مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انسحاب النور ومصر القوية احتجاجا على “مجزرة مقر الحرس الجمهوري”

اللقاء الذي جمع ممثلي الأحزاب والقوى السياسية مع الرئيس المؤقت Null

"رُبّ ضارّة نافِعة".. فقد جاءت مجزرة مقر الحرس الجمهوري، التي وقعت فجر الاثنين 8 يوليو الجاري، ضدّ مؤيّدي الرئيس محمد مرسي، المُعتصمين في ميدان رابعة العدوية، بمدينة نصر في القاهرة، بمثابة طوق النّجاة لحزب "النور" – السلفي وحزب "مصر القوية" ورئيسه د. عبد المنعم أبو الفتوح، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين.

حيث أعلنا انسِحابهما من خارطة “السِّيسي” ومن كل مسارات التفاوُض السياسي، بعدما نالا الكثير من الانتقادات لموقِفهما ضدّ “الشرعية”. وعلى الجانب الآخر، أصدر المستشار عدلي منصور، الرئيس المصري المؤقت مساء الاثنين، الإعلان الدستوري الجديد للمرحلة الانتقالية، والذي يتكوّن من 33 مادة.

“الطيب” يُهدّد بالاعتكاف في بيته

وفي الوقت نفسه، دعا الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر، إلى بدْء تحقيق عاجِل في مجزرة الحرس الجمهوري، التي وقعت صباح الاثنين، مُطالبا بـ “تشكيل لجنة للمصالحة الوطنية خلال يومين على الأكثر، وإعطاء هذه اللجنة صلاحِية كاملة، لتحقيق مُصالحة شامِلة لا تقصي أحدا من أبناء الوطن”، مشددا على ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.

وفي كلمة أذاعها التلفزيون المصري، طالب شيخ الأزهر القائمين على السلطة في مصر، بـ “الإعلان العاجل عن مدّة الفترة الانتقالية، والتي ينبغي أن لا تزيد على ستة أشهر”، مناشِدا جميع الأطراف “الوقْف الفوري لإسالة الدِّماء”، مهددا بالاعتكاف في بيته حتى تتحقّق مطالبه.

وكان حزب النور قد استنكر قتل المتظاهرين أمام دار الحرس الجمهوري وألقى باللّوم على ردّ فعل قوات الحرس الجمهوري، وأكّد أنه يجب على الجميع التوقّف عن التحريض والإثارة، الدّافعة إلى صِدام يخسر فيه الجميع ويُهدَم فيه الوطن. ودعا جميع الأطراف إلى إعمال صوت العقل والحِكمة، والدخول مباشرة في حِوار وطني صادِق، من أجل مصلحة الوطن، مطالبا الإعلام بتجنّب خطاب الهجوم على الثوابِت الإسلامية والتعامل بطريقة واحدة مع جميع المواطنين، وشدّد على ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين.

فيما طالب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح – رئيس حزب “مصر القوية”، المستشار عدلي منصور – الرئيس المؤقّت للبلاد، بالاستقالة الفورية؛ احتجاجا على أحداث مذبحة الحرس الجمهوري، واصفا ما حدث بأنه جريمة إنسانية بَـشِعة في حق كل مصري. وقال: إنه يربَـأ بمنصور أن يكون راضيا أو قابلاً لإراقة الدّماء، وشدّد على ضرورة تقديمه استقالته، طالما أنه قد عجز عن إدارة البلاد، واصفا فضّ اعتصام الحرس الجمهوري بـ “جريمة يجب أن يتصدّى لها كل المصريين الشرفاء”.

“بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

شعب مصر العريق. بعد استنكارنا وإدانتنا وتألّم قلوبنا لهذه الدّماء التي سالت فجر اليوم (الاثنين 8 يوليو)، فإن الأزهر الشريف يُعزّي أسَـر الشهداء ويُـواسي الجرحى والمصابين من أبناء مصر، ويصارح القائمين على أمور هذا الوطن بالآتي:

فتح تحقيق عاجِل لكل الدِّماء التي سالت، وإعلان النتائج أولاً بأول على الشعب المصري، حتى تتّضح الحقائق وتوأد الفِتنة.

تشكيل لجنة المصالحة الوطنية خلال يومين على الأكثر- حفاظا على الدماء – وإعطاؤها صلاحيات كاملة لتحقيق المصالحة الشاملة، التي لا تقصي أحداً من أبناء الوطن. فالوطن ليس مِلكاً لأحد وهو يسعُ الجميع.

الإعلان العاجل عن مدّة الفترة الانتقالية، والتي ينبغي أن لا تزيد عن ستة أشهر، والإعلان عن جدول زمني واضح ودقيق للانتقال الديمقراطي المنشود، الذي يحقِّق “وِحدة المصريين وحقن دمائهم”، وهو الأمر الذي من أجله شاركتُ في حوار القِوى والرموز الوطنية والسياسية.

يهيب الأزهر الشريف بجميع وسائل الإعلام المختلفة، ضرورة القيام بالواجب الوطني في تحقيق المصالحة الوطنية ولمِّ الشمل وتجنّب كل ما من شأنه أن يُثير الاحِتقان أو يؤجِّجه.

ويطالب الأزهر الشريف بإطلاق سراح جميع المُحتجزين والمُعتقلين السياسيين، وإتاحة الفُرصة لهم أن يعودوا إلى حياتهم العادية آمنين مُطمئِنّين، كما يؤكِّد على واجب الدولة في حماية المُتظاهرين السِّلميين وتأمينهم وعدم الملاحقة السياسية لأي منهم.

وأخيراً، إذ أدعو كل الأطراف على الساحة المصرية لتحكيم صوْت العقل والحِكمة، قبل فوات الأوان. فإنني من خلال مسؤوليتي الدِّينية والوطنية، أدعو الجميع إلى الوقف الفوري لكل ما من شأنه إسالة الدّماء المصرية الزكية، وأعلِـن للكافة أنني قد أجد نفسي مُضطراً في هذا الجو الذي تفوح فيه رائحة الدّم ولا يفارق ذِهني فيه قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: “لزوال الكعبة حجرا حجراً، أهْـوَن عند الله عزّ وجل من إراقة دم مُسلِم بغير حقّ”، أن أعتكف في بيتي حتى يتحمّل الجميع مسؤوليته تُجاه وقف نزيف الدّم، منعاً من جرّ البلاد إلى حرب أهلية، طالما حذّرنا من الوقوع فيها.

حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء”.

“النور” مجرد غطاء لتبرير الانقلاب

في البداية، يقول الخبير السياسي الدكتور أحمد تهامي: “لقد اكتشف حزب النور أنه كان مجرّد غطاء لتبرير الانقِلاب العسكري على الرئيس الشرعي المُنتخب الدكتور محمد مرسي، وأدرك أنه ليس له سوى مكان صوري في الديكور السياسي الجديد بعد الانقِلاب، فأظهر اعتِراضه، ولكن الجيش يحتاج إلى غطاء ليبرالي، يقبله الغرب من أجل الاعتراف بالانقِلاب العسكري”.

ويضيف تهامي، الخبير بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “لقد جاءت مجْزرة الحرس الجمهوري، التي وقعت أثناء تأدية مؤيِّدي الدكتور محمد مرسي بمنطقة رابعة العدوية لصلاة فجر الاثنين 8 يوليو 2013، والتي راح ضحيتها 52 شهيدا وأكثر من 400 جريح، جاءت لتُعطي حزب النور مُبرِّراً معقولاً للانسحاب من هذه العملية، خصوصاً أن جميع القتلى والمُصابين من القواعد الانتخابية للتيار الإسلامي العام”.

وردا على سؤال: وماذا عن موقِف حزب “مصر القوية” ورئيسه د. عبد المنعم أبو الفتوح؟ أجاب قائلاً: “لقد قبل المشاركة في أحداث 30 يونيو، بل واعتبرها بمثابة ثورة شعبية أطاحت بالرئيس مرسي. والآن، يطالب بإقالة الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، وهو لا يملك من أمره شيئاً”، مشيرا إلى أنه “كان الأولى به أن يطالب بإقالة الفريق أول عبد الفتاح السِّيسي، وزير الدفاع، إن كان فِعلاً يبحث عمّن يتحمّل المسؤولية عن مجزرة الحرس الجمهوري”.

وعن تقديره للسيناريو المناسِب للخروج من دوّامة العنف التي من الممكن أن تُطيح بمصر؟ قال تهامي: “مصر تنزلِق بسرعة نحو الحرب الأهلية، ولتجنُّب ذلك، يجب أن تقف جميع القوى السياسية، رافِضة استخدام القوّة ضد المُعتصمين وأن يتم السماح بالتظاهُـر وحرية الرأي والتعبير، مع الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم الرئيس محمد مرسي”.

وردا على سؤال حول: ماذا عن العملية السياسية أو المسار السياسي؟ يرى الخبير السياسي أن “هناك مساريْن متناقضيْن، الأول، يرعاه قادة الانقلاب، وهو متعثّر بسبب انسِحاب حزب النور وتردّد أبو الفتوح، وهناك المسار الثاني، الذي يُصرّ عليه مؤيِّدو الرئيس محمد مرسي، وهو عودة الشرعية واستلام الرئيس للسلطة مرّة أخرى، ثم بدْء تفاوض وحوار حول القضايا الشائكة”.

مجزرة الحرس الجمهوري سبب التحول!

ومن جانبه، يقرأ الخبير السياسي الدكتور كمال حبيب، “انسحاب حزب النور في سياق اكتشافه، لأن ما يجري هو احتِكار للسلطة من قبيل الفصيل الليبرالي والعِلماني، وكأنهم يُعلِنون انتصارهم على الإخوان، ومن ثَـم يقومون بإحلال المُنتصرين الجُدد، مكان المهزومين، ويدعمهم الجيش والدولة المصرية في ذلك”.

ويقول حبيب، المتخصِّص في دراسة الحركات الإسلامية، في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “اكتشف حزب النور أن الأمور تجري في سِياق احتِكار فصيل من الأمّة للسلطة، منفردا، في مواجهة الفريق الآخر، ومن ثَـم فقد تبيّن له أنه أمام انقِلاب للدولة، مدعوم من القوى المعارضة لجماعة الإخوان، كما أن المجزرة التي وقعت ضدّ مؤيِّدي الرئيس في اعتصام رابعة العدوية، عكست طبيعة العُنف الموجّه ضد المدنيين السِّلميين، ومن ثَـم فتح البلاد على مستوى جديد من العنف”، مشيرا إلى أن “الحلّ، وِفق حزب النور الآن، هو استفتاء على الرئيس أو إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة”.

وفي السياق ذاته، يرى المحلِّل السياسي علي عبد العال، أن “قرار انسِحاب حزب النور من خارطة الانقلاب، كان متوقّـعا منذ بداية الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، وأن الحزب يشعُـر بحَرَج شديد، بسبب وجوده في هذه العملية السياسية وأنه من البداية كان غيْر راضٍ على إسقاط أول رئيس مُنتخب بهذه الطريقة من قِـبل الجيش”.

في تصريح خاص لـ swissinfo.ch، استدرك عبد العال، رئيس تحرير موقِع “إسلاميون” قائلاً: “لكن حزب النور ظنّ أن وجوده ضِمن المجموعة المختارة لوضع خارطة الطريق، سيُقلِّـل الخسائر ويمنع إراقة الدّماء، غيْـر أن الانتقادات ظلت تُطارِده من قِبل القِوى الإسلامية، فضلاً عن تململ قواعد الدّعوة السَّلفية من الاستمرار في مثل هذه العملية، كما حدث في محافظة مطروح وانشقاق محافظة الدقهلية، فضلا عن استقالة عدد من قيادات حزب النور وأعضائه”.

محاولات القفز من سفينة الانقلاب!

أما الخبير القانوني الدكتور السيد مصطفى أبو الخير، فيرى أن حزب النور، بعد أن اكتشف أنه قد استُخدِمَ لتمرير الانقِلاب العسكري على الرئيس المُنتخَب وبعد أن استهجن الشارع المصري موقِفه، الآن يحاوِل القفز من سفينة الانقلاب، بعدما بدا للعِيان أن الملايين من مؤيِّدي الشرعية وحق الرئيس محمد مرسي في العودة إلى منصبه، يحتشِدون في جميع ميادين الجمهورية، في إصرار مُنقطع النظير”.

وردا على سؤال حول: لماذا دخلوا في التّحالف الجديد؟ يقول أبو الخير، المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “قادة الانقلاب أغْـرَوهم بالكثير من المكاسِب السياسية وأوهموهم أنهم سيحلّون مكان الإخوان في المشهد السياسي الجديد، الذي يجري تحديد ملامِحه بعد 30 يونيو الماضي، ثم غدَروا بِهم، لأن دورهم قد انتهى بعد إلقاء بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، الذي عزلوا بموجبه الرئيس الشرعي المنتخب”.

وكشف عن أن “قادة الانقلاب كانوا يحتاجون حزب النور في البداية فقط، ليُـوهِموا الرأي العام في الداخل والخارج، أن التيار الإسلامي مشارِك في خارطة الطريق أو أن جزءً منه يؤيِّد الانقلاب، غير أنه بعدما تمّ لهم ما أرادوا، لم يعُـد لحزب النور أي دور”، موضِّحا أنهم يُدرِكون أنه “من الصعب قَـبولهم في الشارع، كما يصعُب عليهم العوْدة لحُضن التيار الإسلامي، وبهذا يكونوا قد ماتوا سياسيا”.

وحول: هل يتعلّق انسحاب حزب النور بالمجزرة التي وقعت عند الحرس الجمهوري؟ يجيب أبو الخير قائلاً: “بالطّبع لا، لأن الأزمة بدأت منذ ترشيح د. محمد البرادعي – رئيس حزب الدستور والمنسِّق العام لجبهة الإنقاذ والمفوَّض من أحزاب المعارضة للحديث باسمهم في اجتماع خارطة المستقبل، رئيسا للوزراء، وبعدها، رفْضهم ترشيح زياد بهاء الدّين للمنصب ذاته، لكنهم يحاولون تصوير الأمْر على أنهم خُدِعوا”.

وعن موقف حزب مصر القوية ورئيسه د. عبد المنعم أبو الفتوح من الأحداث الأخيرة، يرى أن “هذا الحزب وقيادته ماتت سياسيا في الشارع، حتى أمام قادة الانقلاب الذين يُدرِكون تماما أنه لا وزن له في الشارع، ومن ثَـم فإنهم لم يهتمّوا به ولا بما يقول. فالحزب الآن ليس مع قادة الانقلاب وليس مع معارضيه، بل هو في مِنطقة بعيدة عن هذا وذاك”، معتقدا أنه “قد دفن في مقابِر السياسية، فلا عودة مرّة أخرى إلى عالم الأحياء”.

ملاحظات على الإعلان الدستوري!

ومن خلال القراءة المتفحصة للإعلان الدستوري، يرى الخبير القانوني د. عمرو أبو الفضل، أن الرئيس المؤقّت اعتمد الإعلان الدستوري، دون تشاوُر مجتمعي وسياسي، موضحا أن “الإعلان فيه صلاحِيات واسعة جدّا للرئيس المؤقت، ومعه بالطبع المجلس العسكري”.

ويسجِّل أبو الفضل، الخبير بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية، عددا من الملاحظات على الإعلان، فيقول: لقد استحْـوذ الرئيس المؤقت على السلطتيْن، التنفيذية والتشريعية، وهو ما يعني هيْمنة السلطة التنفيذية على التشريع، على عكس ما جاء بخريطة طريق جبهة 30 يونيو وحركة تمرّد، التي نصّت على أنه “بعد وقف العمل بالدستور الحالي وحلّ مجلس الشورى، تشكيل لجنة من فُقهاء دستوريِّين وتفوض سلطة التشريع بشكل مؤقت، لمراجعة القوانين الضرورية واللاّزمة لإدارة المرحلة”، وهي بداية تكشِف عن رغْـبة المجلس العسكري، في حقيقة الأمْـر، السيطرة على التشريع تماما.

وأضاف أبو الفضل: كما يُـفهَم من (المادة 28) أن الاتجاه – حاليا – هو الاحتِفاظ بدستور 2012 والاكتِفاء بتعديله وتشكيل لجنة تضُمّ قُـضاة وأساتذة قانون دستوري بالجامعات المصرية، لدراسة المواد المُقترَح تعديلُها، غيْر أن الملاحظة الجوهرية – هنا – متعلِّقة بغلبة العنصر القضائي المعيَّن على تشكيل لجنة تعديلات الدستور، مشيرا إلى أن “تشكيل اللجنة التأسيسية للتّعديلات الدستورية، تخضع للسلطة الكاملة لرئيس الجمهورية، كما جاء في (المادة 29)، ممّا يعني أنه لن يكون هناك انتخاب مباشر ولا غير مباشر في اختيار أعضائها.

ويستطرِد أبو الفضل بقوله: ذكر الإعلان، أن اللجنة مُشكَّـلة من 50 عضوا من كافّة طوائف المجتمع، من الأحزاب والمثقّفين والهيْئات والنّقابات والشرطة والجيش، على أن يكون فيهم عشرة من الشباب والنساء. وتساءل: كيف يتِم هذا ولديْنا أكثر من 70 حِزب سياسي، غير النقابات والهيئات والمؤسسات والاتحادات والشخصيات العامة والطوائف والمتخصّصين في القانون الدستوري؟!

واختتم الخبير القانوني ملاحظاته قائلاً: “لقد ذكرت حالة الطوارئ في المادّتين (8) و(27).  كما منحت المادة (32) للرئيس حقّ إلغاء وتعديل القوانين واللوائح، التي صدرت قبْل الإعلان الدستوري الحالي.

وعدت السلطات الانتقالية المصرية ليل الاثنين  الثلاثاء بإجراء انتخابات تشريعية في مطلع 2014 على أبعد تقدير، وذلك بعد مقتل أكثر من 50 شخصا في القاهرة خلال تظاهُرة دعم للرئيس الإسلامي المخلوع محمد مرسي.

وأصدر الرئيس الانتقالي المصري عدلي منصور إعلانا دستوريا مساء الاثنين 8 يوليو، ينصّ على إجراء انتخابات تشريعية قبل نهاية السَّنة في البلاد، التي دخلت مرحلة سياسية انتقالية على إثر إطاحة الجيش بمرسي، حسب ما ذكرت صحيفة الأهرام الحكومية.

وينصّ الإعلان الدستوري، بحسب الصحيفة، على تعيين لجنة دستورية في أقل من 15 يوما، يكون أمامها مهلة شهرين لتقديم تعديلاتها إلى الرئيس الانتقالي. وسيقوم الرئيس لاحقا بطرح هذه التعديلات على استفتاء شعبي خلال شهر، ثم تنظم انتخابات تشريعية خلال شهرين. وسيتم الإعلان لاحقا عن موعِد لتنظيم انتخابات رئاسية. وسارع مسؤول كبير في جماعة الإخوان المسلمين إلى التنديد بهذا الإعلان.

وقال عصام العريان على فيسبوك، إن مرسوما دستوريا يصدره “رجل عيَّنه انقلابيون”، يُعيد البلاد إلى نقطة الصفر. وقال الخبير الدستوري زيد العلي لوكالة فرانس برس إن “الطريقة التي وضع فيها الإعلان، تدعو إلى الاعتقاد أن كل العملية الانتخابية ستتِم ضِمن المُهل المُعلنة”.

لكنه لفت إلى أن الإعلان الدستوري، المؤلّف من 33 مادة، يبقى مع ذلك “غامِضا” لجِهة السماح لمنصور بتنظيم الانتخابات وإطلاق عملية تسجيل المرشّحين. وأضاف الإعلان الذي نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن رئيس الجمهورية يحتفظ بالسلطة التنفيذية ويذكر باستِقلال القضاء.

وأمر الرئيس المصري الموقّت عدلي منصور بفتح تحقيق في هذه الأحداث، التي قُـتل فيها 51 شخصا على الأقل وأصيب 435، حسب رئيس هيئة الإسعاف، الذي لم يحدِّد ما إذا كانوا جميعا من الإسلاميين.

وأكد الجيش المصري الاثنين أنه “لن يسمح بالعبث بالأمن القومي المصري”، داعيا في الوقت نفسه المُعتصمين المؤيِّدين للرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي، إلى فض اعتِصامهم.

ونشرت جماعة الإخوان المسلمين لائحة تضُم أسماء 42 من مُناصريها الذين قُـتلوا، فيما أعلنت الشرطة والجيش عن سقوط ثلاثة قتلى من صفوفها. وأعمال العنف الجديدة هذه تزيد من أجواء التوتر الشديد، الذي تعيشه مصر منذ أن عزل الجيش مساء الأربعاء مرسي وعيَّن عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر، في منصب الرئيس الانتقالي للبلاد. وتمّ تعليق العمل بالدستور أيضا، بينما تمّ حل مجلس الشورى، الذي كان يقوم بالعمل التشريعي ويُهيْمن عليه الإسلاميون.

ودعت الولايات المتحدة يوم الإثنين 8 يوليو الجيش المصري إلى إبداء “أقصى درجات ضبط النفس”، مؤكِّدة أنها لا تنوي في الوقت الحاضر إجراء أي خفض لمساعدتها إلى الجيش المصري.

وقالت المتحدِّثة باسم الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي: “ندعو الجيش إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس”، مضيفة أن “استقرار مصر ومسارها الديمقراطي على المِحك”.

وبعد أن “أدانت بشكل حازم أي نوع من العنف أو الحضّ على العنف” في مصر، اعتبرت المتحدثة الأمريكية أن “الوضع على الأرض يزداد صعوبة”. ودعت جماعة الإخوان المسلمين إلى “الدخول في عملية” تشكيل حكومة مستقِرّة.

من جهته، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعمال العنف، وطالب بفتح تحقيق مستقِل، حسب ما أعلن المتحدث باسمه مارتن نيسركي، الذي قال في بيان، إن بان كي مون “قلق جدا من المعلومات حول مقتل أكثر من خمسين شخصا خلال مظاهرات” مؤيِّدة لمحمد مرسي. وأضاف البيان أن بان كي مون “يُدين أعمال القتل هذه ويطلب فتح تحقيق معمَّق من قِبل هيئات وطنية مستقلة وكفؤة وأن يُحال المسؤولون عنها إلى القضاء”. وأوضح أن الأمين العام “يدعو جميع المصريين (…) إلى القيام بكل ما يلزم لتحاشي حصول تصعيد”، وطلب منهم “ضبط النفس إلى أقصى الحدود”.

وفي تداعيات الأزمة في مصر أيضا، أكد مصدر مسؤول في قناة الجزيرة الفضائية القطرية يوم الاثنين أن عددا من المنتسبين إلى مكتب الجزيرة مباشر – مصر تقدّموا باستقالاتهم بسبب ضغوط مُورِست عليهم، لكنه نفى حدوث أي استقالة من مكتب الجزيرة الإخبارية بمصر. وقال المصدر المسؤول في القناة الإخبارية لوكالة فرانس برس “هناك بعض المنتسِبين الجُدد إلى مكتب الجزيرة مباشر – مصر ممّن لهم تقديرهم الخاص للموقف الحالي، الذي تمر به مصر، قرّروا مغادرة الجزيرة”.

وانتقد قسم من الرأي العام المصري قناة الجزيرة، وكما هو الحال في عدد من دول الربيع العربي، بسبب مادّتها الإخبارية التي اعتُـبرت مؤيِّـدة للإسلاميين.

(المصدر: الوكالة الفرنسية للأنباء أ.ف.ب. بتاريخ 9 يوليو 2013).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية