
صحيفة سويسرية: ما مدى نفوذ التنظيمات المسلحة في سوريا؟

من دمشق إلى غزة ثم طهران، سلطت الصحافة السويسرية هذا الأسبوع الضوء على أزمات أمنية وسياسية معقدة: مدى نفوذ التنظيمات المسلحة في سوريا، وتصاعد الانتقادات لمؤسسة المساعدات الإنسانية في غزة في ظل ارتفاع عدد الضحايا؛ والذكاء الاصطناعي يغذي التضليل في حرب الشرق الأوسط.
أشارت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ إلى أن الهجوم الذي استهدف كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق يوم الأحد الماضي، يُمثّل تحديًا خطيرًا لجهود الحكومة السورية الانتقالية، ويسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في البلاد، وعلى عدم قدرة السلطة الجديدة على ملء الفراغ بعد أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وقال الصحفي يوناس روت إن الهجوم، الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصًا وإصابة نحو 50 آخرين، يُعدّ أول تفجير انتحاري تشهده البلاد منذ أن تولّت الحكومة الانتقالية زمام السلطة.
ونقل الصحفي عن شهود عيان قولهم إن المصلين في الكنيسة كانوا يؤدون صلاتهم عندما دوى إطلاق نار في الشارع الخارجي، قبل أن يقتحم أحد المهاجمين الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية الواقعة في جنوب شرق العاصمة، حيث ألقى قنبلة يدوية ثم فجّر نفسه.
يعوّل تنظيم الدولة على تأجيج التوترات الطائفية في بلد يتميز بتنوع الانتماءات الدينية.
صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ
وأفادت السلطات السورية أن المهاجم ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وقالت مصادر أمنية إن شهودًا أبلغوا عن رؤية مهاجمين آخرين قرب موقع التفجير. وذكرت وزارة الداخلية السورية في بيان مساء الاثنين أن السلطات ألقت القبض على عدد من الأشخاص يُشتبه بانتمائهم إلى خلايا إرهابية على صلة بالتنظيم.
وفي تصريحات أدلى بها يوم الأحد الماضي، قال وزير الداخلية السوري أنس خطاب: “لن تثني هذه الهجمات الإرهابية الدولة السورية عن مساعيها لتحقيق السلام الأهلي”.
“تساؤلات مقلقة”
ورأت الصحيفة السويسرية أن هذا الهجوم يُسلّط الضوء على التحديات الجسيمة التي تواجهها الحكومة الانتقالية في مساعيها لإعادة الاستقرار إلى البلاد، بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية. وأضافت أن توقيت التفجير وموقعه في قلب العاصمة يُثير تساؤلات مقلقة، خاصة أن نشاط تنظيم الدولة الإسلامية كان في السابق محصورًا في المناطق الصحراوية بشرق سوريا.
وقال الصحفي إن التنظيم السلفي الجهادي نفّذ في السنوات الأخيرة هجمات عديدة استهدفت الأقليات الدينية في البلاد. ففي عام 2016، أسفر تفجير انتحاري استهدف زوارًا شيعة في منطقة السيدة زينب قرب دمشق عن مقتل 71 شخصًا وإصابة أكثر من 110 آخرين. ورغم أن الفصائل السورية والكردية المسلحة، المدعومة من الولايات المتحدة، تمكّنت من تقويض “دولة الخلافة” التي أعلنها التنظيم في سوريا والعراق، لا تزال بعض خلاياه نشطة في البادية السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن التغيير السياسي الذي شهدته سوريا في ديسمبر الماضي أسفر عن نشوء فراغ في السلطة في عدد من المناطق، وهو فراغ يبدو أن تنظيم الدولة الإسلامية يسعى إلى استغلاله، حيث يعوّل على تأجيج التوترات الطائفية في بلد يتميز بتنوع الانتماءات الدينية، وذلك في محاولة لزعزعة ثقة السكان بالحكومة الجديدة.
بين الهجوم الأخير والانسحاب الأمريكي.. هل تعود “داعش” إلى الواجهة؟
ورغم إعلان الحكومة السورية الانتقالية التزامها بحماية جميع مكونات المجتمع، لا يزال كثير من السوريات والسوريين ينظرون بعين الشك إلى هذه الوعود. وأشار التقرير إلى أن شهر مارس الماضي شهد هجمات دامية نُسبت إلى ميليشيات سنّية مقرّبة من الحكومة، استهدفت تجمعات علوية على الساحل السوري، فيما تكررت الاشتباكات في جنوب البلاد بين قوات حكومية ومقاتلين دروز. وحتى الآن، لم تتمكن الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع من بسط السيطرة الأمنية الكاملة على الأراضي السورية.
ورغم التراجع الكبير في قدرات التنظيم مقارنة بفترة ذروته قبل نحو عقد، فإن خطره ما زال قائمًا. وتشير تقديرات غربية إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية يحتفظ بنحو 2500 مقاتل نشط في سوريا والعراق.
وفي شمال شرق سوريا، لا تزال القوات الكردية تحتجز نحو 9000 من عناصر التنظيم السابقين في معسكرات كبيرة، يُعتقد أن الكثير منهم ما زالوا متمسكين بالفكر المتشدد. وقالت الصحيفة إن خبيرات وخبراء أمنيين حذّروا منذ أشهر من احتمال سعي التنظيم إلى تنفيذ عمليات لتهريب أو تحرير المعتقلين، ما قد يُشعل موجة جديدة من الفوضى والعنف في المنطقة، وفق الصحيفة.
وخلص التقرير إلى أن الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق يُشكّل تذكيرًا صارخًا بأن التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية لم ينتهِ بعد، وأن الحكومة السورية الانتقالية، رغم التحديات الجسيمة، لا تستطيع أن تغض الطرف عن هذا الخطر المستمر، مهما بدا التنظيم أضعف من ذي قبل. وتزداد المخاوف في هذا السياق، لا سيما بعد إعلان الولايات المتحدة مؤخرًا عن بدء سحب مئات من جنودها من الأراضي السورية، في خطوة قد تؤثر على توازن القوى المحلية.
(المصدر: صحيفة نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 24 يونيو 2025، بالألمانية)
بعد مجزرة أخرى في غزة: انتقادات متزايدة لـ”مؤسسة غزة الإنسانية”

حذّرت صحيفة لوتون من تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، مسلطة الضوء على تصاعد الانتقادات لـ”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) التي تشرف على توزيع الغذاء.
وأشار الصحفي لويس ليما إلى أن هذه الحوادث المميتة باتت تتكرر بشكل شبه يومي، في وقت تؤكد فيه منظمات إنسانية أن المؤسسة فشلت في حماية السكان المدنيين، بل تحولت إلى ما سماه الهلال الأحمر الفلسطيني بـ”آلة القتل”. ووفقًا للتقرير، فإن إجمالي الضحايا منذ بدء عمليات المؤسسة يتراوح ما بين 400 و 500 قتيل.ة، فيما يعاني آلاف آخرونمن إصابات متفاوتة.
ورغم التقارير المتعددة، تواصل المؤسسة التأكيد على أن “المساعدات تُوزّع في جميع المواقع دون حوادث تُذكر”. لكن الشهادات الميدانية، بينها تصريحات الطبيبة الكندية دوروتيا غوتشياردو، تؤكد أن “المساعدات تُوزّع بواسطة مرتزقة أميريكين مسلحين”، ووصفت ذلك بأنه ” انتهاك لجميع مبادئ القانون الإنساني “، وفق الصحيفة.
وتشير تقارير إلى أن مراكز التوزيع تقع ضمن مناطق عسكرية خاضعة لسيطرة إسرائيل، وتُدار بمشاركة مجموعات فلسطينية مسلّحة مدعومة من الجيش الإسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي اعتبر أن الحصار والمجاعة في غزة قد يرقيا إلى جرائم حرب أو حتى جريمة إبادة جماعية، وهي مسألة تُناقش حاليًا أمام محكمة العدل الدولية. كما طالبت 15 منظمة حقوقية، من بينها ترايل إنترناشيونال في جنيف، بمحاسبة مسؤولي المؤسسة والشركة الأمنية المتعاقدة معها.
وخلصت الصحيفة إلى أن المؤسسة، التي جاءت لتعوّض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تواجه اليوم أزمة قانونية وسياسية حادة، وسط تقارير عن طلبها دعمًا ماليًا من إدارة ترامب، التي تدرس تحويل 500 مليون دولار من ميزانية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لدعم عملياتها في غزة.
(المصدر: صحيفة لوتونرابط خارجي، 24 يونيو 2025، بالفرنسية)
الذكاء الاصطناعي يغذي التضليل خلال النزاع الإيراني الإسرائيلي

قالت الصحفية ميشيل موف في تقرير نشرته صحيفة تاغس أنتسايغير، إن شبكة الإنترنت تشهد موجة متصاعدة من التضليل المرتبط بالنزاع بين إيران وإسرائيل، يقودها محتوى مُولّد بالذكاء الاصطناعي يصعب حتى على الخبراء كشفه.
وأشارت الصحيفة إلى مقطع فيديو متداول يظهر مظاهرة في تل أبيب، ترفع أعلامًا إيرانية وإسرائيلية، ويهتف المشاركون: “إيران، نعتذر، نريد السلام!”، في مشهد يبدو واقعيًا تمامًا. غير أن هذه الصور صُنعت بالكامل باستخدام أداة (Veo 3) من غوغل، دون أن تُذكر كمصدر إلا من خلال شعار طفيف قد لا يظهر في بعض المقاطع.
وبيّنت الصحيفة أن مقاطع مشابهة انتشرت، منها فيديو يُظهر إيرانيين يرددون هتافات مؤيدة لإسرائيل، وآخر يصور دمارًا في أحياء سكنية إسرائيلية، لكن تحركات الأشخاص أو ظهور الأعلام يكشف اصطناعها عند التمعن.
وقالت الصحيفة إن إيمانويل ساليبا، كبيرة المحققين في مجموعة جيت ريال ( Get Real)، صرّحت لبي بي سي فيريفاي (BBC Verify) أن هذه أول مرة يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي التوليدي بهذا الحجم في نزاع مسلح.
كما نقلت عن البروفيسور مارك سيليباك من جامعة زيورخ للعلوم التطبيقية (ZHAW) تحذيره من “قفزة نوعية” مرتقبة تجعل أدوات التزوير قادرة على خداع حتى أنظمة الكشف المتخصصة.
وخلصت الصحيفة إلى أن السبيل الوحيد حاليًا هو التحقق من المعلومات عبر وسائل إعلام تقليدية موثوقة، خاصة في ظل توسّع استخدام “مزارع البوتات” – أي حسابات آلية تنشر نفس الرسائل عبر مختلف المنصات لتضليل الجمهور.
(المصدر: صحيفة تاغيس انتسايغيررابط خارجي، 24 يونيو 2025، بالألمانية)
يمكنك الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 4 يوليو مع عرض صحفي جديد.
مراجعة :فريق سويس إنفو
للاشتراك في النشرة الإخبارية:

المزيد
للاشتراك في العرض الصحفي الأسبوعي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.