مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ما الذي جعل الأجيال التي تلت النكسة لا تتمسك بحق العودة”

آن ماري جاسر مخرجة فيلم "لما شفتك" أثناء عرضه في جنيف يوم 30 أكتوبر 2013 swissinfo.ch

تطرح المخرجة آن ماري جاسر موضوع "حق العودة" في فيلم "لما شفتك" عبر عيون الطفل طارق، الذي يجسد شخصية تعكس تساؤلاتها الذاتية بعد أن مُنعت من طرف الإحتلال من العودة إلى فلسطين. وقد لقي الفيلم الذي عرض لأول مرة في جنيف يوم 30 أكتوبر 2013، إقبالا من الجمهور السويسري المتعاطف مع القضية الفلسطينية.

طارق طفل فلسطيني في الحادية عشرة من عمره، وجد نفسه مع والدته بعد هزيمة يونيو 1967 في مخيم  “حرير” بالأردن، لكنه لم يقبل – رغم حداثه سنه – واقع الحدود التي تمنعه من العودة إلى فلسطين، ومن رؤية والده الذي اختفى هناك. هذا الواقع “سيدفع الطفل إلى جملة من المغامرات التي تعكس الأوضاع التي كانت سائدة أواخر الستينات والتي كانت تجسّد الأمل بالنسبة للكثير من الناس، خصوصا في العالم العربي”، مثلما توضح آن ماري جاسر.

هذا الفيلم الذي أنتج في عام 2012، حاز على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان الفيلم العربي للسينما في وهران، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كما فاز بجائزة دون كيشوت لمهرجان قرطاج السينمائي. ومع أنه تم ترشيحه كمدخل لمهرجان توزيع جوائز الأوسكار الخامس والثمانين عن فئة أفلام اللغات الأجنبية وبصفته الفيلم الفلسطيني الوحيد، لكنه لم يتأهل للمرحلة النهائية.

صدور الفيلم قبل عام لا يعني – مثلما قد يتبادر إلى الأذهان – مجرد حنين إلى الماضي وذكرياته، بل هو يأتي في شكل تذكير من طرف آن ماري جاسر بـ “تلك الرغبة التي كانت سائدة آنذاك والمتمثلة في إيمان الناس بأنه بمقدورهم تغيير واقعهم رغم كل الصعوبات، والاحتفاظ بهذا الأمل في الظروف الحالية التي نعيشها اليوم”.

وعلى غرار بطل الفيلم الطفل طارق، تتساءل آن ماري جاسر “لماذا لم نحافظ على هذا الإحساس بأنه بمقدورنا تغيير الأمور، وما الذي جعل الأجيال التي تلت النكسة لا تتمسك بحق العودة، والذي قد يبدو بسيطا رغم كل العراقيل … ورغم أحداث أيلول الأسود، وتصرفات السلطة…”

المزيد

ترحيب الجمهور

ولدى سؤالها عن كيفية تلقي جمهور جنيف الذي شاهد أول عرض لفيلم “لما شفتك” بدعوة من شركة “تريغون فيلم” السويسرية مساء 30 أكتوبر 2013، أجابت آن ماري جاسر: “لاحظت وجود عرب وسويسريين، وحضور سينمائيين محترفين، ومن لا علاقة لهم بمهنة السينما. لكن النقاش الذي دار عن الفيلم كان إيجابيا وجيدا للغاية بحيث كان هناك من يسأل عن الفن وهناك من سأل عن السياسة. ومع أن الجمهور أظهر إدراكا ومعرفة بالقضية الفلسطينية، فإن انطباعي أن الجمهور في سويسرا شغوف بمعرفة المزيد عن هذه القضية، شأنه في ذلك شأن الجمهور الأوروبي عموما”.

بعد جنيف، انطلقت آن ماري جاسر في جولة سويسرية تشمل عدة محطات لتقديم آخر أعمالها في مدن زيورخ وبادن وغيرها، أما الجمهور السويسري العريض فسيكون على موعد مع شريط “لما شفتك” في قاعات السينما ابتداء من يوم 4 ديسمبر القادم.

“الأردن.. أقرب نقطة”

طيلة الشريط، ظل المنطق الذي منع طارق من العودة إلى فلسطين التي لا تبعد كثيرا عن المخيم، ومنطق المخيم في حد ذاته الذي يتأقلم معه الكثير من الكبار، الشغل الشاغل لهذا الطفل الفلسطيني، وهو ما سيدفعه إلى محاولة العودة إلى أرض الآباء والأجداد رغم كل الصعاب، ورغم معارضة والـِدته.

مخرجة الفيلم آن ماري جاسر هي نفسها مُنعت من العودة إلى فلسطين، فهل كانت تتحدث بلسان طارق في هذا الفيلم؟ تُجيب: “أكيد أن هنالك شيء من ذلك”. وبعد التذكير بأنها لم تعش فترة الستينات، وأنها ليست ولدا، ولا أمّا، أوضحت قائلة: “بعد إنتاج فيلمي “ملح هذا البحر”، منعني الإسرائيليون من العودة إلى بلدي فلسطين، فوجدت نفسي في الأردن. وهذه هي المرة الأولى التي أعيش فيها هذا الوضع الذي يعيشه 70% من الفلسطينيين. وقد حاولتُ الدخول إلى فلسطين سبع مرات، ولكن تم منعي كل مرة، لذلك بقيت في أقرب نقطة وهي الأردن”.

في حديثها لـ swissinfo.ch، قالت آن ماري جاسر أيضا: “عندما تشاهد أضواء فلسطين عبر الحدود، تشعر بسخافة الحدود التي تمنعك من الدخول. ومن هنا كانت بداية فكرة الفيلم”، الذي اختارت أن يلعب فيه طفل دور البطولة.

محتويات خارجية
فيديو إعلاني لفيلم “لما شفتك” للمخرجة آن ماري جاسر

رفض الأمر الواقع

لا شك أن إنتاج فيلم فلسطيني جديد يتناول “حق العودة” في ظل التعثر الذي تشهده العملية السلمية في المنطقة وفي ظل الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط، يعني محاولة أخرى لتوجيه عدد من الرسائل إلى الأطراف المعنية والى الجمهور عموما.   

فمن لديه خلفية عن القضية الفلسطينية سيرى في الشريط تذكيرا بحق يُصرّ على التمسك به معظم الفلسطينيين ويرغب آخرون في طمسه وإلغائه، إلا أن ماري جاسر تقول: “حتى من ليست لديه خلفية عن القضية الفلسطينية سيجد في هذا الفيلم قصة أمّ تعيش مع طفلها في المخيم بعد أن فقدت الوطن والزوج ولا ترغب في فقدان آخر ما تبقى لها، أي طفلها ذي الحادية عشرة سنة والذي يرفض بمنطقه الفطري الأمر الواقع الذي تفرضه الأوضاع السياسية، ويرغب في التحرر وفي أن يصبح “زلمه” (أي رجلا).

تقيم المخرجة السينمائية الفلسطينية الأردنية حاليا في العاصمة الأردنية عمان.

تمكنت من تعلم كتابة السيناريو، كما عملت في مجال المونتاج وفي الإشراف على المشاريع السينمائية.

كتبت وأخرجت 12 فيلماً وكان أول عمل لها هو فيلمها الأول “ملح هذا البحر”، الذي رشح لجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية ضمن جوائز الأوسكار التي تقدمها سنويا أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة.

اختارها المخرج الصيني المعروف زانغ ييمو، لتكون أول مخرجة تعمل تحت رعايته كجزء من مبادرة “روليكس للفنون”.

(المصدر: عن موقع “السينما. كوم” بتصرف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية