The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

القطاع السياحي في سويسرا يزدهر، لكن أين الأفواج الصينية؟

تجتذب الجبال السويسرية آلاف السائحين والسائحات كل عام، مثلما توضح صورة جبل ريغي.
تجتذب الجبال السويسرية آلاف السائحين والسائحات كل عام، مثلما توضح صورة جبل ريغي. Keystone / Urs Flueeler

عادت الأفواج السياحية، من الولايات المتحدة الأمريكية والهند، تتدفق من جديد إلى سويسرا، بينما ما تزال الأعداد القادمة من الصين أقل مما كانت عليه قبل جائحة فيروس كورونا. في ما يلي نظرة على الأرقام.

تحظى سويسرا بشعبية كبيرة، كوجهة سياحية. وفي عام 2024، سجل قطاع الفنادق السويسري رقمًا قياسيًّا جديدًا، بلغ 42،8 مليون ليلة مبيت. وبذلك تجاوز القطاع مستويات ما قبل الجائحة، في حين لم يتعدَّ إجمالي عام 2019 نحو 39،6 مليون ليلة.

ويُعزى نصف هذا العدد إلى سائحين وسائحات من داخل سويسرا. ففي عام ،2021 ارتفعت معدلات المبيت السياحي الداخلي. وهذا بسبب جائحة فيروس كورونا آنذاك.

لكنها ظلت منذ ذلك الحين في مستوى مرتفع. وعام 2024، سجلت الفنادق السويسرية قرابة 21 مليون زائر  وزائرة من داخل سويسرا. حيث تعتبر هذه الفئة هي الأهم للسياحة المحلية، في فترة الشتاء.

يشير عدد الزيارات (أو مرات القدوم) في الإحصاء، إلى عدد الحجوزات في الفنادق، وهذا بغض النظر عن مدة الإقامة. وهنا، يمكن حساب نفس الأفراد أكثر من مرة، إذا ما أقاموا في أماكن مختلفة. أما الزيارات، فتعد مؤشرًا تقريبيًّا على شعبية وجهة سياحية بعينها.

أما عددلليالي المبيت، فتبين إجمالي عدد مرات المبيت السياحي في الفنادق و النُزُل، ، بغض النظر عن عدد الأشخاص. وهي تعطي صورة عن المدة التي يقضيها السائحون والسائحات في المتوسط. علمًا بأن الإحصائيةرابط خارجي المستخدمة في هذا المقال، تشمل فقط مرات المبيت في الفنادق،   وبيوت الضيافة، و النُزُل. ، ولا تشمل شقق العطلات، ولا أماكن المبيت المعروضة على تطبيق “آير بي آن بي” (Airbnb)، أو معسكرات التخييم.

تحقيق رقم قياسي بعد جائحة فيروس كورونا

شكلت سنوات كورونا نقطة تحول، حتى في السياحة السويسرية. فلقد اختفت الأفواج السياحية القادمة من الخارج فجأة.

كذلك أثرت الأزمات العالمية في الماضي، على النسبة بين السائحين والسائحات، من داخل سويسرا ومن خارجها. فمع اندلاع الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال، انخفضت حصة السياحة الدولية إلى سويسرا للغاية. وفي عام 1941، تخطت حصة السياحة الداخلية نسبة 80%رابط خارجي. وبعد الحرب، عاد السائحون والسائحات من الخارج بأعداد كبيرة مجددًا. إذ بلغت نسبة سياحة العطلات من الخارج إلى سويسرا عام 1970، حوالي 62%.

وظل إجمالي عدد الليالي الفندقية في العقود التالية لعام 1970، يتأرجح في ذات الإطار بين 32 و37 مليون ليلة. وبنهاية العقد الثاني من القرن الحالي فقط، بدأت الأعداد ترتفع بوضوح للمرة الأولى، حتى وصلت عام 2024، أي بعد جائحة فيروس كورونا بسنوات قليلة، إلى مستوىً قياسي جديدرابط خارجي، قدره 42،830،588 ليلة.

محتويات خارجية

كذلك شهد عام 2025 تسجيل رقم قياسي آخر. ففي النصف الأول من العام، سجلت زيادة في عدد الليالي الفندقيةرابط خارجي بمقدار 1،8%، مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. وقد ساهمت في ذلك كبرى المناسبات، مثل مسابقة “يوروفيجن” (Eurovision) الغنائية، المقامة ببازل في شهر مايو، وكذلك بطولة أوروبا لكرة القدم النسائية في شهر يونيو.

أين اختفت الأفواج السياحية الصينية؟

اٌعتبر عام 2019 عام الأفواج السياحية الصينية في سويسرا. إنها “الموجة الصينية”، هكذا كتبت صحيفة تاغس أنتسايغررابط خارجي، وقصدت بها وفدًا سياحيًّا واحدًا مكونًا من 12،000 فرد. لقد كان العدد كبيرًا لدرجة أوجبت تنقل الفوج في 95 حافلة متزامنة عبر سويسرا. فقد كان أفراد هذا الفوج السياحي الكبير، من العاملين والعاملات في شركة مستحضرات التجميل الأمريكية “غونيس غلوبال” (Jeunesse Global). وكانت الرحلة إلى سويسرا مكافأة على تحقيق هؤلاء لأهداف الشركة من المبيعات.

وتكشف الأرقام حجم هذا التدفق: ففي عام 2019، سجلت سويسرا إجمالي 1،008،800 زيارة لوفود سياحية صينية، وكذلك قضاء هذه الفئة لـ 1،392،034 ليلة بالفنادق السويسرية. ورغم عدم ترحيب الجميع بهذه الأفواج السياحية الكبيرة القادمة من آسيا بنفس القدر، فقد كانت بركة على قطاع السياحة. فلقد كانت تبادر بحجز رحلاتها مبكرًا، وتنفق في سويسرا بسخاء.

وكما كان متوقعًا، تراجعت الأرقام بشدة أثناء جائحة فيروس كورونا. إلا أن السنوات التالية، شهدت كذلك قدوم أعداد أقل من الأفواج السياحية الصينية إلى سويسرا. إذ سُجلت عام 2024 فقط 485،546 زيارة، و725،129 ليلة فندقية من الصين. بل إن بعض الوجهات السياحية، مثل سككرابط خارجي رابط خارجيحديدرابط خارجي رابط خارجييونغفراورابط خارجي رابط خارجيلاحظترابط خارجي عدم قدوم سائحين وسائحات من الصين.

محتويات خارجية

عانت الطبقة الوسطى في الصين بعد جائحة كورونا، من نقص الموارد المالية للسفر إلى أوروبا، كما أن ” مؤشر ثقة المستهلكين في أدنى مستوياته.”، مثلما كتبت صحيفة “نويه تسورخير تسايتونغ (NZZ)، الصادرة بالألمانية يوميًّا، من زيورخ. كما يعود ذلك التراجع لسبب آخر، وهو دعوة الحكومة الشعب إلى القيام برحلات داخلية دعمًا للاقتصاد الوطنيّ.

كذلك، يمكن ملاحظة توجه آخر في الرحلات السياحية الصينية، وهو التحول من السياحة الجماعية إلى السياحة الفرديةرابط خارجي. أي مجيء السائحين والسائحات بأعداد أقل، لكن مع البقاء لمدة أطول بالمكان، مثلما تقول إحدى الخبيرات السياحيات في مقابلة مع قناة الإذاعة و التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF)رابط خارجي.

كما لم تعد هناك جداول مؤكدة مثلما كانت قبل جائحة كورونا، تقول صحيفة “تسوغير تسايتونغ” (Zuger Zeitung)رابط خارجي، الناطقة بالألمانية: “فقد تجيء هذه الفئة السياحية بأعداد كبيرة، لكن لا يبيت منها هنا سوى عدد قليل للغاية.” ومن غير المؤكد إذا كان هذا السوق سيتعافى، أو متى سيحصل ذلك.

ازدهار السياحة القادمة من الولايات المتحدة

تلعب السياحة  القادمة من الولايات المتحدة دورًا بارزًا في الانتعاش القياسي لقطاع السياحة في سويسرا.

. كذلك تزداد أعدادها سنويًا منذ جائحة فيروس كورونا. ففي عام 2023، ارتفعت نسبة الليالي الفندقية الخاصة بهذه الفئة بمقدار 26% كاملة. كما ازدادت الليالي الفندقية التي قضتها الوفود السياحية الأمريكية في سويسرا، بقرابة 300،000 في صيف 2024. إذ بلغ عددها الإجمالي 3،486،894.

فبخلاف الصين، ترتبط سويسرا مع الولايات المتحدة الأمريكية بشبكة ممتازة من الخطوط الجوية. وقد اجتذبت الألعاب الأوليمبية المقامة عام 2024 في باريس، الكثير من الأمريكيين والأمريكيات للقدوم إلى أوروبا. وبفضل الجهود التسويقية للمنظمة الوطنية السويسرية للتسويق السياحي (Switzerland Tourism)، قامت هذه المجموعات السياحية بزيارة خاطفة إلى سويسرا كذلك، وبحسب ما يرجحه معهد الابحاث الاقتصادية السويسرية (KOEF ).رابط خارجي

كذلك، يمكن ملاحظة زيادة أعداد الرحلات السياحية من الهند. إذ قضى السائحون والسائحات من هناك في النصف الأول من عام 2025، 378،751 ليلة فندقية في الفنادق السويسرية، بزيادة 10% عن نفس الفترة من عام 2024.

المزيد

مسلسل كوري يحوّل قرية سويسرية إلى مقصد سياحي آسيوي

من جانب آخر، فقد ساهمت رحلات سياحية قادمة من كوريا الجنوبية بـ 400،000 ليلة مبيت في الفنادق السويسرية، عام 2024. وإذا ما استكشفنا هذه الرحلات من حيث المناطق والبلديات، تبرز بلدية بعينها. إنها بلدية غريندلفالد، التي تحظى بشعبية سياحية كبيرة بصفة عامة لدى عشاق المسلسل التليفزيوني “هبوط اضطراري للحب” (Crash Landing on You)، وعاشقاته. فكواحدة من البلديات القليلة، شهدت غريندلفالد بعد جائحة فيروس كورونا، إقبالًا متزايدًا من المجموعات السياحية الكورية. حيث ارتفعت من 55،971 ليلة فندقية عام 2019، إلى 91،131 عام 2023. ومن ثم، عاد هذا الرقم للتراجع إلى 79،309 عام 2024.

وعلى الأرجح، ترتبط هذه الزيادة بالمسلسل التليفزيوني الذي أنتجته كوريا الجنوبية، بعنوان “هبوط طارئ للحب: ” ففي مشهد عاطفي، تعزف الشخصية الرئيسية البيانو على جسر لرسو السفن بقرية إزيلتفالد على بحيرة برينز، حيث تحيطها مياه البحيرة والجبال.

منذ ذلك الحين تحج أفواج من عشاق وعاشقات هذا المسلسل التليفزيوني إلى منطقة أوبرلاند بكانتون برن، مما دفع البلدية إلى طلب تذكرة دخول لزيارة الجسررابط خارجي.

وقد حقق هذا المسلسل نجاحًا باهرًا في جنوب شرق آسيا، وربما كان هذا ما شجع الجمهور على السفر إلى سويسرا. على أية حال، فقد زادت وتيرة الرحلات القادمة من ماليزيا، وإندونيسيا بكثير عما كانت عليه قبل جائحة فيروس كورونا.

السياحة من البلدان المجاورة

في أغلب البلديات الواردة في الإحصائية، تمثل السياحة من البلدان المجاورة أكبر الفئات السياحية. إذ يرتحل السائحون والسائحات من ألمانيا، وفرنسا لقضاء العطلات في الجبال السويسرية، وللبقاء في نفس الإقليم اللغوي. كذلك تمثل السياحة من إيطاليا، الفئة الأكبر في حوالي اثنتي عشرة بلدية حدودية بكانتوني غراوبوندن وتيتشينو. فضلًا عن ذلك تُفضل مجموعات سياحية من بريطانيا، القدوم إلى سويسرا لممارسة التزلج على الجليد، خاصةً في بلديات فيربييه، وتشامبيري بكانتون فاليه.

أما بلديتي غورتنيلن (كانتون أوري)، وفايدو (كانتون تيتشينو)، فقد سجلتا قدوم أغلب الوفود السياحية من هولندا، خاصةً لهؤلاء الراغبين والراغبات في الاستراحة على الطريق نحو الجنوب.

محتويات خارجية

وفيما تمثل الوفود السياحية من الولايات المتحدة الأمريكية أكبر فئة في الوجهات الأكثر شعبية مثل غريندلفالد، ولوتسيرن، وتسيرمات، تستقبل بلديات أخرى مثل شفيتس، أو لونغرن (كانتون أوبفالدن) العدد الأكبر من السياح القادمين من الصين.. كما تشكل الوفود الصينية أكبر مجموعة من الزوار في بلديتين أخريين، بعيدًا عن الأقاليم السياحية الرئيسية، وهما بلديتا سورزيه (كانتون لوتسيرن)، وأفولترن آم آلبيس (كانتون زيورخ)، اللتان توفران على الأرجح إمكانات مبيت جيدة للسياحة الجماعية.

وكثيرًا ما تحقق بعض البلديات نجاحّا في التسويق محدد الأهدافرابط خارجي. فتعدّ بلدية موريل-فيليه (كانتون فاليه) على سبيل المثال، أكبر وجهة للوفود السياحية القادمة من هونغ كونغ من حيث تنطلق، إلى منطقة نهر آليتش الجليدي. هذا، بينما تسجل بلدية لويكرباد (كانتون فاليه) أكبر قدوم من كوريا الجنوبية.

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بولين توروبان

هل هاجرت إلى سويسرا؟ وما هي تجاربك؟

ما الظروف التي رافقت هجرتك إلى سويسرا؟ وما الأسباب التي دفعتك إلى البقاء أو الرحيل؟

9 إعجاب
39 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: بالتس ريغينديغر

ترجمة: هالة فرَّاج

مراجعة: مي المهدي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية