The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

النشيد الوطني السويسري: صامد رغم محاولات التغيير 

النشيد الوطني السويسري
النشيد الوطني السويسري، قِلَّة تحفظه عن ظهر قلب. Keystone / Alexandra Wey

لا يمكن وصف النشيد الوطني السويسري بأنه الأكثر إثارة للحماسة، وقِلّة فقط تحفظه عن ظهر قلب. ومع ذلك، فقد صمد "المزمور السويسري" في وجه كل محاولات التغيير.

هل سبق أن كنت تغني مع مجموعة، وفجأة تسمع صوتًا يخطئ في الكلمات؟ يحدث هذا الموقف كثيرًا في سويسرا عند أداء النشيد الوطني، بسبب تعدّد اللغات.

المزيد

وعلى عكس البلدان الأخرىرابط خارجي، يحدث كثيرًا في سويسرا، اختيار البعض عدم المشاركة أصلًا في تأدية النشيد. فمثلًا، تظلُّ شفاه المنتخب الوطني السويسري للرجال في كرة القدم، أو على الأقل معظمه، مطبقة قبل المباريات، على خلاف لاعبات المنتخب النسائي، اللواتي أظهرن، في بطولة كأس أوروبا الأخيرة، استعدادًا أكبر لأداء النشيد السويسري مقارنةً بزملائهن الرجال. 

محتويات خارجية

وفي يونيو، سألت قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالإيطالية (RSI) فالون بهرامي، لاعب كرة القدم السابق (صاحب الخصلات الشقراء في ذلك الفيديو من مونديال 2018)، عن سبب عدم مشاركته في أداء النشيد الوطني. فأجاب بثلاثة مبررات لصمته: ارتباك الخصوم عند سماع لغات مختلفة، وضعف مهاراته الغنائية، وعدم تذكّره لكلمات النشيد.

وبهرامي ليس الوحيد في سويسرا، الذي لا يتذكّر الكلمات. فحتى حفظ المقطع الأول من النشيد، عن ظهر قلب، هو مهارة نادرة في البلاد. وقد اعترف الرئيس السويسري السابق، موريتس لوينبرغر، بأنه غالبًا “ما كان يحرّك شفتيه فقط، دون حفظ الأبيات المكررة”.

ولو يرحل صدى اعتراف لوينبرغر عبر الزمن إلى القرن التاسع عشر، لما كان سيسعد ليونهارد فيدمِر، مؤلف كلمات النشيد، ولا ألبريك تسفيزيغ، واضع ألحانه.

نشيد وُلد من صداقة غير عادية

كان فيدمِر وتسفيزيغ، ينتميان إلى عالمين متباعدين. فكان الأول تقدميًّا ليبراليًّا راديكاليًّا، ومن أتباع الديانة البروتستانتية، أما الثاني فكان راهبًا سيسترسيًّا. ومع ذلك، نشأت بينهما صداقة وطيدة. فكان فيدمر، الذي كان يدير متجرًا لبيع الآلات الموسيقية يتردّد إليه الراهب، شاعرًا أيضًا. وفي عام 1841، طلب من تسفيزيغ تلحين إحدى قصائده. 

النشيد الوطني السويسري
مدوَّنة النشيد الوطني السويسري الموسيقيّة محفوظة في المكتبة الوطنية في برن. المكتبة الوطنية السويسرية

أعاد الراهب استخدام ترنيمة طقسية، كان قد ألّفها قبل عدة أعوام. والنتيجة: النشيد السويسري (“عندما يطلع الفجر الأشقر”)، وهو نشيد يجمع بين الله، والجبال، ونور الصباح في مزيج روحاني ووطني. لقد نال هذا العمل إعجاب الناس، وانتشر تلقائيًّا، وسرعان ما بدأت ألحانه تتردَّد في الفعاليات الوطنية. ولكن استغرق تحوّله إلى نشيد وطني عقودًا. 

ففي البداية وقبل انتشار الإذاعة والتلفزيون، كانت الأناشيد (ليس في سويسرا فقط) تتردَّد، غالبًا، في المناسبات الرسمية فقط. ونظرًا لعدم وصولها إلى جمهور كبير، لم يكن إعلانها رسميًّا ضمن أولويات السلطات. وقد شددَّت الحكومة الفدرالية مرارًا على أن فرض نشيد وطني ليس من ضمن صلاحياتها. 

وعلاوة على ذلك، كان للنشيد الوطني السويسري منافس يُغنَّى أيضًا في المناسبات الرسمية: نشيد “تنادينا يا وطن”، من تأليف الشاعر وأستاذ الفلسفة، يوهان رودولف فيس. 

حفظ الله النشيد الوطني السويسري 

كان النصّان مختلفين تمامًا. وبغض النظر عن الترجمات غير الحرفية من النسخة الأصلية بالألمانية، يمكن تلخيص محتوى المقطع الأول من مزمور فيدمِر/ تسفيزيغ، كما يلي: يبث جمال جبال الألب المغمورة بنور الصباح إيمانًا عظيمًا، ورغبة في الدعاء من أجل الوطن. 

أما قصيدة فيس، فكانت أوضح من حيث المضمون، ويمكن تلخيصها على النحو التالي: “آه، ما أجمل أن تموت فداءً للوطن! ذلك مُناي، وغاية مطلبي”.

واعتمادًا على السياق الجيوسياسي الدولي، كان الحظ يميل أحيانًا إلى أحد النشيدين دون الآخر. وفي عام 1961، وبعد أن طُلب من الحكومة مجددًا اتخاذ قرار بهذا الخصوص، قررت اعتماد “عندما يطلع الفجر الأشقر”، كنشيد وطني مؤقّت. وقد استمرّ هذا الوضع المؤقّت 20 عامًا، إلى أن أصبح النشيد رسميًّا في 1 أبريل 1981. 

ولكنّ ما رجّح كفّة الاختيار لم يكن الروح السلمية التي كانت تسود آنذاك، بل كان هناك سبب موسيقي. 

فكان نشيد “تنادينا يا وطن” يُغنّى على لحن “فليحفظ الله الملك.ة”، وهو أمر كان شائعًا في عدد من الدول (على سبيل المثال، لا يزال نشيد ليختنشتاين يتطابق موسيقيًا مع النشيد البريطاني حتى يومنا هذا). ولكن بدأ ذلك يسبّب إحراجًا كبيرًا خلال الفعاليات الرياضية الدولية. 

المزيد

محاولات للتغيير 

لا يزال بعض أفراد الأجيال الأكبر سنًا يبدون امتعاضًا من هذا القرار. لكن ليس الحنين إلى نشيد “تنادينا يا وطن” السبب الوحيد الدافع بالبعض إلى عدم تقدير النشيد الوطني الحالي. 

ففي عام 2004، قدّمت النائبة الاشتراكية، مارغريت كينر نيليـن، مقترحًا لتحديث النشيد. فقد اعتبرته قوميًا للغاية، ومعقدًا، ومبالغًا، ومعاديًا للنساء والأجانب. ولكن، سرعان ما سُحب المقترح بسبب معارضته الشديدة في البرلمان. 

وبعد نحو عشر سنوات، حاولت الجمعية السويسرية للمصلحة العامة تغيير النشيد من جديد، من خلال إطلاق مسابقة لتغيير كلماته. واعتبرت أنها لم تعد معروفة لدى السكان، ولا تعكس القيم الراهنة في البلد. 

وعن دافع هذه المسابقة، تحدَّثت سويس إنفو (Swissinfo.ch) إلى جان-دانيال غيربر، رئيس الجمعية. فقال: “عندما ترى كيف تحفظ العامة النشيد الوطني في البلدان الأخرى عن ظهر قلب، وتنشده بشغف وفرح، عندها تدرك أن لدينا مشكلة في سويسرا”.

وفي سبتمبر 2015 ، أعلنت الجمعية الفائز بالمسابقة. وللمصادفة، كان يحمل اسم عائلة “فيدمر”، مثل مؤلف النص الأصلي. واستبدل ورنر فيدمر، القادم من كانتون أرغاو، المرجعيات الدينية بقيم دستورية حديثة من بينها “الوحدة في التنوّع”. 

نسخة فيرنر فيدمر التي تضمّنت بيتًا شعريًا يوحّد اللغات الوطنية الأربع:

محتويات خارجية

ومع وجود نص جديد ودعم 250 شخصية بارزة، من بينهم وزراء ووزيرات سابقون.ات في الحكومة الفدرالية (من بينهم موريتس لوينبرغر)، كان أمام الجمعية السويسرية للمصلحة العامة عقبة أخيرة فقط: تعليم النشيد الجديد، ونشره في جميع أنحاء البلاد.

ولكن، فشل المشروع فشلًا ذريعًا؛ فمن بين 2،300 بلدية تلقَّت الدعوة للترويج للنشيد الجديد في مناسبة العيد الوطني، لم تستجب سوى نحو عشرين بلدية. 

وفي انتظار محاولة التغيير التالية، وربما حتى بعد ذلك، سيبقى النشيد الوطني السويسري على حاله. فحتى لو لم يكن عصريًّا، يمكن القول إنه يمثّل سويسرا وسياستها جيّدًا؛ فأولًا، هو بطيء، وثانيًا؛ ككثير من القوانين المعتمَدة من البرلمان تمامًا، يُمثل الحل المؤدّي إلى أقل قدر ممكن من الاستياء الجماعي.

تحرير: دانييلي مارياني

ترجمة: إيفون صعيبي

مراجعة: ريم حسونة

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: زينو زوكّاتيلّي

هل سمعت يومًا شيئًا غريبًا عن سويسرا أثار اهتمامك؟

هل هناك حكاية عن سويسرا أثارت اهتمامك؟ شاركنا وشاركينا بها، فقد نقوم بتسليط الضوء عليها في مقال قادم!

53 إعجاب
36 تعليق
عرض المناقشة

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية