The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الهجرة تعيد تشكيل سوق العقارات في سويسرا وسط أزمة سكن متصاعدة

سوق العقارات السويسري
تلقى الشقق الحضرية طلبًا متساويًا من السكّان الأجانب والسويسريين، بينما تبرز الفروقات في وحدات عقارية أخرى. Keystone / Michael Buholzer Keystone / Michael Buholzer

ما هي تفضيلات الإقامة في سويسرا بالنسبة إلى الشرائح السكانية الوافدة من أجل العمل؟ وما هي توقعاتها بهذا الشأن؟ دراسة جديدة تتناول هذه القضايا، وتكشف تأثير هذه الفئات في أسعار الإيجارات، والعقارات في السوق السويسرية. 

على مدار السنوات الماضية، شهدت أسعار سوق العقارات في سويسرا ارتفاعًا ملحوظًا، سواء كان ذلك في مجالات إيجار الشقق، أو شراء المنازل العائلية، أو الشقق المخصّصة للتملك. وفي الوقت ذاته، تواجه البلاد أزمة سكنية تتفاقم بشكل متزايد. 

جوهر الموضوع:

* الهجرة تزيد الطلب على المساكن

* تفضيلات السكن: وافدون في المدن ومحليون في الضواحي

* دور الهجرة في ارتفاع أسعار العقارات

وتعتبر الهجرة من العوامل الرئيسية المعزّزة لهذا الاتجاه. فعلى مدار خمسة وعشرين عامًا، زاد عدد السكان من 7.2 مليون إلى أكثر من 9 ملايين نسمة، نتيجة لزيادة هجرة اليد العاملة. وقد شهد صافي الهجرة ارتفاعًا ملحوظًا منذ بداية هذا العقد، مع تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين واللاجئات من أوكرانيا. 

محتويات خارجية

وقد ترك هذا الوضع آثارًا واضحة في النقاش السياسي في سويسرا. وألقت الخشية من تفاقم الضغوط المصاحبة للنمو السكاني بظلالها على مفاوضات الاتفاقيات الثنائية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، تعود موجات الهجرة في السنوات الأخيرة تعود أساسًا إلى احتياجات سويسرا نفسها. 

 تحتاج سويسرا إلى عمالة ماهرة، تجدها بسهولة عبر حدودها. ففي عام 2024، فاز أشخاص من خارج البلاد، لا سيَّما من الدول المجاورة، بثلثي الوظائف المستحدثة. وتُعدُّ ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا منبعًا لنحو 40% من صافي الهجرة إلى سويسرا. 

محتويات خارجية

وتساهم دراسة جديدة، بما تضمّنته من معلومات وبيانات، في إضفاء الموضوعية على هذا النقاش المشحون عاطفيًا. وتسلّط الدراسة، التي أعدّتها شركة الاستشارات “فويست بارتنر” (Wüest Partner)، الضوء على سلوك الشرائح السكانية الوافدة حديثًا في سوق العقارات السويسري، وتكشف تأثيرها الفعلي في الإيجارات والأسعار. 

وفي ما يلي موجز عن أبرز نتائج الدراسة. 

أين يفضّل الأشخاص الوافدون السكن، في المدن، أم الأرياف، أم الضواحي؟

بحسب شركة الاستشارات، فويست بارتنر، تُفضّل الشرائح السكانية الوافدة حديثًا السكن في المناطق الحضرية. ولا يفكر سوى ثلثها في الانتقال إلى الأرياف، مقارنة بنحو 40% من السكان السويسريين المحليين. أما المدن الكبرى، فتحظى بشعبية متساوية لدى المجموعتين. في المقابل، تميل الشرائح الوافدة إلى اختيار المناطق شبه الحضرية، أي تلك الواقعة بين البيئات الريفية والحضرية، إضافة إلى المدن الصغيرة والمتوسطة. ويعود ذلك إلى أن هذه المناطق أقل كلفة، لكنها تظل متصلة جيدًا بشبكات النقل والخدمات. 

محتويات خارجية

وعلى صعيد الكانتونات، تكشف الدراسة أن معدلات صافي الهجرة الدولية إلى جنيف، وفاليه، وبازل المدينة، وشافهاوزن، ونوشاتيل، وزيورخ، تفوق المتوسط. 

رغم وجود أزمة سكن وارتفاع أسعار الإيجارات، تجذب المراكز الحضرية الكبرى مثل جنيف، وبازل، وزيورخ عددًا من الأجانب الجدد يتجاوز المتوسط. ومع ذلك، لا يزال صافي الهجرة الداخلية في هذه المدن سالبًا. 

وتجذب جنيف وزيورخ، بما تحتضنانه من شركات دولية، العديد من القوى العاملة العالية الكفاءات، بحسب روبرت وينرت، كبير قسم التحليلات في فويست بارتنر. ويضيف: “بوسع هذه القوى العاملة تحمّل كلفة الإيجارات المرتفعة. أما الهجرة الداخلية، فعادة ما ترتبط بتأسيس أسرة، إذ ينتقل الأشخاص المحتاجون إلى مساحات سكنية أكبر، إلى المناطق المحيطة الأقل كلفة.    

وعلى صعيد الهجرة الداخلية، يحصد كانتونا شافهاوزن، وفريبورغ أعلى النسب. إذ ينتقل إليهما عدد أكبر من الأشخاص القادمين من سائر مناطق سويسرا، مقارنة بعدد الأشخاص المغادرين منها. ولكن يحظى كانتون شافهاوزن، بخلاف فريبورغ، أيضًا بشعبية بين الأشخاص القادمين من بلدان أخرى. ويقول وينرت: “الإيجارات وأسعار تملّك المساكن معقولة نسبيًا في كلا الكانتونين”. ثم إنّ العبء الضريبي منخفض مقارنة بالمناطق المجاورة، ولا سيما في كانتون فريبورغ، المتمتّع بميزة نسبية، بوقوعه بين كانتوني فُو وبرن، المعروفين بارتفاع الضرائب. 

محتويات خارجية
محتويات خارجية

ما هي ميزات السكن الذي يبحث عنها الأشخاص الوافدون حديثًا إلى سويسرا؟

وفقًا لبيانات شركة الاستشارات فويست بارتنر، يضع أكثر من 90% من الأشخاص المشاركين في الاستطلاع، بغضّ النظر عن الجنسية، السعر أو قيمة الإيجار، وحجم المساحة السكنية، والراحة، والإضاءة في مقدمة الأولويات. 

أمَّا عند النظر إلى المعايير الثانوية، فتتفاوت التوقعات. إذ يولي السويسريون والسويسريات أهمية أكبر للاستدامة،  كاستخدام مواد صديقة للبيئة أو الكهرباء الخضراء، وكذلك القرب من المحيط الاجتماعي الخاص. 

في المقابل، يمنح الأشخاص الأجانب الأولوية للقرب من مكان العمل، وتوفّر وسائل نقل، سواء بالسيارة أو بالمواصلات، والقرب من المدارس. 

تعكس هذه الاختلافات التركيبة السكانية لكل من المجموعتين. فتكون الأسر المهاجرة غالبًا أصغر سنًا، في مرحلة العمل، ولديها أطفال، ما يفسر تركيزها على المعايير العملية، وفقًا لفويست بارتنر. بينما الأسر السويسرية في المتوسط أكبر سنًا وأعلى دخلًا، إذ تعطي أهمية أكبر لجودة الحياة والبيئة المحيطة. كما تشير الشركة إلى أن “هذه التوجهات تظهر أيضًا لدى الأسر [السويسرية] التي لديها أطفال”. 

وفضلًا على ذلك، يغيّر الأشخاص الأجانب أماكن سكنهم بوتيرة أعلى. ولذلك، كان احتمال انتقال الأشخاص الفرنسيين المقيمين في سويسرا، خلال عام 2023، إلى مسكن جديد يفوق ضعف احتمال نظرائهم السويسريين. وتبيّن لشركة فويست بارتنر: “أن الأشخاص المهاجرين لا يغادرون البلاد بوتيرة أعلى فحسب، بل ينتقلون أيضًا داخل سويسرا بوتيرة أكثر تكرارًا”. 

ويسجّل الأشخاص المهاجرون من الدول المجاورة أعلى معدلات الهجرة الداخلية، سواء من حيث وتيرة الانتقال أو المسافات المقطوعة. ووفقًا لشركة فويست بارتنر، يعود ذلك إلى وفرة فرص العمل، والحاجة إلى مساكن بأسعار معقولة، خصوصًا بعد تأسيس أسرة. 

وفي هذا السياق، يسهّل إتقان إحدى اللغات الوطنية أيضًا تنقّل هذه الفئة داخل سويسرا. أما الأشخاص القادمون من إسبانيا، والبرتغال، وشرق أوروبا، وتركيا، فيفضّلون الانتقال لمسافات أقصر، “على الأرجح للبقاء بالقرب من الشبكات الاجتماعية الخاصة”، وفق ما تشير الدراسة. 

من يستهلك مساحة سكنية أكبر للفرد: الأسر السويسرية أم الأجنبية؟

تستخدم الأسر الأجنبية مساحة سكنية أقل بكثير لكل فرد مقارنةً بالأسر السويسرية. فبينما يستأجر السويسريون في المتوسط 1.9 غرفة لكل شخص، فإن المعدل لدى الأجانب هو 1.4 غرفة فقط. لذا، يشغل الأجانب مساحة إجمالية أقل من تلك التي يشغلها السويسريون. 

ويرى روبرت وينرت أن ذلك يعود للفروق في الدخل، أو عدد الأطفال الأعلى لدى الأسر الأجنبية. ويضيف: “يجب ألا ننسى أن معدلات تملّك المساكن أعلى بين الأسر السويسرية. وفي أغلب الحالات، يستغلّ مُلَّاك المنازل مساحة سكنية أكبر للفرد الواحد، مقارنة بملاك الشقق”.  

ماذا تفضّل الأسر المهاجرة والوافدة من أجل العمل، الاستئجار أم الشراء؟

في عام 2023، امتلكت 44،1% من الأسر السويسرية مساكنها الخاصة. وفي الأسر المختلطة، التي تضم أشخاصًا سويسريين وآخرين أجانب، بلغت النسبة 27،5%، بينما لم تتجاوز 12،3% في الأسر الأجنبية. 

وكتبت شركة فويست بارتنر: “حتى بعد سنوات طويلة من الإقامة في سويسرا، يظل معظم الأشخاص المهاجرين من فئة المستأجرين”.  

وتُعزى هذه الفجوة إلى عدة أسباب، منها صغر متوسط أعمار الأشخاص المهاجرين، ورغبتهم في الإقامة المؤقتة، إضافة إلى محدودية الموارد المالية، ولا سيما نقص رأس المال الموروث، الذي بات عاملًا حاسمًا لشراء العقارات في سويسرا. 

وبين عامي 2013 و2023، تراجعت معدلات تملّك المساكن بين الأسر السويسرية بمقدار 0،5 نقطة مئوية، وبين الأسر الأجنبية بمقدار 1،8 نقطة مئوية. 

محتويات خارجية

كيف تؤثر الهجرة في الإيجارات وأسعار العقارات؟

رغم أن غالبية الأشخاص المهاجرين يسكنون في منازل مستأجرة، إلا أن ذوي الدخل المرتفع منهم يتجهون، بعد بضع سنوات، إلى شراء منازلهم الخاصة أو منازل لقضاء العطلات، وفقًا لشركة فويست بارتنر. 

بسبب ارتفاع الطلب على الإيجارات نتيجة الهجرة، يحاول بعض السكان، سواء كانوا سويسريين أو أجانب، شراء مساكن خاصة بهم، ما يؤدي إلى زيادة الحركية في السوق بشكل غير مباشر. 

وبحسب فويست بارتنر، تؤدي زيادة عدد السكان بنسبة 1% تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنازل العائلية المستقلة بنسبة 0،88%، وأسعار الشقق المملوكة بنسبة 1،37%، في حين ترتفع الإيجارات بنسبة 1% في السيناريو نفسه. 

في الختام، تشير شركة فويست بارتنر إلى وجود عوامل أخرى تؤثر بشكل أكبر في الأسعار. وتوضح أن معدلات الرهن العقاري، والنمو الاقتصادي، والتضخم تعتبر عوامل حاسمة في سوق العقارات السكنية. بينما في سوق الإيجارات، تلعب أسعار الفائدة المرجعية، والتضخم، ونسبة الشواغر دورًا أساسيًا. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: مارك لويتينيغّر

ما هي تجربتك مع أزمة السكن وارتفاع أسعار العقارات؟

تواجه سويسرا أزمة سكن آخذة في التفاقم. برأيك، ما السبل الممكنة لتفادي هذه الأزمة؟

63 إعجاب
73 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: بالس ريغندينغر

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلّي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية