صحف سويسرية: هل يقف الشرق الأوسط اليوم على أعتاب سلام طال انتظاره أم حرب جديدة؟
تساءلت صحيفة تاغيس أنتسايغير عن شروط تحقيق السلام بعد الاختراق الدبلوماسي الذي حققه ترامب في غزة، فيما حذّر الصحفي إريك غويِر من الإفراط في التفاؤل، مؤكداً أن “لا إسرائيل ولا الفلسطينيين مستعدون بعد للسلام”.
تناولت صحيفة بليك السويسرية التحديات التي تواجه اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس، مشيرة في مستهل تقريرها إلى الغياب اللافت للاتحاد الأوروبي عن مراسم التوقيع في شرم الشيخ.
وأشارت الصحيفة إلى غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خشية انفراط ائتلافه اليميني، إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد، رغم ما لهما من دور مهم في مستقبل غزة.
وأضافت أن المعطيات تُظهر تباينًا حادًا في المصالح الإقليمية بعد الاتفاق، إذ تدعم قطر وتركيا حماس، فيما تسعى مصر والسعودية والإمارات إلى الحد من نفوذها. ويرى غيث العمري، الباحث في معهد واشنطن، أن الدعم السياسي والمالي من الرياض وأبو ظبي للقاهرة سيكون حاسمًا.
وفي مقابلة مع الصحيفة، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت الاتفاق، واعتبره خطوة متأخرة كان يمكن التوصل إليها قبل عام ونصف، لولا رفض بنيامين نتنياهو، الذي اُضطر لاحقًا للقبول تحت ضغط الرئيس ترامب.
ويُعرف أولمرت بمعارضته الشديدة لنتنياهو، ويتهم حكومته بارتكاب جرائم حرب في غزة والضفة الغربية. ويرى أن الحل لا يكمن في القوة، بل في بناء مؤسسات فلسطينية فاعلة تضمن الأمن والاستقرار، ما يجعل قيام دولة فلسطينية أمرًا لا مفر منه، وهو برأيه شرط لتحقيق سلام دائم.
كما أشاد بعودة السياسي الفلسطيني ناصر القدوة إلى رام الله بعد أربع سنوات، واعتبرها “إشارة مهمة”. وكان الاثنان قد عرضا سابقًا خطة لحل الدولتين، ويأمل أولمرت أن يتمكنا من تقديمها إلى وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس، وفق الصحيفة.
(المصدر: صحيفة بليكرابط خارجي، 20 أكتوبر 2025، بالفرنسية)
بعد الاختراق الدبلوماسي الأمريكي… ما الذي يتطلبه تحقيق السلام في الشرق الأوسط؟
ناقش الصحفي كريستوف مونغير، مستقبل الهدنة الهشّة في قطاع غزة، وإمكانية تحويلها إلى سلام دائم في الشرق الأوسط، بعد أسابيع من “اتفاق غزة”، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع شرم الشيخ بمصر.
واستهل المقال بتصريحات لترامب تؤكد أنه “لا يشك لحظة في أن السلام سيعمّ المنطقة”.
هل من الممكن التفاوض مع حركة مثل حماس، وهل يمكن لاتفاق إيرلندا الشمالية أن يكون نموذجاً يُحتذى في الشرق الأوسط؟
تاغيس أنتسايغير
وأضاف أن الرئيس الأمريكي أكَّد رغبته “بنزع سلاح حماس بأي وسيلة كانت… وإن لم تنزع سلاحها، فسنقوم نحن بذلك، بسرعة وربما بالعنف”. وأوضح الكاتب أن ترامب اقترح إنشاء هيئة انتقالية دولية لإدارة قطاع غزة تكون تابعة لما يسميه “مجلس السلام” برئاسته الشخصية، وتضم خبيرات وخبراء فلسطينيين ودوليين، يتولّون مسؤولية إعادة إعمار القطاع وتنظيم الشؤون الأمنية والإدارية فيه خلال المرحلة المقبلة.
وأوضحت الصحيفة أنه تم طرح اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير كأحد المرشحين لرئاسة هذه الهيئة، بالنظر إلى دوره السابق في عملية السلام في إيرلندا الشمالية. غير أن الصحيفة تشير إلى أن سمعته تبقى موضع جدل بسبب دعمه للحرب على العراق عام 2003. وأن تعيينه في هذا المنصب قد يحمل طابعًا استعماريًّا، نظرًا لأن فلسطين كانت في الماضي تحت الانتداب البريطاني.
كما طُرح أيضًا اسم سميح ساويرس، رجل الأعمال المصري وصاحب مشروع أندرمات السياحي في سويسرا، كمرشح محتمل لهذا المنصب. ويؤكد ترامب أنه لم يتخذ قراره بعد، وأن الشخصية التي ستتولى هذه المهمة يجب أن تحظى بقبول جميع الأطراف.
وتختم الصحيفة بأسئلة حول إمكانية التوصل إلى سلام حقيقي بعد هذه الهدنة، وما إذا كان من الممكن التفاوض مع حركة مثل حماس، وهل يمكن لاتفاق إيرلندا الشمالية أن يكون نموذجًا يُحتذى في الشرق الأوسط.
(المصدر: صحيفة تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 16 أكتوبر 2025، بالألمانية)
“لا إسرائيل ولا الفلسطينيون مستعدون للسلام”
في مقاله الافتتاحي، كتب إريك غوير، رئيس تحرير صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ، أن هدنة غزة وتحرير الرهائن يشكّلان “انتصارًا دبلوماسيًّا”. لكنه حذّر من الإفراط في التفاؤل، إذ تركت الحرب جرحًا غائرًا سيستمر أثره لعقود.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أشبه بحرب بين قابيل وهابيل، محكوم عليهما بالصراع الأبدي على قطعة أرض.
نويه تسورخير تسايتونغ
“الأسلحة صمتت، وغبار الدمار بدأ ينقشع. الآن يبدأ القتال الحقيقي: الصراع على رواية ما حدث”.
هكذا استهل غوير تحليله، معتبرًا هجوم 7 أكتوبر الإرهابي، وحرب غزة التي استمرت عامين، تُمثلان أعمق نقطة تحول في التاريخ اليهودي الفلسطيني المثقل بالصراعات لعقود قادمة.
وأضاف أن تحليل الحقائق والحكم الأخلاقي متداخلان. وعلَّل بأن الحرب لا يمكن النظر إليها كعملية عسكرية بحتة، لأن كل تفسير سياسي أو تاريخي يتضمّن موقفًا أخلاقيًّا ضمنيًّا.
وانتقد غوير الموقف الأوروبي لأنه – برأيه – يتبنّى حكمًا أخلاقيًّا واحدًا (إدانة إسرائيل بسبب القصف)، بينما يتجاهل السبب الأخلاقي الأول للحرب: المجزرة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر، التي يراها الكاتب جريمة تأسيسية أعادت إلى ذاكرة الإسرائيليين أهوال المحرقة.
ويرى الكاتب بأن الحرب في غزة تحوّلت إلى عملية بلا استراتيجية، على خلاف حروب إسرائيل المحدودة ضد إيران أو حزب الله. واعتبر أن الصراع هناك ” أشبه بحرب أهلية، بحرب بين قابيل وهابيل، محكوم عليهما بالصراع الأبدي على قطعة أرض. وهذا ما يفسر قسوة تصرف الجانبين”.
ويرى الكاتب أن حماس وافقت على خطة ترامب للسلام وإطلاق الرهائن بعد أن فقدت دعمها الشعبي. لكنه يشكك في تطبيق الخطة، نظرًا لصعوبة إيجاد إدارة فلسطينية نزيهة، أو قوات إسلامية لحفظ الأمن كما يقترح ترامب.
ويوضح غويِر أن إسرائيل لا تعتبر الهدنة تحولًا تاريخيًّا في الصراع، بل مهلة قصيرة لالتقاط الأنفاس. ويرى أن المجتمع الإسرائيلي ازداد تطرفًا بعد الحرب. وأن حركة المستوطنيين.ات أصبحت قوة سياسية لا يمكن تجاوزها، وباتت تشكل جناحًا حكوميًّا يملك حق النقض.
ومن هذا المنطلق، يؤكد الكاتب أن وجود القوى اليمينية المتشددة يجعل التوصل إلى تسوية سياسية أو حلّ على أساس دولتين مستحيلًا.
ويصرّح بوضوح: “لا إسرائيل ولا الفلسطينيون مستعدون للسلام”.
ويستطرد موضحًا أن الحرب لم تفتح طريقًا نحو السلام، بل أطلقت موجة عداء جديدة تجاه اليهود في الغرب. ويرى أن هذه الموجة مغلفة بمصطلح “انتقاد إسرائيل”، معتبرًا أن هذه الظاهرة تمثل “إحدى أكثر الأفكار تأثيرًا في عصرنا”.
كما يشير إلى أن عملية حماس أجبرت الأنظمة العربية على تجميد علاقاتها مع إسرائيل على الأقل شكليًّا. وهذا يعني، برأيه، أن الحركة نجحت جزئيًا في هدفها السياسي بإعادة المسألة الفلسطينية إلى الواجهة.
(المصدر: صحيفة نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 17 أكتوبر 2025، بالألمانية)
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع:
خدمة مدنية للجميع…الشعب السويسري يقرّر عبر صناديق الاقتراع
ما حقيقة ادّعاءات ترامب حول ارتفاع نسبة الأجانب في السجون السويسرية؟
غزة بعد عامين من الحرب الإسرائيلية: دمار شامل ووضع إنساني منهار
موعدنا يوم الجمعة 31 أكتوبر مع عرض صحفي جديد.
يمكنك الكتابة لنا على العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
مراجعة: ريم حسونة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.