The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

الديمقراطية حول العالم في عام 2026: ماذا يلوح في الأفق؟

رأس امرأة من الخلف، ترتدي قوسًا بعلم الولايات المتحدة في شعرها
"نحن الشعب": بعد مرور 250 عامًا على إعلان الاستقلال، لا تزال الديمقراطية الأمريكية موضوعًا متنازعًا عليه. EPA / Olga Fedorova

في عام 2026، سيغمر الإنترنت طوفانٌ من المحتوى الرديء المولّد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وستواجه إحدى الدول الرائدة في نموذج الديمقراطية غير الليبرالية انتخابات صعبة، فيما ستحتفل إحدى الديمقراطيات الليبرالية الرائدة بمرور 250 عامًا على تأسيسها.

منذ فجر التاريخ، كان الناس عادةً يجتمعون لاتخاذ قرارات جماعية، أو لانتخاب ممثلين وممثلات لهم، لكن لا يمكن تصوّر فهمنا المعاصر للديمقراطية بدون مبادئ أساسية كمبدأ المساواة والحقوق الفردية، التي تضمنها الدول الليبرالية الحديثة.

ويحتفل النموذج الليبرالي للديمقراطية العام المقبل بعيد ميلاده الكبير. إذ قبل 250 عامًا، أعلنت ثلاث عشرة مستعمرة منشقة أن “جميع البشر خُلقوا متساوين.ات”، وأسست هذه المستعمرات الولايات المتحدة الأمريكية، دولة لا تزال قائمة حتى اليوم.

في عام 1778، وقبل أول انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة، كتب السياسي ورجل الأعمال من مدينة بيل/ بيان السويسرية، يوهان رودولف فالترافير رسالة إلى بنجامين فرانكلين، أحد أهم مؤسسي الولايات المتحدة يناشده فيها: “دعونا نحافظ معًا على حقوق الإنسانية، والحرية القانونية، والتسامح، والملكية المكفولة للصناعة الشريفة! دعونا نتمتع بنعم السلام التي استحققناها، ونشجع الفنون والعلوم، ونكون ملاذًا للمضطهدين.ات!”.

ولا تزال هذه المناشدة تحافظ على حداثتها. ومع ذلك، في العام المقبل، ومع مواجهة الديمقراطية لاختبارات مختلفة حول العالم، قد لا ترقى إلى مستوى التوقعات.

1. الخط الفاصل بين الديمقراطية والأمن يزداد ضبابية

أن تكون الدول الديمقراطية قلقة من المحاولات الخارجية الرامية إلى تقويضها، ليس جديدًا.

في عام 2026، يريد مجلس أوروبا إيضاح ذلك صراحةً عبر التأكيد على سير تعزيز الأمن العسكري في القارة جنبًا إلى جنب مع تعزيز الأمن الديمقراطي. وسيدفع “ميثاق ديمقراطي جديدرابط خارجي” خاص بالمجلس النقاشات بين الدول الأعضاء الـ46 حول قضايا مثل نزاهة الانتخابات. كما يعمل المجلس على إعداد اتفاقية بشأن المعلومات المضللة والتدخل الأجنبي.

ويخطو الاتحاد الأوروبي خطوة مماثلة. إذ يتضمن “درع الديمقراطيةرابط خارجي” الخاص به تدابير لحماية حرية التعبير، والمؤسسات الديمقراطية، والمجتمع المدني عبر التكتل المكوّن من 27 عضوًا، فهو يعتزم تمويل الصحافة المستقلة، وتعزيز التربية الإعلامية والرقمية، وإنشاء مركز أوروبي جديد للمقاومة الديمقراطية. وعند إطلاق المبادرة في نوفمبر 2025، قال مفوض الاتحاد الأوروبي، مايكل ماكغراث: ”الديمقراطية هي خط دفاعنا الأول“.

أما سويسرا، فقد دأبت على التعامل بحذر مع مثل هذه القضايا، فبينما تقر بمشاركة جهات أجنبية، معظمها من روسيا والصين، في حملات تأثير، تظل حتى الآن مترددة في سنّ قوانين محددة لمكافحة المعلومات المضللة.

اقرأ.ي المزيد عن كيفية تحول ما يبدأ بـ ”مجرد“ ضرر للسمعة إلى تهديد أمني:

المزيد
سويسرا

المزيد

حروب المعلومات

لماذا يمثل انتشار المعلومات المضللة معضلة أمنية ودبلوماسية لسويسرا؟

تم نشر هذا المحتوى على هناك الكثير من المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة حول الحياد. من المهم بالنسبة لسويسرا ألا يكون لدى الدول الأخرى صورة خاطئة عن البلاد. هذا ما يوضحه تحليل أعده بينيامين فون فيل.

طالع المزيدلماذا يمثل انتشار المعلومات المضللة معضلة أمنية ودبلوماسية لسويسرا؟

2. نفيات الذكاء الاصطناعي تغرق الحملات الانتخابية

في عام 2026، يتوقع تعرّض الحملات الانتخابية حول العالم لسيلٍ من مقاطع فيديو وصور رديئة الجودة ذات انتشار واسع سيتم توليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي.

و مؤخرًا، كتب الصحفي  الأمريكي براين ميرشانت، في عام  2025 بدأت بالفعل “نفايات الذكاء الاصطناعي (AI slop) “تتصلب في القشور الخارجية لمؤسساتنا الثقافية ومجالاتنا الاجتماعية”، “مثل طبقة من الصخور الرسوبية”. ويركّز ميرشانت في عمله بشكل أساسي على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتعلّقة بالتكنولوجيا لا سيما تأثير شركات التكنولوجيا الكبرى، والذكاء الاصطناعي في المجتمع.

وينطبق هذا أيضًا على الرسائل السياسية، مثل الصور الركيكة للمناظر الطبيعية التي أنتجتها وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، أو مقاطع الفيديو الظاهرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب محلِّقًا فوق نيويورك في طائرة مقاتلة، مُلقِيًا بما يشبه كومة من البراز على المتظاهرين.ات في الأسفل.

وبعد دخول ترامب البيت الأبيض، انتشر المحتوى الرديء المُولَّد باستخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الرسمية خلال وقت وجيز. ومن المتوقع غُدُوُّ ذلك سمةً بارزة في العديد من الانتخابات المنتظرة عام 2026.

ومن المرجّح أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الحملات الدعائية السلبية. فقبل بضع سنوات، كان كل قرار بإنتاج فيديو حملة انتخابية ينطوي على اعتبارات مالية. أما الآن، فأصبحت مثل هذه المقاطع مجانية. ونظرًا لإنتاج المحتوى آليًا، وإمكانيّة بثّه عبر حسابات مجهولة، بات الأشخاص الفاعلون في المشهد السياسي أقل تحفّظًا حيال استخدام رسائل عدائية، أو مضلِّلة.

3. دخيل على الاحتفالات: انتخابات التجديد النصفي واحتفالات 1776 بالولايات المتحدة

قبل بضع سنوات، كان احتفال ذكرى تأسيس أول جمهورية حديثة اعتبرت أنّ جميع الناس يولدون متساوين، سيكون مجرّد ذكرى سنوية. وكان يقصد بذلك جميع الرجال البيض في البداية. وكان الناس سينظرون إلى الماضي، ويتأملون تاريخ العبودية في الولايات المتحدة، والمدة المستغرقة لتطبيق مبدأ المساواة على النساء والسود.

والآن، من المرجّح أن تكون الاحتفالات أكثر توترًا في عام 2026. إذ يرى بعض الأكاديميين.ات حاليًّا، أنّ الولايات المتحدة تشهد تحولًا كبيرًا نحو نظام سلطويٍّ. ومع اقتراب انتخابات تشريعية حاسمة، يُتوقع تحوُّل الذكرى الـ250 لتأسيس الأمة إلى ساحة لمعركة تأويلات تاريخية. وسيُركّز الديمقراطيون.ات المعارضون.ات فيها، على قيم إعلان الاستقلال. بينما سيُبرز جمهوريو.ات ترامب النضال من أجل تأسيس الأمة إبّان حرب الاستقلال.

وبعد عام، أي عام 2027، ستحتفل سويسرا كذلك بذكرى مرور 180 عامًا على تحولها إلى دولة فدرالية بعد حرب “سوندربوند” (Sonderbund)، أو الحرب الأهلية. فكان البرلمان السويسري، المُكون من مجلس الشيوخ ومجلس النواب، قد شُكّل على غرار النظام الأمريكي. ومع ذلك، لا يُرجّح أن تكون الذكرى السويسرية مثيرة للجدل. فالاستقطاب في بلاد جبال الألب أقلّ حدّةً بكثير، رغم عكس المؤسسات جزئيًا تلك الموجودة في”الجمهورية الشقيقة” الكبرى.

اقرأ.ي المزيد عن العلاقات عبر الأطلسي بين الولايات المتحدة وسويسرا في ملفنا الخاص التالي:


4. رائد ”الديمقراطية غير الليبرالية“ يواجه اختبارًا

 لكن  حين يتعلق الأمر بالمعايير الديمقراطيّة، تتضاءل القواسم المشتركة بين سويسرا والمجر. فمنذ وصول أوربان إلى السلطة عام 2010، أدّت التغييرات الدستورية والقانونية التي أجراها حزبه “فيديس”، إلى إضعاف سيادة القانون، وحرية الصحافة، وحقوق الأقليات بشكل متواصل. وهو ما حوّل المجر فعليًا، في نظر البرلمان الأوروبي، إلى “نظام هجين من الاستبداد الانتخابي”. ورغم تنديده بما يراه حملة التشهير به في الغرب، لا يخفي أوربان نفسه مشروعه المحافظ. والهدف، كما قال عامَ 2014، ديمقراطية “غير ليبرالية”.

وعام 2026، سيكافح أوربان من أجل استمرار هذا المشروع. إذ قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في أبريل، أظهرت استطلاعات الرأي تخلُّف حزبه عن جماعة “تيسا”، المؤسَّسة عام 2024 على يد حليفه السابق، بيتر ماغيار. ويصعب التنبؤ بما سيعنيه تولي رئيس الوزراء الجديد. وفي مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمزرابط خارجي، قدم ماغيار نفسه كمعادٍ لأوربان، وأقل ودية تجاه روسيا، وأكثر التزامًا تجاه الاتحاد الأوروبي، وحليفٍ لشمال الأطلسي (الناتو).

ولكن مهما كانت النتيجة، ونظرًا لجاذبية أوربان لدى محافظين.ات في بلدان أخرى، منها الولايات المتحدة، ستكون الانتخابات موضع مراقبة دقيقة. وفي أوروبا، تمثل هذه الانتخابات كذلك حدثًا بارزًا في أجندة عام 2026؛ إذ تخلو القارة من أي انتخابات كبرى أخرى.

محتويات خارجية

5. بنغلاديش والبرازيل وإسرائيل: تصويت في زمن التراجع الديمقراطي

وخارج أوروبا، من المقرر إجراء عدة انتخابات محورية عام 2026، جميعها في دول واجهت فيها الديمقراطية تحديات من أنواع مختلفة في السنوات القليلة الماضية.

ففي فبراير، ستُنظِّم بنغلاديش أول انتخابات لها منذ فرار رئيسة الوزراء السابقة، الشيخة حسينة، من البلاد وسط احتجاجات طلابية في أغسطس 2024. وقد وصفها محمد يونس، رئيس الحكومة المؤقتة، بفرصة لبدء “بنغلاديش جديدة” بعد أعوام من الحكم الاستبدادي في عهد حسينة. وستجرى الانتخابات بالتزامن مع استفتاء على “إعلان يوليو”، المخطط البرنامجي للديمقراطية التعددية، وسيادة القانون في البلاد.

وفي البرازيل، شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة نوعًا من التناظر مع الولايات المتحدة. ففي عام 2018، في منتصف ولاية دونالد ترامب الأولى في واشنطن، فاز اليميني، جاير بولسونارو، في البرازيل. وفي عام 2022، خلال رئاسة جو بايدن، عاد اليساري،  لولا دا سيلفا، إلى السلطة. وهذا العام، لن يتكرر هذا النمط على الأرجح. فبعد إدانته بتهمة التورط في محاولة انقلاب، لن يترشح بولسونارو. وقد يتوقف الكثير على ما إذا كان حلفاؤه سيتعهدون بالعفو عنه إذا فازوا، أم سيحترمون حكم الإدانة في حقه، الموصوف بأنه “لحظة تاريخية للمساءلة” في البلاد. أما لولا، وقد بلغ الثمانين، فيخوض السباق مجددًا. ولكن يبدو أنّ النزال لن يتوقف عند هذا الحد، بعد إعلان أنصار بولسونارو، ترشيح ابنه لخوض انتخابات الرئاسة القادمة في البرازيل.

أخيرًا، من المقرر إجراء انتخابات هذا العام في إسرائيل، يعود فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، شاغل المنصب لفترة طويلة، إلى واجهة المشهد. ولم تكن فترة ولايته الحالية مجرد فترة حرب في غزة، بل كانت أيضًا فترة مليئة بعلامات الاستفهام الديمقراطية. ففي 2023، أثار مشروع إصلاحات قضائية مقترحة احتجاجات في الشوارع. كما يواجه نتنياهو شخصيًا، تهمًا بالفساد منذ فترة طويلة. وتُظهر استطلاعات الرأي إمكانية مواجهة حزبه “الليكود”، صعوبة في الاحتفاظ بالسلطة، وإن كان يحظى بدعم بارز من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: بنيامين فون فيل

ما هي الأسباب التي تدفعكم.نّ إلى التفاؤل بشأن الديمقراطيّة حول العالم؟

لماذا تعتقدون وتعتقدن أنه لا يزال هناك أمل في وطنكم.نّ وفي العالم؟ ما الذي يجعلكم.ن متفائلين ومتفائلات بشأن الديمقراطية؟

88 إعجاب
103 تعليق
عرض المناقشة

تحرير: مارك ليفينغستون

ترجمة: أحمد محمد

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية