 
الولايات المتحدة تخفض حضورها العسكري في أوروبا دون “الانسحاب” منها
 
أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء تقليص وجودها العسكري على الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوروبا، فيما سعت إلى طمأنة حلفائها بشأن طبيعة هذا “التعديل”، مؤكدة أنه لا يعني “انسحابا” من القارة.
وتتعلق عملية إعادة نشر فرقة من الجيش الأميركي في المقام الأول برومانيا، رغم أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا لا تزال مستعرة على حدودها.
وأكدت قيادة الجيش الأميركي في أوروبا أن “هذا ليس انسحابا أميركيا من أوروبا ولا علامة على تراجع الالتزام تجاه حلف شمال الأطلسي”.
ويتمركز نحو 85 ألف جندي أميركي في أوروبا.
وتراوح عديد القوات الأميركية في أوروبا بين 75 ألفا و105 آلاف جندي بعد نشر 20 ألف جندي إضافي إثر الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، وفق وزارة الدفاع الأميركية.
وأكد مسؤول في الناتو لفرانس برس أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغت الحلف مسبقا بالخطوة وقلل من أهميتها.
وقال “حتى مع هذا التعديل، فإن وجود القوات الأميركية في أوروبا يبقى أكبر مما كان عليه لسنوات عديدة، مع وجود عدد أكبر بكثير من القوات الأميركية في القارة مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل العام 2022”.
وأضاف أن التزام واشنطن حيال الحلف ما زال “واضحا”.
– “إشارة سيئة” –
لكن مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الروماني جورج سكوتارو رأى أن هذه “إشارة سيئة ترسل إلى روسيا” في ما يتعلق بمنطقة البحر الأسود.
وقال لفرانس برس “قد تعتبر روسيا أن البحر الأسود ليس على قدر عال من الأهمية للمصالح الأميركية في أوروبا”، ورأى أن ذلك “سيشجعها على محاولة ممارسة المزيد من الضغوط، وخاصة على رومانيا، باستخدام الطائرات المسيّرة والتوغلات في مجالها الجوي”.
ودعا سكوتارو الذي يرأس مركز “نيوستراتيجي سانتر”، الحلفاء الأوروبيين إلى إرسال “إشارة تضامن” و”ربما النظر في تعزيز الوجود العسكري للتعويض”، وذكر فرنسا على وجه التحديد، عشية زيارة وزيرة الدفاع كاترين فوتران إلى رومانيا.
في هذا الصدد، قال مصدر من أوساط الوزيرة لوكالة فرانس برس “نعمل مع الولايات المتحدة ودول الجناح الشرقي لضمان قوة ومتانة الدفاع الجماعي”.
وتقود فرنسا الكتيبة المتعددة الجنسيات التابعة للحلف في رومانيا.
وفي ألمانيا التي تستضيف أكبر مجموعة من القوات الأميركية في أوروبا، أكد متحدث حكومي أن برلين غير معنية بعملية إعادة الانتشار.
– “تطور متوقع” –
وقال وزير الدفاع الروماني يونوت موستيانو إن ما بين 900 وألف جندي أميركي سيبقون في رومانيا للمساعدة في “ردع أي تهديد وليشكلوا ضمانا لالتزام الولايات المتحدة حيال الأمن الإقليمي”.
وتفيد آخر أرقام حكومية بأن نحو 1700 جندي أميركي ينتشرون في رومانيا.
وشدد موستيانو على أن “القدرات الاستراتيجية لم تتبدل”، لافتا الى أن “منظومة الدفاع المضادة للصواريخ في ديفيسيلو لا تزال تعمل في شكل كامل”.
وأضاف “تبقى القاعدة الجوية في كامبيا تورزي موقعا أساسيا بالنسبة الى العمليات الجوية والتعاون بين الحلفاء، في موازاة استمرار تطوير قاعدة ميخائيل كوغالنيسيانو. والعلم الاميركي سيظل مرفوعا في المواقع الثلاثة”.
وأشار الى أن “مجموعة قتالية جوية ستبقى في قاعدة كوغالنيسيانو، كما كان الأمر قبل اندلاع النزاع في أوكرانيا”.
تسعى الولايات المتحدة منذ سنوات إلى إعادة توجيه أولوياتها الاستراتيجية نحو آسيا، بما في ذلك من خلال تقليص “بصمتها” في أوروبا.
ولقد أدت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير الماضي إلى تعزيز هذا الاتجاه.
وفاجأ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث حلفاءه الأوروبيين في شباط/فبراير بدعوتهم إلى تحمل “مسؤولية أمنهم التقليدي في القارة”، أي الاعتماد على قواتهم المسلحة، لا على قوات الولايات المتحدة، مع أن الأخيرة لا تزال ملتزمة بحلف شمال الأطلسي، وخاصة في مجال الردع النووي.
وأكد وزير الدفاع الروماني أن القرار الأميركي “تطور متوقع ارتقبناه جميعا”، مذكرا بأن أوروبا بدأت تستثمر أكثر في جيوشها و”قررت أن تتحمل مسؤولية” الدفاع عن أراضيها.
لكن المحلل لدى جامعة سانت أندروز في اسكتلندا فيليبس أوبراين حذّر من أن القرار الأميركي “سيضعف أمن” رومانيا التي تعد دولة “على الخطوط الأمامية”.
وأضاف “استيقظي أوروبا، الولايات المتحدة لن تدافع عنك في وجه روسيا”.
بور-بك-كيم/ب ق-لين-ح س/كام
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
