“لقاء محمد بن سلمان وترامب…إعادة تأهيل سياسي مقابل صفقات المال والسلاح”
حظي لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن باهتمام واسع في الصحافة السويسرية، التي وصفته بأنه “إعادة تأهيل سياسي” مقابل صفقات اقتصادية ضخمة. كما سلطت الصحف السويسرية الضوء على ردود الفعل المتباينة على خطة السلام الأمريكية في غزة التي اعتمدها مجلس الأمن.
قرار ترامب حول غزة لا يخدم لا الإسرائيليين ولا الفلسطينيين
في تقرير مطوّل نشرته صحيفة لوتون، تناولت الكاتبة فاني ليونور كروزيه بالتحليل القرار الأمريكي الجديد المتعلق بقطاع غزة، الذي حظي بتأييد واسع داخل مجلس الأمن الدولي، لكنه قوبل في الوقت نفسه بريبة واعتراض الفلسطينيين والإسرائيليين، الطرفين المعنيين مباشرة.
وأوضحت الصحيفة أن القرار، الذي حصل على 13 صوتًا مؤيدًا من أصل 15، مع امتناع الصين وروسيا عن التصويت، ينص على إنشاء “قوة دولية للاستقرار” في قطاع غزة لمدة عامين، تتولى تأمين الحدود، وتنسيق توزيع المساعدات الإنسانية، ونزع سلاح حركة حماس، تمهيدا لاستلام “قوة شرطة فلسطينية يتم تشكيلها وتدريبها” المهمة الامنية بالتعاون مع مصر وإسرائيل. ووفقًا للقرار، تُدار غزة خلال هذه الفترة من قبل “لجنة للسلام” تعمل كسلطة انتقالية برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على أن تنسحب القوات الدولية والإسرائيلية بالكامل بحلول 31 ديسمبر 2027 لصالح “سلطة فلسطينية”.
هذه الخطة الأمريكية تشرّع شكلاً جديدًا من الاحتلال الدولي لغزة.
طارق كيني-شوا في صحيفة لوتون
ونقلت الصحيفة عن السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايكل والتز قوله، إن القرار يرسم “طريقًا ممكنًا نحو تقرير المصير للفلسطينيين”، مشيرًا إلى أن “الصواريخ ستحلّ محلها أغصان الزيتون، وسيُفتح أفق سياسي جديد”.
لكن الصحيفة لاحظت أن هذا الخطاب الرمزي لم يلقَ ترحيبًا واسعًا. فقد اعتبر الجانب الإسرائيلي القرار تهديدًا مبطنًا باستقلال غزة عن المعادلة الأمنية الإسرائيلية، بينما رأى كثير من الفلسطينيين أنه يكرّس شكلًا جديدًا من الوصاية الدولية على القطاع، ويُبقي مصيره رهينًا لقوى أجنبية بقيادة الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن استقلال غزة يبقى خطًا أحمر بالنسبة للحكومة الإسرائيلية. ففي تصريح أدلى به يوم الأحد الماضي، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “أكافح ضد هذه المحاولات منذ عقود… ولا أحتاج إلى دعم أو دروس من أحد.”
وتشير الصحيفة إلى انقسام الآراء داخل إسرائيل، فبينما رحّب به اليمينيون باعتباره يضع حدًا لفكرة الدولة الفلسطينية “الوهمية”، اعتبرته أصوات يسارية بمثابة ضربة مزدوجة: فهو، برأي الباحثة اليسارية ميراف زونسزاين، يقوّض حق الفلسطينيين في تقرير المصير، ويُضعف أمن إسرائيل على المدى الطويل: “ضربة قاسية لحق الفلسطينيين في تقرير المصير ولأي دولة فلسطينية قابلة للحياة… وهو ما يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل.”
على الجانب الفلسطيني، كانت ردود الفعل متباينة أيضا، إذ وصفت السلطة الفلسطينية القرار بأنه “خطوة أولى في طريق طويل نحو السلام”، بينما رفضته حركة حماس واعتبرته “وصاية دولية مرفوضة”، مؤكدة أن غزة “لن تُدار بقرار صادر عن واشنطن”.
من جهته، قال طارق كيني-شوا، المختص بالشؤون الأمريكية، لصحيفة لوتون من الولايات المتحدة: “هذا المشروع يشرّع شكلاً جديدًا من الاحتلال الدولي لغزة”، مضيفًا أن الخطة “تُعفي إسرائيل من مسؤولياتها القانونية، وتوفر لها غطاءً سياسيًا للهروب من تهم الإبادة وجرائم الحرب والتطهير العرقي”.
وفي ختام تحليلها، ترى لوتون أن خطة ترامب، رغم غلافها الدبلوماسي، تُعيد إنتاج التناقضات ذاتها: فهي تمنح الفلسطينيين وعودًا غامضة تحت إشراف دولي، وتمنح إسرائيل مهلة إضافية لتأجيل أي حل نهائي.
(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 18 نوفمبر 2025، بالفرنسية)
لقاء محمد بن سلمان وترامب: إعادة تأهيل سياسي بغطاء اقتصادي
حظي اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن بتغطية واسعة في الصحافة السويسرية، التي تناولت الحدث من زوايا متعددة، جمعت بين تحليل الأبعاد السياسية والدوافع الاقتصادية . وقد بدا الحدث، بحسب الكثير من التحليلات، بمثابة إعادة تأهيل سياسي لزعيمٍ كان حتى سنوات قليلة مضت موضع تنديد غربي واسع، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
محمد بن سلمان اشترى، بطريقة ما، عودته إلى الساحة الدولية.
تاغيس انتسايغير
ففي صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ، كتبت الصحفية آنه ألمِلينغ تقريرًا مطوّلًا قدّمت فيه لوحة شاملة لمسيرة ولي العهد، من الأمير الشاب الذي شق طريقه في ظل والده، إلى الحاكم الفعلي الذي “يركّز السلطة في قبضته أكثر من أي سلف له .. لقد أزاح محمد بن سلمان خصومه السياسيين وركّز السلطة في يده.”
ورأت الكاتبة أن ولي العهد يستخدم الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي أداةً لتثبيت سلطته السياسية، مشيرة إلى أن رؤية 2030 تمزج بين انفتاح اقتصادي محسوب، وقمع سياسي متزايد. فرغم السماح بإقامة الحفلات وقيادة النساء للسيارات، “لا يزال الفضاء العام خاضعًا لرقابة صارمة، ولا يتمتع القضاء بأي استقلالية”. كما نبهت الصحيفة إلى أن طموحاته الإقليمية — ومنها تقاربه الحذر مع إيران وتريّثه في التطبيع مع إسرائيل — تعبّر عن مزيج من البراغماتية، وحسابات الشرعية المحلية بوصفه “حاميًا للحرمين الشريفين”.
استعراض القوة والمصالح: ترامب يفتح البيت الأبيض لمحمد بن سلمان
وفي مقال بوريس هيرمان في صحيفة تاغيس انتسايغر، يصف الكاتب أجواء الزيارة التي خصّ بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضيفه السعودي بأنها غير مسبوقة من حيث البروتوكول والبذخ، إذ امتد اللقاء من الصباح حتى العشاء الرسمي وسط استعراض للطائرات المقاتلة، ومراسم عسكرية لافتة. ويرى هيرمان أن ذلك لم يكن مجرد تكريم دبلوماسي، بل عرض رمزي لإعادة تأهيل ولي العهد السعودي على الساحة الغربية، بعد سنوات من الجفاء بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي: “محمد بن سلمان اشترى، بطريقة ما، عودته إلى الساحة الدولية. فبلاده غنية ونافذة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها طويلاً”.
ولفت الكاتب إلى أن ترامب لم يكتفِ بالاستقبال الحافل، بل أطلق وصفاً أثار دهشة الحضور حين قال عن ضيفه إنه “مذهل في مجال حقوق الإنسان”. وهنا يعلّق الكاتب بسخرية لاذعة: “مذهلٌ في مجال حقوق الإنسان، وصفٌ قد لا يختلف حوله كثيرون، لكنهم لن يقصِدوا بها شيئاً مذهلاً على نحوٍ إيجابي، بل مذهلاً في السوء.”
وبهذا التعليق، سلّط الكاتب الضوء على ما يرصده من تناقض صارخ بين الخطاب الأمريكي الرسمي والواقع الحقوقي في السعودية، لاسيما وأن ترامب لم يتردد في مهاجمة صحفية أمريكية طرحت سؤالاً حول قضية خاشقجي، متهماً إياها بأنها “من ممثلي الأخبار الكاذبة” لأنها “أحرجت ضيفه”. ويستخلص المقال أن البراغماتية السياسية تجسدت في اهتمام ترامب وابن سلمان بعقد الصفقات الاقتصادية، من استثماراتٍ سعوديةٍ كانت تُقدَّر بـ 600 مليار دولار وارتفعت – وفق ترامب – إلى تريليون دولار.
ضمانات دفاعية واستثمارات تريليونية: واشنطن والرياض توسعان تحالفهما
أما التغطية الثالثة، على موقع الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بالفرنسية ( RTS)، فقد أكدت على البُعدين البروتوكولي والسياسي للزيارة، ووصفتها بأنها “إعادة تأهيل مذهلة” لولي العهد. وأشارت إلى أن ترامب منح السعودية وضع “حليف رئيسي من خارج الناتو”، في خطوة رمزية تعكس اتجاهًا نحو شراكة دفاعية أعمق. كما أوضح التقرير أن ابن سلمان يسعى إلى ضمانات أمنية أمريكية، وإلى الحصول على تقنيات استراتيجية تشمل الطائرات المقاتلة، والرقاقات الإلكترونية، لتسريع مشروعات الذكاء الاصطناعي ضمن خطط التحول الاقتصادي.
المصادر:
- صحيفة نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 17 نوفمبر 2025 (بالألمانية)
- صحيفة تاغيس انتسايغيررابط خارجي، 19 نوفمبر 2025 (بالألمانية)
- موقع الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بالفرنسية رابط خارجي(RTS) – 18 نوفمبر 2025
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع:
الإقامة في سويسرا: امرأة من عائلة سويسرية في المهجر مهددة بالترحيل
تحقيق سويسري: نماذج جاهزة وخيال يحاكي الواقع تشكّل سردية الجيش الإسرائيلي
من مناجم السودان إلى مصافي سويسرا…الذهب الإماراتي يغذّي الصراع بين الأشقاء
موعدنا يوم الجمعة 28 نوفمبر مع عرض صحفي جديد.
مراجعة: فريق سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.