إبراهيم صهد: “القذافي سينتهي أمام المحكمة أو مقتولا من الثوار أو من المحيطين به”
طغى "المجلس الوطني الإنتقالي" على المشهد السياسي الليبي منذ اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير، فغطّى على التنظيمات السياسية التي قارعت العقيد القذافي طيلة العقود الأربعة الماضية.
في المقابل، يعتقد المراقبون أن هذه التنظيمات ستعود إلى الواجهة بعد رحيل القذافي وانطلاق المسار الإنتقالي بمحطاته الإنتخابية التي ستلعب فيها الأحزاب والحركات دورا هاما.
وفي إطار استعراض مكونات الساحة السياسية الليبية اليوم، نبدأ بنشر حوار مع الدكتور ابراهيم عبد العزيز صهد رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، التي تأسست عام 1981، يتركز الإهتمام فيه على رؤية “الجبهة” للمرحلة المقبلة، لكن بعد وضع جرد مكثف لأدائها في الثلاثين سنة الماضية انطلاقا من السؤال التالي:
swissinfo.ch: ما هي الدوافع التي جعلت مؤسسي الجبهة يقطعون مع القذافي ويختارون المعارضة من الخارج؟ ألم تكن هناك فسحة لإصلاح النظام من الداخل؟
د. إبراهيم صهد: لا لم يكن هناك أي إمكانية للإصلاح من الداخل، هذا يثبته أنه منذ أن أعلنا عن تأسيس الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا عام 1981 وإلى يومنا هذا لم نر أحدا استطاع أن يغير أو يُصلح من الداخل، بل استمر القذافي يحكم ليبيا بطريقة فردية ديكتاتورية مستخدما كل أساليب القمع والقهر والإقصاء. من هنا فلم يكن هناك إمكانية للتغيير من داخل النظام لتفرد القذافي بكل القرارات صغيرها وكبيرها… ولا إمكانية للتغيير أو الإصلاح من داخل ليبيا لأن حرية الرأي وحرية التنظيم معدومة بالكامل.
إن مراجعة سريعة لممارسات القذافي وأساليبه في الحكم كفيلة بتأكيد ما نقوله. القذافي مارس القمع والقهر ضد الشعب الليبي وتعامل بكل وحشية مع أية بادرة معارضة.. إعدامات في الشوارع وأمام المدارس والجامعات .. السجون وما يرتكب فيها من تعذيب وتقتيل وقهر .. إضافة إلى الأسلوب الفوضوي الذي اعتمده وفرضه على أجهزة الدولة ما جعلها عديمة التأثير، وأحال كل مسؤول إلى بيدق لا يتصرف إلا بما يُمليه القذافي. هذا ما دفعنا إلى العمل على إنقاذ البلاد من هذا الحكم الهمجي، والعمل على إعادة البلاد إلى كنف الحياة السياسية الدستورية. بدون شك ما يحدث في ليبيا الآن والطريقة الوحشية التي استخدمها القذافي لقمع مظاهرات بدأت بداية سلمية، كل ذلك يؤكد ما ذهبنا إليه من ضرورة مفاصلة هذا النظام والعمل على الإطاحة به.
اعتمدت الجبهة في مرحلة معينة على العمل المسلح ثم تخلت عنه، إلى أي مدى أضعف ذلك المنعرج بنيان الجبهة باعتباره قد فتح ثغرات في جدارها القيادي؟
د. إبراهيم صهد: رفعت الجبهة شعار العمل على إسقاط نظام القذافي بكل السبل المشروعة والممكنة، وعملت الجبهة في مختلف الأطر السياسية والإعلامية والإجتماعية، وكان العمل المسلح أحد الأطر التي اعتمدتها الجبهة لأن الضرورة تقضي مواجهة حكم القذافي. ونحن اعتمدنا العمل المسلح وحصرناه في داخل البلاد، فلم نقم بأية عمليات خارج ليبيا على الإطلاق، وكان أيضا محددا ومحصورا في نطاق ضيق ويتأثر بالمتغيرات، وأيضا بما هو مشروع وما هو ممكن. الجانب العسكري من نشاطاتنا كان ولا يزال مثار إكبار من الشعب الليبي، بنفس الإكبار يُنظر إلى بقية نشاطات الجبهة السياسية والإعلامية وما حققته للقضية الليبية.
حاول القذافي إقفال جميع نوافذ العمل السياسي داخل ليبيا، لكن ظهرت مع ذلك بين الحين والآخر معاقل مقاومة اجتماعية أو ثقافية على غرار نقابة المحامين ورابطة الكتاب، فلماذا لم تسعوا لتوسيع هذه الثغرات بدل المراهنة على التناقضات بين النظام والقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة، مما أعطى صورة سلبية عن الجبهة في وقت من الأوقات؟
د. إبراهيم صهد: القول بأن الجبهة راهنت على التناقضات بين النظام والقوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة، قول تنقصه الدقة، ذلك لأن الجبهة انطلقت في معارضتها للقذافي من منطلقات ليبية ولأسباب ليبية وتوخيا لتحقيق أهداف ليبية. نعم، حاولنا استثمار كل المعطيات من حولنا التي يمكنها أن تساعدنا في مضمار نضالنا، لكننا احتفظنا دائما باستقلالية قرارنا وبتنوع علاقاتنا الدولية؛ فلم تمنعنا علاقتنا مع أمريكا من السعي لإقامة علاقات مع الاتحاد السوفياتي، وأن نعلن إدانتنا للغارات الجوية التي شنتها أمريكا على ليبيا إبان إدارة الرئيس رونالد ريغان. وأقمنا أيضا صلات وثيقة مع منظمة التحرير الفلسطينية يوم كانت المنظمة غير مقبولة في دول الغرب، في حين كانت لدينا علاقات مع بعض هذه الدول.
أما السلبيات التي تتحدث عنها فهي من صنع أجهزة دعاية القذافي، فالحقيقة هي أن الجبهة تحظى بمكانة مرموقة بين أوساط الشعب الليبي سابقا وحاليا. أيضا ينبغي ألا يفوتني أن أشير إلى أن الحقيقة التي أبرزتها الانتفاضة المباركة هي أن القذافي لم يترك مجالا للشعب الليبي للتعبير عن إرادته، ورأينا ورأيتم أنتم الإعلاميون الأسلوب الهمجي الذي اتبعه في مواجهة مظاهرات سلمية يقوم بها مواطنون عُـزّل من السلاح. صدقني لم يترك القذافي أي مجال لأية مساحات في جدار حكمه الهمجي، ناهيك أن يتم توسيع هذه المساحات.
مفهوم الجبهات يعني أنها ائتلاف لتيارات أو أحزاب متقاربة في رؤيتها، هل تعتقد أن هذا التعريف مازال ينطبق عليكم؟
د. إبراهيم صهد: لا، لم يكن هذا المفهوم هو الذي ساد في الجبهة، فلم تكن الجبهة في يوم من الأيام ائتلافا لتنظيمات، ولكنها انطلقت كتيار شعبي منظم يسمح بقبول الأعضاء بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية والسياسية، وإتاحة الفرصة لهؤلاء الأعضاء من خلال برامج الجبهة المختلفة، للمساهمة في العمل الوطني المشترك لإسقاط حكم القذافي ثم للمساهمة مع الشعب الليبي في إقامة دولة دستورية ديمقراطية.
الذي حدث أنه خلال ثلاثين سنة من العمل والتفاعل المشترك تمتنت صلات الأعضاء وازدادت توجهاتهم اقترابا ما جعل في إمكان الجبهة أن تكون تنظيما يمتلك رؤى سياسية يجتمع عليها أعضاؤها، تمت صياغتها في وثيقة المشروع الحضاري.
تشكل المجلس الإنتقالي من شخصيات مستقلة بصيغة استبعدت مندوبي التنظيمات مثل الجبهة، كيف استطعتم معالجة هذا الأمر بما لم يُتح للنظام التسلل من هذا التباين لتفجير القيادة السياسية للثورة؟
د. إبراهيم صهد: منذ تفجر الثورة وتحرر جزء من تراب الوطن، كنا ندعو إلى تشكيل كيان يعبر عن الشعب الليبي ويمثله دوليا ويقود هذه المرحلة. وعندما تشكل المجلس الوطني الانتقالي بادرنا بدعمه وتأييده والإعتراف به، كما طالبنا المجتمع الدولي بالإعتراف به، وكان لنا دور فعلا في دفع بعض الدول للتعاطي مع المجلس. وخلال عملنا قدمنا كثيرا من الدعم للمجلس الوطني الانتقالي سواء إعلاميا أو من خلال اتصالاتنا بمختلف الدول، لذلك فنحن لا نرى أي تباين، إذ تم تشكيل المجلس على أساس تمثيل المدن لا التنظيمات، وبعض هؤلاء أعضاء في الجبهة.
طرحتم خارطة طريق للمرحلة الإنتقالية، هل تتوقعون أن تُؤيدها القوى المنافسة لكم وخاصة التيار الإسلامي، الذي يُعتبر أنه سيكون الأوسع شعبية في الفترة المقبلة؟
د. إبراهيم صهد: الرؤية السياسية للمرحلة الانتقالية التي قدمتها الجبهة مطروحة على الشعب الليبي كله بكل أطيافه السياسية وتوجهاته الفكرية، وردود الفعل الأولية إيجابية ومؤيدة لما جاء في وثيقة الرؤية. ونتلقى في كل يوم عديدا من المكاتبات والاتصالات التي تعبر عن التأييد للوثيقة وتقدم بعض الملاحظات حولها.
هل تؤيدون تسوية سياسية تؤدي إلى إخراج القذافي من ليبيا لإنهاء الصراع مع إعطائه ضمانات دولية؟
– لا أعتقد أن أحدا يرضى أن يُعطى القذافي أية ضمانات دولية تحول دون مثوله أمام القضاء لما ارتكبه من جرائم ضد الانسانية. كما أنني أشك في أن أي ضمانات ستصمد أمام مذكرات الإعتقال التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية. القذافي إما سيُقبض عليه ويمثل أمام المحاكمة، أو أنه سيُقتل إما من الثوار أو من أحد المحيطين به.
القواليش (ليبيا) (رويترز) – سيطر مقاتلو المعارضة الليبية على قرية جنوبي العاصمة الليبية وتقدمت مجموعة اخرى نحو طرابلس من الشرق يوم الاربعاء 6 يوليو 2011 في أكبر دفعة في أسابيع نحو المعقل الرئيسي لمعمر القذافي.
وتدفق المعارضون الذين اطلقوا نيران بنادقهم في الهواء ابتهاجا على قرية القواليش التي تقع على مسافة 100 كيلومتر تقريبا جنوب غربي طرابلس بعد معركة استمرت ست ساعات مع القوات الموالية للقذافي التي كانت تسيطر على البلدة.
وقال مراسل لرويترز في القرية ان المعارضين — الذين تدفقوا من نقطة تفتيش انسحبت منها القوات الحكومية تاركة وراءها خياما منهارة وبقايا طعام — مزقوا الاعلام الخضراء.
والى الشمال على ساحل ليبيا على البحر المتوسط تقدم مقاتلو المعارضة غربا من مدينة مصراتة ليصبحوا على مسافة نحو 13 كيلومترا من وسط بلدة زليتن حيث يتمركز أعداد كبيرة من القوات الموالية للقذافي.
لكنهم تعرضوا لنيران مدفعية ثقيلة. وقال أطباء في مستشفى الحكمة بوسط مصراتة حيث تم احضار جثث من خط الجبهة ان 14 معارضا قتلوا يوم الاربعاء وان نحو 50 أصيبوا بجروح.
جاء هذا التقدم وسط تقارير تسربت تشير الى ان القذافي — تحت وطأة ضغوط الانتفاضة المستمرة منذ خمسة شهور ضد حكمه والعقوبات وحملة القصف التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي — يسعى الى التوصل الى اتفاق يتنحى بموجبه عن السلطة.
ونفت حكومته ان مثل هذه المفاوضات تجري وقال الامين العام لحلف شمال الاطلسي انه ليس لديه تأكيد بأن القذافي يبحث عن اتفاق للتنحي عن السلطة.
لكن مسؤولا ليبيا رفيعا قال لرويترز يوم الاربعاء 6 يوليو انه توجد علامات على انه يمكن ايجاد حل للصراع بحلول أول أغسطس وان كان لم يذكر تفاصيل.
وجاء تقدم المعارضين بعد اسابيع من القتال الذي اتسم الموقف فيه بالجمود الى حد كبير. ومازالت قوات القذافي المدججة بالسلاح تنتشر بين المعارضين وطرابلس وتعثرت عمليات تقدم سابقة لمقاتلي المعارضة أو تحولت بسرعة الى التقهقر.
لكن بعد ان أصبحت القواليش الان في أيدي المعارضة فقد أصبح من الممكن ان يتقدموا في اتجاه الشمال الشرقي الى بلدة غريان التي تسيطر على الطريق الرئيسي المؤدي الى العاصمة. وقال التلفزيون الحكومي الليبي ان حلف الاطلسي ضرب أهدافا في غريان يوم الاربعاء.
وقال مختار الاخضر وهو قائد وحدة تابعة لقوات المعارضة قاد الهجوم يوم الاربعاء لرويترز ان قوات المعارضة ستتقدم نحو غريان خلال اسبوع.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 6 يوليو 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.