
النساء العازبات في سويسرا يلجأن إلى السياحة الإنجابية

في سويسرا، يحرم القانون النساء العازبات من الانتفاع من عملية التبرّع بالحيوانات المنوية. لذلك، تكتّل عدد من أعضاء البرلمان لتعديل هذا القانون، في الوقت الذي تلجأ فيه المزيد من النساء العازبات إلى "السياحة الإنجابية". وفي هذا الموضوع، جمع البرنامج التلفزيوني "الزمن الحاضر" شهادات لمجموعة من هؤلاء النساء.
شكَّلت مجموعة تمثل ستة أحزاب سياسية، من اليسار واليمين، في مارس الماضي، تحالف هو الأول من نوعه في برن. وتقدَّم هذا التحالف بمبادرة برلمانية بعنوان “الإنجاب بمساعدة طبية للنساء العازبات”رابط خارجي، تطالب بتعديل القانون الفدرالي المتعلق بالإنجاب بمساعدة طبية (أو ما يصطلح عليه اختصارًا PMA) من أجل فتح باب التبرّع بالحيوانات المنوية للنساء العازبات في سويسرا. وقد وقّع أكثر من 80 عضوًا برلمانيًّا على النص.
إلاّ أن المجلس الفدرالي استبعد ذلك بالنسبة إلى النساء العازبات؛ مع أنه لا يرى مانعًا من تعديل القانون في حالات المساكنة.
وحاليًّاً، لا يسمح القانون السويسري بالتبرّع بالحيوانات المنوية إلا في إطار الزواج، سواء كان بين مغايري الجنس أو مثليين،، وذلك منذ بدء العمل بقاعدة الزواج للجميع.
انعدام الإحصائيات
لا توجد حاليًّا أي إحصائية عن عدد الأمهات العازبات باختيارهن في سويسرا، وهي ظاهرة منتشرة في العديد من الدول الغربية. فهن يمثلن 40% من عملاء أكبر بنوك الحيوانات المنوية في العالم الذي يوجد مقرّه في الدنمارك. كما تشهد عيادات الإخصاب في البلدان التي تسمح للنساء العازبات بالتبرّع بالحيوانات المنوية تقدّمًا في هذا المجال.
أجرى البرنامج التلفزيوني “Temps Présent” تحقيقًا في هذا الموضوع، والتقط شهادات من نساء تجرّأن على كسر جدار السرّية. منها شهادة تاشا روملي من كانتون فو، التي أنجبت ابنتها في إسبانيا وتصارع من أجل تغييّر القانون، حتى لا يكبر الأطفال المولودين.ات عن طريق الإنجاب بمساعدة طبية في الخارج “وفي أذهانهم فكرةٌ أن سويسرا لم تكن تريدهم.ن أن يولدوا.ن.”
كلير من جنيف، وهي أم لتوأمين يبلغان من العمر 18 شهرًا، أنجبتهما في الدنمارك بعد سبع محاولات. تتحدث عن الصعوبات والشكوك التي واجهتها في هذه الرحلة التي قامت بها من غير مساعدة أحد. سألت نفسها طويلاً: “أليس من الأنانية أن تأتي بطفل إلى هذا العالم بدون أب؟”
الدانمرك تستثمر في سياحة الإخصاب
تتحايل هؤلاء النساء العازبات على القانون السويسري ويلجأن إلى العيادات في الخارج. وقد أنشأت الدنمارك سياحة خاصة بالخصوبة لاستقبال هؤلاء النساء اللواتي يتفادين قوانين بلدانهن، حيث تستقبل حوالي ثلاثين عيادة مريضات من شتى أنحاء العالم.

زار البرنامج عيادة كوبنهاغن حيث أنجبت كلير بناتها. في عام 2023، تخطّت 48 امرأة سويسرية عتبة هذه المؤسسة المتوارية عن الأضواء، وارتفع هذا الرقم إلى 60 امرأة في العام الماضي.
تقدّم بنوك الحيوانات المنوية الدنماركية خيارات واسعة من المتبرّعين، مع نشر ملفات شخصية مفصّلة على الإنترنت. ويمكن للمرأة أن تختار من كتالوج. يختلف هذا النموذج عن الممارسة السويسرية، حيث يختار الطبيب المتبرّع.
يقول متبرّع دنماركي: “أنا لست والدهم.ن، بل مجرد وعاء وراثي لشخص يرغب في الحصول عليهم.ن”.
مخاطر “المصنوع محلياً”
تتفادى بعض النساء اللجوء إلى العيادات ويبحثن عن متبرّعين على الإنترنت أو عبر الصفحات التابعة لمجموعات معروفة في فيسبوك. علماً بأن العديد من الرجال في سويسرا الناطقة بالفرنسية يعرضون حيواناتهم المنوية عبر مواقع الإنترنت.
ووافق أحدهم على شرح دوافعه، بالقول: “إن الدافع الأول هو الأنانية، أي غريزة التكاثر والرغبة في إنجاب الكثير من الأطفال، ولكن دون إضاعة الوقت في الاعتناء بهم.ن. المهّم أننّي نقلتُ جيناتي”.
يبقى أن هذه الممارسة تنطوي على مخاطر بالنسبة للمرأة، مثل الإصابة بأحد الأمراض المتناقلة جنسياً أو نقل مرض وراثي إلى طفلها. كما يتعرّضن لخطر رفع دعوى إثبات الأبوة من قبل السلطات.
ضرورة فتح النقاش
يأسف طبيب أمراض النساء نيكولاس فوليموز، أخصائي الخصوبة في لوزان، لعدم قدرته على مرافقة مريضات مثل تاشا أو كلير في سويسرا. ويرى أنه لابد من إطلاق النقاش حول فتح باب التبرّع بالحيوانات المنوية لفائدة النساء غير المتزوّجات. ومن الدوافع الرئيسية لذلك: حق الطفل في معرفة أصوله أو أصولها.
ففي حين تحظر سويسرا حاليًا التبرّع مجهول الهوية، تسمح الدنمارك بكلتا الحالتين، بينما في إسبانيا نجد أن جميع التبرعات مجهولة الهوية.
ويشير الطبيب إلى أن “أحد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير التشريعات السويسرية هو وضع إطار تشريعي يُلزم بأن يكون التبرّع بالبويضات أو الحيوانات المنوية غير مجهول الهوية، وهذا ما هو معمول به حالياً في سويسرا بالنسبة للتبرّع بالحيوانات المنوية منذ عام 2001.”
رعاية طبية في سويسرا، على الرغم من الحظر القانوني
يضع هذا الحظر أطباء وطبيبات أمراض النساء في موقفٍ صعب. فهم.ن لا يستطيعون.ن إجراء عمليات من نوع الإنجاب بمساعدة طبية على مريضاتهم.ن، معرّضين.ات أنفسهم للمتابعة القضائية وتغريمهم 100،000 فرنك سويسري، لكنهم.ن، في المقابل، أحرارٌ وحرّات في مرافقة هؤلاء الأمهّات في المستقبل.
وتوضّح ساندرين أكرمان، طبيبة أمراض النساء التي تتابع تاشا، قائلة: “لا أشعر أننّي خارجة عن القانون. لست أنا من يحكم على ما إذا كان لها الحق أم لا”.
من جهتها، أسسّت زينا، وهي أم عزباء أخرى، الجمعية الروماندية “MamanSolo” لإنشاء شبكة دعم. تقول: “نحسّ أن هناك حاجة حقيقية في سويسرا كانت مخفية نسبيًا.”

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.