مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المُهجّرون التونسيون يطالبون من جنيف بعودة “آمنة وكريمة وشاملة”

جلسة المؤتمر التأسيسي للمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين- جنيف 20-21 يونيو 2009 swissinfo.ch

نظم المهجرون التونسيون مؤتمرهم الأول في جنيف الذي اختتم بتأسيس "المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين". وعلى الرغم من حضور أقطاب المعارضة السياسية من الخارج والداخل، فإن المؤتمرين حاولوا الحفاظ على طبيعة المنظمة "كمنظمة حقوقية" في الوقت الذي نظمت فيه التيارات السياسية والمنظمات الحقوقية جلسة على هامش المؤتمر "لمحاولة توحيد الصفوف".

شهدت جنيف يومي 20 و 21 يونيو توافد حوالي 200 من الممثلين عن المهجرين التونسيين من مختلف أنحاء العالم لعقد أول مؤتمر لهم بهدف جلب الأنظار لواقعهم. وقد كانت المناسبة فرصة لحضور ممثلي التيارات السياسية المعارضة التونسية بكاملها تقريبا من الداخل والخارج ومن مختلف تياراتها الدينية والعلمانية والنقابية.

فكرة تنظيم المؤتمر كما يقول نور الدين الختروشي منسق مبادرة حق العودة “تبلورت منذ عام تقريبا منذ أن تم اتخاذ قرار تفعيل ملف عودة المهجرين التونسيين بطريقة منهجية ومنظمة من أجل استعادة حقنا في عودة آمنة وكريمة وشاملة للجميع”.

مؤتمر لتذليل الصعاب

فكرة تنظيم مؤتمر لفتح النقاش بغرض تأسيس منظمة تعنى بأمور المهجرين التونسيين عالميا تعود لكون الآراء حول العودة ليست بالموحدة خصوصا بعد ظهور بوادر “عودة مشروطة” من قبل السلطات التونسية. لذلك يرى منظمو المؤتمر أن خطوة التأسيس “يجب أن تأتي بعد نقاش تعرض فيه مختلف الأطراف رأيها”. وهذا ما تم في جنيف طوال اليومين وحضرته بالإضافة للشخصيات التونسية المعارضة من أمثال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ومنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والعديد من ممثلي الأحزاب والنقابات من الداخل والخارج، ممثلون عن جاليات تونسية مهجرة في شتى بقاع العالم.

عن جدوى هذا التحرك اليوم في ملف المهجرين يقول راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة “الهدف هو توعية الرأي العام بوجود مشكل هو مشكل المهجرين التونسيين بعضهم صار لهم 37 سنة و 30 وهم بالآلاف. وهؤلاء محرومون من الجواز التونسي ومن العودة الى بلدهم. بل إن السلطة التونسية لا تكتفي بذلك بل تطاردهم بواسطة البوليس الدولي، وأدرجت العشرات منهم في قوائم الانتربول، تفتعل لهم قضايا إجرامية”.

ويضيف زعيم حركة النهضة المحظورة في تونس “وحتى لا تظل هذه الجريمة صامتة كما ظلت مدة طويلة، وُجهت الدعوة لعدد من هؤلاء المهاجرين من اتجاهات مختلفة يسارية إسلامية شيوعية الى هذا المؤتمر لتكوين منظمة مهمتها الدفاع عن هؤلاء المنسيين”.

أما زعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي فيرى أن لهذا المؤتمر دلالتان: “أنه تحرك مأساوي لأنه يدل على وجود أزمة حقيقية لأشخاص لهم أكثر من 20 سنة في المنفى. وهذا يحرك في شخصيا كون والدي عاش أكثر من 30 سنة في المنفى في المغرب ودفن في المنفى دون أن يرى بلده. هناك أجيال تعاني من هذا الموضوع منذ الاستقلال وهذا دليل على أن تونس ليست بلدا يتسع لكل أبنائه لأن هناك آلاف التونسيين يعيشون في المنفى ولا يستطيعون العودة لبلدهم إلا بشروط وظروف معينة. لذلك هناك أسى وحزن على كل هذه الآلام وهذا الوقت الضائع الناتج عن كون رغبة البعض في التحكم في البلد يتطلب أن يعيش آلاف التونسيين في المنفى والغربة وهذا بغض النظر عمن هم يعيشون في غربة حتى في داخل البلد”.

والدلالة الثانية كما يقول منصف المرزوقي هي “كون هذا التحرك يغمرني، من جهة أخرى، بالسعادة لرؤية أنه رغم طول المدة مازال الناس صامدين وغير مستعدين للتنازل عن حقهم في وطنهم وغير مستعدين لقبول العودة بالشروط المهينة التي يفرضها النظام. لأن النظام يطلب الاستقالة من الحركة السياسية التي ينتمي لها العائد وأن يقدم على سب وشتم الأشخاص الذين كان يناضل معهم وأن تعود برأس ذليل. وهذا هو الشيء المرفوض”.

عمر المستيري، مدير إذاعة كلمة وأحد مؤسسي المجلس الوطني للحريات في تونس يرى أن “معالجة ملف المهجرين رغم أنه مطلب أساسي للمواطنين التونسيين لم يعرف خطوات عملية لحد اليوم”، لذلك يرى في تأسيس المنظمة الدولية للمهجرين “خطوة هامة الى الأمام في هذه الكارثة الإنسانية”.

أما المحامي محمد عبو فيرى أنها بادرة جيدة لعمل جماعي يتفادى أخطاء العودة الفردية “لأن الكثيرين من المهجرين حاولوا البحث عن حل فردي وهذا الحل لسوء الحظ يمر في تونس عن طريق البوليس أو عن طريق المقايضة، بعضهم تحول الى مخبرين أو إلى كتاب لفائدة النظام يتنكرون لأصحابهم وينتقدون الزملاء الذين كانوا يناضلون معهم”. لذلك يعتبر أن “الملفات المطروحة بالنسبة للسلطة في تونس متعددة، ولو يتم طرح مشكلة المهجرين بطريقة مناسبة لاضطر النظام، ليس بدافع إنساني ولو أنني كنت أتمنى ذلك، بل بدافع المصلحة لإتخاذ قرار في إيجاد حل لهم بدون مقايضات”.

الحرص على الإستقلالية رغم تواجد رموز سياسية

في المقابل، حرص الساهرون على تنظيم المؤتمر على تجنب الإنزلاق نحو تصفية حسابات سياسية ماضية بتوظيف ملف المهجرين والفصل بين الملفات العالقة وملف عودة المهجرين مثلما يشرح نور الدين الختروشي: “استخلصنا من حوارنا لمدة عام أنه يجب إخراج قضية العودة عن قضية ملف حركة النهضة ولو أننا ندرك جيدا أن ملف حركة النهضة هو العقدة الأساسية في الحياة السياسية الوطنية”.

ويرى الختروشي أن “الإنفتاح السياسي في البلاد أو تغيير المناخ العام في البلاد الذي يسهل عودة المهجرين هو غير مرتبط بهذه الصيغة أو تلك في تعقد العلاقة بين حركة النهضة والسلطة. لذلك قلنا إنه من الأسلم أن نتناول موضوع العودة من خلال مقاربة وطنية شاملة تتوفر فيها ثلاثة أبعاد: المطلب الحقوقي في عودة آمنة وكريمة وشاملة وبدون شروط وبدون ابتزاز، والبعد الثقافي بالتأريخ لهذه التجربة الفردية بآلامها وإيجابياتها ليس فقط بالنسبة للمُهجّر السياسي بل أيضا المهجّر لأسباب اقتصادية والذي هو ضحية خيارات اقتصادية أيضا وهو ما يفتح لهذه المنظمة بعض الاستمرارية فيما بعد”.

وقد توصل المؤتمر التأسيسي في نهاية أشغاله بعد ظهر الأحد 21 يونيو 2009 إلى انتخاب رئيس وأعضاء “المنظمة الدولية للمُهجّرين التونسيين” التي ستسهر على إعطاء هذا الملف دفعا ليس فقط تجاه المحافل الدولية بل أيضا في اتجاه السلطات التونسية.

وهي المنظمة التي يعتبر راشد الغنوشي أن “مطلبها واضح: وهو إزالة العقبات من طريق عودة كريمة آمنة وغير مشروطة الى رحاب الوطن. لأن هناك عددا قليلا عادوا خلال السنة الأخيرة وقبلها، بتنسيق مع أجهزة الأمن في السفارات ولكن هؤلاء عادوا وأيديهم على قلوبهم. القليل منهم من لم يُساءل، وأكثرهم تمت دعوتهم إلى مراكز الأمن، والبعض عُذب، والبعض صدرت عليهم أحكام”.

إجماع وطني… وبادرة حوار وطني حقيقي!

المثير للانتباه في المشاركة التي تميز بها هذا المؤتمر أنها المرة الأولى منذ مدة التي تجتمع فيها مختلف التيارات السياسية المعارضة التونسية حول موضوع واحد، بمختلف مكوناتها وتوجهاتها الدينية والعلمانية واليسارية والنقابية والثقافية. ويعود السبب في ذلك – كما يقول منسق المؤتمر نور الدين الختروشي – إلى “أن هناك إجماعا وطنيا حقيقيا حول ملف العودة لم نتوصل إليه بمحض الصدفة بل من خلال حوارات استغرقت سنة كاملة على مستوى رموز الأحزاب السياسية والحركات النقابية. وهذا ما سهل تواجد ممثلين عن كل الأطياف من أقصى اليمين الى أقصى اليسار”.

ويشدد منسق تنظيم المؤتمر نور الدين الختروشي على أن هذه المنظمة “حقوقية عملها تسهيل عودة المهجرين الى البلد، أما مسألة التغيير السياسي فهو بين لاعبين وأطراف سياسية وهذا مستقل تماما عن عمل المنظمة”، لكن زعيم حركة النهضة رشيد الغنوشي يرى أن “العودة إلى الوطن كالخروج من الوطن حق من حقوق المواطن. ولكن هذا الحق مهدور من قبل النظام التونسي كما يهدر حقوقا كثيرة للمواطنة. معظم هؤلاء الذين خرجوا لم يخرجوا بطريق قانوني وإنما عبر البحار أو عبر الصحاري والجبال متسللين من وطنهم لأن النظام التونسي يعتبر الجواز ليس حقا طبيعيا وحقا من حقوق المواطن وإنما هي منة يمن بها على من يشاء. وكذلك يعتبر العودة الى الوطن وحمل الجواز التونسي ليس حقا من حقوق المواطنة. وبالتالي فإن تحركهم اليوم هو من أجل نضال إنساني ومن أجل حق إنساني. وبما أن الحقوق الإنسانية مرتبطة بالسياسة وأن هؤلاء تورطوا في السياسة بممارستهم لحقوقهم كمواطنين، عاقبهم النظام التونسي على ممارسة هذا الحق المدني. وبالتالي فإن هذا نضال إنساني ونضال سياسي في نفس الوقت. ولو كانت حتى القوانين التونسية محترمة لما كان هناك مبرر لأن تتكون منظمة من هذا النوع، ولكان كافيا ان يذهب كل إلى سفارته ويأخذ جواز سفر ويعود للبلاد”.

وفيما يشير عمر المستيري من المجلس الوطني للحريات بتونس بوصفه من ممثلي الداخل في هذا المؤتمر إلى “أننا مجمعون حول حقوقنا الدنيا وفي ذلك رسالة إلى السلطة”، يحرص منصف المرزوقي على التفريق بين حرص المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين على الإستقلالية وعلى صفتها كمنظمة حقوقية، والرغبة في توحيد صفوف المعارضة إذ يقول “هناك عنصرين: المؤتمر مؤتمر حقوقي ونحن نعترف لهذه المنظمة بالإستقلالية عن كل تيار وعن كل حزب سياسي. وعلى هامش المؤتمر اغتنمنا الفرصة بما أن الطيف السياسي كان موجودا للإلتقاء في اجتماع هامشي”.

“رسالتنا للنظام التونسي”

وكانت الساحة التونسية شهدت في السنوات الأخيرة عودة عدد من المنفيين لأرض الوطن بعد تنسيق مع البعثات التونسية في الخارج، وهو ما يمكن للسلطات التونسية أن تبرر به تسوية مشكلة الراغبين في العودة. عن ذلك يقول منسق المؤتمر نور الدين الختروشي “عندما نطالب بعودة آمنة وشاملة وكريمة، نجد أن النظام لم يستجيب لكل هذه المطالب. وما هو مطبق اليوم هي عودة تمتص نهائيا كل الأبعاد النضالية والسياسية لتهجيرنا، بحيث تعاملنا كمجرمي حق عام”.

أما زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي فيقول: “يجب أن يكف هذا النظام عن السير في الطريق المسدود، العالم كله يتجه إلى الحرية وإلى الديمقراطية. الأنظمة البوليسية الفاشستية الشمولية لا مستقبل لها. فلماذا يصر النظام التونسي على الإمعان في الطريق المسدود؟ لماذا تصر الدولة التونسية على مطاردة مواطنيها في الخارج والداخل، بدل حمايتهم في الداخل والخارج؟” والذي انتهى الى “أن هذا الأسلوب مضر بتونس وبالنظام نفسه وهو أسلوب شاذ عن الحق والعدل وعما يصبو إليه العالم. فلماذا الإصرار على السير في الطريق المسدود؟”.

عمر المستيري من المجلس الوطني للحريات يرى بدوره أن “الرسالة الوحيدة هي أنه حان الوقت للإعتراف بأدنى الحقوق لأن المواطنين التونسيين لن يتخلوا عن المطالبة بممارسة حقوقهم الدنيا”. من ناحيته، يعتبر المحامي محمد عبو أن الرسالة المراد توجيهها هي أن “هؤلاء المهجرين جزء من أبناء تونس. وعلينا ان نشعر باللوم لكوننا لم نقم بما فيه الكفاية لحماية حقوقهم، لاعتقادنا بانهم في بلدان الحريات وقد تناسينا أنهم يعانون من ضغوط الغربة. وتواجدنا هنا هو لنقول لهم إننا معكم وأنكم جزء من تونس وأنكم جزء من القضية السياسية الكبرى في تونس، ونتمنى أن يقع حلها في اقرب وقت ممكن”.

منصف المرزوقي يلخص رسالته في أن “هذا النظام الذي واجه منذ البداية مقاومة مدنية أخذت العديد من الأشكال سواء عبر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في التسعينات أو المجلس الوطني للحريات أو حركة المحامين أو إضرابات الجوع، واجه مقاومة بقيت حقوقية وفردية ومجزأة. أما اليوم فإن هذه المقاومة بصدد تنظيم نفسها لكي تصبح مقاومة سياسية فعلية، هدفها ليس إصلاح النظام لأن الناس كلها “مضمضت” لم تعد تؤمن بهذا الموضوع، وإنما استبداله. وإذا كان النظام أصبح يطور بدائل مثل استبدال بن علي بدكتاتور آخر، فإن المعارضة هي الأخرى أصبحت تبلور بدائل لها”.

لكن رغم كل هذا التشاؤم الصادر عن السياسيين، يرى نور الدين الختروشي منسق مؤتمر المهجرين التونسيين بأن هناك تطورا إيجابيا في رد وزير العدل التونسي مؤخرا بطريقة غير مباشرة على مبادرة المهجرين، وهو أن “السلطة تقول لأول مرة إنها ليست ضد عودة شاملة وترحّب بالمهجّرين. وهذا شيء نثمنه ونريد أن نؤسس عليه”، لكنه يشدد على التنبيه “بأننا في هذا الملف لسنا مطرودين من نقابة، ولسنا مجرمي حق عام، بل إننا مرتبطون بملف الحريات في البلاد وهذا في حاجة الى إرادة سياسية” .

ويضيف نور الدين الختروشي “نعتقد بأن المناخ في البلاد مهيأ لمصالحة وطنية شاملة تفتح وتمتص وتجفف ملف المظالم، وتفتح أفقا جديدا لتصالح التونسيين مع بعضهم البعض، ولتجاوز آلام وجراح ومخلفات الماضي التي يبدو أن المتضرر الحقيقي فيها هي مصالح البلاد التي تعاني من هجرة كل هذه الكفاءات للخارج”. وقال: “في هذا المؤتمر نهدف لتسهيل عودة المهجرين بالوسيلة الأنجع والأسهل والتي تقتصد في الطاقة والوقت، و لا نرغب في فتح نقاط خلاف جديدة. وما جاء على لسان السلطة فيه من الإيجابي القليل وفيه من السلبي الكثير لذلك نتمنى من السلطة أن تقتنع بأن الوسيلة الوحيدة لحل أي خلاف هو التفاوض وليس العنف أو التقارير الأمنية كما جرت عليه العادة في السابق”.

واختتم الختروشي الذي انتخب من طرف المؤتمرين رئيسا للمنظمة الجديدة بالقول: “نتمنى أن تتفهم السلطة هذه الرسالة، وعندها ستجد أمامها وطنيين أحرارا رجالا ونساء حريصين على مصلحة البلاد باعتبارها في الأخير همنا الأساسي كتونسيين”.

محمد شريف- جنيف-swissinfo.ch

في أول رد فعل رسمي على مبادرة المهجرين التونسيين، نشر موقع “السياسيّة” الإعلامي التونسي يوم 20 يونيو 2009 إجابات وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي البشير التكاري على أسئلة طرحت عليه خلال لقاء مع وسائل الإعلام جاء فيها أنّ “تونس هي لكلّ التونسيين أينما كانوا”.

وقال التكاري: “حق العودة مكفول بحكم الدستور وهذه مسألة لا يُمكن المساومة فيها أو المساس بها” وأضاف: “تونس مفتوحة لكلّ أبنائها ولا يُمكننا أبدا أن نصُدّ أحدا عن العودة إلى تراب الوطن”.

وأضاف الوزير في سياق رده على السؤال الذي طرحته “السياسيّة”: “التونسيّون الموجودون بالخارج والّذين يُعتبرون أنفسهم مُبعدين ويتحدّثون عن حق العودة، نقول لهم تونس مفتوحة لكلّ التونسيّين دون استثناء، ومن صدرت بحقهم أحكام فإنّهم إمّا وقد انقضت العقوبة بمرور الزمن أو أنّ عقوبتهم لم تنقض بعد وهو ما يستلزم إجراءات قضائيّة في الاعتراض”.

عن أسباب انعقاد المؤتمر في جنيف يقول نور الدين الختروشي منسق المؤتمر” هناك عدة أسباب أولها ان سويسرا هي الأقرب جغرافيا وهو ما يسمح للمؤتمرين بتحمل نفقات سفرهم لأن النفقات على حساب المشاركين ولم نلجأ لأية جهة لمساعدتنا في ذلك. ولأنها هي البلد الذي به مقر مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين.. لذلك اخترنا رمزيا كلاجئين تنظيم المؤتمر في اليوم العالمي للاجئين وفي ذلك إشارة قوية الى ان من بين المؤسسات التي سنتعامل معها مستقبلا مفوضية اللاجئين”.

وعن مسالة الدعم المالي لعقد المؤتمر يقول نور الدين الختروشي “لقد اتخذنا موقفا حاسما فيما يتعلق بمسألة الاستقلالية بحيث لم نقبل اية مساعدة ليس فقط من جهات أجنبية بل حتى من أصدقائنا في المعارضة التونسية وعلى رأسهم حركة النهضة التي قد تكون المستفيد الأول من هذا التحرك. إذ ان نفقات المؤتمر من جيوب المشاركين بحيث يقدم كل مؤتمر 100 يورو ويتحمل نفقات سفره وإقامته”.

أما من ناحية الدعم المعنوي فيقول نور الدين الختروشي “لم نرغب في أن يكون هناك في هذه المرحلة حضور ودعم للأطراف الحقوقية العالمية والأوربية، أولا لأنهم يعرفون الملف التونسي جيدا. وقد تتصل بهم قيادة المنظمة إذا ما رأت هناك ضرورة. وثانيا لأننا رغبنا في سحب حجة السلطة من اننا نستنصر بالخارج وغيره”.

اما عن زيارة رئيس بلدية جنيف للمؤتمرين ريمي باغاني وزعيم حزب الخضر أولي لوينبيرغر واالنائب البرلماني الإشتراكي كارلو سوماروغا، فيرى نور الدين الختروشي أنه “حضور رمزي باعتبار أن المؤتمر يتم في مدينتهم وهي دعوة رمزية قبلوها مشكورين”.

على هامش المؤتمر، اجتمعت قيادات أحزاب تونسية معارضة على اختلاف توجهاتها السياسية وممثلو منظمات حقوقية من داخل وخارج البلاد بهدف خلق ديناميكية تحرك جديدة للمعارضة.

وهو التحرك الذي يقول عنه منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية “هناك عنصران لهذا التحرك، طول المدة من جهة الذي دفع هؤلاء المنفيين للتحرك، وهناك من جهة اخرى وبعد عشرين عاما انتهاء أكاذيب السلطة لأنه في وقت من الأوقات كان البعض يؤمن بإمكانية إصلاح النظام من الداخل ولكن اتضح لها اليوم أن ذلك غير ممكن. كما أن البعض الآخر اعتقد بأنه بالإمكان إصلاح النظام من خلال اللعب في الحيز الذي تركه ممكنا للمناورة. باختصار الطبيعة الدكتاتورية لهذا النظام التي توصلت إليها قبل عشرين سنة اتضحت اليوم لهذه الأغلبية الساحقة والآراء التي كنت أدافع عنها في وقت من الأوقات من أن هذا النظام لا يصلح ولا يُصلح أصبحت اليوم القاسم المشترك بين عناصر المعارضة. وحتى ولو أخذت العملية الكثير من الوقت فإن كل الطيف السياسي اليوم، وخاصة الشباب أصبح مجمعا على أننا أمام دكتاتورية..”.

وأضاف منصف المرزوقي “ما ينضج في هذه الأوقات هي فكرة الجبهة السياسية التي كنت أدعو إليها منذ زمن بعيد. والجبهة السياسية ليست مهمتها إصلاح هذا النظام، بل تقديم بديل عنه، يُعرض على الشعب وليس على السلطة. فهذه الأفكار التي كنت أدافع عنها منذ مدة أرى اليوم أنها أصبحت تنضج ووجود اليوم كل هذا الطيف السياسي ممثلا لمناقشة هذه الأفكار هو جزء من هذا النضج وأتمنى ألا تستغرق وقتا طويلا لأن الشعب التونسي ومؤسساته بصدد الغرق سواء العدالة أو التعليم أو الإقتصاد” حسب قوله.

وعن هذا الاجتماع الهامشي لقوى المعارضة يرى عمر المستيري أن “هناك مسعى لمسناه جميعا هو لرفع مستوى التنسيق حول المطالب الدنيا واحترام الجميع في الاختلاف وقبول الأطراف الأخرى في هويتها وبدون إقصاء، وهذا إذا ما تم قبوله سيكون بمثابة مكسب للمقاومة الديمقراطية في تونس”.

محمد عبو المحامي الناشط في الحقوق السياسية والمدنية يرى أن هذا الاجتماع السياسي الذي تم بين بعض مكونات 18 أكتوبر ومن خارجه والذي تم بموازاة انعقاد مؤتمر المهجرين التونسيين هدفه هو إصدار وثيقة خطوطها العريضة هي “العزم على العمل المشترك في النقاط التي تجمعنا . كما تعلمون هناك من يفكر في المشاركة في الانتخابات لإحراج النظام وهناك من يرى ان أحسن طريقة لإحراج النظام هي عدم المشاركة. لكن ما يجمع بيننا في المعارضة الجدية هو اننا نقر بانه ليست هناك شروط انتخابات حقيقة وهذا أمر جيد بالإضافة الى اتخاذ مواقف من الوضع الداخلي في تونس ومن بعض الملفات الشائكة”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية