مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الرقابة” على الإنتخابات و”السيادة”.. مخاوف حقيقية أم حُـجج واهية؟!

يرى الكثير من النشطاء أن الإشراف الدولي أو القضائي الكامل على سير جميع مراحل الانتخابات هو الضمانة الوحيدة لنزاهتها swissinfo.ch

مع تصاعد الدعوات واحتدام الجدل حول الموضوع، تباينت آراء عدد من الخبراء المتخصِّـصين في السياسة والقانون الدولي والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان، حول تأثير الإشراف والرقابة الدولية على الانتخابات المحلية، سلبا وإيجابا، على سيادة الدولة.

ففيما اعتبرها البعض “مساسا بسيادة الدولة وانتقاصا من مكانتِـها وهيْـبتها وتدخّـلا في شؤونها الداخلية”، نفى آخرون – جملة وتفصيلا – حدوث وقوع أيّ آثار سلبية على سيادة وهيْـبة ومكانة الدولة، بل واعتبروها فُـرصة لتأكيد الشفافية واحترام الديمقراطية.

وفي محاولة لاستكشاف الحقيقة، طرحت swissinfo.ch سؤالا على عدد من الخبراء، هم: الدكتور عبد السلام نوير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود والدكتور السيد أبو الخير، الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية والدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس والنائب المستقِـل بالبرلمان المصري وبهي الدين حسن، الخبير والناشط الحقوقي والمدير العام لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والباحث والناشط القانوني معتز الفجيري: هل تعتبر الرقابة أو الإشراف الدولي على الانتخابات المحلية تدخّـلا في الشؤون الداخلية للدولة أو إنقاصا من سيادتها أو طعنا في مكانتها الدولية؟ فكان هذا التحقيق.

فرْق بين المُـراقبة والإشراف!

في البداية، أكّـد الدكتور عبد السلام نوير أنه من الضّـروري “أن نفرِّق بين مفهوميْـن هما: مراقبة أو بالأحرى ملاحظة الانتخابات بمعنى (monitoring) والإشراف على الانتخابات بمعنى (controlling or supervision). فالأول، هو الأكثر شيُـوعاً، ويعني وجود جهات محايدة تمثِّـل منظمات دولية أو منظمات غير حكومية أو جمعيات مُـجتمع مدني دولية، تقوم بمتابعة مراحِـل الانتخابات المختلفة وتلحظ مدى الالتِـزام بحياد العملية الانتخابية خلال ممارسة هذه الإجراءات، التي تبدأ من تدقيق الكشوف الانتخابية مُـروراً بتقسيم الدوائر الانتخابية، وصولاً ليوم الانتخاب وضمان نزاهة العملية الانتخابية، انتهاءً بالفرز الدّقيق النّـزيه وإعلان النتائج”.

وقال نوير في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “هذه الجِـهات تلتَـزم دورا مُـعيّـناً لا تتجاوزه، وهو الملاحظة والمتابعة وإصدار تقارير عن العملية الانتخابية، ترصد مدى دقّـتها ونزاهتها، ومِـن ثَـمََّ، تُـشير إلى أي خروقات أو جوانب تدليس أو عدم نزاهة أو تزوير، وهذا النّـوع من الإشراف لا يمَـس السيادة الوطنية بحالٍ من الأحوال، لأن هذه الجِـهات لا تمثِّـل دُولاً، وإنما مُـنظمات دولية أو جمعيات تابِـعة للمجتمع المدني، وهي محايِـدة إلى حدٍّ كبير”، موضِّـحا أن “الحكومات الوطنية التي تشهد دُولها انتخابات، هي التي تسمح لها بممارسة دورها وتمكِّـنها من أداء هذا الدور، كما أن مُـمارسات عديدة لملاحظة أو مُـتابعة الانتخابات تقوم بها المنظمة الأوروبية لمراقبة الانتخابات في دول أوروبية عديدة، منذ عدّة عقود”.

ويضيف نوير: “أما النوع الثاني، وهو الإشراف على الانتخابات، بمعنى أن تكون هناك جهات خارجية، حكومية أو غير حكومية، مشاركة في تسْـيير عملية الانتخاب في أي مرحلة من مراحلها وتمتلك قُـدرة ما على التأثير في سيْـرها، الأمر الذي يحدُث في الدول في أعقاب الاستقلال، وتتيح للدولة الاستِـعمارية السابقة أو لدولٍ كُـبرى أو لمنظمة دولية، المشاركة أو الانفراد بالإشراف على الانتخابات”، معتبرا أن “هذا النّـوع بالطّـبع يمسّ السيادة الوطنية، وهو غير مطروح في الحالة العربية بالمرّة، وإن ما تُـطالب به بعض القِـوى الوطنية، هو النوع الأول، وإن كانت التّـرجمة غير دقيقة، فهُـم يقصدون الملاحظة أو المتابعة، لكن يجب أن نفهِّـمهم أن هذا النّـمط من المتابعة أو الملاحظة، ليس له أي حجية إزاء الحكومات التي تجري انتخابات غير نزيهة، إلا من الناحية الأدبية!!”.

الرقابة.. والمصالح الأمريكية!

وضرب أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود مثالا بنيجيريا، التي “شهدت متابعةً لانتخاباتها التي أجريت عام 1997 وقرّرت هذه الجهات (الرقابية) أنها كانت غير نزيهة بالمرّة، بل وأقرّ الرئيس السابق أوباسانجو، الذي تمّـت الانتخابات في نهاية عهده بذلك، لكنه قرّر وُجوب قَـبول النتائج، ولم تملك المنظمات الدولية ولا القوى الكبرى، التدخّـل لإعادة الانتخابات”، مشيرا إلى أنه “بطبيعة الحال، لا يمكن أن نفهَـم ذلك بمعزل عن المصالح الأمريكية لدى نيجيريا”.

وقال نوير: “وقِـياساً على هذا الأمر، وإذا أدركنا المصالح الأمريكية إزاء الدول العربية وأنها تُـدرك أن التعامل مع نُـظم محدودة الشرعية، أيْـسر لها كثيراً، مقارنةً بنُـظم شرعية لا تدري طبيعة مواقِـفها الدولية بعدُ، يُـمكن أن نتصوّر مواقف القِـوى الدولية إزاء أيّ انتهاكات تُـقرِّرها منظمات متابعة الانتخابات في العالم العربي”، معتبرًا أنه “يُـمكن القول أن القِـوى الكبرى تستغِـلّ تقارير هذه المنظمات للضّـغط على دولٍ بعيْـنها، شأن زيمبابوي، ولكنها تغضّ الطّـرف عن دُول أخرى شهِـدت انتخاباتها انتِـهاكات مماثلة، وربّـما أشدّ، كما حدث في كينيا ونيجيريا”.

واختتم نوير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود حديثه قائلا: “في تقديري أن الفيْـصل في هذا الأمر، يرجِـع إلى أمريْـن اثنين هما: إرادة النظام القائم في إجراء انتخابات حرّة ونزيهة وإرادة القِـوى المعارضة وقُـدرتها على تحريك الشارع متى ما حدثت تجاوزات انتخابية واسعة النِّـطاق”.

البديل “هيْـئة وطنية مستقلّـة”!!

متَّـفقا مع نوير، أكّـد د. السيد أبو الخير أن “الإشراف يستخدم كوسيلة ضغْـط على الانظمة العربية، تحقيقا للمصالح الأمريكية في المنطقة وأن الإشراف يعتبر انتقاصا من السيادة ومساسا بالسيادة الداخلية للدولة، لأن الانتخابات تُـعتبر من الأمور الداخلية للدولة، والاشراف عليها الآن يجري بهدف تغيير سيْـر العملية الانتخابية لصالح فِـئات مُـرتبطة بمُـؤامرات خارجية”، معتبرا أن “الولايات المتحدة والغرب يتدخّـلان في الانتخابات لكي يبعِـدوا عن السلطة الأحزاب والقوى التي تُـقاوم العوْلمة والهيْـمنة الغربية”.

وقال أبو الخير في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: إن “موضوع الإشراف على الانتخابات، ظهر عقِـب نتيجة الانتخابات الجزائرية التي أدّت إلى نجاح التيار الإسلامي في عام 1990م، كما طفَـا إلى السّـطح من جديد خلال الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي أجرِيت عام 2006 وجاءت بحماس إلى السلطة، وهنا قرّروا جميعا الانقِـلاب على نتائج الانتخابات التي شهدوا هُـم بنزاهتها”، معتبرا أنه “إذا كان لابد من الإشراف، فليَـكُـن من الأمم المتحدة وعلى كافة الانتخابات التي تُـجرى في كل الدول في المجتمع الدولي، للتحكّـم في النتيجة أولا ولرصد المخالفات التي يتِـم تضخيمها إعلاميا واستخدامها كورقة ضغْـط على الدول والحكومات التي تفوز بالانتخابات”.

وأوضح أبو الخير أن “منظمات المجتمع المدني تعتمد في تمويلها على المِـنح والهِـبات التي تقدِّمها لها الدول الغربية والولايات المتحدة، وبالتالي، فهي مُـرتبطة بإستراتيجيتها وأهدافها التي تريد تحقيقيها، ومَـن يدفَـع، لابدّ أنّ له مصلحة يسعى للحِـفاظ عليها وأهدافا يريد تحقيقها، فهي ليست هِـبات ومِـنح لوجه الله”، مُـشيرا إلى أن “هناك العديد من الوقائع والأحداث التي لا تجد ولا تسمع أي صوْت لهذه المنظمات الأهلية، خاصة تلك الأحداث المتعلِّـقة بالولايات المتحدة وأوربا، ثم أيْـن هذه المنظمات مِـما يحدُث في العراق وباكستان وأفغانستان وفلسطين؟!”.

وردّا على سؤال حول ما البديل إذن لتخرج الانتخابات حرّة ونزيهة؟ قال أبو الخير: “البديل هو الاتِّـفاق بين الحكومة والشعب على تشكيل هيئة وطنية للإشراف على الانتخابات من البداية حتى النهاية، على أن تكون هذه اللّـجنة مستقلّـة، ومحايِـدة ومن كافّـة طوائف الشعب، من الشخصيات العامة المشهود لها بالنزاهة والحيادية، وأن لا يكون فيها أيّ موظف حكومي، ولو من القضاء، ويفضِّـل انتخابها على أن تقوم هذه الهيئة الوطنية بانتخاب رئيس لها ولجان فرعية للإشراف على الانتخابات، ويفضِّـل أن تكون لكل محافظة هيئة وطنية من أبنائها”، معتبرا أن “هذه هي الرقابة الحقيقية، وإذا كان الدستور ينصّ على أن الشعب صاحب السيادة الأصلي، فلتعُـد له السلطة لينظِّـمها كيْـف ما يُـريد، وإذا كا لابد من الرقابة، فلتكُـن وطنية، لأننا أصحاب المصلحة الحقيقية في الانتخابات، وليس الغرب”.

لهذه الأسباب.. الرقابة ضرورية!!

مختلفا مع أبو الخير، لا يرى د. جمال زهران في “الرقابة الدولية على الانتخابات الداخلية للدول أي نوع من التدخّـل في الشأن الداخلي، كما لا يعتبرها انتقاصا من سيادة الدولة، مبرِّرا ذلك بأن “دول العالم المتقدِّم (أمريكا وبريطانيا..) تسمح بالرقابة الدولية على انتخاباتها، دُونما حديث عن انتقاص السيادة، بل على العكس، فإن القبول بالرقابة على الانتخابات هو نوع من الشفافية والديمقراطية التي تعزِّز صورة الدولة، فتُـضيف لها ولا تحذِف منها”.

وفي تصريح خاص لـ swissinfo.ch، أوضح زهران أن “هناك ثلاث صُـور لهذه الرقابة وهي: المتابعة والرقابة والإشراف”، مُـعتبرا أن “مصر بحاجة إلى الإشراف الدولي على الانتخابات لعدّة أسباب، منها: فقدان الثِّـقة بين الناخب والحكومة، لدرجة أن المواطن أصبح على قناعة تامّـة بأن الانتخابات سيتِـم تزويرها لصالح الحزب الحاكم، وقيام الحكومة بإلغاء الإشراف القضائي (قاضٍ لكل صندوق) على الانتخابات، واستبدال القُـضاة بموظفي الإدارات المحلية (موظفون حكوميون)، للإشراف على العملية الانتخابية.

وأضاف زهران: “هذا فضلا عن أن رئيس الحكومة، الدكتور أحمد نظيف قال بنفسه في تصريحات صحفية إنه: لولا التدخّـلات الحكومية في الانتخابات التشريعية الماضية (2005)، لحصَـلت المعارضة على نسبة 30%، (وهي النسبة لو حصلت عليها المعارضة، لأمكنها فعل الكثير في البرلمان الحالي)، وهذا كلام خطير للغاية”، مشيرا إلى أنه “لو كان الإشراف القضائي على الانتخابات استمرّ، لأسْـهَـم في زيادة ثِـقة الناخب المصري في نزاهة العملية الانتخابية”.

وأردف زهران: “نحن اليوم أشدّ احتياجا للإشراف الدولي أو العودة للإشراف القضائي الكامل والشامل على العملية الانتخابية، خاصة في هذه الحِـقبة من تاريخ مصر، والتي ستشهد ثلاثة استحقاقات انتخابية على درجة من الأهمية، ويُـمكنها أن تغيِّـر وجْـه مصر، وهي: انتخابات التجديد النِّـصفي لمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) في شهر أبريل 2010، ثم انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) في أكتوبر 2010، ثم الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس الجمهورية والمقرّرة في شهر أكتوبر من عام 2011.

تعديل الدستور بحاجة لضغوط مكثّـفة!

وكشف زهران عن أن “كل الحركات والقِـوى السياسية المُـعارِضة في مصر، تطالب بإعادة الإشراف القضائي الكامل والشامل أو الإشراف الدولي على الانتخابات. فمنذ قيام الحكومة بعمل بعض التعديلات الدستورية عام 2008 على بعض الموادّ المنظمة للانتخابات والتي أسفرت عن إلغاء الإشراف القضائي، لم ينجح مُـعارض واحد في الانتخابات التي أجريت: محلية أو برلمانية (الشورى).

وردّا على تصريح صفْـوت الشريف، الأمين العام للحزب الحاكم ورئيس مجلس الشورى مؤخّـرا بأنه لن يتِـم تعديل أيّ مواد في الدستور قبل إجراء الانتخابات الثلاث القادمة (الشورى/ الشعب/ الرئاسية)، قال زهران: “هذه وِجهة نظر صفْـوت الشريف والرئيس مبارك نفسه، كان يقول قبل تعديل المادة 76 من الدستور: إن الاقتراب من الدستور رِجْـس من عمَـل الشيطان، ومع هذا تمّ التعديل!!”؛ معتبرا أن “تعديل الدستور ليس مستحيلا، لكنه يحتاج إلى تكثيف الضّـغوط التي تُـمارسها المعارضة الحقيقية في مصر”.

وأضاف زهران: “لقد انتهيْـنا (أنا و100 نائب من المعارضة) من إعداد مشروع قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية، ونحن الآن بصدَد تقديمه لمجلس الشعب لمناقشته والموافقة عليه، تمهيدا لإقراره، وينصّ المشروع على ضرورة أن تخضَـع الانتخابات القادِمة للإشراف القضائي الكامل والشامل”، مشدِّدا على أن “أحدا لا يضمَـن موافقة الأغلبية على تمريره من عدمه، لكن يجب علينا أن نقوم بدورنا على أكمل وجه وأن نمارس كافة الضغوط المُـمكنة على الحكومة، حتى يتِـم إقراره”.

وردّا على القائلين بأن الإشراف الدولي على الانتخابات يُـمثل انتقاصا من سيادة الدولة، قال د. جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس: “الإشراف الدولي على الانتخابات لا يُـعدّ انتِـقاصا من سيادة الدولة، فضلا عن أن فِـكرة سيادة الدولة هي فِـكرة وهْـمية يُـصر عليها المستبِـدّون فقط، فليس هناك حدود للدولة، إلا الحدود المعنوية فقط. فالعالم اليوم أضحى مكشوفا أمام الجميع”، معتبرا أن “هناك محاولات لاستحضار الوطنية في وقت تجاوزه العالم، فنحن الآن في الحِـقبة الثانية من القرن الحادي والعشرين، وليس أمام عواجيز السياسة سوى الرحيل!!”.

لماذا يخافون من الإشراف الدولي؟!

ويلتقط الخبير والناشط الحقوقي بهي الدّين حسن طرف الحديث قائلا: “هذه حجّـة واهية للغاية. فأغلب من يقولون بأن الإشراف أو الرقابة الدولية على الانتخابات انتِـقاص من سيادة الدولة، يخشَـوْن ما ستكشِـف عنه نتيجة الانتخابات العامة، إذا ما أجْـرِيت تحت إشراف دولي، ومَـن يعتزم إجراء انتخابات حرّة ونزيهة ولا يخطّـط لتزويرها وتزيِـيف إرادة النّـاخبين، لا يخشى من إجرائها تحت رقابة دولية من أي نوع”، مشيرا إلى أن “العديد من الدول الكُـبرى في أوروبا، فضلا عن الولايات المتحدة، تسمح بوجود رقابة دولية على انتخاباتها ولا تعتبر أن هذا الإشراف انتقاصا من سيادتها أو تدخّـلا في شؤونها الداخلية”.

وردّا على سؤال حول: هل شارك مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في لجان رقابة دولية على الانتخابات في أية دولة؟ قال بهي الدين في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “سبق أن شاركنا في لِـجان للرّقابة على نزاهة وحيادية وسائل الإعلام في تغطيتها للانتخابات في العديد من الدول، كما شارك بعض الزملاء من المركز في الإشراف على الانتخابات في بعض الدول الإفريقية، وأعتقد أن الزميل معتز الفجيري مدعُـو للمشاركة مع مركز كارتر للرقابة الدولية على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة في السودان”.

ومن جانبه، استهل معتز الفجيري حديثه قائلا: “بداية، أنا لا أعتبر الرقابة الدولية على الانتخابات تدخّـلا في الشؤون الداخلية للدول ولا انتقاصا من سيادتها. فالرقابة الدولية على الانتخابات أمر معروف ومعمول به في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية والأسيوية، وحتى الإفريقية”، مضيفا “معلوم بداهة، أن الرقابة الدولية على الانتخابات لا تتِـم إلا بموافقة الحكومات، وهناك نوعان من الرقابة الدولية: رقابة تقوم بها المنظمات الدولية غير الحكومية، مثل: هيومن رايتس ووتش والمعهد الديمقراطي بأمريكا، ورقابة تقوم بها المؤسسات الدولية الحكومية، مثل: الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة”.

وبخصوص الحالة المصرية، فهناك سياسة الجِـوار الأوروبية، وهي واحدة من سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية الجديدة، التي تهدِف إلى تشجيع الحُـكم الرّشيد في بلدان الجوار من خلال: توثيق العلاقات السياسية والاندماج الاقتصادي الجُـزئي، وتوفير الدّعم من أجل الاستجابة لشروط المواصفات الأوروبية ومواكبة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن اتفاق الشراكة المصرية الأوروبية، وهي اتفاقات تلزم الشريك الأوروبي بدعْـم الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجارية في البلدان المُـجاورة للاتحاد الأوروبي من أجل تشجيع السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي في كامل المنطقة، كما تُـلزم مصر بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، فضلا عن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الشراكة الأوروبية والرّقابة الدولية!

وأوضح الفجيري أنه “لو طرح الاتحاد الأوروبي على مصر فِـكرة الرقابة الدولية على الانتخابات، فلن تستطيع مصر أن ترفض انطلاقًا من الوفاء بالتزاماتها مع الشريك الأوروبي، إضافة إلى أن “مَـن يرفض الرقابة الدولية، يبقى عايز يخبِّـي (يخفي) حاجة، خاصة والعالم كله اليوم يعلم أن الانتخابات فاسدة، لكن عندما يكون هناك مراقبون دوليون، سيقِـلّ الفساد بدرجة كبيرة، لأنه سيسبِّـب إحراجا شديدا للدولة وسيكشف الانتهاكات التي تحدُث”.

وقال الفجيري في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “في تقديري أن الرقابة الدولية على الانتخابات مطلوبة في العالم العربي لعدّة أسباب، منها أن: المجتمع المدني لا يأخذ حريته عندما يقوم منفردا بالرقابة، كما أن المنظمات الدولية تأتي للإشراف على الانتخابات بشرْط عدم التدخّـل في أعمالها، خاصة بعدما تمّ إلغاء الإشراف القضائي في مصر”، مشيرا إلى أن “هناك بعض البلدان العربية التي وافقت على دخول الرقابة الدولية إلى بُـلدانها، مثل: اليمن والسودان وموريتانيا والمغرب وتونس والجزائر و…”.

واستدرك الفجيري قائلا: “غير أن الاتحاد الإفريقي في مجال الرقابة الدولية، ليس لديه نفس السُّـمعة التي للاتحاد الأوروبي، وكذلك جامعة الدول العربية، ليست لها سُـمعة جيدة في مجال الإشراف على الانتخابات، وفي تقديري أن أفضل النماذج في مجال الإشراف الدولي على الانتخابات هي:

1) الاتحاد الأوروبي، الذي يمتلك خِـبرة واسعة في هذا المجال، حيث أرسل حوالي 200 بِـعثة للقيام بمهمّـة الرقابة على الانتخابات في العديد من البلدان، كما أن لديهم إمكانات كبيرة تُـمكِّـنهم من القيام بهذه المهام.

2) الأمم المتحدة، وهي منظمة دولية كبيرة تمتلك إمكانات مادية وبشرية عالية، تمكِّـنها من القيام بدورها في الرقابة والإشراف على الانتخابات.

3) المنظمات الدولية غير الحكومية، وهي منظمات لا تخضع لحكومة ولا لمؤسسة دولية، ولا يمنع ذلك أن تتعاون أو تتلقّـى مساعدات وتمويلات من الحكومات، ولكنها تأسست وتنشط دون رقابة من الحكومات الوطنية.

4) البرلمان الأوروبي، الذي يُـرسل وفودا برلمانية للإطِّـلاع على سيْـر ومُـجريات العملية الانتخابية وتسجيل الملاحظات، وهي غالبا ما تستفيد من تقارير وجُـهود المنظمات الحقوقية المحلية. وقد شارك البرلمان الأوروبي في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي أجرِيت في مصر عام 2005 بوفد ترأّسَـه إدوارد ماكميلان، ومن المقرّر أن تشارك بوفد آخر في انتخابات 2010 القادمة، وتقاريرها تكون ذات قيمة من ناحية أنها تكشف هذه الحكومات التي تتشدّق بالديمقراطية أمام الرأي العام العالمي، كما أنها تدعم تقارير منظمات المجتمع المدني.

همام سرحان – القاهرة – swissinfo.ch

القاهرة (رويترز) – قال ائتلاف حزبي مصري يوم الاثنين 15 مارس، إنه سينظم مسيرات واحتجاجات سعيا لتحقيق اصلاحات ديمقراطية يطالب بها.

وناقش الائتلاف المكون من أربعة أحزاب خلال مؤتمر استمر ثلاثة أيام موقفه من الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة ومطالب الاصلاح الديمقراطي المرفوعة في البلاد منذ سنوات.

ويتكون الائتلاف الديمقراطي من حزب الوفد وحزب الجبهة الديمقراطية وهما حزبان ليبراليان وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وهو حزب يساري والحزب الديمقراطي العربي الناصري وهو حزب قومي عربي.

وقال الائتلاف في بيان ان من بين وسائل تحقيق أهدافه “التعاون مع كافة القوى والهيئات المتحالفة (في المعارضة) لعقد المؤتمرات الجماهيرية والمسيرات السلمية والوقفات الاحتجاجية والسعي الى اتخاذ قرار موحد بشأن المشاركة في الانتخابات القادمة”.

وقال رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أسامة الغزالي حرب في مؤتمر صحفي ان الحزب سيقاطع الانتخابات المقبلة في حالة “عدم استجابة الحكومة لمطالب الائتلاف”.

وقالت الاحزاب الاربعة في بيانها انها حددت موقفا يتمثل في “ضرورة اعادة التوازن بين سلطات الدولة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وتقرير الحريات العامة والقضاء على تركز السلطة (في أيدي قادة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم) وتوفير الضمانات لتداولها السلمي”.

وأضاف البيان أن “ذلك يقتضي التحول الى نظام برلماني يكون رئيس الجمهورية فيه حكما بين السلطات مع تخليه عن أي انتماء حزبي”.

وتابع البيان “تكون السلطة التنفيذية في هذا النظام لحكومة منتخبة وحاصلة على ثقة مجلس الشعب… وفي هذا النظام يتحقق استقلال القضاء”.

ومنذ عام 2004 يرفع ناشطون وسياسيون مطالب مماثلة، كما رفع نفس المطالب تقريبا المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، الذي قال بعد عودته الى بلاده الشهر الماضي انه يسعى لاصلاحات ديمقراطية.

ولم يقل الائتلاف الديمقراطي انه مستعد للتنسيق مع البرادعي، على الرغم من أن حزب الجبهة الديمقراطية سعى لاقناع الاحزاب الثلاثة الاخرى بذلك.

وسوف تجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري خلال الاسابيع المقبلة بينما ستجرى انتخابات مجلس الشعب أواخر العام وانتخابات الرئاسة العام المقبل.

ولم يقل الرئيس حسني مبارك (81 عاما) الذي يمر بفترة نقاهة بعد عملية جراحية في ألمانيا إنه سيرشح نفسه لفترة رئاسية سادسة. ويعتقد كثير من المصريين انه اذا لم يرشح نفسه فسينقل السلطة الى ابنه جمال (46 عاما).

وينفي مبارك وجمال انهما يعتزمان ذلك لكن أعضاء قياديين في الحزب الوطني يقولون ان من حق جمال الترشح لمنصب الرئيس كغيره من الاعضاء القياديين في الاحزاب الاخرى.

وليس لاي حزب معارض في مصر قاعدة واسعة من المؤيدين. وتقول تلك الاحزاب ان الحكومة تضيق عليها لكن الحكومة تقول ان الاحزاب المعارضة تغلب عليها الانقسامات.

ونظم نشطون وحزبيون مظاهرات واحتجاجات خلال السنوات الماضية فرقتها قوات مكافحة الشغب بالقوة أحيانا وألقت القبض على مشاركين فيها.

وتقول الحكومة ان المظاهرات والاحتجاجات عطلت المرور في الشوارع وعرقلت وصول المواطنين الى أعمالهم.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 15 مارس 2010)

د. مفيد شهاب – وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية: “إن أمر الإشراف الدولي على الانتخابات في مصر غير مقبول على الإطلاق، ولكن لا مانع من متابعة بعض المنظمات الخارجية للعملية الانتخابية إذا ما تم دعوتها إلى ذلك!

علي فتح الباب – النائب في مجلس الشعب عن الاخوان المسلمين: “حكومتنا تقول إنها ديمقراطية ونزيهة والرقابة الدولية ستثبت أن ما تقوله صحيح وستكون شهادة لها، لذلك، يجب أن لا نبخل على حكومتنا بأي شيء يساعدها على إثبات صحة توجهاتها الديمقراطية”.

حسين عبد الرازق – الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي: “أنا أؤيد الرقابة الدولية على الانتخابات، ومن الغريب أن مصر كمؤسسات وأفراد، شاركت في الرقابة الدولية على الانتخابات في دول أخرى من العالم ولم تعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية”.

حافظ أبو سعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان: “هناك حاجة ملحّـة للإشراف الدولى على الانتخابات، والذي لا يمثل مساساً بالسيادة الوطنية، بل على العكس هو مطلب شعبي وجماهيري باعتباره أحد ضمانات كشف عمليات التزوير والفساد التي تشهدها الانتخابات المصرية منذ سنوات طويلة ومنع تكرارها في الانتخابات القادمة، وهناك دول عربية وأجنبية عدة استعانت بمراقبين دوليين مثل اليمن والجزائر وفلسطين وأوكرانيا وجنوب إفريقيا وبوروندى، بل إن مصر ذاتها أرسلت مراقبين يشاركون في فرق الرقابة الدولية على انتخابات تجرى في دول عربية أخرى”.

ضياء رشوان – الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام: “هناك مخاطر حقيقية من فكرة الإشراف الدولي ليست متعلقة بالسيادة المصرية كما يحلو للبعض أن يقول، لرفضها، ولكن للتخوّف الكبير من أن يتحول هذا الإشراف الدولي إلى «محلل» لانتخابات غير نزيهة ولا محايدة؛ بحيث يعطيها مجرد وجوده هاتين الصفتين بغير حق. فالاتساع الكبير للأراضى المصرية وتناثر اللجان الانتخابية بالآلاف في مناطق وأماكن مترامية، لن يمكن مندوبيه من الإشراف الفعلي على كل مراحل العملية الانتخابية، خاصة الأخيرة منها، والأخطر، وهو فرز الأصوات، وسينتهي الأمر بإخراج صورة محسنة قليلا،.. مع إعطائها خاتم «النزاهة والشفافية» الذي لا تستحقه من الإشراف الدولي غير الفعال”.

د. محمود خليل – أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة: “إن وجود حكام أجانب يمكن أن يقلب المعادلة رأساً على عقب، وسوف يـدفع اللاعبين السياسيين إلى الاعتماد على أقدامهم وعقولهم وقدراتهم من أجل إقناع الناس. ووقتها سوف يرحب الجميع بمن يفوز في هذه الانتخابات، ويرضى الكل عن النتيجة، أياً كان الفائز فيها،.. وإن المناخ المحلي والدولي لن يتيح للحكومة المصرية أن تدير الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية القادمة بطرقها وأساليبها المعتادة،.. وقد يرى البعض هذا الأمر بعيداً، لكنني أراه قريباً”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية