مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دعاوى قضائية في سويسرا ضدّ وزيريْن جزائريْين سابقين بسبب تهم فساد

رجل يتكلم أمام ميكروفون
قبل أن يفقد شعبيته ويتم التخلّي عنه، كان شكيب خليل رجلاً مؤثرًا ليس فقط في الجزائر حيث شغل حقيبة وزير للطاقة في عهد عبد العزيز بوتفليقة، ولكن أيضًا على الصعيد الدولي بصفته رئيسًا سابقا للأوبك. Keystone / Ouahab Hebbat

أرسلت الجزائر إلى سويسرا طلبات للحصول على مساعدة متبادلة بشأن اثنيْن من رموز نظام الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة. ويتعلق الأمر بوزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، ووزير الطاقة السابق أيضا شكيب خليل، المتهميْن بالفساد، وقد أدين كلاهما في بلدهما. وستتعاون الكنفدرالية في الحالة الأولى، ولكن ليس في الحالة الثانية. 

كانت هذه إحدى الالتزامات الرئيسية التي قطعها الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون على نفسه خلال حملته الانتخابية. حيث وعد الناخبين والناخبات باستعادة الأموال والثروات التي حوّلها للخارج السياسيون ورجال الأعمال الذين هيمنوا على اقتصاد البلاد في عهد عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان هو نفسه مقرّباً منهم.

صحيفة إخبارية أنشأها المحققان الصحفيان ماري موريس وفرانسوا بيليه، تُركِّز على متابعة الأحكام القضائية، لا سيَّما تلك المتعلقة بجرائم الموظفين والموظفات الإداريين.

وتُصدر أسبوعيًّا، تقاريرًا عن قضايا الاحتيال والفساد وغسيل الأموال التي يكون للأسواق المالية السويسرية ضلع فيها، مستندةً إلى وثائق تصدر عن المحاكم العامة.

وفي كل شهر، تختار غوثام سيتي واحدة من مقالاتها، وتتعمّق فيها، وتجعلها متاحة لقرَّاء وقارئات سويس إنفو (SWI swissinfo.ch).

لم يأخذ أحد هذا الوعد على محمل الجد. وقد أغضب وصول تبّون إلى السلطة في ديسمبر 2019 آلاف المتظاهرين والمتظاهرات الذين استنكروا “مهزلة” انتخابات كان كل المرشحين خلالها من “النظام” الموروث عن سلفه المنبوذ.

وفي أوّل مؤتمر صحفي له، بعد فوزه، وعد عبد المجيد تبون بـ”فصل عالم المال نهائيا عن السياسة”، و”بناء دولة نظيفة من الفساد والفسّاد”.

الآن وقد مرّت أربع سنوات على تلك الانتخابات، تبدو حصيلة حكم تبون متباينة، لا سيما من حيث حرية التعبير، التي لاتزال مقيّدة بشدّة، كما ركّز جهوده في مجال محاربة الفساد على فئة قليلة من مسؤولي ومسؤولات النظام السابق ورجال الأعمال المعروفين بارتباطهم بنظام بوتفليقة، إلى درجة لا يمكن غض الطرف عنهم.

هذا هو حال عبد السلام بوشوارب وشكيب خليل، المستغنى عن خدماتهما بالفعل قبل وقت طويل من وصول الرئيس الجزائري الحالي إلى دفة الحكم.

فبالنسبة لوزير الصناعة السابق، عبد السلام بوشوارب، فقد ورد اسمه في سياق فضائح  أوراق بنمارابط خارجي عام 2016، وقد كشفت تلك الوثائق اسم شركته في الخارج المتمركزة في جزر بنما، ومساعيها لفتح حساب في بنك أبو ظبي الوطني بجنيف (NBAD).

أما شكيب خليل، وزير الطاقة السابق، ورئيس شركة النفط الوطنية سونتراك، فتلاحقه اتهامات بالفساد في بلاده منذ عام 2013. 

رجل أعمال “لا غنى عنه”

لقد اتضح اليوم أنه بعد فترة وجيزة من وصول الرئيس تبون إلى السلطة، قامت السلطات الجزائرية في عامي 2020 و2021 بإرسال طلبات للمساعدة إلى سويسرا لمصادرة أصول المسؤوليْن السابقيْن.

وسلّط صدور حكم من المحكمة الجنائية الفدرالية (TPF) ببلينزونا في 25 أكتوبر 2023 الضوء على الدعوى المرفوعة ضدّ عبد السلام شوارب في يونيو 2020. وأكّد المكتب الفدرالي للعدل (OFJ) لغوثام سيتي استلام الطلب الثاني المتعلق بشكيب خليل في مايو 2021.

tribunal-pC3A9nal-fC3A9dC3A9ral-arrC3AAt-du-27-juillet-2023-data-49002383.pdf

تحميل:tribunal-pC3A9nal-fC3A9dC3A9ral-arrC3AAt-du-27-juillet-2023-data-49002383.pdf

لئن تمت مقاضاة الوزيريْن السابقيْن في قضايا فساد منفصلة فقد، تورّطا أيضا في ملف مشترك يتعلّق برجل الأعمال علي حداد الذي ورد ذكره أيضا في ما يعرف بأوراق بنمارابط خارجي

وكرمز لسقوط نظام بوتفليقة، تم اعتقال رجل الأعمال “الذي لا غنى عنه” في مجال البناء في الجزائر في 31 مارس 2019، أي قبل يومين من استقالة الرئيس طريح الفراش.

ويشير الطلب الجزائري الموجه للقضاء السويسري في ملف عبد السلام شوارب، إلى مشروع بناء سدّ، ما تطلّب استيراد 90 كيلومترا من القنوات الفولاذية عبر شركة إرسياس سليك بورو (Erciyas Çelik Boru) التركية. وبحسب السلطات الجزائرية، تم فرض رسوم زائدة على هذه الصفقة لدفع عمولات غير مشروعة بقيمة 11.5 مليون دولار لصالح الوزير، وكذلك لشريكة علي حداد.

وأظهرت أوراق بنما أن الشركتيْن العابرتيْن للبحار والتابعتيْن لهذيْن الرجليْن كان يديرهما نفس الوسيط الفرنسي (يشار إلى اسمه بـ G.F*). وكان من الممكن استخدام هذه الأصول لشراء عقارات في باريس. وقد تم التحفّظ على ما يقرب 1.7 مليون دولار في جنيف كجزء من المساعدة المتبادلة.

وأُدين عبد السلام بوشوارب، وحُكِم عليه بالسجن لمدة 100 عام في عدة قضايا مرفوعة ضده في الجزائر، ويكون بذلك، وفق مجلّة “جون أفريك”رابط خارجيJeune Afrique)، أكثر مسؤولي النظام السابق من حيث طول مدة أحكام السجن الصادرة ضده. وهو في حالة فرار حاليا ومكان إقامته غير معروف، ومطلوب بموجب مذكّرة توقيف دولية.

طلب مرفوض

أما الطلب الثاني الذي استهدف شكيب خليل فلم يلق نفس المصير. وبالفعل، اعتبر المكتب الفدرالي للعدل أنّ الطلب غير مقبول، ورفض اتخاذ أي إجراء، وفق ما أكّده متحدث رسمي.

وأوضح هذا الأخير أنه “لسوء الحظ، طلب المساعدة المتبادلة (الذي تقدمت به السلطات الجزائرية) لا يفي بمتطلبات القبول في القانون السويسري، مما يعني أنه لا يمكن إحالته إلى السلطات المعنية بالانفاذ. لذلك كان رد المكتب الفدرالي للعدل طلب الحصول على مزيد من المعلومات من الجهة المتوجهة بالطلب في 7 يونيو 2021. ومنذ ذلك الحين، أرسلت السلطات السويسرية المعنية عدة رسائل تذكير إلى السلطات الجزائرية المختصّة، لكن لم يصدر أي ردّ بخصوصها.

وتدّعي حكومة عبد المجيد تبون أنها استعادت 4 مليارات يورو من الأصول المكتسبة بطرق غير مشروعة من مسؤولين سابقين.

ودافع المحاميان بنيامين بورسودي وتشارلز غوماز عن عبد السلام بوشوارب في سويسرا. وعند الاتصال بهما، لم يرغبا في تقديم أي تعليقات. وقد صدر حكم غيابيّ بالسجن مدته 20 عاما ضد شكيب خليل بتهمة الفساد في الجزائر في يناير 2023، وهو الآن هارب من العدالة، ولم يتح لنا الاتصال به.

*الاسم معروف لدى أسرة التحرير.

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية