The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

تحت المجهر: مبادرة ضريبة الميراث في سويسرا لإنقاذ المناخ 

الأثرياء
بعض من الأثرياء والثريات في إحدى المناسبات بسانت موريتز. Keystone / Christian Beutler

فرض ضرائب على  ميراث الأثرياء في سويسرا واستخدام الأموال لمعالجة أزمة المناخ، هذا ما يقترحه حزب الشبيبة الاشتراكية. ويحذر المعارضون.ات، بما في ذلك الحكومة الفيدرالية، من خسائر واستقطاعات سيعاني منها الاقتصاد السويسري، إذا ما فازت المبادرة في صناديق الاقتراع. فما الذي يجب معرفته حول هذه المبادرة؟ 

لا تظهر عبارة “ضريبة الميراث” فعليًا في عنوان المبادرة. فالاسم الكامل هو رابط خارجي“لأجل سياسة مناخية اجتماعية، بتمويل عادل من الضرائب (مبادرة لأجل المستقبل)”رابط خارجي. وستدلي الناخبات السويسريات والناخبون السويسريون بأصواتهم.نّ بشأن هذه المبادرة، في اقتراع شعبي تنظمه سويسرا يوم 30 نوفمبر المقبل.  

من أين جاءت فكرة هذه المبادرة؟ 

من يتحدث عنها، يعني على الأغلب “مبادرة ضريبة الميراث”. إذ تهدف إلى إدراج ضريبة ميراث على الثروات الطائلة. 

ويدعو النص، على وجه التحديد، إلى فرض ضريبة بنسبة 50%، إذا ما أورث شخص ما أسرته أو وهبها أكثر من 50 مليون فرنك. فتصبح هذه الضريبة واجبة على المبلغ الزائد عن 50 مليون فرنك. وسوف تُستخدم هذه الإيرادات في مكافحة آثار التغيرات المناخية.  

بهذا، تجمع المبادرة بين مطلبين؛ زيادة الضرائب على أكبر الثروات من جهة، وتدابير لمعالجة تغير المناخ من جهة أخرى. ويرتبط هذان المطلبان بتوجّهين عالميين، هما: “فرض المزيد من الضرائب على الأثرياء”، وتحقيق العدالة المناخية. ففي عام 2024، على سبيل المثال، قررت دول مجموعة العشرين الدفع باتجاه فرض ضرائب أعلى على الأثرياء. 

توجه عالمي
توجه عالمي: مظاهرة لأجل فرض الضرائب على النخبة فاحشة الثراء في ألمانيا عام Keystone-SDA

ومما يتم مناقشته، فرض ضرائب قدرها 2% على الثروات الملياريةرابط خارجي. كذلك، منذ فترة طويلة، يكثر الحديث عالميًا عن مبدأ العدالة المناخية (ما يعرف بـ “الفجوة الكربونيةرابط خارجي“). 

جدير بالذكر أنّ ضرائب التَّرِكات تمثل حاليًا قدرًا ضئيلًا من إيرادات الضرائب في أغلب الدول، مثلما يوضح الرسم البياني التالي: 

محتويات خارجية

من سيتأثر بالمبادرة؟ 

وبحسب تقدير الحكومة الفيدرالية، يوجد حوالي 2،500 شخصٍ يمتلكون ثروات تزيد عن 50 مليون فرنك. ما يعني امتلاك هذه الدائرة من الأشخاص مجتمعةً، قرابة 500 مليار فرنك. ووفقًا لـ دراسةرابط خارجي رابط خارجيأجرتهارابط خارجي رابط خارجيجامعةرابط خارجي رابط خارجيلوزانرابط خارجي، سوف تمسّ هذه المبادرة بالأساس حوالي 300 أسرة، تزيد ثروتها عن 200 مليون فرنك. 

وبحسب المجلة الاقتصادية “بيلانس” (Bilanzرابط خارجي)، يعيش في سويسرا حاليًا 152 مليارديرًا. ما يجعلها صاحبة أكبر كثافة للمليارديرات على مستوى العالم، بواقع 17 مليارديرًا لكل مليون نسمة.  

ضريبة الميراث في سويسرا: ما هو الوضع حتى الآن؟ 

لا تملك سويسرا ضريبة ميراث موحدة، ومنظمة فيدراليًا. فظلّ هذا النوع من الضرائب فيها من اختصاص الكانتونات، وحتى البلديات المحدّدة لقواعدها ومعدلاتها الخاصة. لذلك، توجد فيها حاليًّا عشرات الخيارات الضريبية المختلفة. 

وتُعفي معظم الكانتونات الورثة من الضرائب، أو تحدد نسب إعفاء كبيرة. وتمثل كانتونات أبنزل رودس الداخلية، وفو، ونوشاتيل استثناءً في هذا الصدد. حيث تُفرَض فيها ضرائب على التَّرِكات بمعدل منخفض نسبيًا، يبلغ قرابة 1،6%. لكن لم يكن الأمر على هذا النحو دائمًا. “فقد شهدت الثروات والتَّركات، إعفاءات ضريبية كبيرة في العقود الثلاثة الأخيرة”، مثلما ورد في دراسة بجامعة لوزان. 

وبالفعل، تم اقتراح ضريبة فيدرالية على الميراث الزائدة قيمتُه عن 2 مليون فرنك سويسري، في عام 2015. آنذاك، كانت هناك نية لتمويل تقاعد الشيخوخة، والأيتام القصر (AHV) من هذه الأموال. وجاءت الفكرة من الحزب الشعبي الإنجيلي (EVP)، والحزب الاشتراكي (SP)، وحزب الخضر (Grünen). لكن رفض الشعب مبادرة الضرائب على التَّرِكات رفضًا حاسمًا بنسبة بلغت 71%، وأزيد من 12 كانتونًا. 

كيف تُحصِّل سويسرا الضرائب عن الثروات الضخمة؟ 

تعد هذه المسألة أكثر تفاوتًا. فـ ضريبةرابط خارجي رابط خارجيالثرواترابط خارجي جزء من اختصاصات الكانتونات، وكذلك البلديات. ولا علاقة للفيدرالية بها. 

وتصبح ضريبة الثروة واجبة، حينما تتخطى الثروة حد الإعفاء. فعلى سبيل المثال، يبلغ هذا الحد 100،000 فرنك في بعض الكانتونات، ومليون فرنك في كانتونات أخرى. ويجعل هذا الأمر ضريبة الثروات السويسرية، الفريدة من نوعها عالميًّا، “ضريبة للأثرياء” حقًّا. 

وقد وضعت أغلب الكانتونات التعريفة الضريبية للثروات بأسلوب تصاعديّ، بمعنى أنه: كلما زادت الثروة، كلما ارتفعت نسبة الضريبة. وأدى هذا إلى وقوع دفع حوالي 86% من ضريبة الثروة على عاتق 10% من الأكثر ثراءً. أما كيف تحدّد الكانتونات الستة والعشرون ضرائب الثروات، فهذا ما يوضحه الجدول التالي: 

محتويات خارجية
ثري
20 مليون فرنك ضرائب سنوية: الملياردير أندريه هوفمان. Keystone / Alessandro Della Valle

في إطار إحدى الدراسات، حسب الخبراء والخبيرات في مجال الاقتصاد بالمعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان (EPFL )، الضرائب الواجبة على وارث شركة روش، أندريه هوفمان. إذ يمتلك ثروة تقدر بحوالي 2،6 مليار فرنك. ووفقًا لـ النموذجرابط خارجي رابط خارجيالحسابيرابط خارجي رابط خارجيالصادررابط خارجي رابط خارجيعنرابط خارجي رابط خارجيالمعهدرابط خارجي رابط خارجيالمذكوررابط خارجي، يدفع هوفمان في كانتون فو، ضرائب سنوية تقدر بقرابة 20 مليون فرنك عن ثروته. 

إذن، تمتلك سويسرا بذلك “حدًّا أدنى من الضرائب على الشرائح الثرية”، وفق ما كتبه مركز الأبحاث الاقتصادية التابع للمعهد التقني الفدرالي العالي بلوزان. هكذا، تساهم تلك المجموعة ذات الثروات الهائلة، المستهدفة من المبادرة، في الإيرادات الضريبية بالفعل. ففي عام 2022، تدفقت تسع مليارات فرنك من ضرائب الثروة إلى الكانتونات والبلديات، ما يعادل عُشر إجمالي إيراداتها. 

ومع ذلك، تُعدّ سويسرا ملاذًا ضريبيًا للأغنياء. ويرجع ذلك إلى انخفاض معدلات الضرائب في بعض الكانتونات، و الضرائبرابط خارجي رابط خارجيالجرابط خارجيُرابط خارجيزافيةرابط خارجي المقطوعة لبضعة آلاف من الأجانب الأثرياء المقيمين في البلاد. فيستفيدون من سعر ثابت قائم على الإنفاق على أصولهم العالية.  

ما حجج الجماعات المؤيدة؟ 

ولإن من يمتلك ثروة يستهلك بسبب نمط حياته المزيد من ثاني أكسيد الكربون، وفق حزب الشبيبة الاشتراكي (Juso)، فعليه إذن دفع المزيد لحماية المناخ. “لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة لعام 2050، ستكون هناك حاجة لاستثمارات تبلغ حوالي 12 مليار فرنك سويسري في سويسرا كل عام”.   

مبادرة
فعالية لأجل مبادرة ضريبة التَّرِكات، أقامها حزب الشبيبة الاشتراكي في محطة قطارات برن. Keystone-SDA

تقول نائبة رئيس الحزب، ناتالي روس: “لقد جمعت تلك المجموعة، فاحشة الثراء، ثرواتها من استغلال البشر والطبيعة. وحان الوقت، كي تدفع ثمن جرائمها في حق المناخ”. وينبغي استخدام هذه الأموال لتنفيذ مشروعات مستدامة في مجالات الإسكان، والعمل، والخدمات الاجتماعية. 

ويتوقع الحزب طارح مبادرة ضريبة التَّرِكات، زيادة الإيرادات الضريبية بمقدار ست مليارات فرنك إضافية، في حالة نجاح مبادرته. 

ما حجج الجناح المعارِض؟ 

على الجانب الآخر، فلدى الجناح المعارض، الذي يضم كذلك الحكومة الفيدرالية، حسابات أخرى. ففي حالة قبول مبادرة حزب الشبيبة الاشتراكي، سيتم تحصيل ما بين 2،5 و5 مليارات فرنك إضافية من الضرائب، وفق تقدير جامعة لوزان. 

ولكن، هذا إن لم يهاجر أحد. إذ ترى الجبهة الرافضة للمبادرة، أنّ بعض أفراد تلك الطبقة الثرية وبعض الشركات قد تنقل مقراتها إلى الخارج. “فخلاصة القول إذن، قد تؤدّي المبادرة إلى تراجع الإيرادات”، مثلما تحذر الحكومة الفدرالية. 

فبحسب تقديرها، قد يتسبب قبول المبادرة في ضياع ما بين 85 إلى 98% من الركيزة الضريبية لهؤلاء الأشخاص (في حالة هجرتهم.ن). وهو ما يعادل ما بين 2،8 و3،7 مليار فرنك. 

وتجادل شخصيات بارزة، ستتأثر بالتدبير أيضًا، باحتجاز جزء كبير من أصولها في شركاتها. وتحذّر من أنّه سيتعين بيع هذه الشركات لدفع الضريبة. وعلاوة على ذلك، تشير إلى خلق رواد الأعمال الأثرياء ورائداتها الثريات فرص عمل، ومحافظتهم.نّ على تنافسية سويسرا بصفتها مركزًا للأعمال من خلال الابتكار، والاستثمار. 

هل كل شيء واضح الآن؟ 

ليس تمامًا. وذلك بسبب الجدل الذي يثيره بند الأثر الرجعي الموجود بنص المبادرة. فهل يمكن ملاحقة بعض أفراد هذه الفئة الثرية، حتى بعد مغادرتها سويسرا فعليًّا؟ هذا ما قد يتوجب على المحاكم البت فيه، بعد قبول المبادرة. 

أما الواضح، فهو مطالبة المبادرة بإجراءات “للحيلولة دون التهرب الضريبي، خاصة في حالة الهجرة”. وفي ذات الوقت، تنص المبادرة على أن تصبح الضريبة مستحقة، بعد قبول المبادرة مباشرةً. وهذا بفعل بند الأثر الرجعي. 

لهذه الأسباب، تثير هذه المبادرة حالة من القلق الشديد في الدوائر المعنية، حتى قبل انطلاق حملة الاقتراع بكثير.  

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بالتس ريغندينغر

ضريبة الميراث: هل يساهم الأثرياء بالفعل بما يكفي؟

في 30 نوفمبر، ستصوت سويسرا على ضريبة ميراث جديدة. ما مدى منطقية مطالبها؟

58 إعجاب
38 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: سامويل جابيرغ

ترجمة: هالة فرّاج

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية