مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجاوز المقاربة الأمنية والعسكرية في مكافحة العنف والتطرّف

الحلول الأمنية والعسكرية لا تكفي لمحاربة المجموعات العنيفة مثل داعش، التي وجدت لها ملجأً في سوريا كما يبدو من هذه الصورة التي تعود لعام 2012. Reuters

يهدف مؤتمر دولي ينعقد في يومي 7 و8 أبريل 2016 في جنيف بالتعاون بين الأمم المتحدة وسويسرا إلى توحيد الجهود من أجل محاربة تجنيد الشباب في صفوف المجموعات الإرهابية مثل "داعش". ومن أجل تحقيق ذلك، يُراهن المنظمون على جملة من التدابير كتوفير الوقاية الإجتماعية والإقتصادية، بما يتجاوز المقاربة الأمنية والعسكرية الصرفة التي سادت منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. 

من بين الأسئلة التي تُطرح اليوم في أزيد من مائة بلد انضمّ بعض شبابه إلى مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق: لماذا تحظى هذه المنظمات بجاذبية وإقبال واسعيْن لدى الشباب؟ ويردّ ستيفان هوسّي، السفير السويسري، المكلّف بمهمّة محاربة الإرهاب في إطار المنظمات الدولية قائلا: “لا يمكننا معالجة هذه المشكلة فقط من خلال تعبئة الشرطة والقضاء والجيش”.

حول هذه المقاربة تدور فعاليات مؤتمر “الوقاية من التطرّف العنيف” الدولي الذي تستضيفه جنيف بدعوة من الأمم المتحدة وسويسرا ويستمرّ ليوميْن يبمشاركة مجموعة من الخبراء في المجال، وحوالي ثلاثين وزيرا ونائب وزير، من بينهم وزراء خارجية كل من بلجيكا وسويسرا ومصر وماليزيا. 

 الزاوية السويسرية

يوم الجمعة 8 أبريل 2016، يترأس كل من ديدييه بوركهالتر وزير الخارجية السويسريةرابط خارجي وبان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة الجانب الوزاري من المؤتمر الذي يُشارك فيه قرابة 600 شخص قدموا من 104 بلدا، من بينهم 32 وزيرا أو نائب وزير. 

بالنسبة لسويسرا، تتنزّل مكافحة التطرّف العنيف في إطار إلتزام الكنفدرالية بالسلام والتنمية المستدامة.

أما بالنسبة لجنيف الدولية، فيمكن أن تشكل المدينة السويسرية التي تحتضن المقر الأوروبي للأمم المتحدةحجر الزاوية في جهود الوقاية، وعلى وجه الخصوص في مجال حقوق الإنسان، ونشر ونشر وتعزيز السلام وتسوية النزاعات، إلى جانب التعاون الإنمائي على سبيل المثال من خلال الصندوق العالمي لإشراك المجتمعات المحلية وتعزيز قدرتها على التكيّفرابط خارجي، أو من طرف الهيئات والمراكز المخصصة لتعزيز ونشر السلام والتي تتخذ من جنيف مقرا لها.

المصدر: وكالة الأنباء السويسرية SDA-ATS

ومثلما أوضح الباكستاني جيهانجير خان، مدير مركز الامم المتحدة لمكافحة الإرهابرابط خارجي (مقره جنيف)، فإن “جميع البلدان معنية بظاهرة التطرّف العنيف، ولا يوجد بلد بمعزل عن هذه الظاهرة. والعالم اليوم أحوج من أي وقت مضى للتعاون بين جميع الأطراف. فقد أثبتت المقاربة الأمنية، والوسائل العسكرية، رغم أهميتها، أنها غير كافية”.  

ووفقا للسفير السويسري، فإن “المقاربة الأمنية المحضة ربّما ولّدت المزيد من الإرهاب بدلا من القضاء عليه”. 

رد متعدد الأوجه على الإرهاب

يهدف هذا المؤتمر والسياق الدبلوماسي الذي يتنزّل فيه إلى دفع البلدان المشاركة إلى إدراك هذه الحقيقة وإستخلاص الدروس من فشل “الحرب على الإرهاب” التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2011 في كل من أفغانستان والعراق. كما يسعى إلى تجنّب الوقوع في نفس الأخطاء خاصة بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت كل من فرنسا وبلجيكا. 

في هذا السياق، أوضح ستيفان هوسي أن “المطلوب اليوم هو العمل على تطوير التعاون الدولي من أجل التنمية، وتعزيز السلام، والأمن الإنساني”. هذا التوجّه الجديد سوف يضمّنه وزير الخارجية السويسري ديدييه بوركهالتر في خطّته لمكافحة التطرّف العنيف، وسيجعل منه أحد محاور السياسة الخارجية للمرحلة المقبلة التي سيعرضها على المؤتمر في يومه الثاني والأخير (8 أبريل 2016).

يمكن القول أيضا أن هذا المؤتمر يُعدّ نقطة تحول بالنسبة للأمم المتحدة، حيث أنه يلتئم بعد مرور عشرة أعوام من اعتماد الجمعية العمومية لـ “الخطة الدولية لمكافحة الإرهاب” يوم 8 سبتمبر 2006 تحديدا، التي تأسست على مقاربة أمنية وعسكرية محضة. ومن المقرر أن تقوم البلدان الأعضاء في المنظمة الأممية بإجراء تقييم لهذه السياسة في شهر يونيو المقبل. 

المقاربة الأمنية المحضة ربّما ولّدت المزيد من الإرهاب بدلا من القضاء عليه
السفير السويسري ستيفان هوسّي 

في هذا المنظور، حدد الأمين العام المنتهية ولايته، بان كي مون، رسميا في شهر ديسمبر 2015 “خطة عمل للوقاية من التطرّف العنيفرابط خارجي“، وهو ما يصلح منطلقا للعمل بالنسبة لمؤتمر جنيف الحالي. وتقترح خطة العمل هذه جملة من التدابير في مجال “منع النزاعات، وتعزيز الحوكمة الرشيدة، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون، وإشراك السكان في إدارة الشأن العام، وتعبئة الشباب، والمساواة بين الجنسيْن، والتعليم، وتسهيل الحصول على فرص العمل، والتواصل الناجح عبر الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعية”. 

هذه هي المهام الكبيرة التي كلّفت بها الامم المتحدة منذ إنشائها في أعقاب الحرب العالمية الثانية والتي تم استدعاؤها من جديد خلال التفكير في الإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة التطرّف العنيف، الذي يظل مصطلحا غامضا نوعا ما، لأن أعضاء الامم المتحدة فشلوا في التوصّل حتى الآن إلى تعريف مشترك لما هو “الإرهاب”. 

من الأقوال إلى الأفعال

أحد اسباب هذا الغموض هو حرص الأمم المتحدة على عدم وصم أي جهة أو أي شخص. ولقد شدّدت البلدان الاعضاء خلال تبنيها واعتمادها لخطة العمل التي وضعها الأمين العام للمنظمة الأممية على أن التطرّف العنيف “لا يُمكن، بل ولا يجب أن يُلصق بأي دين، أو أي شعب، أو أي حضارة أو أي ثقافة، أو أي عرق”. 

ومن الواضح أن هذه المبادرة لا تريد استفزاز البلدان الإسلامية حتى تشارك هي الأخرى في هذا الجهد. ولكن مثلما هو الأمر في كثير من الأحيان، لا يمكن أن ينتظر الكثير من خطة العمل أو من مؤتمر جنيف إذا لم يتمخضا عن قرارات ملزمة.

وبما أن كل بلد مدعوّ للإستلهام من هذه الخطة ومن هذه المقاربة لوضع خطة وطنية مناسبة للوضع المحلّي الخاص به، فسيكون من المثير للإهتمام أن نرى كيف يمكن لبلد مثل مصر أن تضع خطّة عمل كهذه، في حين أنها تطبّق في الواقع خطّة مناقضة تماما، وتعتمد طريقة قمع دموية ضد حركة الإخوان المسلمين، وتخنق كل صوت معارض، وتحارب جزء مهم من المجتمع المدني. وهو ما وفر أجواء مناسبة لنشأة الخلايا الجهادية في سيناء. 

استئناف المحادثات بين السوريين في جنيف

خلال مؤتمر صحفي عقد في جنيف يوم الثلاثاء 5 أبريل 2016، أشار أحمد فوزي الناطق باسم الأمم المتحدة إلى أن الجولة القادمة من مفاوضات السلام في سوريا “ستبدأ في جنيف يوم 11 أبريل” المقبل.

وأضاف المتحدث الدولي: “يخطط ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي إلى سوريا، لاستئناف محادثات السلام يوم 11 أبريل كما كان متوقعا”.

ومن المنتظر أن يصل مندوبو المعارضة السورية الممثلين ضمن تحالف واسع يضم نشطاء سياسيين وممثلين عن بعض المجموعات المسلحة إلى جنيف يوم 10 أبريل. 

في المقابل، سيعود الوفد الممثل لنظام بشار الأسد إلى جنيف يوم 14 أبريل، وفقا للناطق باسم الأمم المتحدة، حيث أن الإنتخابات التشريعية التي تنظمها سلطات دمشق ستُجرى يوم 13 أبريل، ويُشارك فيها خمسة من أعضاء الوفد كمرشحين.

(نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية