The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

هل تجعل الديمقراطية العالم أكثر سلامًا حقًا؟

إبهام سيدة
تظهر سيدة تبلغ من العمر 80 عامًا إبهامها بعد أن أدلت بصوتها في الانتخابات البرلمانية في نيبال عام 2017. EPA/NARENDRA SHRESTHA

منذ عام 1945، أصبح الكثيرون مقتنعين بأن الديمقراطيات تجلب السلام. لكن هل هذا صحيح حقا؟ وماذا عن دعم الديمقراطية في الخارج؟ في ما يلي إجابات بعض الخبراء والخبيرات. 

لقد كان الأمل في تحقيق السلام من خلال التحول الديمقراطي كبيرا، بعد عام 1945. فمنذ الحرب العالمية الثانية، تراجع عدد الحروب بين الدول، وزاد عدد الدول الديمقراطية.  

لكن في عام 2024رابط خارجي ولأوّل مرة، تجاوز عدد الدول الاستبدادية عدد الدول الديمقراطية. بل باتت الديمقراطيات الليبرالية، التي تحترم حقوق وحريات الأفراد، شكلاً نادراً من أشكال الحكم. إذ يعيش 900 مليون شخص فقط في ديمقراطية ليبرالية. وفي المقابل، يعيش 72% من سكان العالم في ظل أنظمة دكتاتورية، وهذا عدد غير مسبوق منذ عام 1978.

جوهر الموضوع:

* هل انتشار الديمقراطية يعزز السلام في العالم؟

* ما المنتظر بعد تجاوز عدد الأنظمة المستبدة نظيراتها الديمقراطية؟

* لماذا يؤدي فرض الديمقراطية من الخارج إلى نتائج عكسية؟

وفي الوقت نفسه، تُقلص الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، الدعم الذي تقدمه لتعزيز الديمقراطية في الخارج. 

محتويات خارجية

هل ترتبط هذه التطورات بالنزاعات الكثيرة حول العالم؟

إلى جانب السلام، لطالما كان الازدهار والرفاهية من وعود الديمقراطية، مثلما تؤكد الخبيرة السياسية كارينا مروس لموقع “سويس أنفو” (Swissinfo.ch): “إلا أن النموذج الصيني أفقد هذه الحجة قوتها. لاسيما أن الصين تحاول إفراز نموذج ديمقراطي خاص بها.” وقدمت الصين منذ عدة سنوات حججاً تفسّر سبب اعتبار الديكتاتورية نوعاً من “الديمقراطية الناجحة”رابط خارجي. وتحاول الدول الاستبدادية، بما في ذلك في إطار التحالفات الدولية، تقديم نموذجها بديلًا عن النظم الليبرالية.  

وإذا ما تغاضينا عن الحجة الاقتصادية، فإن السؤال المطروح هو، هل تضمن الديمقراطية تحقيق السلام.  

محتويات خارجية

الديمقراطيات أكثر سلمًا في ما بينها 

لقد وضع الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط فكرة “السلام الديمقراطي” في القرن الثامن عشر. لكن بصرف النظر عن هذه الفكرة الفلسفية، يبحث فريق من الخبراء والخبيرات في مجال السياسة هذا الأمر حالياً، من خلال الأبحاث الميدانية والمناهج الكمية. 

ووفقًا لنظرية السلام الديمقراطي، تكون مواقف السكان المتحملين لتكلفة الحرب، منتقدة لها عادة، كما أوضحت عالمة السياسة هانا شميدت خلال ”أيام الديمقراطية 2025“ في آراو. ففي الديمقراطيات، يعتمد صانعو القرار على تفضيلات الشعب بسبب الانتخابات. وبما أنهم لا يستطيعون التصرف ضد اختيارات شعوبهم، تكون الديمقراطيات أكثر سلمية. 

ويتفق العلماءرابط خارجي على تصرّف الدول الديمقراطية بشكل أكثر سلمية تجاه الدول الديمقراطية الأخرى، مقارنة بالدول ذات الأنظمة غير الديمقراطية. لكن ليست نظرية السلام الديمقراطي سوى تفسير محتمل. إذ يرجع آخرون التعايش السلمي بين الديمقراطيات إلى العلاقات التجارية أو انتمائها المشترك إلى منظمات دولية. وتقول عالمة السياسة هانا شميدت لـسويس إنفو:”هل الديمقراطية مهمة حقًا للسلام؟ هذا النقاش لا يزال موضع أخذ ورد“.   

ويتصاعد هذا النقاش بشكل خاص، لأنه لا يجب أن يخدعنا تراجع عدد الحروب بين الدول منذ الحرب العالمية الثانية، عن انتشار الحروب الأهلية، رغم صعود الأنظمة الديمقراطية.  

محتويات خارجية

“الأنظمة المعتدلة هي الأقل استقرارًا” 

تشرح كارينا مروس، الباحثة في المعهد الألماني للتنمية والاستدامة: ”تظهر الأبحاث الحديثة ميل الديمقراطيات إلى أن تكون أكثر سلمية من الأنظمة الاستبدادية“، . ولطالما قيل: ”كلا النظامين متساويان في الاستقرار، والأنظمة المعتدلة أقلّ استقرارًا“. لكن على المدى الطويل، تختلف الحالة، حتى بالنسبة إلى الدول الاستبدادية. ”لقد رأينا ذلك على سبيل المثال في سوريا، حيث اندلعت حرب أهلية بعد عقود من حكم الأسد. وإن احتمال اندلاع معارضة عنيفة في وقت ما، أعلى بكثير في الأنظمة الاستبدادية“.  

بل، وكما تبيّن مروس، توجد “بعض البراهين التجريبية”، التي تؤكد “خطر اندلاع نزاعات مسلحة قبيل سقوط أي نظام استبدادي”. وفي هذا السياق، طُرح السؤال التالي لفترة طويلة: إذا كان خطر الحرب الأهلية يزداد خلال عمليات التحول الديمقراطي، فهل يمكننا حقًا تعزيز الديمقراطية؟“ .  

دراسة ميدانية في نيبال، وبوروندي وليبيريا 

تناولت مروس هذا الأمر في أطروحتها للدكتوراه، وتوصلت إلى استنتاج واضح: “يساهم الدعم الدولي للديمقراطية في تحقق سلام مستدام، إذا ما توجه هذا الدعم إلى الأطراف المحلية المحركة لهذا التحول الديمقراطي داخلياً”، على حد تفسيرها.  

فقد قارنت بين أوجه التغير في البلدان، المتحوّلة نحو الديمقراطية في أعقاب حرب أهلية، كما أجرت أبحاثًا ميدانية في كلّ من نيبال، وبوروندي، وليبيريا. وصحيح أنّ هذه الدول جميعها لا تُعد ديمقراطية اليوم، لكن يتّضح تخفيف الدعم الخارجي للديمقراطية من آثار عدم الاستقرار. إذ تحدّثت عن: “إسهام الدعم الخارجي في نجاح التحول الديمقراطي سلميًا، إثر الحروب الأهلية”. 

لكن تردّ مروس بالنفي على السؤال، إذا ما كان دعم الديمقراطية في حد ذاته جيدًا، قائلة: “يحتاج الأمر إلى أطراف محلية، تطالب بالديمقراطية. ففرض الديمقراطية بالقوة من الخارج، صعب للغاية”. فلا بد إذن من وجود “محرك داخلي”، من قلب البلاد نفسها. ومن ثَمَّ يمكن للدعم الدولي “تقديم إسهام هام، وتحقيق فارق”. 

الولايات المتحدة: تداخل دعم الديمقراطية مع المصالح الجيوسياسية 

كثيراً، ما يُنتقد الدعم الرسمي للديمقراطية في الخارج، وذلك بسبب ارتباطه بمصالح السياسة الخارجية والدبلوماسية. “فلطالما ربطت الولايات المتحدة دعم الديمقراطية، خاصة في بعض المناطق، بمصالحها الجيوسياسية”، بحسب قول مروس، ما أدى إلى إضعاف شرعية هذا الدعم وحياده. 

لكن كان للالتزام الأمريكي أثره الإيجابي المستدام في مناطق كثيرة، وهذا بفضل وفرة الموارد والقدرة على ممارسة ضغط دبلوماسي. “فبالنسبة إلى ليبيريا، أمكنني البرهنة على أن الضغط الخارجي قد يحدث أثراً في بعض الأحيان، حينما تفتقر المؤسسات الداخلية إلى القوة الكافية، لمجابهة التوجهات الاستبدادية”، مثلما تُفصل مروس. 

أما السؤال المحوري بالنسبة إلى مروس، فهو: هل تُمنح الأولوية في الحالات الشائكة، لدعم الديمقراطية، أو للمصالح، سواء الاقتصادية أو غيرها؟ إذ يمثّل وضع الديمقراطية في مرتبة متأخرة معضلة “للمصداقية، ولفعالية دعم الديمقراطية”. أما إذا كان توجيه “الدبلوماسية بالفعل لصالح الديمقراطية”، فهو أمر تراه مروس إيجابيًا، لاسيما إذا تضافرت الدبلوماسية مع تعزيز الديمقراطية، ما لاحظته بالنسبة إلى الدعم السويسري في نيبال. فمنذ نهاية الحرب الأهلية عام 2006، تدعم سويسرا العملية السلمية، وبناء مؤسسات أكثر استقرارًا وديمقراطية هناك… 

اقرأ أيضًا مقالنا حول كيفية قيام سويسرا بتعزيز الديمقراطية في الخارج، وفي أي بلدان، وبأي أهداف:

المزيد
اقتراع

المزيد

رغم تمدد الاستبداد في العالم… سويسرا متمسكة بدعم الديمقراطية

تم نشر هذا المحتوى على رغم أن الدستور السويسري يُلزم البلاد بدعم الديمقراطية في العالم، إلا أن الواقع السياسي بات أكثر تعقيدًا: فماذا يعني تعزيز الديمقراطية في زمن يتّسع فيه نفوذ الأنظمة الاستبدادية؟

طالع المزيدرغم تمدد الاستبداد في العالم… سويسرا متمسكة بدعم الديمقراطية

هل يؤدي الاستبداد إلى المزيد من النزاعات؟ 

إذا نظرنا إلى التوجه العالمي نحو الاستبدادرابط خارجي حاليًا، فإن الكثير من الدول تبدو ذات أوضاع أو أنظمة هجينة. فـهذه “الأنظمة الانتقالية”، مثلما تسميها مروس، كانت في الثمانين عام الأخيرة، دولاً استبدادية في الأصل، إلا أنها شهدت انفتاحاً اجتماعياً بدرجات متفاوتة. واليوم هناك “أنظمة انتقالية جديدة”: أي دول تشهد تراجعاً للديمقراطية. ومن ثمَّ أصبحت الآن أنظمة استبدادية تنافسية، أو ديمقراطية غير ليبرالية، تتأرجح بين الاستبداد والديمقراطية. أما إذا كانت هذه الموجة من التحول نحو الاستبداد في الدول المعنية، سوف تؤدي إلى زيادة خطر الحرب الأهلية بها، فهو ما لم يتضح بعد. وحالياً، تعكف مروس وفريقها على دراسة هذه المسألة. “إننا نرى من ناحية: أن عدد النزاعات أصبح في أقصى حد له. ومن ناحية أخرى: هناك الكثير من الدول المستبدة، والدول التي تميل نحو الاستبداد. وربما يكون هناك رابط بين الوضعين، لكن ليس بالضرورة”، على حد قول مروس. 

لذلك يرغب الفريق البحثي في دراسة هذا الأمر بعمق. “فهناك حجج شتى تُرجح اندلاع عدد أكبر من النزاعات”. وقد يكون الفيصل، هو سرعة أجهزة القمع داخل “النظام المتحول نحو الاستبداد”، في التمكن من “القضاء على التوجهات المزعزعة للاستقرار.” 

أما الأمر الذي ما يزال بحاجة إلى تدقيق، فهو ما تشهده الدول التي كانت تعمل يوماً ما على تعزيز الديمقراطية، من تآكل ديمقراطيتها حالياً وانعكاسات ذلك. بالتوازي، هناك تغير بطيء وأساسي يجري في المنظمات الدولية. فعلى سبيل المثال، صار تكليف مفوضيات السلام التابعة للأمم المتحدة، بمهمة دعم التحول الديمقراطي (كمهمة إضافية) اليوم، أكثر ندرة مما كان عليه قبل عِقد، وهذا رغم الأثر الإيجابي الذي أحدثته مهام دعم الديمقراطيةرابط خارجي، كما بينت دراسة سميدت. 

إذن، فمن المحتمل أن تُحرم المفوضيات من مهام دعم الديمقراطية، نظراً لميل موازين القوى في المنظمات الدولية نحو الأنظمة الاستبدادية. 

المزيد
زعيمان

المزيد

طاجيكستان: ما الفائدة من الترويج للديمقراطيّة في ظلّ الاستبداد؟ 

تم نشر هذا المحتوى على في حين أن النظام الحاكم في طاجيكستان منذ فترة طويلة قد أصبح أكثر قمعاً واستبدادا، تواصل سويسرا التزامها بدعم حقوق الإنسان وجهود التنمية في هذا البلد الآسيوي.

طالع المزيدطاجيكستان: ما الفائدة من الترويج للديمقراطيّة في ظلّ الاستبداد؟ 

تحرير: جانيس مافريس 

ترجمة: هالة فراج

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية