The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

سرطان الأمعاء دون الخمسين: من الكشف المبكر إلى غياب البرامج في سويسرا والعالم العربي

شاشة مجهرية لخلية سرطان القولون.
شاشة مجهرية لخلية سرطان القولون. Keystone / Laif Jens Gyarmaty

تشهد المنطقة العربية، والعالم بأسره ارتفاعًا متسارعًا في حالات سرطان القولون والمستقيم لدى من هم دون الخمسين، ما دفع بعض الدول إلى خفض سنّ الفحص المبكر. وفي سويسرا، تتصاعد المطالب باتباع هذا النهج، غير أن خبراء الصحة يؤكدون أن فعاليته ستظل محدودة ما لم تتحسّن نسبة الإقبال الضعيفة على برامج الفحص.

بسبب سرطان الأمعاء، يموت قرابة مليون شخص من الرجال والنساء حول العالم سنويًا. وفي عام 2020رابط خارجي، بات هذا المرض، وفق بيانات منظمة الصحة العالميةرابط خارجي، ثاني أبرز أسباب الوفاة المرتبطة بالسرطان عالميًا. كما يُعدّ ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًارابط خارجي لدى الرجال والنساء في سويسرا. فسنويًّا، تُسجَّل نحو 4،500 حالة إصابة و1،600 وفاة.

ويُعرف المرض أيضًا باسم سرطان القولون والمستقيم  (CRC)، ويصيب عادة الفئات الأكبر سنًا. ففي سويسرا، سجّل الأشخاص البالغة أعمارهم 55 عامًا فأكثر، ما نسبته 86% من جميع حالات التشخيص المؤكَّد لهذا المرضرابط خارجي. وذلك خلال السنوات الخمس السابقة لعام 2021. ورغم استقرار معدلات الإصابة داخل هذه الفئة العمرية أو تراجعها الطفيف، تسجّل دول عديدة، ومنها سويسرا، ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الإصابات المبكّرة. وهي تلك المشخَّصة قبل بلوغ الخمسين.

محتويات خارجية

ولا يقتصر الاتجاه التصاعدي في إصابات سرطان القولون والمستقيم بين هؤلاء على سويسرا وحدها.

ففي الولايات المتحدةرابط خارجي، ارتفعت معدلات الإصابة بين الأشخاص تحت سن الخمسين بمعدل سنوي بلغ 2،4% خلال الفترة الممتدة من عام 2012 إلى عام 2021. وشهدت كلٌّ من كندارابط خارجي، وأستراليارابط خارجي، ونيوزيلندارابط خارجي، ازديادًارابط خارجي واضحًا في هذه المعدلات خلال العقدين الماضيين. في حين تراجعت معدلات الإصابة لدى الفئات الأكبر سنًا، أو استقرّت.

وتُشير بيانات المرصد العالمي للسرطان (GLOBOCAN)رابط خارجي، الصادرة عن الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC)،رابط خارجي  إلى أخذ معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في العالم العربي في الارتفاع، ولا سيما بين الفئات العمرية دون سن الخمسين عامًا. كما تُظهر هذه البيانات قلّة متوسط العمر عند تشخيص المرض، عمر اكتشاف الإصابة لأول مرة، في عدد من الدول العربية مقارنة بالدول الغربية. وهو ما يشير إلى انتقال نمط الإصابة إلى أعمار أصغر نسبيًا.

وتكشف البيانات ذاتها، عدم اكتشاف نسبة كبيرة من الحالات في المنطقة إلا في مراحل متقدمة من المرض. وذلك نتيجة غياب برامج الفحص المنظَّم، وضعف آليات الكشف المبكر. ويُسهم هذا التأخر في التشخيص في تفـاقم التداعيات الصحية المترتبة عن المرض، وتقليص فرص العلاج الفعّال. وذلك رغم أنّ معدلات الإصابات الإجمالية في الدول العربية ما تزال أدنى من تلك المسجَّلة في أوروبا، وأمريكا الشمالية.

أما في سويسرا، فقد تضاعفت معدلات الإصابة بين الرجال في الفئة العمرية 25–29 عامًا، أربع مراترابط خارجي. إذ ارتفعت من معدل 0،9 حالة لكل 100،000 نسمة خلال 1992–1996 إلى 3،7 خلال 2017–2021. وفي الفئة العمرية 30–34 عامًا، قفز المعدل من 1،6 إلى 6،4. ولوحظ اتجاه مشابه لدى النساء، وإن كان الارتفاع أقل حدّة.

وعلى مستوى أوسع، سجّلت الفئة العمرية 20–39 عامًا ارتفاعرابط خارجيًرابط خارجيارابط خارجي رابط خارجيكبيررابط خارجيًرابط خارجيارابط خارجي في معدلات الإصابة بعدة دول أوروبية، منها فرنسا، وبلجيكا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، منذ تسعينات القرن الماضي وحتى منتصف العقد الأول من الألفية. وهو اتجاه مارابط خارجي رابط خارجييزالرابط خارجي رابط خارجيمستمررابط خارجيًرابط خارجيارابط خارجي حتى اليوم.

في المقابل، تبقى الصورة الوبائية في معظم البلدان العربية أقل اكتمالًا. ويعود ذلك أساسًا إلى نقص البيانات الإحصائية المتتابعة عبر الزمن، والمفصَّلة بحسب الفئات العمرية. أي يعود إلى غياب السجلات الراصدة لتطوّر معدلات الإصابة على مدى سنوات طويلة مع توزيعها العمري. ومع ذلك، تُظهر المعطيات المتاحة في عدد من دول المنطقة، عدم اقتصار سرطان القولون والمستقيم على الفئات الأكبر سنًا. بل يُسجَّل بدرجات لافتة أيضًا بين الفئات العمرية الأصغر، بما فيها الشريحة الممتدة بين 20 و39 عامًا.

وتشير تقارير صادرة عن الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC)، إلى تسجيل بعض الدول العربية، لا سيما في منطقة الخليج وشرق المتوسط، نسبة غير هامشية من الحالات قبل سن الخمسين. وذلك مع مؤشرات على تزايد معدلات الإصابة ضمن هذه الفئات العمرية خلال العقود الأخيرة. ويُعزى هذا الاتجاه جزئيًا إلى تغيّر أنماط الحياة، بما فيها الانتقال المتزايد نحو الأنظمة الغذائية ذات الطابع الغربي، وانخفاض مستويات النشاط البدني، وارتفاع معدلات السمنة. هذا فضلًا عن تحسّن وسائل التشخيص، واتساع نطاق تسجيل الحالات في السجلات الوطنية للسرطان، ما أسهم في الكشف عن إصابات كانت سابقًا غير موثَّقة.

ومع ذلك، تبقى الحاجة ملحّة إلى دراسات سكانية طويلة الأمد تعتمد تصميمًا وبائيًا صارمًا، وتركّز تحديدًا على الفئة العمرية الممتدة بين 20 و39 عامًا. وذلك بهدف فهم أدق لديناميات المرض، وتحديد العوامل المؤثرة في ظهوره المبكر، وبناء سياسات وقائية تستجيب لهذا التحوّل العمري المتنامي.

برامج الفحص قد تُخفّض وفيات سرطان الأمعاء إلى النصف

لا تزال الأسباب التي تقف وراء الارتفاع المتسارع في معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، غير واضحة بشكل كامل. فخلال العقود الأخيرة، أصبحت بعض عوامل الخطورة المعروفة، قد أصبحت بالفعل أكثر شيوعًا، ومنها استهلاك الكحول، والتدخين، وقلة النشاط البدني، والاعتماد المتزايد على الأغذية المصنّعة أو الأنظمة الغذائية الغنية باللحوم الحمراء والفقيرة من الألياف. ومع ذلك، تشير الدراسات إلى تفسير هذه العوامل جزءًا معتبرًا من الزيادة، ولكنها لا تقدّم تفسيرًا شاملًا، مما يلمّح إلى احتمال وجود عوامل أخرى غير مُحدّدة بعد تسهم في التصاعد الملحوظ لمعدلات الإصابة.

وفي ظل هذا الغموض العلمي بشأن الأسباب الدقيقة، يجد الباحثون.ات صعوبة في وضع استراتيجية وقائية مُحكمة تستند إلى أساس سببي واضح. ولهذا اتجه التركيز إلى الاكتشاف المبكر، نظرًا لكونه الوسيلة الأكثر فاعلية لرصد المرض في مرحلة يمكن علاجها بسهولة أكبر، وتكون فيها نسب الشفاء والبقاء على قيد الحياة أعلى. وقد بادرت دول مثل الولايات المتحدة والنمسا إلى خفض سنّ الفحص الدنيا، تعزيزًا لجهود الوقاية والحدّ من الوفيات.

وفي سويسرا، يُتيح النظام الصحي إجراء الفحص ابتداءً من سن الخمسين. وتُظهر البيانات مساهمة هذا الإجراء في خفض وفيات سرطان القولون والمستقيم، بوضوح. وذلك وفقًا للمنظمةرابط خارجي رابط خارجيالسويسريةرابط خارجي رابط خارجيلفحصرابط خارجي رابط خارجيالسرطانرابط خارجيرابط خارجيSwissرابط خارجي رابط خارجيCancerرابط خارجي رابط خارجيScreeningرابط خارجي)رابط خارجي، الجهة المشرفة على متابعة برامج الفحص وتوعية السكان، رجالاً ونساء، بها. فدونَه، يموت نحو شخصين من كل مائة من الرجال والنساء قبل بلوغ الثمانين بسبب سرطان الأمعاء. بينما ينخفض هذا المعدَّل إلى شخص واحد فقط لدى الخاضعين.ات للفحص، سواء بناءً على توصية طبية أو عبر إشعار صحي منظّم ضمن برامج الفحص الرسمية.

ورغم أنّ سويسرا تُعدّ من الدول الأوروبية ذات أعلى معدلات البقاء على قيد الحياة من سرطان الأمعاء، يظلّ الكشف المبكر عنصرًا حاسمًا في تحسين النتائج العلاجية. إذ ينجورابط خارجي أكثر من 90% من المرضى والمريضات المشخّصين.ات في المرحلة الأولى، لمدة خمس سنوات أو أكثر(رابط)، مقارنةً بأقل من 13% فقط لدى المشخّصين.ات في المرحلة الرابعة. وهي الأكثر تقدّمًا وتعقيدًا من حيث العلاج.

أما في العالم العربي، فتُظهر معطيات الوكالة الدولية لبحوث السرطان، بقاء معدلات البقاء على قيد الحياة لدى المصابين.ات بسرطان القولون والمستقيم دون المستويات المسجّلة في العديد من الدول ذات الدخل المرتفع. ويرتبط ذلك بشكل رئيسي بمرحلة المرض عند التشخيص. ففي غياب رصد مبكر منهجي، يُسجَّل جزء كبير من الحالات بعد تقدّم المرض. وهو ما يحدّ من فعالية التدخل العلاجي، حتى في السياقات المتوفِّرة فيها إمكانات علاجية مناسبة. وتزداد صعوبة تقييم هذا الواقع بدقة بسبب نقص البيانات السكانية المنتظمة، الخاصة بالبقاء على قيد الحياة في عدد من البلدان العربية. ويقيد هذا الأمر إمكان إجراء مقارنات إقليمية موثوقة، أو تتبّع أثر السياسات الصحية القائمة على المدى المتوسط والطويل

اقرأ.ي المزيد عن تحديات الإصابة بالسرطان في سن مبكرة:

المزيد
مريضة مستلقية على سرير المستشفى (KEYSTONE/PHOTOALTO "S/MICHELA Constantini)

المزيد

الوصول إلى الأدوية

ارتفاع حالات السرطان المبكر… اتجاه عالمي يضغط على الأنظمة الصحية

تم نشر هذا المحتوى على تكافح سويسرا والعديد من البلدان، بما في ذلك بلدان عربية، للتعامل مع التحديات التي يفرضها ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عامًا.

طالع المزيدارتفاع حالات السرطان المبكر… اتجاه عالمي يضغط على الأنظمة الصحية

يتطوّر سرطان القولون والمستقيم عند بدء الخلايا فيهما بالنمو بلا ضوابط. وغالبًا ما يبدأ ذلك على شكل سليلات صغيرة غير سرطانية، قد يستغرق تحولها إلى أورام خبيثة سنوات عديدة.

ويوجد فحصان رئيسيان للكشف المبكر. فيرصد اختبار الكشف عن الدم الخفي في البراز (FBT) وجود دم غير مرئي فيه. وهو فحص منخفض التكلفة وغير جراحي، ويُعد خطوة أولى بسيطة تتطلب من المريض.ة حدًّا أدنى من التحضير. لكنه قد لا يكشف السليلات غير النازفة. لذلك، ينبغي تكراره كل عامين. وإذا كُشف عن دم في العيّنة، يُستكمل الفحص بإجراء تنظير القولون.

أما تنظير القولون، فهو أكثر شمولًا، لكنه أكثر تدخّلًا. يستخدم الطبيب.ة فيه كاميرا رفيعة ومرنة لفحص القولون بأكمله. وأثناء الإجراء، يمكنه.ها إزالة السليلات ما قبل السرطانية فورًا. ويتطلب هذا الفحص تحضيرًا مسبقًا، مثل الصيام وتناول مليّن. كما أنّه أعلى تكلفةً، لكنه يُعد المعيار الذهبي للتشخيص. وتوصي الإرشادات عادة بتكراره كل عشر سنوات.

وعندما يكون السرطان موجودًا، يعتمد العلاج على مدى تقدّم المرض. فيُعالج في المراحل المبكرة غالبًا بالجراحة وحدها، أو متبوعة بالعلاج الكيميائي. بينما قد تتطلب الحالات المتقدمة، المنتشر فيها السرطان إلى أعضاء أخرى، استخدام مزيج من الجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي.

معدلات مشاركة متدنّية في برامج الفحص


تتسم أعراض سرطان القولون والمستقيم، مثل تغيّر نمط التبرز، وآلام البطن، أو ظهور دم في البراز، غالبًا بخفّة أثرها في الصحة أو عدم ملاحظتها في مراحل المرض المبكرة. وهو ما يجعل الفحص المبكر خطوة ضرورية يصعب تجاوزها.

لكن، كما يوضح مايكل شارل، كبير أطباء قسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد في المستشفى الجامعي في زيورخ: “لا قيمة لبرامج الفحص إذا لم يُقدم الناس على إجراء الفحص فعليًا”؛ ففي سويسرا، ما تزال معدلات المشاركة في الفحص أدنى بكثير من نسبة 65% التي توصي بها الإرشادات الأوروبيةرابط خارجي. في عام 2012، لم تتجاوز نسبة المشاركة نحو 40%رابط خارجي. وحتى بعد عام 2013، حين بدأ التأمين الصحي الأساسي والإلزامي بتغطية تكاليف فحص سرطان القولون والمستقيمرابط خارجي لمن تتراوح أعمارهم.نّ بين 50 و69 عامًا،  لم يُسجَّل تحسّن واضح في الإقبال. وبحلول عام 2017، وهو أحدث رقم متاح لدى السلطات الصحية، ارتفعت النسبة إلى 48%رابط خارجي فقط.

عدم المساواة المرتبطة بتكاليف الفحص

تشكل التكلفة حاجزًا أساسيًا أمام الخضوع للفحص. ففي سويسرا، تتراوح تكلفة تنظير القولون بين 800 و2،500 فرنك سويسري (نحو 1000 إلى 2800 دولار أمريكي). في حين يبلغ سعر اختبار الكشف عن الدم الخفي في البراز، نحو 50 فرنكًا فقط. ومع ذلك، يختلف المبلغ المدفوع من المريض.ة فعليًا بدرجة كبيرة تبعًا لنوع التغطية التأمينية، وما إذا كان الكانتون الذي يقطنه يُنفّذ برنامجًا منظمًا للفحص الدوري. وقد أكدت دراساترابط خارجي عدّة وجود علاقة واضحة بين ارتفاع قيمة الخصومات التأمينية وغياب التأمين الخاص من جهة، وانخفاض معدلات المشاركة في الفحص من جهة أخرى.

تشكل لائحة منافع الرعاية الصحية الإطار القانوني الفدرالي، المحدّد بدقّة لما يغطيه التأمين الصحي الأساسي من خدمات طبية. وتشمل اللائحة بعض فحوصات السرطان الوقائية، مثل تصوير الثدي كل عامين للنساء البالغات 50 عامًا فأكثر، وفحص سرطان عنق الرحم كل ثلاث سنوات، وفحص سرطان القولون والمستقيم بين سن 50 و74 عامًا. وذلك سواء عبر اختبار الكشف عن الدم الخفي في البراز كل عامين، أو تنظير القولون كل عشر سنوات. وعام 2025، رُفع الحدّ الأعلى لسنّ فحص سرطان القولون المستقيمي من 69 إلى 74 عامًا.

بعد ذلك، يقرّر كل كانتون ما إذا كان سيُطلق برنامجًا منظّمًا للفحص، المتضمِّن عادةً إرسال دعوات خطية إلى السكان المؤهّلين.ات للمشاركة. وفي سويسرا، يقدّم 15 كانتونًا من أصل 26 برنامجًا منظّمًا لفحص سرطان القولون والمستقيم. بينما تخطّط، حسب بيانات المؤسسة السويسرية للفحص عن السرطانرابط خارجي، ثلاثة كانتونات أخرى لإطلاقه. وفي المتبقية، يُجرى الفحص وفق نموذج “الفحص العرضي غير المنظم”. فيعتمد إحالةَ الطبيب بدلًا من دعوات منهجية موجّهة للسكان، رجالًا ونساءً.

محتويات خارجية

دعوة من الخبراء والخبيرات إلى تعزيز الوعي العام

ولا تقتصر عوائق الفحص على التكاليف فحسب، إذ يؤثر الإدراك الشخصي لدرجة الخطر، أي كيفية تقدير الفرد لاحتمال إصابته بالمرض، في قرار الخضوع للفحص. وتُظهر البيانات أنّ الإقبال على الفحص أدنى لدى الفئات دون سن الستين. وهو ما يشير إلى إمكانيّة اعتبار من هم في الفئة العمرية 50–59 عامًا من الرجال والنساء، خطر إصابتهم.هنّ منخفض نسبيًا ولا يستدعي إجراء الفحص. لكن، ورغم ارتفاع الخطر مع التقدم في العمر فعليًّا، تُظهر الأدلةرابط خارجي رفع الفحص ضمن هذه الفئة العمرية بشكل واضح فرص اكتشاف السليلات ما قبل السرطانية، والسرطانات في مراحلها الأولى.

ويدعو فيليب غرو، نائب رئيس المؤسسة السويسرية للفحص عن السرطان، إلى إطلاق حملات توعية عامة أقوى وأكثر فاعلية لتعزيز الوعي الصحي. ويستشهد بكانتونَي جورا ونوشاتيل كنموذج لنجاح التوعية المنظّمة. فعلى حدّ قوله: “البرنامجرابط خارجي المشترك بينهما نشط، ثري بالمعلومات، ويتمتع بإحدى أعلى نسب المشاركة في البلاد”.

ويوافقه الرأي مايكل شارل قائلًا: “نحتاج إلى تواصل أكثر استهدافًا، وربما إلى حملات صحة عامة تساعد الناس على إدراك أهمية الفحص، حتى في سن أبكر”. : “فالبرنامجرابط خارجي المشترك بينهما نشط، ثري بالمعلومات، ويتمتع بإحدى أعلى نسب المشاركة في البلاد”، على حد قوله.

زخم في السياسات الصحية يتشكّل… لكن ببطء

وإلى جانب ضرورة رفع معدلات المشاركة في إجراء الفحص، يرى بعض الخبراء والخبيرات ضرورة خفض سويسرا سنّ إتاحة الفحص إلى 45 عامًا بدلًا من السنّ الحالية البالغة 50 عامًا. فقد حلّلت دراسةرابط خارجي أجراها شارل في مستشفى جامعة زيورخ، نحو 2،800 تنظير للقولون. ووجدت أنّ معدلات اكتشاف سرطان القولون المستقيمي والسليلات ما قبل السرطانية لدى الفئة العمرية 45–49 عامًا، جاءت مماثلة تقريبًا لها في الفئة 50 عامًا فما فوق، لدى الجميع دونَ تمييز. وقد يكشف بدء الفحص في سنّ أبكر، كما تشير هذه النتائج، عددًا مماثلًا من الحالات، كتلك المستهدَفة من البرامج الحالية المخصصة للفئات الأكبر سنًا.

لكن يلفت غرو إلى أنّ “السياسيين.ات في سويسرا لا يبدون.ين حماسة كبيرة لاعتماد إجراءات تعزّز الوقاية، أو برامج الفحص”. وما تزال معرفة الجمهور بفرصه محدودة، كما يضيف، ولا يقتصر ذلك على السرطان وحده.

وتحدّد الكانتونات الفئات العمريّة المشمولة بالتغطية الصحية الأساسية على المستوى الفدرالي، رغم امتلاكها صلاحية تقرير ما إذا كانت ستنفّذ برنامجًا منظّمًا للفحص. ولخفض سنّه، يؤكّد غرو وجود “إشارات أولية” إلى بحث إمكانية تعديل قانون التأمين الصحي الأساسي. لكنه يشير: “لم تُتخذ أي قرارات بعد”.

وعلى مستوى الكانتونات، تدرس مناطق عدة إدخال برامج فحص منظمة. ففي عام 2024، طلب برلمان كانتون زيورخ من الحكومة النظر في إطلاق برنامج له. وقد ردرابط خارجيّرابط خارجي الجهاز التنفيذي: “تراجع الحكومة مدى جدوى إطلاق البرنامج، والمتطلبات القانونية اللازمة لتطبيقه”.

في المقابل، يبدو المشهد في معظم الدول العربية أكثر تعقيدًا. إذ لا يقتصر النقاش على خفض سن الفحص، بل يمتدّ أساسًا إلى وجود برامج فحص منظّمة من عدمه. ولا تزال غالبية الدول العربية تعتمد فحصًا عرضيًا غير منظّمرابط خارجي، يعتمد على مبادرة الطبيب.ة أو المريض.ة، بدل أن يكون جزءًا من سياسة وطنية قائمة على الدعوة المنهجية والمتابعة المنتظمة. وذلك رغم تزايد الأدلّة الوبائية المشيرة إلى ارتفاع معدّلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في المنطقة، بما فيها بين فئات عمرية أصغر مقارنة بالدول الغربية.

وتشير مراجعات إقليمية للدراسات الوبائية وتقارير المنظمات الصحية الدولية، إلى تشكيل غياب القرار السياسي الواضح، إلى جانب ضعف الوعي المجتمعي وتشتّت مسؤوليات التنفيذ داخل الأنظمة الصحية، العائق الرئيسي أمام تحويل المعرفة العلمية المتراكمة إلى برامج وقائية فعّالة على مستوى السكان.

وحتى في الدول العربية المُصدِرة لتوصيات رسمية ببدء الفحص في أعمار أبكر، كالحال فيالسعوديةرابط خارجي أوالإماراترابط خارجي، يظل التطبيق العملي محدودًا، وتبقى معدلات المشاركة منخفضة. كما تفتقر معظم هذه التوصيات إلى دراسات وطنية واسعة النطاق تربط بوضوح بين العمر ومعدلات الاكتشاف، على غرار المتاح في التجربة السويسرية. أما في دول عربية أخرى، مثل مصررابط خارجي أو المغرب أو تونس، فتقتصر الجهود في الغالب على مشاريع تجريبية محلية أو مبادرات محدودة جغرافيًا. في حين تُكتشف نسبة كبيرة من الحالات في مراحل متقدمة من المرض، ما ينعكس سلبًا على فرص البقاء على قيد الحياة.

دول اتخذت خطوات فعلية

وقامت فرقة الخدمات الوقائية الأميركية (US Preventive Services Task Force)رابط خارجي في عام 2021 بتحديث إرشاداتها لتوصي ببدء الفحص عند سن 45 عامًا بدلًا من 50. وبحلول عام 2023، ارتفعترابط خارجي نسبة الإقبال على الفحص لدى الفئة العمرية 45–49 عامًا من 21% إلى 34% مقارنة بعام 2019.

ولا تزال معظم الدول الأوروبية تبدأ الفحص عند سن الخمسين. وفي النمسا، خرابط خارجيُرابط خارجيفرابط خارجيّرابط خارجيضرابط خارجي سنّ بدء الفحص إلى 45 عامًا في عام 2023، لكنه لا يُجرى هناك إلا بناءً على إحالة طبية. كما يبقى الوصول إلى الخدمات غير متساوٍ بين المناطق والمرافق الصحية. وعلى نقيض ذلك، رفعت اليابان في أواخر عام 2024 السنّ الموصى بها لبدئه من 40 عامًا إلى النطاق بين 45 و50 عامًا.

وفي الصين، توصي الإرشادات الخاصة بفحص سرطان القولون المستقيمي بإجراء تقييم خطورة لكل من تجاوز الأربعين. فإذا اعتُبر الشخص عالي الخطورة، يُوصى بالفحص بدءًا من سن الأربعين، بينما يُنصح الآخرون والأخريات بإجرائه بين 50 و75 عامًا.

أما في روسيا وآسيا الوسطى، فتزداد تشخيصات السرطان بين الفئات الأصغر سنًا. لكن لا تزال إتاحة خدمات الفحص متقطّعة ومحدودة. ففي كازاخستان مثلًا، تُعد وفيات سرطان القولون والمستقيم من الأعلى في المنطقة. ورغم إدخال برامج فحص جديدة، يُشخَّص الكثير من المرضى والمريضات في مراحل متقدمة للغاية، فيصبح التدخل العلاجي الفعّال محدودًا.

وفي السياق العربي، لا تزال سياسات فحص سرطان القولون والمستقيم في معظم الدول، أقل تماسكًا ومأسسة مقارنة بالتجارب الدولية الرائدة. إذ تفتقر إلى أطر وطنية واضحة تُحدِّد الفئات المستهدفة، وآليات الاستدعاء، والمتابعة، والتقييم. فتفتقر غالبيتها، بحسب مراجعات إقليمية استندت إلى بيانات المرصد العالمي للسرطان وتقارير منظمة الصحة العالمية، إلى برامج فحص وطنية منظَّمة، تقوم على استدعاء الفئات السكانية المستهدفة بشكل منهجي. وبدل ذلك، تعتمد فحصًا عرضيًا غير منظَّم يُجرى عند مراجعة الشخص للطبيب أو عند ظهور الأعراض، لا تقييمًا وقائيًا يستند إلى العمر أو عوامل الخطورة. وينعكس هذا النمط في انخفاض معدلات المشاركة فيه، وتأخّر التشخيص لدى شريحة واسعة من المصابين.ات.

وفي عدد محدود من الدول العربية، برزت خلال السنوات الأخيرة توصيات رسمية لتوسيع نطاق الفحص الوقائي، سواء عبر خفض سن البدء أو توسيع الفئات العمرية المشمولة. ففيالسعوديةرابط خارجي، توصي الإرشادات الوطنية ببدئه عند سن 45 عامًا للأشخاص من الفئة العامة، غير المصنَّفة عالية الخطورة. بينما حدّدت الإماراترابط خارجي الفئة العمرية المستهدفة بين 40 و75 عامًا. لكن، كما تظهر الدراسات الميدانية، ما يزال تطبيق هذه التوصيات محدودًا. وتبقى معدلات الإقبال على الفحص منخفضة، مع تفاوت واضح بين المناطق، وعوائق تتعلق بضعف الوعي الصحي، والخوف من الإجراء، والأعباء المالية المترتبة عنه.

أما في دول عربية أخرى، مثل مصر والمغرب وتونس، فتشير الدراسات إلى أن سرطان القولون والمستقيم يُشخَّص في أعمار أصغر نسبيًارابط خارجي مقارنة بالدول الغربية. وذلك مع تسجيل نسب لافتة من الحالات دون سن الأربعين، في بعض المراكز الطبية. ومع ذلك، يؤدّي غياب برامج فحص وطنية منظَّمة إلى اكتشاف معظم الحالات في مراحل متقدمة من المرض. وهو ما يحدّ من فعالية العلاج، ويؤدي إلى معدلات وفيات أعلى من الممكن تفاديه عبر الكشف المبكر.

 وبصورة عامة، لا يكمن التحدي في العالم العربي، كما تظهر المقارنة الدولية، في نقص المعرفة العلمية بأهمية الكشف المبكر. بل يكمن في ضعف تحويل هذه المعرفة إلى سياسات صحية وقائية شاملة، مدعومة بأطر تشريعية وتمويلية واضحة ومستدامة. وفي ظل غياب آليات استدعاء منظَّم للفئات المستهدفة وتقييم منهجي للمخاطر الصحية، على غرار المطبّق في الولايات المتحدة أو شرق آسيا، تظل فرص الخضوع للفحص غير متكافئة. وتستمر الإصابات في الظهور في أعمار أصغر، وبمراحل أكثر تقدمًا عند التشخيص.

اقرأ.ي المزيد عن أسباب ارتفاع تكلفة علاج السرطان في سويسرا:

المزيد
MAMMOGRAFIE, BRUSTKREBS-FRUEHERKENNUNG, KREBS, FRUEHERKENNUNG, UNTERSUCHUNG, MAMMOGRAPHIE, UNTERSUCHUNGEN, ROENTGENBILD, ROENTGENBILDER, RADIOLOGE, RADIOLOGIE, BILDSCHIRM, BILDSCHIRME, ANALYSE, RADIOLOGISCHE UNTERSUCHUNG, RADIOLOGISCHE UNTERSUCHUNGEN,

المزيد

بتكاليف أقلّ … السويد تقدّم نموذجًا ناجحًا في مكافحة السرطان

تم نشر هذا المحتوى على إن نصيب الفرد من الإنفاق على السرطان في سويسرا أعلى من أي بلد أوروبي آخر، ولكن هذا لا يُترجم بالضرورة إلى معدلات نجاح أفضل في العلاج.

طالع المزيدبتكاليف أقلّ … السويد تقدّم نموذجًا ناجحًا في مكافحة السرطان

هل يؤدّي إجراء المزيد من الفحوصات دائمًا إلى نتائج صحية أفضل؟

رغم إسهامها في إنقاذ الأرواح، تنطوي الفحوصات السرطانية على بعض المساومات. إذ قد تؤدي إلى نتائج إيجابية كاذبة، وإلى إجراءات طبية غير ضرورية، فضلًا عن تكاليف إضافية يتحمّلها المرضى والمريضات، وكذلك الأنظمة الصحية. كما أدّى التشخيص المفرط، اكتشاف أورام بطيئة النمو قد لا تتطور أبدًا إلى سرطان كامل، إلى تردد العديد من الدول في التوسّع في فحص سرطان الثديرابط خارجي لدى النساء دون سن الخمسين.

لكن، يوضح مايكل شارل اختلاف فحص سرطان القولون والمستقيم من حيث المبدأ والممارسة، ولا سيما عند اعتماده على تنظير القولون. إذ يقول: “إنه المعيار الذهبي. فتنظير القولون آمن ويوفّر إجابة تشخيصية واضحة، وحاسمة”.

ويضيف موضحًا: «لا تُكتشف نحو 30% من حالات سرطان القولون والمستقيم إلا في المرحلة الرابعة، وهي مرحلة متقدّمة وذات إنذار سيّئ. وعندها، تتدهور احتمالات البقاء على قيد الحياة بشكل حاد. إذ لا يتجاوز معدل النجاة لخمس سنوات 10–15%. لهذا، ينبغي إجراء الفحص قبل ظهور الأعراض. ففي هذا التوقيت، يكون الفحص أكثر فاعلية لأنه يكشف المرض قبل تطوّره سريريًا”.

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: أيلين إلسي

هل تفضل.ين التشخيص المبكّر؟ ولماذا؟

هل أردت يومًا أن تعرف مبكرًا ما إذا كنت معرّضًا للإصابة بمرض ما؟ وهل واجهت صعوبة في الحصول على تشخيص دقيق؟ أخبرنا عن قصتك.

1 إعجاب
2 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: نرفيس أفاري

ترجمة من الإنجليزية ومساهمة إضافية: جيلان ندا

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية