The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

أشباه الموصلات: سويسرا تراهن على العقول لا العائدات

رقاقة
الكفاءات البحثية السويسرية ناشطة في تصميم الجيل القادم من أشباه الموصلات. Nikolai Kuznetsov (EPFL)

بينما تضخّ الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، والهند، والسعودية مليارات الدولارات في قطاعاتها الوطنية لأشباه الموصلات، تتبنى سويسرا استراتيجية مغايرة. فهي تراهن على البحث العلمي المتقدّم، بدلًا من تقديم تمويل مباشر للشركات الخاصة في قطاع التقنية العالية.  

تتصدَّر أشباه الموصلات قائمة أهم الصناعات العالمية الواعدة، إذ تدخل في تشغيل الحواسيب والذكاء الاصطناعي. وعلاوة على ذلك، تدخل في صناعة الأجهزة الطبية، وإنتاج الطاقة والغذاء، والنقل، والآلات الصناعية، والاتصالات، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. 

ووفقًا لدراسة أجراها الاتحاد الأوروبي في عام 2022، يُتوقّع تضاعف الطلب العالمي على الرقائق بين عامي 2022 و2030. وتشير توقعات شركات كبرى، مثل ماكينزي وبرايس ووترهاوس كوبر، إلى إمكانية بلوغ إيرادات القطاع تريليون دولار سنويًّا بحلول 2030. 

+ سويسرا تخاطر باستبعادها من مركز سيرن الأوروبي للذكاء الاصطناعي

ورغم أنها ليست قوة عالمية في قطاع أشباه الموصلات، رسّخت سويسرا مكانتها في البحث العلمي في هذا المجال. وحققت أيضًا إنجازات في إنتاج شرائح متخصصة عالية الجودة، إضافة إلى المعدات اللازمة لتصنيعها. 

جوهر الموضوع:

* بماذا تتميّز المقاربة السويسرية في قطاع أشباه الموصلات؟

* أيهما أهم في لربح السباق في هذا القطاع: التصنيع أم البحث؟

* هل تنجح جهود سويسرا من دون دعم مالي مباشر؟

ويشمل ذلك المتخصصين في مجال أجهزة الاستشعار، والليزر، وصمامات التفريغ، وأنظمة طلاء الأغشية الرقيقة التي تعتبر حيوية في إنتاج أشباه الموصلات. 

قطاع صغير، ولكن مؤثِّر

على مستوى العمالة، لا يتجاوز عدد العمال المهرة في سوق الرقائق السويسرية 20 ألف شخص. ويعمل هؤلاء في قطاعات الساعات، ووسائل النقل، وأنظمة تحديد المواقع، والهواتف المحمولة، والأجهزة الإلكترونية، ومحطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وتبيع هذه القطاعات الجزء الأكبر من منتجاتها خارج سويسرا. ويتجلى صغر هذا القطاع عند مقارنته بنظيره في الولايات المتحدة. إذ تتوقّع الرابطة الأمريكية لصناعة أشباه الموصلات ارتفاع عدد العمّال في القطاع من 345 ألفًا إلى 460 ألفًا بحلول عام 2030. وفي فرنسا، يعمل نحو 50 ألف شخص في هذا القطاع. أمَّا في المملكة المتحدة، فيعمل فيه نحو 30 ألف شخص. 

المزيد

أمَّا على مستوى العائدات، فلم تفز سويسرا سوى بحصة متواضعة، لا تتجاوز 0.13%، من السوق العالمية. وتستند هذه النسبة إلى توقّعات شركة البيانات “ستاتيستا”، التي قدّرت عائدات قطاع أشباه الموصلات السويسري هذا العام بمليار دولار فقط. 

المزيد
الصين

المزيد

في سباق الذكاء الاصطناعي.. سويسرا تنجذب للنموذج الصيني وتطمح لدور الوسيط العالمي

تم نشر هذا المحتوى على لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي، أنشأت بكين قواعد صارمة فريدة من نوعها. وتهدف سويسرا الآن إلى أن تصبح جسراً بين الشرق والغرب في السباق العالمي لتنظيم هذه التكنولوجيا.

طالع المزيدفي سباق الذكاء الاصطناعي.. سويسرا تنجذب للنموذج الصيني وتطمح لدور الوسيط العالمي

عوامل بنيوية ومنافسة شرسة

وتأتي ضآلة الحصة السويسرية نتيجة لمجموعة من العوامل البنيوية. وبحسب جمعية سويسرا الرقمية ( DigitalSwitzerland): “تواجه صناعة أشباه الموصلات في سويسرا واقعًا صعبًا مقارنةً بالقدرات الإنتاجية لدى الدول الرائدة عالميًّا. ويعود ذلك إلى ضعف القدرة على الإنتاج واسع النطاق، والصعوبات اللوجستية، وقلة الاستثمارات”. 

في المقابل، تحتدم المنافسة الدولية، مع سعي البلدان إلى الحصول على حصص اكبر في السوق والتخلص من الاعتماد على دول اخرى لتوريد أشباه الموصلات. 

وقد اشتدت هذه المنافسة بعد فرض الولايات المتحدة قيودًا على تصدير الرقائق، بهدف منع دول أخرى، على رأسها الصين، من تقويض هيمنتها في مجالي أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي. 

وفي هذا الإطار، استبعدت إدارة جو بايدن سويسرا من قائمة الدول التي يحقُّ لها إمدادات غير محدودة من الرقائق. ورغم إلغاء هذه القيود لاحقًا في عهد دونالد ترامب، ما تزال الشكوك قائمة بشأن إمكانية الوصول الكامل إلى الرقائق الأمريكية.  

المزيد
ديب سيك

المزيد

سويسرا عالقة في خضم سباق العمالقة للسيطرة على الذكاء الاصطناعي 

تم نشر هذا المحتوى على الولايات المتحدة تهدد بخنق إمدادات رقائق الذكاء الاصطناعي لسويسرا في الوقت الذي يعزز فيه نموذج ديب سيك الصيني الابتكار.

طالع المزيدسويسرا عالقة في خضم سباق العمالقة للسيطرة على الذكاء الاصطناعي 

ثمَّ بدأت الدول الكبرى تضخّ استثمارات ضخمة لتعزيز صناعاتها المحلية في مجال أشباه الموصلات. فقد خصّصت الولايات المتحدة، عبر قانون الرقائق الأمريكي لعام 2022، تمويلًا فدراليًّا بقيمة 53 مليار دولار. وأنشأت الصين صندوقًا بقيمة 47،5 مليار دولار. أمَّا الاتحاد الأوروبي، فرصد ميزانية قدرها 40 مليار فرنك سويسري عبر “قانون الرقائق الأوروبي”. وتعهّدت دول أخرى، مثل بريطانيا والهند وفرنسا والسعودية، بضخّ مليارات إضافية لتعزيز قدراتها في مجالي أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي. 

رهان على العقول … لا الأموال

وفي المقابل، تمتنع الحكومة السويسرية عن تقديم إعانات مباشرة لشركات أشباه الموصلات الخاصة، سواء عبر التخفيضات الضريبية أو تمويل البنية التحتية. وينسجم هذا الموقف مع الفلسفة الاقتصادية للبلد، حيث تخضع المنافسة بين الشركات الخاصة لقواعد السوق، دون تدخل حكومي مباشر. 

وبينما يتساءل البعض حول جدوى هذه الفلسفة في ظلِّ احتدام المنافسة، يرى البعض الآخر أن للنهج السويسري مزاياه الخاصة. وفي هذا السياق، كتب باتريك فيرملينغر من هيئة “سويسرا العالمية” (Global Switzerland Enterprise) في مقال نُشر بمجلة دايمنشينز (Dimensions) التابعة للمعهد التقني الفدرالي العالي في لوزان، في مارس الماضي: “لا تتماهى سويسرا مع النموذج السريع، والساعي إلى الربح الذي يتبعه وادي السيليكون. لكن، هل هي في حاجة إلى ذلك فعلًا؟”.  

وبدلًا من ذلك، يركّز التمويل الفيدرالي على البحث العلمي الذي تجريه الجامعات، والمركز السويسري للإلكترونيات والتكنولوجيا الدقيقة (CSEM) ومؤسّسات أخرى.  

من بين المشاريع البارزة حاسوب  “ألبس” العملاق، الذي بدأ نشاطه رسميًا في عام 2024 باستثمار أولي قدره 100 مليون فرنك، وتصل تكاليف تشغيله السنوية إلى حوالي 37 مليون فرنك. ويُعتبر “ألبس” بنية أساسية للعديد من الأبحاث المبتكرة في مجال أشباه الموصلات، ويشرف على تشغيله فرعا المعهد التقني الفدرالي العالي في زيورخ ولوزان. 

ولكن، تعرّضت الأبحاث السويسرية في هذا المجال لنكسة في عام 2021،، حين قرر الاتحاد الأوروبي تخفيض مستوى مشاركة سويسرا في مشاريع البحث العلمي التابعة له. وجاء هذا القرار إثر تعثّر المحادثات حول تحديث بنود الاتفاق الثنائي بين الطرفين. 

وفي عام 2024، أطلقت أمانة الدولة السويسرية للتعليم والبحث والابتكار مبادرة “سويس تشيبس” (SwissChips)، بميزانية قدرها 33،8 مليون فرنك، ولمدة ثلاث سنوات، بهدف سدّ الفجوة البحثية في هذا المجال. 

وقال كريستوف شتودر، رئيس المبادرة وأستاذ معالجة المعلومات المدمجة في المعهد التقني الفدرالي في زيورخ: “بهذا الإجراء الانتقالي، نضمن بقاء سويسرا في طليعة أبحاث أشباه الموصلات”. 

وأضاف: “لدينا عدد لا بأس به من الشركات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في تصميم الرقائق، وهي بحاجة إلى كوادر هندسية. وإذا توقفنا عن إجراء أبحاث متقدمة، فسيصعب علينا تزويد هذه الشركات بكفاءات جديدة”. 

إنجازات بحثية

على الصعيد البحثي، تحقّق سويسرا تقدمًا ملموسًا في أبحاث أشباه الموصلات. فقد طوّر المعهد التقني الفدرالي في لوزان، بالتعاون مع شركة أي بي أم (IBM) ، مضخمًا بصريا لشريحة فوتونية، ما قد يُحسّن أداء مراكز البيانات والحواسيب عالية الأداء. 

وكذلك، صممت شركة سي كرافت (CCRAFT)، المنبثقة عن المركز السويسري للإلكترونيات، شريحة فوتونية من الجيل الجديد، ملائمة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، وقطاع الاتصالات، وتقنيات الكم. 

كما شكّلت شركة باي بوند (PiBond) الفنلندية تحالفًا استراتيجيًا مع معهد بول شيرر السويسري، بهدف تطوير جيل جديد من مواد الطباعة الحجرية، الضرورية لإنتاج أشباه الموصلات، وتسويقه. 

بالإضافة إلى ذك، تقيم الشركات السويسرية أيضًا علاقات وثيقة مع الفرق البحثية والأكاديمية. وقالت شركة “كوميت” السويسرية، المتخصصة في أجهزة اختبار مواد أشباه الموصلات: “نحافظ على شبكة تعاون قوية محليًّا وعالميًّا، ونعمل عن كثب مع أبرز المؤسسات الأكاديمية والبحثية”. 

يضمّ فرع أشباه الموصلات في “سويس ميم” (Swissmem)، الرابطة السويسريّة لصناعة الآلات والتجهيزات الكهربائيّة والمعادن، نحو 40 شركة. وتقدِّر “سويس ميم” تراوح عدد المؤسّسات البحثية والشركات العاملة في هذا القطاع بين 160 و200، ويعمل فيها ما يصل إلى 20 ألف شخص في جميع أنحاء سويسرا. 

وفي ما يلي، نعرض مجموعة من الشركات السويسرية المتخصّصة في قطاع أشباه الموصلات، والمنتجة لمعدّات متخصّصة ومتقدّمة. 

إي إم إلكترونيكيس (EM Microelectronic): شركة تابعة لمجموعة “سواتش”، وتنتج رقائق منخفضة استهلاك الطاقة، مثل شرائح البلوتوث لصناعة الساعات.

هيتاشي إنرجي (Hitachi Energy): تصنِّع رقائق لأجهزة القطارات، وشبكات نقل الكهرباء عالية الجهد، ومحطات طاقة الرياح، والأنظمة الشمسية الكهروضوئية.

إس تي ميكروإلكترونيكس (STMicroelectronics): مشروع فرنسي إيطالي مشترك، يتخذ من سويسرا مقرًا رئيسيًا له.

يو بلوكس (U-Blox): تصمم رقائق لاسلكية لأنظمة تحديد المواقع (GPS) المستخدمة في قطاع السيارات الأسواق الصناعية.

فات (VAT): شركة متخصصة في صمامات التفريغ الهوائي، التي تُستخدم لفرز الجزيئات الدقيقة التي قد تتلف شرائح أشباه الموصلات.

كوميت (Comet): تنتج تقنيات الترددات اللاسلكية والأشعة السينية لاختبار المواد والتفتيش الأمني.

إنف آيكون (Inficon) وسنسيريون (Sensirion): شركتان تصنعان أجهزة الاستشعار، لتحديد تركيبة الغازات والضغط، وكشف التسربات، ما يضمن ظروف إنتاج مثالية.

وتساهم شركتا إسبروس (Espros)، المتخصصة في البصريات الإلكترونية، وأي إم أس أوسرام (AMS-Osram)، المتخصصة في تقنيات الليزر، في دعم قطاع أشباه الموصلات السويسري.

تحرير: غيب بولارد

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية