
لبنان يبلغ لاريجاني رفضه أي تدخل خارجي في شؤونه

أبلغ لبنان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الذي زار بيروت الأربعاء رفضه الحازم “أي تدخل” في شؤونه الداخلية، وذلك بعد تصريحات أدلى بها مسؤولون إيرانيون حول تأييدهم احتفاظ حزب الله بسلاحه رغم تكليف الحكومة الجيش وضع خطة تطبيقية لنزع هذا السلاح بنهاية العام.
وللمرّة الأولى في تاريخ العلاقات اللبنانية الإيرانية، يقول مسؤولون لبنانيون رسميون كلاما بهذه الدرجة من الصراحة والوضوح لمسؤول إيراني. وتعتبر إيران من ابرز داعمي حزب الله، وهي التي تمدّه بالمال والسلاح منذ عقود.
وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نواف سلام بعد لقائه مع لاريجاني، أن سلام قال خلال اللقاء إن التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين “مرفوضة شكلا ومضمونا”، معتبرا أن هذه “المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد (…) تشكّل خروجا صارخا عن الأصول الدبلوماسية وانتهاكا لمبدأ احترام السيادة المتبادل”.
وأضاف “لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخل في شؤونه الداخلية، ويتطلع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد”، مشددا على أن “قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى”.
وشدّد على أن “أي علاقة مع لبنان تمر حصرا عبر مؤسساته الدستورية، لا عبر أي فريق سياسي أو قناة موازية”.
وجاءت زيارة لاريجاني الى بيروت بعد تكليف الحكومة الأسبوع الماضي الجيش بوضع خطة تطبيقية لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام. ويتعرّض لبنان لضغوط أميركية في هذه المسألة، كما يتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية واسعة جديدة في لبنان إذا لم يتم نزع سلاح حزب الله.
وكانت الرئاسة اللبنانية أصدرت بيانا في وقت سابق جاء فيه أن رئيس الجمهورية جوزاف عون قال للمسؤول الإيراني خلال لقائه، “نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة أتى”، موضحا أن “لبنان الذي لا يتدخل مطلقا بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها ايران، لا يرضى ان يتدخل أحد في شؤونه الداخلية”.
واعتبر عون أنه “من غير المسموح لأي جهة كانت ومن دون أي استثناء حمل السلاح والاستقواء بالخارج”، معتبرا أنّ “الدولة اللبنانية وقواها المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أي استثناء”.
وشدد على أن “أي تحديات تأتي من العدو الإسرائيلي او من غيره، هي تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين”.
وكان علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، قال السبت إن بلاده “تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي أن بلاده تدعم حزب الله في قراراته، بعد رفضه قرار تجريده من سلاحه.
– “لم نأتِ بخطة” –
ويعتبر قرار الحكومة في شأن نزع سلاح حزب الله غير مسبوق منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990)، اي منذ أن سلّمت الميليشيات المتحاربة آنذاك سلاحها الى الدولة، باستثناء حزب الله الذي احتفظ به بذريعة “مقاومة إسرائيل”. وردّ الحزب على قرار الحكومة باعتباره “خطيئة كبرى”، وقال إنه سيتعامل معه “كأنه غير موجود”.
وردّ لاريجاني على عون بعد اجتماعه مع رئيس البرلمان نبيه بري قائلا للصحافيين، “نحن لا نتدخّل في صنع قراركم”، مضيفا “ما نقوله هو أن كل دولة تقرّر مستقبلها بنفسها”.
وتابع “من يتدخل في الشأن اللبناني هو من يخطط لكم، ويعطيكم جدولا زمنيا من على بعد آلاف الكيلومترات، نحن لم نعطكم أي خطة”، في إشارة الى الورقة الأميركية التي ناقشتها الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي وتنصّ على جدول زمني لتجريد حزب الله من سلاحه.
وتابع “لا ينبغي لدول الخارج أن تصدر أوامر للبنان”، موضحا في الوقت ذاته أن “أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية بالتشاور مع المقاومة (حزب الله) نحترمه”.
ولعبت إيران دورا رئيسيا في تأسيس حزب الله. ويشكّل الحزب أبرز أركان ما يسمى “محور المقاومة” الذي تقوده طهران ويضم مجموعات موالية لها في بلدان أخرى في المنطقة مثل العراق واليمن.
– زيارة ضريح نصرالله –
وحتى الأمس القريب، شكّل حزب الله القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان وحظي بدعم رئيسي من دمشق وطهران.
لكنّ الوضع تغيّر عند تشكيل السلطة الحالية على وقع تغير موازين القوى. فقد خرج الحزب ضعيفا من حربه الأخيرة مع اسرائيل العام الماضي والتي استمرّت قرابة سنة وقتل فيها عدد كبير من قادته، ودمّر جزء كبير من ترسانته. كذلك تلقت طهران ضربة موجعة إثر حرب مع إسرائيل استمرّت 12 يوما في حزيران/يونيو، وسقط حكم بشار الأسد في سوريا الذي كانت داعمة له في نهاية العام الماضي.
واستقبل لاريجاني في مطار بيروت وفدان من حزب الله وحليفته حركة أمل وممثلون عن حركتي حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيتين، إضافة الى ممثل عن وزارة الخارجية.
وتجمّع العشرات من مناصري حزب الله على طريق المطار لدى مرور موكب لاريجاني الذي ترجّل لوقت قصير من سيارته لإلقاء التحية عليهم، على وقع هتافات مؤيدة وصيحات “الموت لأميركا، الموت لاسرائيل”.
ويزور لاريجاني قبل مغادرة بيروت ضريح الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله الذي قتل في 27 أيلول/سبتمبر بسلسلة ضربات اسرائيلية استهدفت مقره في ضاحية بيروت الجنوبية، في خضم الحرب مع اسرائيل.
بورز-لار-رض/ص ك