مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أغلبية الناخبين السويسريين لا زالت معارضة لحظر المآذن

مئذنة مسجد محمود في مدينة زيورخ يعود تاريخها إلى عام 1962. ولا يوجد في سويسرا حاليا سوى أربعة مآذن فقط. Ex-press

كشف سبر للآراء نشرت نتائجه قبل 11 يوما فقط من تنظيم إستفتاء عام في سويسرا أن الغالبية من الناخبين لن تؤيّد دعوة المجموعات اليمينة المتشددة إلى حظر المآذن، ولن تدعم المبادرة الداعية إلى حظر تصدير المعدات الحربية، لكنها تؤيّد التعديل الدستوري المقترح لتمويل النقل الجوي.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه حمى الجدل حول الدعوة إلى حظر المآذن، عبّر 53% ممن شملهم استطلاع للرأي أنهم سيصوتون ضد مبادرة حظر المآذن التي أطلقها سياسيون ينتمون إلى كل من حزب الشعب (يمين شعبوي)، والإتحاد الديمقراطي الفدرالي (يمين ديني).

وظلت نسبة الناخبين السويسريين الرافضين لحظر بناء المآذن في بلادهم، هي النسبة نفسها التي كشف عنها إستطلاع سابق أجراه معهد gfs لسبر الآراء في برن لصالح هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية في 23 أكتوبر الماضي.

وإذا كانت نسبة المترددين قد تراجعت من 13% إلى 10% خلال شهر تقريبا، فإن نسبة المؤيدين لحظر المآذن قد قفزت من 34% إلى 37%، وهي المرة الأولى التي تزيد فيها نسبة الداعمين لمبادرة شعبية لا تحظى بدعم الحكومة، مع اقتراب موعد التصويت.

وبحسب كلود لونغشام، مدير معهد gfs لسبر الآراء في برن، فإن هذه الزيادة في نسبة المؤيدين للمبادرة (3%) قد حدثت “بشكل حاسم” وأضاف: “كشف سبر الآراء قمنا به قبل شهر فقط، أن معسكر الخاسرين كان واضح المعالم اكثر منه اليوم حيث تبدو نتيجة الإستفتاء أكثر انفتاحا على الإحتمالات المختلفة”.

هذا التطوّر يرجعه القائمون على الإستطلاع إلى السياق العام الذي يجري فيه النقاش في سويسرا حول مسألة المآذن، وبالنسبة لهم فإن”تعقيدات هذه المشكلة لم تطرح على الساحة العامة إلا في وقت متأخّر، لكنها طُرحت في لحظة تميّزت فيها علاقات سويسرا الخارجية بالتوتّر، خاصة مع ليبيا، وهذا يسهّل عمل الداعمين للمبادرة، الذين استغلوا هذا الوضع في تعزيز صفوف أنصارهم، وحشد التأييد لمبادرتهم”.

الرهان: “كسب تأييد الليبراليين”

إحدى الحقائق التي يشير إليها هذا الإستطلاع هو أن الآراء حول المآذن قد شُكّلت في وقت مبكّر، وذلك بسبب النقاش العنيف الذي دار حول الملصقات المثيرة للجدل التي استخدمتها لجنة المبادرة. فأنصار اليمين المحافظ هم اليوم أشد عزما من أي وقت مضى على تأييد حظر المآذن (78% الآن مقابل 67% في شهر اكتوبر).

في المقابل، تعززت صفوف الرافضين للمبادرة من داخل الأحزاب السويسرية. فالقريبون من حزب الخضر يكادوا يجمعون على رفض حظر المآذن (79%)، يتبعهم في ذلك انصار الحزب الإشتراكي (76%)، ثم أنصار الحزب الديمقراطي المسيحي، وإن كان بنسبة أقل (56%). لكن، هذا الإتجاه ينعكس في صفوف الليبراليين الراديكاليين، إذ تراجعت نسبة الرافضين للمبادرة من 58% في أكتوبر الماضي إلى 54% فقط اليوم.

ومن خلال تحليل هذه المعطيات، تخلص المؤسسة التي أشرفت على تنظيم سبر الآراء إلى أن “الفئات المهمة، والتي يجب أن يتركز عليها العمل خلال الأيام الفاصلة عن يوم الإستفتاء، بحسب اصحاب المبادرة، هي الفئات التي تبدي ميلا إلى أفكار حزب الشعب (يمين متشدد)، والإتحاد الديمقراطي الفدرالي (يمين ديني محافظ)، بالإضافة إلى أنصار الحزب الليبرالي الراديكالي. اختيار هذه الفئات سيكون حاسما يوم الإستفتاء”.

على المستوى الديني، تشير نتائج الإستطلاع إلى أن (49%) من الكاثوليك سوف يرفضون المبادرة، مقابل (54%) من البروتستانت، و(63%) من اللادينيين. وبالنتيجة، مقارنة مع شهر اكتوبر الماضي، تراجع معدل المؤيدين للمبادرة في صفوف البروتستانت من (42%) إلى (40%)، مقابل صعود لتلك النسبة لدى الكاثوليك من (31%) إلى (39%).

هيمنة الإسلام؟

حول سؤال: “هل تضر المبادرة بعلاقات سويسرا الخارجية؟ ومع البلدان الإسلامية على وجه الخصوص؟”، أجاب 52% ممن شاركوا في الإستطلاع بنعم، وهو ما يجعل هذا المبرر الأقوى في إقناع الناخبين برفض المبادرة. ويرى 47% منهم أن إقرار مبادرة حظر المآذن “يبعث برسالة سلبية وخاطئة إلى الاجانب في البلاد”، ويقول 42% “إنها تتعارض مع حقوق الإنسان”.

في المعسكر المقابل، تعد الحجة القائلة بأن المآذن رمز سياسي لتأكيد هيمنة الإسلام، العامل الأهم في إقناع 50% من المشاركين في الإستطلاع للتصويت لصالح المبادرة، ويعتقد 49% أن التصويت بنعم لحظر المآذن يوم 29 نوفمبر “سوف يساهم في الدفع نحو الحد من توسع الدين الإسلامي” في البلاد، إلى جانب ذلك يقول 47% من المستجوبين “إن المساجد لا تحتاج في الأصل إلى المآذن”.

لا للحظر على تصدير المعدات الحربية

على عكس ما حدث مع مبادرة حظر المآذن، تشير نتائج هذا الإستطلاع إلى ان جبهة الرافضين للمبادرة المطالبة بحظر تصدير المعدات الحربية السويسرية هي التى تتعاظم وتتسع، وبدلا عن (44%) في شهر أكتوبر الماضي، بلغت نسبة الرافضين اليوم (50%).

في المقابل تراجعت نسبة المؤيدين للحظر من (41%) خلال إستطلاع سابق إلى (39%) فقط في سبر الآراء الأخير. وحدث الأمر نفسه على مستوى المترددين إذ تقلصت نسبتهم من 15% في أكتوبر الماضي إلى (11%) حاليا.

على المستوى السياسي، يبيّن سبر الآراء الأخير أن الرافضين لهذه المبادرة يعتمدون بالأساس في محاولة كسب تاييد الناخبين على النتائج السلبية لحظر مرتقب لتصدير المعدات الحربية، كما اتضح أن (64%) من الذين قالوا إنهم سيصوتون ضد المبادرة يبررون ذلك بالآثار السلبية للمقترح المعروض على اقتصاد البلاد. ويعتقد (61%) ممن أستجليت آراؤهم أن القواعد المنظمة لتصدير تلك المعدات، كافية وليس هناك ضرورة لفرض حظر شامل عليها.

هذا على الرغم من أن (66%) من السويسريون، دائما بحسب المصدر نفسه، يرفضون لأسباب أخلاقية، ـن تبني سويسرا رفاهيتها من خلال الإتجار في المعدات العسكرية.

تمويل النقل الجوي

بالإضافة إلى المبادرتيْن السابقين، سوف يدلي الناخبون السويسريون يوم 29 نوفمبر بأصواتهم حول التمويل الخاص للنقل الجوي، وهو موضوع لم يلق حظه من التغطية الإعلامية التي استأثرت بها في الغالب مبادرة المآذن، وهو الامر الذي تأكده النسبة العالية للمترددين حول هذا الموضوع (28%)، لا يعلمون هل سيصوّتون بنعم أم لا، مقابل (49%) يقولون أنهم سيتبعون توصيات الحكومة الداعمة لإحداث هذا التعديل الدستوري، والذي يقول 23% من المستطلع آرائهم أنهم سوف يصوّتون ضده.

في ما يتعلق بالمشاركة المتوقعة في أستفتاء 29 نوفمبر، ومقارنة باستطلاع أكتوبر الماضي، زاد معدل المشاركة المتوقع بنسبة (6%) عما قبل ليصل إلى (50%)ممن يحق لهم التصويت. ونسبة يعد عالية بالمقارنة مع الإستفتاءات السابقة، وبالنسبة لخبراء معهد gfs هذا الأمر متوقع لحدة الجدل التي رافقت الحملة الداعية لحظر المآذن.

swissinfo.ch – كارول فالتي

(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

مبادرة حظر المآذن:

سبر آراء 23 اكتوبر: 53% يرفضون المبادرة، 34 يدعمون المبادرة، 13% مترددون.

سبر آراء 17 نوفمبر: 53% يرفضون المبادرة، 37% يدعمونها، 10% لم يحسموا خيارهم.

مبادرة حظر تصدير المعدات الحربية:

سبر آراء 23 أكتوبر: 44% يرفضونها، 41% يدعمونها، 15% مترددون

سبر آراء 17 نوفمبر: 50% يرفضونها، 41% يدعمونها، 11% مترددون.

مبادرة التمويل الخاص لصالح النقل الجوي:

سبر آراء 23 أكتوبر: 42% يدعمونها، 26% يرفضونها، 32% مترددون.

سبر آراء 17 نوفمبر : 49% يدعومنها، 23% يرفضونها، 28% مترددون.

أجري هذا الإستطلاع من 9 إلى 14 نوفمبر 2009.

وشمل 1213 سويسريا من أعمار ومستويات وظيفية مختلفة، وأيضا من مختلف المناطق اللغوية في البلاد، وتم الحصول على آراء المشاركين عبر الهاتف.

هامش الخطأ في نتائج هذا الإستطلاع: تزيد أو تنقص بنسبة 2.9%

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية