والاختبارات (لمكافحة التحيزات وتمكين المساءلة في الأداء مثلاً) هي أمور مهمة أيضاً. وسوف تكون معايير المنظمة الدولية للتوحيد القياسي المنقحة (ISO) [التي يقع مقرها في جنيف]، لحماية القياسات الحيوية خطوة جيدة في هذا الاتجاه. كما قد تساعد اللوائح على المستوى الوطني وفوق الوطني، مثل تلك التي تُناقش حالياً بخصوص الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أيضاً.

بغض النظر عن هذه التحديات، توجد بحوث جديدة في هذا المجال، بما في ذلك حول كيفية تخزين البيانات البيومترية بشكل آمن في قاعدة بيانات مركزية، أو حتى في سحابة عامة. وتركز هذه التقنيات على إيجاد طرق جديدة لمُعالجة البيانات البيومترية بحيث يمكن أن تعمل تماماً مثل تجزئة كلمة المرور [“باستخدام خاصية الـ “هاشينغ”]، بحيث تظل قابلة للاستخدام لتحديد الأفراد بشكل صحيح، ولكن دون كَشف أي معلومات عنهم، كما لا تكون قادرة على إعادة إنشاء العينة البيومترية الأصلية من البيانات المُعالجة (أي لا تكون قابلة للعكس).

ثمة خاصية أخرى ذات صلة رئيسية هي قابلية الإلغاء (أو التجديد). من الممكن تغيير كلمات المرور بسهولة كبيرة في حال تم اختراقها، ولكن لا يمكن للأشخاص تغيير سماتهم الحيوية الأصلية، لأن الشخص لا يستطيع  تغيير قزحية عينه أو بصمة إصبعه مثلاً. تتمثل هذه الخاصية بتحويل البيانات البيومترية بطريقة يمكن من خلالها مَسح نفس الإصبع أو القزحية مرة ثانية لإنشاء صورة مُحَوَّلة مختلفة لن تكون صالحة لإغراض تحديد الهوية مثل القديمة فحسب، ولكن أيضاً لا علاقة لها البتة بالصورة القديمة التي سيتم إلغاؤها.

في ذات السياق، يُركز مسارٌ آخر مُختلف للبحوث على التقليل من تَفَرُّد البيانات البيومترية، إلى الحَد الذي تصبح فيه غير حساسة ولا تَكشف عن المَزيد من المعلومات الخاصة. تقوم هذه الطرق بإزالة أجزاء من عيِّنة القياسات الحيوية (وهو أشبه بتقسيم صورة إلى العديد من الأجزاء الصغيرة والتخلص من العديد من هذه الأجزاء)، أو تَعتيم البيانات البيومترية عن طريق تشويهها، أو إضافة ضوضاء إليها. وتهدف هذه التحويلات إلى تغيير البيانات المُخَزَّنة في قاعدة البيانات إلى درجة استحالة وَصْلها بالبيانات الأصلية.

ولإثارة النقاش حول استخدام تكنولوجيا البيانات البيومترية في مجال العمل الإنساني، يجب علينا أن نتجاوز مرحلة إعلانات النوايا، وأن نتوفر على جميع المعلومات المتاحة بدلاً من ذلك. ويعني هذا مثلاً، أن نظل مُدرِكين أنه حتى مع الحماية الكبيرة للبيانات من خلال عمليات التصميم، إلا أن البيانات البيومترية لا تزال تتجاوز الغرض الذي أنشئت من أجله بطبيعتها، لأنها تكشف أكثر بكثير من الغرض الأساسي المقصود منها. لذا، هناك حاجة مُلحة إلى استثمار المَزيد في مجال البحث التقني لحماية الأشخاص من ‘الزَحف الوظيفي’، وتصميم وإدخال أنظمة لا يتم فيها الإفراط في استخدام بيانات القياسات الحيوية بشكل مُتعمد. ومع وَضع ذلك نُصب أعيننا، فإننا ندعو إلى إقامة شراكات في القطاعين الأكاديمي والخاص لإطلاق مشروع يهدف إلى تطوير مثل هذه الأنظمة الآمنة التي تحافظ على الخصوصية. ويُعَدّ مثل هذا التعاون ضرورياً الآن مع تزايد سرعة طَرح أنظمة تحديد الهوية القائمة على القياسات الحيوية.

الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف فقط، ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر SWI swissinfo.ch.

تقوم swissinfo.ch بنشر آراء حول مواضيع مختلفة، سواء حول قضايا سويسرية أو مواضيع لها تأثير على سويسرا. يرمي اختيار المقالات إلى تقديم آراء متنوعة بهدف إثراء النقاش حول القضايا المطروحة. تعبّر الأفكار الواردة في هذه المقالات عن آراء مؤلفيها فقط ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر SWI swissinfo.ch.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية