The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

معرض آرت بازل يحطّ رحاله في الدوحة: الفن العالمي يطرق أبواب الخليج

فينسينزو دي بيليس
فينسينزو دي بيليس في معرض "آرت بازل" هذا العام في بازل، سويسرا. Matthieu Croizier - Courtesy of Art Basel

في إطار خطتها التوسعية المكثفة بعد الجائحة، أعلنت "آرت بازل"  (Art Basel) إطلاق نسختها الجديدة عام 2026 في مدينة الدوحة (العاصمة القطرية)، تحت إشراف الإيطالي فينسينزو دي بيليس. وفي مقابلة مع موقع "سويس إنفو"، تحدث دي بيليس عن رؤية المعرض لآلية تنظيم العمل.  

بنى معرض آرت بازل علامة تجارية لا جدال فيها، باعتباره المعرض الفني الرائد في العالم، بفضل استراتيجية توسّع ثابتة، حيث يفتتح موقعًا جديدًا كل عشر سنوات تقريبًا. في عام 2003، معرض آرت بازل ميامي؛ وفي عام 2013، معرض هونغ كونغ؛ وفي عام 2022، معرض باريس. ويبدو أن الوتيرة تتسارع الآن: ففي أواخر مايو، أعلنت الشركة عن إضافة جديدة إلى جدول معارض الفنّ العالمية، آرت بازل قطر، الذي سيقام لأول مرة في فبراير 2026.

المزيد

ويشرف على المعرض الجديد هناك المدير الإيطالي فينسينزو دي بيليس، الذي يشغل منصب المدير الفني ومدير معارض “آرت بازل” العالمية أيضًا .كما يشرف على عمل مدراء المعارض كذلك، وهو يتبع مباشرة لنوا هورويتز، الرئيس التنفيذي لشركة “آرت بازل”. 

جوهر الموضوع:

تجدون في هذا المقال الجواب عن النقاط التالية:

* لماذا اختار “آرت بازل” قطر محطة أولى له في المنطقة؟

* كيف نجحت قطر في ترسيخ موقعها ضمن المشهد الثقافي العالمي؟

* هل يحدّ الوضع الأمني في المنطقة من الطموح القطري؟

وعيّنت شركة “آرت بازل” مديرًا مسؤولًا عن كلّ معرض على حدة، ما ساهم في تعزيز توسّعها، وترسيخ علاقاتها المحلية. وتتمثل مهمة دي بيليس في قطر في إعداد وضمان حسن سير عمل المعرض، ثمّ تسليم إدارته لاحقا لمدير محلي.

وأوضح خلال مقابلة في منتصف شهر حزيران، من داخل معرض “آرت بازل” في بازل، أنّ:”هدفنا إنشاء فريق محلي وإدارة محلية تتولّى تشغيل المعرض وإدارته. وينطبق هذا الأمر على كلّ نسخ المعرض، ومنها قطر. وستُطبّق آلية العمل ذاتها، إذ من الأهمية الثقافية أن تتمثل تلك المنطقة في المعرض بأفراد ينحدرون منها”. 

قطر
موقع “آرت بازل قطر”: مركز قطر للابتكار وريادة الأعمال في مجالات التصميم، والأزياء M7، من تصميم مكتب الهندسة البريطاني جون ماكسلان وشركاه. تمّ افتتاحه في العام 2022. Www.juliushirtzberger.com

قطر في بازل

التقينا دي بيليس في الغرف الخلفية داخل صالة “هواة جمع الأعمال الفنية” في معرض “آرت بازل”، أو صالة “كبار الشخصيات” – وهي منطقة مغلقة أمام الصحافيين.ات وجمهور المعرض. وأثناء السير إلى هناك، لا يمكن تجاهل الحضور القطري اللافت من خلال التصاميم، ونماذج المساحات الثقافية المقرّر إنشاؤها في معرض “آرت بازل” في الدولة الخليجية. وأبرزها تصميم متحف لوسيل، للمهندسين المعماريين السويسريين هيرتزوغ ودي ميرون. ومن المقرّر افتتاح هذا المتحف في عام 2029. كذلك، تلعب فنون الطهي القطرية دورًا رئيسيًا في جناح معدّ خصيصًا لها.

وأعلن دي بيليس منذ أيام، خلال مؤتمر صحافي سبق الافتتاح الرسمي للمعرض، إبرام شركة “آرت بازل” صفقة عالمية مع الخطوط الجوية القطرية. وستكون الشريك الرسمي المتميز في “دعم كلّ المعارض السنوية المرموقة التي ستُقام في بازل، وباريس، وهونغ كونغ، وميامي بالإضافة إلى النسخة المطلقة حديثًا في قطر”.

إذن، هل يشمل الاتفاق كلّ هذه الحزمة؟ يجيب دي بيليس قائلًا:” لن أسميّها حزمة. فهي ليست محدّدة بجانب واحد. وأعتبر هذا الأمر تطوّرًا طبيعيًا للعمل الذي نقوم به مع العديد من العلامات التجارية، والخطوط الجوية القطرية واحدة منها”.

ويصرّ دي بيليس على أن نهج آرت بازل هو ”تطوير برنامجنا مع شركائنا في كلّ منطقة؛ نحن نطوّر البرنامج، وهم يتبعوننا في أماكن أخرى. ونحبّ أن نأخذ مدننا معنا إلى المدن الأخرى التي نعمل فيها“.  

لوسيل قطر
صورة جوية (نموذج) لمبنى متحف لوسيل في قطر. من المقرّر افتتاحه عام 2029. ©Herzog & de Meuron, Courtesy of Qatar Museums

وسيبدأ نشاط معرض “آرت بازل قطر” على نطاق محدود، رغم المبالغة في وصف المشروع الجديد. وأعلن دي بيليس أنّ النسخة الأولى من المعرض ستتضمّن حوالى 50 صالة عرض فنية. وفي بازل، بلغ عددها هذا العام 289، تمامًا كما هو متوقع في ميامي في ديسمبر؛ أمّا في باريس، فسيبلغ 203 في أكتوبر؛ في حين بلغ 204 في هونغ كونغ في شهر مارس الماضي.

ويقول دي بيليس إنّ المعرض سيشكّل مزيجًا بين صالات عرض عالمية وأخرى محلية (أي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا). وقد اتّصل عدد من تجّار الأعمال الفنية خلال العرض في بازل، وقدّموا طلبًا للمشاركة في معرض قطر. ولكن يسود انطباع عام، لاسيما بين المعارض الصغيرة ومتوسّطة الحجم، بتفضيل المعرض في نسخته الافتتاحيّة، الجهات والشركات الكبرى في المجال على الأقلّ.     

أصداء كأس العالم لكرة القدم

ليس مستغربًا أن يواجه معرض “آرت بازل” انتقادات ألقت بظلالها على كأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022، لاسيما فيما يتعلق بسجل قطر في مجال حقوق الإنسان وظروف العمل. وأدّت إلى توجيه اتهامات لقطر بتلميع صورتها عبر استضافة أحداث رياضية كبرى (الغسيل الرياضي)، بسبب طريقة تعاملها مع العمّال المهاجرين، والنساء، وحقوق مجتمع الميم.  

وفي هذا السياق، يستبعد دي بيليس كلّ هذه الادّعاءات، مؤكّدًا أنّ مدونة قواعد السلوك في شركة “آرت بازل” صارمة؛ ويقول “علينا الالتزام بها نحن وشركاؤنا”.     

ويضيف:” في الوقت عينه، علينا الالتزام بقوانين البلد الذي سنعمل فيه”. وعند سؤاله عمّا سيحدث إذا تعارض قانون البلد مع مدوّنة قواعد السلوك لشركة “آرت بازل”، لم نلق أي إجابة.   

وعلى أي حال، قد يسلّط هذا النقاش الضوء على قطر بشكل مجحف، إذ تمّ افتتاح نسخة من معرض “آرت بازل” في هونغ كونغ. وبالتالي، لا يخلو سجلّ حقوق الإنسان في الصين من الانتهاكات.  

ملعب
خلال المباراة النهائية ضمن بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطرعام 2022، قام عدد من النشطاء بكتابة الرقم 15،000 على الأرضية بأرقام ضخمة، أمام مقرّ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وكان الهدف تسليط الضوء على عدد العاملين المهاجرين الذين لقوا حتفهم في قطر منذ فوزها بتنظيم كأس العالم، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. Keystone / Michael Buholzer

أمّا من ناحية الرقابة والقيود على حرية التعبير، فليست ولاية فلوريدا التي تضمّ معرض ميامي، مثالًا يُحتذى به أيضًا في ظلّ إدارة حاكمها الجمهوري رون دي سانتيس، وسياساته المثيرة للجدل المستهدفة لمناهج المدارس والجامعات.  

ازدهار ثقافي

نسخة المعرض الجديدة هي شراكة بين “آرت بازل” وشركتها الأمّ ” آم سي آتش” (MCH) ، إلى جانب مؤسّستين قطريتين كبيرتين: قطر للاستثمارات الرياضية (QSI) المشكّلة لجزء من صندوق الثروة السيادية لدولة قطر، والهيكل التنظيمي الرائد لبطولة كأس العالم الفيفا؛ وشركة كيو سي+ ( QC+) المعرّفة بنفسها كـ “مجموعة استراتيجية وثقافية متخصّصة في الصناعة الثقافية، والإشراف، والتنسيق الفني”.  

كذلك، يمثّل معرض “آرت بازل قطر” تطوّرًا للاستراتيجية طويلة الأمد التي وضعتها الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، شقيقة الأمير القطري. وشكّلت على مدى عقدين، المحرّك الرئيسي لاستثمار واسع النطاق في البنية التحتية الثقافية. كذلك، تشغل منصب رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، ومؤسّسات أخرى، منها مؤسّسة الدوحة للأفلام، التي كانت من الجهات الرئيسية المستثمرة في إنتاج الأفلام من دول الجنوب العالمي، لأكثر من عقد.  

المياسة
صورة للشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، خلال مناسبة عامة أقيمت مؤخرًا للاحتفال بأوّل مشاركة قطرية رسمية في معرض “بينالي البندقية للعمارة”، في شهر مايو. Qatar Pavillon

وأطلّت الشيخة المياسة في ظهور نادر خلال معرض “آرت بازل”، في ندوة مشتركة مع شخصيتين سويسريتين بارزتين، هما المهندس المعماري جاك هرزغوف والفنان أورس فيشر. وقالت إنّ مشروعها يدخل “مرحلته الأخيرة”، وسيُتوّج مع افتتاح متحف لوسيل في عام 2029. وهذه المؤسسة هي على الأرجح الأكثر جرأة بين المتاحف المذهلة التي شُيّدت مؤخرًا؛ ومنها متحف قطر الوطني ومتحف الفن الإسلامي، وتُعتبر من الأكثر شمولًا في المجال.   

بحث في فنّ الاستشراق

في الأساس، كانت لوسيل موطنًا لمؤسّس دولة قطر، الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، أسّس فيها مركز حكمه في أوائل القرن العشرين. وتُعتبر مدينة مخطّطة وجديدة، وتُعرف بتصميمها العمراني المبتكر، ودمجها للبنى التحتية العصرية.     

وصمّم مكتب هيرتزوغ ودي ميرون متحف لوسيل، ويُعرف بـ”متحف الأفكار”، وهو مخصّص “للفن الاستشراقي”، بمعنى تمثيل “الشرق” في الفن الغربي. ويهدف إلى تقديم مقاربات جديدة تتعلّق بموضوع التحرير من الاستعمار ومواجهته.  

متحف استشراق
نموذج مثالي عن الفن الاستشراقي: “فارس عربي على صهوة جواده” ليوجين دولاكروا (1849) © Lusail Museum, Qatar Museums, 2022

واتّخذت قطر مسارًا ثقافيًا مختلفًا عن الدول المجاورة لها في الخليج. ففي دبي، تمثّلت التجربة الأبرز في إنشاء مدينة دبي للإعلام، حيث جمعت المنتجين.ات والمبدعين.ات والمؤسّسات الإعلامية بمختلف أشكالها وأحجامها، لاسيما من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. أمّا أبو ظبي، فاشترت حقوق استخدام اسم “اللوفر” لمتحفها الجديد، في حين شهدت المملكة العربية السعودية زيادة ملحوظة في أعداد المعارض، وهواة جمع الأعمال الفنية.  

لكن، لا يُقارن استثمار هذه الدول في بناء القدرات المحلية، وإنشاء المؤسّسات الثقافية بما تفعله قطر. وعند سؤال دي بيليس: “لماذا اخترتم قطر”، يجيب بأنّ شركة “آرت بازل” وقطر “تلتزمان برؤية مشتركة”، فليس هذا مجرّد كلام فضفاض بين الشركات. 

ويضيف:” الأمر لا يتعلق بقطر بحدّ ذاتها. أهمية قطر محورية في إطار هذه الجهود، ولكنّنا نتطلّع إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككلّ. تُعدّ قطر حاليًا مركزًا، ولكنّها ستتحوّل إلى مركز رئيسي مؤثر على مستوى إقليمي أوسع”.  

ورفضت الشيخة المياسة الإجابة على أسئلة متعلقة بالتنافس الإقليمي، لاسيما مع المملكة العربية السعودية، التي تشارك قطر الطموح في تجاوز الاعتماد على النفط. وتقول:” التنافس مفهوم غربي. لا يعتبروننا منافسين لهم؛ نحن نكمّل بعضنا البعض”.

ولكن برز عامل مفاجئ غير متوقع. فبعد أيام قليلة على إجراء المقابلة مع دي بيليس، استهدفت الصواريخ الإيرانية القاعدة العسكرية الأميركية في قطر. وفي اليوم التالي، تمّ التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أنّ فترة صموده ليست واضحة.

وترعى هذه الدولة الخليجية علاقات جيدة مع كافة الأطراف في النزاع (إيران، وإسرائيل، والولايات المتحدة)، ورغم اقترابها من الخطر، إلا أنّها لا تشكّل هدفًا لأي طرف. ومع ذلك، فستكون أي خطط مستقبلية في المنطقة قائمة على استقرار هشّ؛ ويبدو أنّ فبراير 2026، بات أشبه بأفق طويل الأمد فجأة. لكن في الوقت الراهن، تسير الأمور كالمعتاد.  

تحرير: كاثرين هايكلي

ترجمة: ناتالي سعادة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية