
الجنائية الدولية تدين أول زعيم لفصيل مسلح في دارفور بارتكاب جرائم حرب

من ستيفاني فان دين برج
لاهاي (رويترز) – أدانت المحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين أول زعيم لميليشا الجنجويد على خلفية محاكمته على ارتكاب فظائع في إقليم دارفور السوداني قبل أكثر من عشرين عاما.
وأدانت المحكمة علي محمد علي عبد الرحمن في 27 تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، منها الاغتصاب والقتل والاضطهاد. وستُحدد عقوبته لاحقا بعد جولة جديدة من الجلسات.
وهذه هي المحاكمة الأولى والوحيدة التي تنظر في جرائم مرتكبة داخل السودان منذ أن أحال مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في عام 2005 وتمثل الإدانة فيها حكما تاريخيا للمحكمة.
واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عام 2003 عندما حمل متمردون، معظمهم من غير العرب، السلاح في وجه حكومة السودان واتهموها بتهميش الإقليم الواقع في غرب البلاد.
وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات، معظمها من العرب وتعرف باسم الجنجويد، لقمع التمرد مما فتح الباب أمام موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوقية بأنها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
* أمر بالقضاء على القبائل غير العربية
قالت القاضية جوانا كورنر إن هيئة المحكمة أدانت بالإجماع عبد الرحمن، المعروف أيضا باسم علي كوشيب، في جميع الجرائم التي كان متهما بارتكابها، ورفضت دفاعه بأنه ضحية خطأ في تحديد الهوية.
وأضافت “لقد شجع وأصدر تعليمات أدت إلى أعمال القتل والاغتصاب والتدمير التي ارتكبتها الجنجويد”.
وذكرت أنه أصدر أوامر بالقضاء على القبائل غير العربية “وإبادتها”، وأمر الجنود “بألا يتركوا أحدا وراءهم وألا يأتوا بأحد حيا”.
وقال ضحايا الصراع في دارفور إن هذا الحكم التاريخي أعاد بعض الثقة في المحكمة الجنائية الدولية وفي إجراءاتها البطيئة.
وقال جمال عبد الله (32 عاما) الذي هجرته الجنجويد من منزله في ولاية غرب دارفور وهو طفل عام 2003 “يعد الحكم انتصارا لنا كضحايا وللعدالة لأن الجرائم التي ارتكبها كان لها آثار هائلة على مدى السنوات الاثنتين والعشرين الماضية، شُردنا وأصبحنا لاجئين في المخيمات”.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الإدانة تمثل “اعترافا مهما بالمعاناة الكبيرة التي تحملها ضحايا جرائمه الشنيعة، فضلا عن كونها أول إجراء طال انتظاره ينصفهم هم وأحباءهم”.
* المحكمة لا تزال تبحث عن الرئيس السوداني السابق
لا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين، ومن بينها أمر يتهم الرئيس السابق عمر البشير بارتكاب إبادة جماعية.
وقالت مصادر في الجيش السوداني إن الجيش يحتجز البشير ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين في شمال السودان.
وذكرت مصادر أن هاربا آخر من المحكمة، وهو وزير الدولة للداخلية أحمد هارون، لا يزال طليقا بعد فراره من السجن عند اندلاع الحرب. والتقته رويترز في شمال السودان في أبريل نيسان من هذا العام. ووصف هارون المحكمة في ذلك الوقت بأنها مؤسسة استعمارية.
وشاهد نازحون من القرى التي داهمها كوشيب الجلسة عبر الإنترنت في مخيم كالما بولاية جنوب دارفور.
وقال رجل مسن “ننتظر هذا اليوم منذ أكثر من 20 عاما… ونتمنى أن يكون هناك تعويضات عما فقدناه”.
واندلع الصراع مجددا في السودان منذ بدء المحاكمة قبل ثلاث سنوات.
وأدى القتال الجديد الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أبريل نيسان 2023 إلى موجات من القتل على أساس عرقي وتسبب في نزوح جماعي وما وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وأضاف عبد الله الذي قال إن قوات الدعم السريع شردته مرة أخرى في عام 2023 “نفس الأشخاص الذين كانوا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين هم الآن في صورة قوات الدعم السريع، والسبب الذي يجعلهم يكررون جرائمهم هو غياب المساءلة”.
(إعداد نهى زكريا للنشرة العربية – تحرير محمد عطية)