The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

ميلاغروس مومنتالر: قصة مخرجة سويسرية أرجنتينية تعيش بين عالمين

ميلاغروس مومنتالر في مهرجان فيينا السينمائي الدولي الأخير (فيينالي)، في أكتوبر.
ميلاغروس مومنتالر في مهرجان فيينا السينمائي الدولي الأخير (Viennale) في أكتوبر. © Viennale/Alexander Tuma

بعد نيْلها إشادات كبيرة في مهرجانات تورونتو وسان سيباستيان ونيويورك، تعود المخرجة ميلاغروس مومنتالر بفيلمها الجديد، لتستعيد مكانتها في عالم السينما بعد غياب دام تسع سنوات. ولتغطية ما فات، أجرت سويس إنفو مقابلة مع المخرجة خلال مهرجان فيينا السينمائي الدولي.

مرّت أربعة عشر عامًا منذ آخر مرة فاز فيها فيلم سويسري بجائزة “الفهد الذهبي”، أكبر جوائز مهرجان لوكارنو. وقد ولدت المخرجة الواقفة وراء هذا النجاح، ميلاغروس مومنتالر، في الأرجنتين، ونشأت في جنيف، وتحمل الجنسيتين السويسرية والأرجنتينية. وقد أكسبها فيلمها “ثلاث شقيقات” (Abrir puertas y ventanas) هذا الشرف عام 2011. وحتى بعد فوزها في لوكارنو، ظل مسارها كمخرجة عالمية مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بوطنها الأوروبي، رغم مواصلتها إبداع أعمالها وإنتاجها ضمن البيئة السينمائية النابضة بالحياة، وغير المستقرة، في الأمة اللاتينية.

تُشعرها جنسيتها المزدوجة بعدم الارتياح، وبأنها ليست في وطنها تمامًا في أي من البلدين. وتُعلّق بابتسامة، خلال لقائنا بها بعد العرض الأول لفيلمها في مهرجان فينالي (Viennale) في أكتوبر: “قال بعض النقاد الأرجنتينيين إنّ فيلمي الجديد “التيارات” (The Currents)، أقرب إلى السينما الأوروبية. ففي الأرجنتين، لا أشعر أنني أرجنتينية 100%، لكنني لا أشعر أيضًا بأنني سويسرية إلى حد كبير، إذ لا أعيش هناك منذ سنوات عديدة. ابني هو الأمر الوحيد الذي يربطني ببوينس آيرس”.

بعد توقف طويل غير معتاد، سيتم عرض فيلم مومنتالر الجديد، المتناول لقصة مصممة أزياء أرجنتينية، من الطبقة البرجوازية. انقلبت حياتها رأسًا على عقب بعد رحلة حاسمة إلى سويسرا لتلقي جائزة، في العرض الأول السويسري في مهرجان جنيف السينمائي الدولي الشهر المقبل. هذا هو المكان، بحسب رواية المخرجة، الذي خطت فيه أولى خطواتها في عالم السينما، كمتطوعة في سن السادسة عشرة. آنذاك، في المهرجان الذي كان يُسمى “كل الشاشات” ( Tous Ecrans).

محتويات خارجية

سقوط تحت المجهر

يعود أصل فيلم “التيارات” إلى تجربة مماثلة، رحلة إلى سويسرا تخللها كابوس. ففي عام 2016، عادت ميلاغروس مومنتالر إلى لوكارنو لتقديم فيلم “فكرة بحيرة” (La idea de un lago). وبعد عودتها من المهرجان، توقفت في جنيف وبدأت تناقش مع أصدقائها، وصديقاتها، وعائلتها صورة ظلت تطاردها، صورة امرأة تلقي بنفسها، بدافع مفاجئ، من أعلى جسر في مدينة إلى دوامات التيار. بهذه الصورة الغامضة المتخيلة، يفتتح فيلم “التيارات” أحداثه.

لينا، مصممة أزياء أرجنتينية تجسدها إيزابيل إيمي غونزاليس-سولا (Isabel Aimé Gonzalez-Sola)، جاءت إلى سويسرا لتلقي جائزة. وفي مشاهد الفيلم الأولى، تلقي بجائزتها في سلة مهملات غرفتها الفندقية. ثم، تُصوّر من بعيد في لقطة متواصلة، وهي تعبر جسرًا فوق نهر الرون. وعند وصولها إلى المنتصف، تتجاوز الحاجز الواقي، ثم تسقط في الماء. أن يُعرض هذا المشهد في لقطة واحدة متواصلة، دون أي قطع في المونتاج لإخفاء السقوط، يجعل هذا الافتتاح أكثر إثارة للصدمة والدهشة.

تتحدث المخرجة عن أصل هذه الصورة قائلة: “أحيانًا، تشعر بخوف شديد عند الوقوف في شرفة. أعتقد أنني مررت بلحظة كهذه؛ أريد القفز. ليس لأموت، بل لأطير. لم أجد نفسي أبدًا في موقف يدفعني للقيام بذلك، حتى عن بعد. لكنني أعلم أنّ لدى الكثير من الناس نقاط ضعفهم.نّ، وفي لحظات كهذه، قد ينفصلون ذهنيًا. إنهم ليسوا مترددين في حياتهم [مثلي] وربما يتصرفون باندفاع اللحظة”. لينا من هذا النوع من الأشخاص.

بمجرد سقوط بطلتها الرئيسية في الماء، تنتقل مومنتالر إلى لقطة لينا سابحةً، مبللة، ملفوفة ببطانية إنقاذ، عبر ردهة فندقها. يتم تجاهل صراعها المذعور في النهر، وهروبها غير المؤكد إلى الشاطئ، وإدراكها الساحق لقرب مواجهتها الموت. ولن يتم عرضها بالتفصيل إلا في وقت لاحق من الفيلم… يبدو أن مومنتالر ترغب في الحفاظ على غرابة اللحظة دون تفسير نفسي، وتُضللنا منذ بداية قصتها. وتقول: “الناس غامضون. لدي ابن، وحتى هو يمثل لي لغزًا. أحيانًا، أشعر أنني أعرف الكثير عنه، لكن في الحقيقة، لا أعرف حقًا ما يفكر فيه. هذا عنصر مهم [لأفلامي]. لا أريد أبدًا تقديم “السبب”. ليس من المثير للاهتمام تقديم تشخيص لشخصياتي”.

مشهد من فيلم "التيارات".
مشهد من فيلم “التيارات”. © Viennale

لمسة أدبية

عندما سُئلت عن سبب هذا الغياب الدائم تسع سنوات بين فيلمها السابق والجديد، اكتفت المخرجة بتأكيد مدى أهمية عملية الكتابة في نظرها. فهي عمل دؤوب لتأليف القصة، ثم السيناريو، ثم مدى صعوبة صناعة فيلم مستقل اليوم، خاصة عندما يكون المرء انطوائيًا يستمد معظم إلهامه من الروايات التي يقرأها في عزلته. وتُقرّ بصراحة: “دائما ما يكون التصوير كابوسًا بالنسبة إليّ”. وذلك بعد إيضاحها أن متعة صناعة الأفلام تنبع لديها من جزأيها الانفراديين، الكتابة والمونتاج. “أثناء إنتاج فيلم مستقل، أنت تكافح الزمن؛ وتتعرض لضغط شديد لا طائل منه”.

أكثر من السينما، الأدب هو المغذّي لشغفها بصناعة الأفلام. تقول: ”القراءة هي أكبر مصدر إلهام لي، سواء كانت رواية “السيدة دالوي” ( Mrs Dalloway ) لفيرجينيا وولف، أو رواية “الأمواج” (The Waves) للكاتبة نفسها، رغم تشابه العنوانين. كما تكشف عددا من الكاتبات ملهماتها في أعمالها مثل جويس كارول أوتس، وناتاليا جينسبيرغ، وسامانتا شويبلين، وماريا نيغروني…

من خلال قصتها المتناولة للتحول الداخلي المعقد لبطلة برجوازية تعيش صراعًا وجوديًا، وعنوانها الموحي بعالم داخلي عاصف يغلي تحت السطح، يشبه فيلم “التيارات” بلا شك رواية لهنري جيمس، أو إديث وارتون. لكن تظلّ ميلاغروس مومنتالر مبدعة سينمائية بامتياز، وفنانة بصرية في الصميم.

“أعشق الكتابة، لكن نصوصي السينمائية مليئة حرفيًا بوصف [الصور]”. وكما في فيلميها السابقين، تدور معظم أحداث “التيارات” دون كلمة واحدة، لقطات بانورامية أنيقة تربط المشاهد ببعضها لتشكل تدفقًا سرديًا متواصلًا يستغني عن الشرح الصريح. “أكتب دائمًا ملفات تعريف مفصلة لشخصياتي، ربما هذا جانبي الأدبي. لكن في النهاية، أسعى دائمًا لتحويل السيناريو بشكل عضوي إلى صورة”.

محتويات خارجية

الحرية تتقدم والسينما تتراجع

التقت سويس إنفو (Swissinfo.ch) ميلاغروس مومنتالر بعد ظهر يوم 27 أكتوبر 2025. في صباح ذلك اليوم، استيقظ العالم على خبر الفوز المفاجئ والكبير للرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي (Javier Milei). وقد وصف نفسه في انتخابات التجديد النصفي، بالرأسمالي الفوضوي عبر حزبه “الحرية تتقدم” (La Liberdad Avanza)، ما عزز الدعم لبرنامجه القائم على قيود الميزانية الجذرية.

وتتنهد ميلاغروس مومنتالر عند طرح الموضوع حتمًا: “الأرجنتين بلد مرن. شعبنا يواجه الكثير من الصعود والهبوط. لكن نعم، إنهم يقتلون صناعة السينما حرفيًا. يغادر المخرجون·ات الأرجنتينيون·ات بالفعل إلى إسبانيا، والأوروغواي، والمكسيك. وأصبح أصدقائي وصديقاتي العاملون·ات في الإنتاج سائقي.ات أوبر”.

في ديسمبر، سيُعرض فيلم “التيارات” في مهرجان “خارج الإطار” (Fuera de campo) في الأرجنتين. وهو مهرجان يُنظم “بمبادرة من مجموعة من المخرجين·ات، والمنتجين·ات، والنقاد والناقدات، والفنيين·ات المنظمين.ات أنفسهم·ن ذاتيًا”. ويُقام بالتوازي مع مهرجان مار ديل بلاتا (Mar del Plata) السينمائي الدولي، الذي كان في السابق الحدث السينمائي الأبرز في البلاد، قبل وضع إدارة ميلي يدها عليه وإفراغه من محتواه. وتُصرح ميلاغروس مومنتالر: “بعد [فيينا وجنيف]، سنأخذ الفيلم إلى هناك للعرض الوطني الأول لـ “التيارات”. من الجيد أن نقاوم”.

تحرير: فيرجيني مانجان

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

تُرجم هذا التقرير بالاستعانة بأدوات ترجمة آلية وقام فريق التحرير بمراجعته وتدقيقه لغويًا لضمان الدقة والوضوح، كما تم التحقق من مطابقته للنص الأصلي. 

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية