مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مراكش الحمراء تستضيف مهرجان مونترو

من اليمين، عمدة مراكش عمر الجزولي والنجم الأمريكي كوينسي جونس ورئيس جهة مراكش عبد العالي دومو في الدورة 40 لمهرجان مونترو للجاز swissinfo.ch

ستعيش مدينة النخيل المغربية من 3 إلى 5 نوفمبر 2006 على إيقاع مهرجان مونترو للجاز الذي سيحل ضيفا عليها للمرة الأولى بعد أن وقع الجانبان هذا الصيف في "مونترو بالاس" بروتوكول الاتفاق.

وبذلك تلتحق مراكش بلائحة تزداد طولا للمدن التي احتضنت “علامة” هذا المهرجان السويسري العريق الذي احتفل هذا العام بالذكرى الأربعين لتأسيسه.

في شهر مارس 2006، حل مهرجان مونترو للجاز ضيفا على سنغافورا. ومن المُقرر أن يشد الرحال إلى مدينة أطلنطا الأمريكية التي اعتادت على استضافة الحدث، والتي ستستمتع هذا العام بأنغام مونترو من 1 إلى 4 سبتمبر القادم. ثـم سيحلق المهرجان باتجاه شمال القارة السمراء حيث سيطرق باب مراكش الحمراء المغربية للمرة الأولى خلال أولى عطلة نهاية أسبوع من شهر نوفمبر المقبل، لتلتحق مراكش بلائحة المدن الطويلة التي احتضنت هذه التظاهرة الموسيقية العريقة…

لماذا يحرص إذن مهرجان مونترو للجاز على “تصدير نفسه”؟ يجيب كلود نوبس، مؤسس ورئيس التظاهرة:

“إن مونترو مدينة صغيرة يسكنها 20000 نسمة. خلال أربعين عاما من تواجد المهرجان، طورنا تصورات مختلفة، ونصل إلى قدرة استيعابية قصوى تمثل حوالي 250 ألف مشاهد في العام يتوزعون بين مجموع فعاليات المهرجان، في القاعات والهواء الطلق. ولا يمكننا أن نذهب أبعد من ذلك”.

ومن هنا، جاءت فكرة تطبيق المقاربة التسويقية “win-win” أو المكسب للجميع، عبر بيع اسم مهرجان مونترو للجاز. وهذا يسمح بدعم تظاهرات أخرى من خلال تزويدها بسمعة ومهارة واتصالات مهرجان مونترو، مع تحقيق مكاسب لهذا المهرجان العريق وشهرة وإعلانات إضافية لمدينة مونترو.

اختيار مراكش

أما استضافة مراكش لمهرجان مونترو للجاز فكانت في بداية الأمر بادرة من المدينة الحمراء حسب رئيس جهة مراكش السيد عبد العالي دومو. من جهته، ذكـّر عُمدة مراكش السيد عمر الجزولي بأن المدينة قبلة ثقافية رفيعة المستوى. وقال في هذا السياق:

“إن مراكش، عاصمة العديد من الأسر المالكة، ملتقى موسيقي: فقد حكمت مناطق تمتد تقريبا من جنوب إسبانيا إلى جنوب السنغال. ونجد بالتالي تأثيرات موسيقية أندلسية وعربية ومسلمة وإفريقية… وجذور الجاز إفريقية. فهنالك إذن سبب جيد لجلب الجاز إلى مراكش”.

لكن لماذا اختار مهرجان مونترو للجاز، الذي يريد أن يضع قدما له في إفريقيا، مراكش بالذات؟ كلود نوبس، الذي شدد على الثراء الموسيقي للمدينة الحمراء والتبادلات الثقافية التي سيسمح بها هذا التعاون، أثار أسباب أخرى، إذ قال:

“أولا لأنها قريبة جدا. ثم هنالك الثقافة الفرنكوفونية، وبالتالي فإن التفاهم أسهل. لقد أجرينا اتصالات مع مدن أخرى، خاصة في جنوب إفريقيا. لكن مراكش بدت لنا الحل الأكثر منطقية”.

من جهة أخرى، تشهد مدينة مراكش انتعاشة سياحية هائلة، وتجتذب بشكل خاص فئة “عصرية” وميسورة من السياح. وهذا كان له وزن هام رجح الكفة لفائدة مراكش لدى عملية الانتقاء. فهل تراهن مونترو على ورقة الطراز الرفيع؟ “حتما” يجيب السيد نوبس الذي يستطرد قائلا: “لكن مع الاحتفاظ في مراكش، كما في مونترو، على تظاهرات مجانية، وبالتالي على بُعد شعبي. نحن لا نريد أن نكون مجرد مهرجان نخبوي”.

تطور مُذهل

مدينة مراكش لا تتوقف عن التوسع وعن تطوير طاقتها الفندقية وإنشاء تظاهرات ثقافية مثل “المهرجان الدولي للفيلم بمراكش” الذي اكتسب بعد شهرة واسعة ويجتذب العديد من النجوم. فهل لا تذهب مدينة النخيل بعيدا جدا، وبسرعة وقوة كبيرتين؟

يرد عمدة المدينة عمر الجزولي ببراغماتية “إن مراكش مدينة سياحية، وتمثل لوحدها 40% من الطاقة الفندقية للمغرب، وهي قدرة ستتواصل في الارتفاع. لذلك يجب أن نحاول جلب أكبر عدد ممكن من السياح”.

من جهته، قال السيد دومو “إن تأثير تظاهرات من هذا النوع على مراكش والمغرب هام جدا. أولا، بفضل وسائل الإعلام والزوار، هذا يعزز إشعاعنا على المستوى الدولي. وبالنسبة للسكان المحليين، يسمح ذلك بإنعاش النشاط الثقافي. ونحن نأمل أن يـُنظَّم في مراكش مهرجان كل شهر”.

غير أن مراكش هي أيضا مدينة التناقضات: ثراء وفقر، تقاليد في المدينة العتيقة وحداثة في المدينة الجديدة… فهل لا يهدد استقطاب مثل هذه التظاهرات بتهميش جزء كبير من سكان المدينة؟

رئيس جهة مراكش يـحلل الأمور على النحو التالي: “مثل أي بلد نامي، نبحث عن التطور. نحن في خضم هذه العملية، وبالنسبة لنا، سيكون من الترف القول “حذار، سيكون لذلك آثار جانبية، لا يجب القيام بذلك”. إنه تفكير يفرض نفسه، لكن بالنسبة لنا، هذا مبكر جدا. كل تطور وكل نمو له آثار جانبية ويجب معرفة إدارتها، مثلما يحدث في كل مكان”.

وتابع قائلا: “بالنسبة للسكان، يمثل تطور السياحة أولا خلق مواطن عمل، وبالتالي جيل سيستفيد من فرص غنية. ثانيا، يعني التطور السياحي حركية ونشاط. وطالما يستفيد هؤلاء السكان من هذا النشاط، لا أرى لم سيكون هنالك رفض. إن السكان يرفضون الشيء عندما يقصون من عملية ما. وهذا ليس حال مراكش”.

سعي وراء نفس تنوع مونترو

من 3 إلى 5 نوفمبر، ستعيش مراكش على إيقاع الحفلات الموسيقية لمهرجان مونترو للجاز. لكن التظاهرة ستمتد أيضا إلى مدينة الصويرة على ساحل المحيط الأطلسي. وفي المدينة الحمراء، ستقام الحفلات الكبرى المدفوعة الأجر في المسرح الملكي، بينما ستحتضن حدائق المنارة الحفلات المجانية.

كما ستنظم سهرات موسيقية في العديد من “الرياضات” (البيوت المغربية العتيقة)، وعروض في ساحة “جامع الفنا” الشهيرة. بينما ستتواصل الحياة الموسيقية الليلية في نادي “الباشا”…

البرنامج يعد إذن بتنوع العروض. فهل يحلم ضيفانا المغربيان باستضافة نجم بالتحديد أو نجوم معينة في المدينة الحمراء؟ يجيب رئيس جهة مراكش عبد العالي دومو: “أعشق كوينسي (جونس)… قال لي إنه سيكون في الصين في تلك الفترة، لكننا سنحاول تسوية ذلك. كما أعشق سانتانا. جلبُه إلى مراكش سيكون بمثابة حلم”. أما عمدة مدينة النخيل فقال: “بالنسبة لي، إذا تواجد كلود نوبس في مراكش، سيتبعه الجميع!”.

2004: جرت أولى الاتصالات والنقاشات بين مراكش ومهرجان مونترو للجاز.
ديسمبر 2004 – فبراير 2005: استكشاف مهرجان مونترو للمدينة المغربية.
يونيو – يوليو 2005: جرت المفاوضات في مونترو.
9 يوليو 2006: التوقيع على بروتوكول الاتفاق في مونترو بالاس.
تواصلت الدورة الـ40 لمهرجان مونترو للجاز من 30 يونيو إلى 15 يوليو 2006.

مراكش هي أول وجهة سياحية في المغرب، قبل أغادير.
تمثل طاقتها الفندقية زهاء 40% من الطاقة الفندقية المغربية وسجلت نموا بنسبة 7% ما بين 2000 و2005.
في 2005، زار مراكش 11700 سائحا سويسريا، أي ما يعادل 47237 ليلة مقضاة.
بين يناير وأبريل 2006، ارتفع التوافد السياحي السويسري على مراكش بنسبة 17% على مستوى الليالي المقضاة في فنادق المدينة الحمراء.

(نقلته من الفرنسية وعالجته: إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية